<!--<!--<!--

( عـالـم البيئـة )

الأمــن  والاقتصــاد

بقلـم :

          د/علـى مهـــران هشــام

 البيئة التي يسودها  الشعور بالخوف والقلق والتوتر والخطر هي بيئة طاردة للاستثمار والعمل والإنتاجية والنمو والتطور.  والخطر هو أي حالة غير آمنة أو ممارسة يمكن أن تؤدى إلى إصابات أو مرض أو حوادث أو تلف ممتلكات . إن الوصول إلى  العمل والمدرسة والمستشفى والمصنع والمزرعة  يحتاج إلى توفير السلامة والصحة المهنية  للبشر  والشعور بالأمن العام من خلال الدوريات الشرطية الراجلة والراكبة والمراقبة المتحركة المتواصلة التي تحمى الفرد  من كل خارج عن القانون سواء كان التعدي على حرية الإنسان بالإشارة أو القول أو الفعل  , فالأخلاق والقيم الفاضلة والسلوكيات الرشيدة هي ملازمة للمجتمعات الحضرية  والحضارية , والتاريخ يحكى أن مصــــر وحضارتها كانت وستظل شعلة العلم والمعرفة والتنوير والمدنية وفجر الضمير  لكل شعوب الدنيا ( ولا غرو أن لكل حصان كبوة , ولكن يظل  الحصان المصري  عربي أصيل وجيناته نقية ).

الأمن هبة من الله لعباده على الأرض ونعمة يغبط عليها كل من وهبها ولا عجب في ذلك وصدق الله العظيم ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )

 " سورة قريش   الآية 3 , 4  "   و قال صلى الله عليه وسلم ( من أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيذت له الدنيا بما فيها ) . الأمن لغة طمأنينة النفس وزوال الخوف والأمن مشتق من الإيمان والأمانة وهما مترابطتان .

إن نعمة الأمن والاستقرار لمن أعظم النعم التي يظفر بها الإنسان فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه بل وعلى كل ما يحيط به ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والتعاون والتخلي عن الأنانية الضيقة والابتعاد عن مخالفة الفطرة النقية السليمة  وعصيان القوانين والانصياع للفوضى ومسايرة رواد الشر والجريمة والمفسدون ومرافقة  نافخى الكير.

إن  مقومات الأمن في الأوطان هو وجود جهاز أمن قوي لذلك  ما فائدة الأنظمة وما فائدة القوانين إن لم يوجد سلطة تنفيذية قوية تقوم بتنفيذ الأوامر وبتطبيق الأنظمة والقوانين وتحاسب من يخالف هذه القوانين بعدالة  ولا بد أن يكون هذا الجهاز الأمني قوي بكل ما تعنيه القوة ,  قوي بأفراده قوي بسلاحه قوي بخبرته والأهم من هذا أمانة ونزاهة أفراد الجهاز الأمني  وقد حث القرآن الكريم أن يكون الموظف والعامل  متصفاً بالقوة قال تعالى :  ( قالت إحداهما يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين  )  " سورة القصص الآية 26   " ولا بد من توافر هذه الصفات في رجال الأمن لأنه مؤتمن على نفوس الناس وعلى أعراضهم وعلى أموالهم وحتى يكون جهاز الأمن قوياً نزيهاً لا بد له من ضوابط وأمور أولها تقوى الله  ومراقبته في السر والعلن وعدم الحنث بالقسم وهو الأمانة وحفظ الوطن وحمايته وأمن أبنائه وسلامة أراضيه.   

إن الاستقرار واستتاب الأمن وعودة عجلة الإنتاج والسيطرة علي عجز الموازنة( الفرق بين الموارد والنفقات ) واستعادة هيبة الدولة مع التأكيد علي حق التظاهر السلمي  وحق الإضراب بحيث لا يعطل حركة المرور ولا يقطع الطرق ولا يعطل العمل  والإنتاج سيضع حدا للتدهور الاقتصادي والتدهور الأمني الذي قاده البلطجية  والشبيحة   ومرتادو الجريمة  والخارجين على القانون بعد ثورة 25 يناير السلمية البيضاء  ,  كما أن استعادة الحياة الآمنة المستقرة وحيوية العمل والإنتاج ووقف النزيف في  عجز الموازنة  والتضخم والبطالة, الذي تعاني منه البلاد  ولكن من خلال إجراءات تقشفية في جانب النفقات المالية  اللامعقولة ( مستشارو وزارة البترول يتقاضون 6 مليار جنيه سنويا على سبيل المثال ؟!!) وعدم فرض ضرائب جديدة على البسطاء ومحدودى الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية  والعمل علي زيادة الإيرادات  من خلال التنشيط السياحي الملازم للمناخ الأمني العام في البلاد مع ضرورة  تشغيل المصانع وتشجيع الصادرات وعودة الإنتاج وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة  والعمل في المشروعات القومية التي توقفت  في توشكي  ومنخفض القطارة وسيناء  التي يوجد بها ترعة السلام والتي يوجد بها المياه وخزانات السيول والأرض الجاهزة للزراعة والتنمية  , لكن كل ما ينقصها عدالة توزيع هذه الأراضي وتمليكها للمزارعين من أبناء سيناء وشباب الثورة لزراعتها بمختلف المحاصيل وهناك بنية أساسية موجودة بالفعل فسيناء وتعميرها ضرورة قومية وهدف استراتيجي . إن تشجيع وتبنى سياسة للطاقة المتجددة النظيفة والآمنة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمثل مدخلا جوهريا لاقتصاد   مصري رائج ورائد  ومتقدم   ومستام     . إن مصر دولة إقليمية وتاريخية كبيرة وقوية   ودورها  مؤثر في السياسة الدولية والتغيرات العربية والتنمية والسلام العالمي , لذا فإن استقرارها وأمنها  ضرورة  لاستقرار وأمن العالم .

 على كل حال,  يُعد الاقتصاد المصري واحداً من أكثر اقتصاديات دول منطقة الشرق الأوسط تنوعاً، حيث تشارك قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات بنسب شبه متقاربة في الاقتصاد المصري.  ويَعتمدُ الاقتصادُ   المصري بشكل رئيسي على الزراعة، ودخل قناة السويس والسياحة والضرائب  والصناعات الصغيرة  والإنشائية   والإنتاج الثقافي  والاعلامى  والنفط وتحويلات العاملين بالخارج .

وخلاصـة القـول, إن  الخوف والظلم  والتعصب  والإرهاب  النفسي والفكري والبدني  لا يحقق النهضة  المنشودة أو نموا عادلا  أو استقرارا أو اقتصادا متطورا– لذلك فإن العلاقة ستظل قوية ومتلازمة بين  البيئة الأمنية  والاقتصاد والعمل وجودة الإنتاج والابتكار والإبداع . إن النهضة الاقتصادية ليست فقط أرقاما ومنحنيات وخطط وسياسات على المناضد والورق , ولكن الأهم الآن بعد ثورة 25 يناير السلمية البيضاء المتفردة  هو الشفافية والتوزيع العادل للدخول ومتابعة غول الأسعار ووقف النهب وأغنياء الصدفة والمحسوبية وإحساس المواطن البسيط أن هناك نموا اقتصاديا حقيقيا لجموع الشعب وليس لفئة معينه  ونهضة مجتمعية  ملموسة في السكن والصحة والتعليم والضرائب ( تفعيل الضرائب التصاعدية على الأغنياء ) والعمل والبيئة الترويحية  النظيفة والجميلة  والخدمات الأساسية ( الطاقة – المياه – الصرف الصحي - الحدائق ) . السؤال القائم , هل موارد مصـــر وإمكانياتها الطبيعية والبشرية والتاريخية قادرة على تحقيق هذه البيئة الأمنية والاقتصادية والنهضة المجتمعية ؟ الإجابة وبعيدا عن العواطف  ومن منظور تحليلي علمي واقعي واقتصادي , نعم مصـر استطاعت في الماضي البعيد واستطاعت في 25 يناير وفى 18 نوفمبر 2011  وستستطيع في المستقبل إن شاء الله.  وصدق الله العظيم : ( ادخلوا مصـــر إن شاء الله آمنين )

 " سورة يوسف الآية  99". 

يـارب ... يـارب , من أرادنا وبلادنا وأهلنا بشر أو  سوء وقلاقل فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره , اللهم أجعل غدنا خيرا من يومنا  وادفع عنا الفساد والغلاء  والظلم والخوف والقهر  والفتن , وأظلل على مصــر وشعبها روح المحبة والخير والأمان والرخاء  والوسطية والاعتدال.

والله  المستعــان ,,,,,

http://kenanaonline.com/drmahran2020