<!--<!--<!--[if !mso]> <object classid="clsid:38481807-CA0E-42D2-BF39-B33AF135CC4D" id=ieooui> </object> <style> st1\:*{behavior:url(#ieooui) } </style> <![endif]--><!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
( عـالـم البيئــة )
بقـلـم:
د/علـى مهـــران هشــام
مشـــروع محــو الأميــة
------------------------------------------------------------------------------------------------
على الرغم من الجهود الكثيرة والمتنوعة، يبقى هدف محو الأمية هدفاً متواصلا حيث يوجد في العالم حوالي 793 مليون شخص منهم 67 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس، كما يوجد عدد أكبر من غير المنتظمين في التعليم أو الذين يهجرونه نهائياً. أما في الوطن العرب فيصل عدد الأميين إلى 100 مليون نسمة .
كشف تقرير لجنة التعليم بمجلس الشورى حول قضية محو الأمية في مصر في عام 2006 م أن عدد الأميين بلغ 17 مليون مواطن مصري يعيش 64% منهم بالمناطق الريفية و69% منهم إناث ويوجد 8.2 مليون أمي في الفئة العمرية من 15 إلي45 سنة ( الفئة الفاعلة ) , مما يجعل من هذه المشكلة كارثة قومية بكل المقاييس.
يعرف الإنسان الأمي بأنه كل فرد بلغ الثانية عشرة من عمره ولا يلم إلماما كاملا بمبادئ القراءة والكتابة والحساب بلغة ما ولم يكن منتسبا آلي مدرسة آو مؤسسة تربوية وتعليمية .
عموما , نظرا للاختلاف في تحديد معايير التعليم والحد الأدنى من التعليم، إلا أن لجنة الأمم المتحدة للسكان اعتبرت في مطلع الخمسينيات الأمي ( ILLITERACY ) ذلك الشخص الذي لا يستطيع قراءة عبارة مكتوبة بلغة من اللغات. وتعتبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، "اليونسكو" الأمي, ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب بياناً بسيطاً وموجزاً عن حياته اليومية . كما يعد أميا كل من تجاوز عمره سن القبول بالمدارس الابتدائية ولم يلتحق بها ولا توجد لديه المهارات الأساسية التي تمكنه من القراءة والكتابة .
لقد أدى التطور في مجال العلم والتكنولوجيا إلى ظهور مفاهيم جديدة تتجاوز المصطلحات التقليدية للأمية إلى تعريف الأمي في بعض البلدان بأنه ذلك الشخص الذي لا يجيد التعامل مع الكمبيوتر مثلا. وهناك ما يسمى بالأمية الثقافية، بل يطلق بعضهم عبارة ( أمية المتعلمين) وهي حالة أولئك الحاصلين على شهادات تعليم عام وربما تعليم جامعي ولكنهم مع ذلك لا يجيدون قواعد القراءة والكتابة الصحيحتين، كما ينبغي لأشخاص تجاوزوا هذه المرحلة، وهناك ما يسمى "الأمية التقنية" ويقصد بها غياب المعارف والمهارات الأساسية للتعامل مع الآلات وأجهزة الاتصال الحديثة .
على كل حال, ترتفع في الوطن العربي نسبة التسرب من المدارس وتصل إلى عشرة ملايين طفل خارج منظومة التعليم حسب إحصائيات منظمة الثقافة العربية .
يمكن إيجاز أسباب التسرب من المدارس والتي تقود إلى الأمية بأي شكل من أشكالها في التالي:
* الفقر فقد يترك بعض الأطفال المدرسة للعمل حتى يعيلوا أسرهم ، أو لوجود ظروف عائلية مثل مساعدة الأم في رعاية الأخوة الصغار.
* البيئة المدرسية مثل معاملة الأساتذة للأطفال وعدم شعور الأطفال بالمتعة في الدراسة والجدوى منها.
* شعور الأطفال بصعوبة المقررات التي يدرسونها في المدرسة وعدم قدرتهم على النجاح فيها.
* عدم وجود قانون إلزامية التعليم مثل الدول الغربية.
* من القوى الاجتماعية التي تقوم بمحو الأمية: المدارس الابتدائية ورابطة الشباب والمنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني , وهى في حاجة إلى تفعيل جوهري في آليات عملها.
إن التعليم الأساسي الجيّد النوعية يزوّد الطلاب بمهارات محو الأميّة مدى الحياة ويشجّع على بلوغ مستويات علمية أعلى, أضف إلى ذلك أن الأشخاص المتعلّمين مهيأون أكثر من الأميين لإرسال أولادهم إلى المدارس، كما أن الأشخاص المتعلّمين أقدر من الأميين على الاستفادة من الفرص التعليمية التي تتجلّى أمامهم باستمرار. المجتمعات المتعلّمة تبدو مجهّزة بطريقة أفضل لمواجهة التحديات الضاغطة على مستوى التنمية والاستثمار والنهضة المتواصلة.
لقد أثبتت التجارب خلال العقود الماضية أنه من غير الممكن تحقيق هدف محو الأمية أو تعليم الكبار إلا بتكثيف الإرادة السياسية والعمل بشكل مختلف عن السابق وخاصة في مجال الإدارة وجودة العمل وروح الفريق وذلك على جميع المستويات المحلية والوطنية والدولية والاستفادة من التجارب العالمية مثل الصين وروسيا والبرازيل . تجربة الصين , حيث ركزت حملات محو الأمية في المناطق الريفية والمناطق النائية, مع أن معالجة مشكلة محو الأمية في المناطق الريفية كانت تقع ضمن إطار الإصلاح العام في الصين, لذلك انخفضت نسبة الأمية من 80% عام 1949م إلى 20% عام
1988 م.
بينما قامت الحكومة الروسية بتنظيم جميع برامج تعليم الكبار وتمويلها, وكانت مجانية للدارسين الكبار كما تم تدريس الدارسين في الأوقات المناسبة لهم , وشكل التعليم الرسمي وغير الرسمي في مجمله نظام تعليم الكبار. إضافة إلى , دمج برامج مدارس تعليم الكبار الرسمية إلى مقررات تعليم الكبار في إطار التعليم الثانوي والمهني والتعليم العالي, وكانت مناهج التعليم المسائي والتعليم بالمراسلة والتعليم النهاري هي نفسها التى تدرس فى التعليم النظامى .
أما تجربة دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل , فقد وضعت خطة لمحو الأمية بين عامي 1986-2000م والتي شملت محو أمية مليون شخص في العام . وتم خفض نسب التسرب المرتفعة من المدارس بمساعدة الأسر الفقيرة حيث كانت هذه الأسر تعتمد على الدخل الذي يحصل عليه الأطفال من عملهم.
إن التعليم الأساسي الجيّد النوعية والجودة المهنية العالية يزوّد الطلاب بمهارات محو الأميّة مدى الحياة ويشجّع على بلوغ مستويات علمية أعلى, إضافة إلى , أن الأهالي المتعلّمين مهيأون أكثر من الأميين لإرسال أولادهم إلى المدارس، كما أن الأشخاص المتعلّمين أقدر من الأميين على الاستفادة من الفرص التعليمية التي تتجلّى أمامهم باستمرار.
لقد أولى المجتمع الدولي قضية محو الأمية اهتماما جوهريا وجعل من الثامن من سبتمبر من كل عام يوما عالميا لمحو الأمية وركز على العلاقة بين محو الأمية وتحقيق السلام , وتعمد اليونسكو في كل عام بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية إلى تذكير المجتمع الدولي بما تم التوصل إليه فيما يتعلق بمحو الأمية وتعلّيم الكبار على المستوى العالمي والبرامج والآليات اللازمة للتخلص من هذه البقعة السوداء في ثوب الحضارة والتقدم والعدل الدولي .
أما العالم العربي فقد أختار يوم الثامن من يناير من كل عام كيوم عربي لمحو الأمية وخاصة بين الأطفال , ويعود ذلك لأنه اليوم الذي أنشأت فيه جامعة الدول العربية جهازها الإقليمي لمحو الأمية عام 1966 م وفي عام 1970 م انضم هذا الجهاز إلى المنظمة العربية للتربية والفنون والعلوم باسم الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار .
بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية ندعو الكبار والصغار من الأميين إلى الإقبال بشغف واقتناع على التعلم لأن العلم فريضة ونور وحرية وأمان وسلام , وأن تتوفر لدى الحكومات ومتخذي القرار الإرادة والإدارة العلمية السليمة لتوفير المناخ العام للمشروع العربي لمحو الأمية .
يشكّل محو الأميّة حقاً أصيلا من حقوق الإنسان, وأداة لتعزيز القدرات الشخصية وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية . الفرص التعليمية تعتمد على محو الأمية ولا بدّ من الإشارة إلى أن محو الأميّة يشكّل نواة التعليم الأساسي للجميع، وهو عامل ضروري للقضاء على الفقر، والجهل , وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التنمية المستدامة والسلام والعدالة والحرية والديمقراطية ..
وخلاصة القول, الأمية ليست أمية القراءة والكتابة فحسب، بل الأهم أمية الأفكار والمعلومات والحوار وقبول الآخر إضافة إلى , أمية التكنولوجيا والاتصالات والتقنية الرقمية الحديثة . إن القضية الأهم أن نجعل من يوم الثامن من يناير ( اليوم العربي لمحو الأمية ) من هذا العام بداية حقيقية لمشروع محو الأمية في مصر والعالم العربي لتحقيق واستعادة النهضة العربية الغائبة .
والله المستعــان ,,,,
http://kenanaonline.com/drmahran2020
.
ساحة النقاش