نعم .... البيئة فى خطر ؟!! (المشكلة والحل)
بقلم:
د/على مهران هشام
الحاصل على الجائزة العالمية للأبداع البيئى
اليابان 2001
أول مصرى وعربى وأفريقى بفوز بهذه الجائزة الرفيعة
_________________________________________________________________
مع مرور كل ساعة جديدة تطالعنا الأخبار ووسائل الأعلام التى تسبح فى الفضاء وتغطى الكون
بتدهور جديد غى جسم وصحة البيئة سواء كان بفعل الانسان المباشر أو غير المباشر ( كوارث طبيعية ) وكما هو معروف غان البيئة لاتعرف حدودا ادارة او دولية او سياسية
فأستيقاظ بركان ايسلندا وخروج الحمم والاتربة الملتهبة والغبار البركانى من فوهته النائمة لأكثر من مائتين عام أوقف حركة الملاحة الجوية والسفر فى أوربا ومعظم دول العالم وفرش الناس ساحات المطارات انتظارا للأنتقال اى مدنهم وقضاء اعمالهم كما تكبدت شركات الطيران ملايين الدولارات كنتيجة لوقف الحركة الجوية والتى كانت خوفا على سلامة الرحلات وحياة الناس
فالغبار البركانى بما يحمل من حبيبات صغيرة من الصخور يتخلل محركات الطائرات وبعطل عملها
كما أن الغازات والأتربة البركانية تؤثر على جسم الطائرة وتعرضها للكوارث
ان بركان ايسلندا يقذف 3000 طنا من الحمم الملتهبة كل دقيقة !!!
العالم يشمل من 500 الى 600 بركن نشط منه أكثر من 30 بركان فى اقليم البحر المتوسط قابل للانطلاق فى اى وقت ويوجد فى جبل سورية العربية بركان خامد قد يقذف ما فى بطنه فى اى وقت ولايملك الانسان سوى الاستعداد لتقليل المخاطر ومواجهة وادارة هذة الازمة عند وقوعها
العالم كله افرادا ومؤسسات ودولا تأثر بشكل ما بتسرب النفط فى خليج المكسيك ورغم البعد الجغرافى للولايات المتحدة الامريكية فان الاضرار البيئية ( المياه-الأحياء المائية-الثروة السمكية-الحياة البشرية)
ورغم التقدم التقنى والتكنولوجى الامريكى فقد يستمر الضرر واعادة البيئة الى ماكانت عليه عشرات السنين !!
ان اشتعال حريقة فى مكان ما يعكر المناخ الكونى ويتسبب غى حدوث خلل فى المنظومة البيئية المتزنة طبيعيا منذ بدء الخليقة
ولكن طمع وجشع وأنانية البشر وركضهم وراء المنفعة المادية الضيقة والقصيرة المدى تحت شعارات ودعاوى التمدين والثراء والحياة المتحضرة !!
فأى حياة هذه المليئة بالامراض والسقم
والمحاطة بالقلافل والتهديدات والخوف من الحروب اضافة الى الثلوت الشامل المحيط بالبشر والشجر والحجر من وفى كل اتجاه ( البر والبحر والجو)
التحذيرات من الأخطار البيئية المتلاحقة تتزايد فالغطاء الثلجي على الكرة الأرضية، وفي المناطق غير القطبية تحديدًا سيأخذ بالتلاشي خلال العشرين سنة القادمة. ويعتبر وليام ثومبسون من أبرز الجيولوجيين في مركز بيرد للأبحاث القطبية التابع لجامعة ولاية أوهايو الأمريكية، وقد بدأ أبحاثه بهذا الخصوص في العام 1977م، بعد أن تعرَّض إلى حادث أثناء تفقُّده للغطاء الثلجي في بيرو، حيث هاجمته صخرة بحجم الحافلة المدرسية بعد انهيارها بسبب ذوبان الثلوج حولها، وقد عاد ثومبسون إلى تلك المنطقة في العام الماضي؛ ليفاجأ بأن الصخرة التي هاجمته ما زالت ملقاة في مكانها،إلا أن الثلج الذي كان يحيط بها قد تآكل مع السنين، وابتعد عنها مسافة كبيرة،مخلفًا وراءه بحيرة ضخمة.
وبالنسبة لعالم ضليع مثل ثومبسون كانت ذكريات الصخرةالمأساوية والبحيرة الناجمة عن ذوبان الغطاء الجليدي تشيران إلى نتيجة خطيرة تتعلق بتغير المناخ في تلك البقعة من جبال الأنديز. ويعلِّق ثومبسون في تقريره قائلاً: "إن هذه المنطقة محفورة في الذاكرة وكأنها بيتي، ولا أحتاج إلى كثير جهد لأقنع الآخرين بأن ارتفاع درجات الحرارة على الأرض خلال الخمسين سنة الأخيرة قد أحدث كل هذه التغييرات الماثلة أمامي الآن".
لماذا بيروبالتحديد؟
ويُعتبر الغطاءالثلجي في منطقة بيرو أكبر غطاء ثلجي على امتداد خط العرض المار به في الجزءالجنوبي من الكرة الأرضية؛ لذا كان يمثِّل مركزًا لاهتمام فريق العلماء الذي يرأسهم ثومبسون على مدار العقدين الماضيين، ولكنه ليس الغطاء الثلجي الوحيد الذي يتعرَّض لعمليات ذوبان بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الكرة الأرضية، بحسب النتائج التي توصَّل إليها ثومبسون وفريقه. بل يمكننا التأكيد على عدم وجود أي تقدم ونمو في معظم الأغطية الجليدية في المدارات القطبية وشبه القطبية. ويؤكد ثومبسون على أن العديدمن الجبال الجليدية سوف تذوب وتتلاشى خلال العشرين سنة القادمة.
ومن الأمثلة الدَّالة على هذه النتيجة الجبل الجليدي الأفريقي الذي يدعى كيلمانجارو حيث فقد 82% من مساحات الجليد التي تكسوه منذ عام 1912م ميلادية، ففي تلك السنة كان كيلمانجارويغطي ما مساحته 12.1 كيلو مترًا مربعًا من الجليد، أما اليوم فلا تتجاوز المساحة الجليدية 2,2 كيلو متر مربعًا. ويتوقع ثومبسون أن الجليد على كيلمانجارو (وهو الجبل الالذي كتب عنه إرنست هيمنجواي) سيذوب بالكامل خلال السنوات الخمس عشرة القادمة إذااستمرَّ معدل الذوبان بوضعه الحالي، ولكن المؤسف في الأمر أن معدَّل الذوبان مرشَّح للزيادة، وبالتالي فإن السنوات المتوقعة مرشحة للتقاصر.
ولعلَّ معضلة ذوبان الثلوج التي أشرنا إليها فيما سبق ليست محصورة في المناطق القطبية، بل هي ظاهرة ممتدة في البلاد الأوروبية، وروسيا، ونيوزلندا، والولايات المتحدة الأمريكية،وغيرها. ووصل الداء إلى آلاسكا وكولومبيا اللتين تعتبران مضرب المثل في الحجم الهائل للأغطية الجليدية، حيث انحسرت تلك الأغطية مسافة 10 كيلومترات خلال القرنالماضي. وفي دراسة لمجموعة من الجيولوجيين في جامعة كولورادو تنبأت بأن الكتلةالجليدية الضخمة للمتنزه الوطني الشهير في مونتانا ستتلاشى بالكامل بحلول العام 2070م ميلادية.
ولعلَّ التفسير الذي يجمع عليه العلماء لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض الخطيرة يعود إلى عبث الإنسان نفسه، حيث تسبَّب من خلال صناعاته،ونشاطاته المختلفة في زيادة كميات ثاني أكسيد الكربون، وغيره من غازات البيت الزجاجي الملوثة في الجو.
فى تقرير للهيئة الحكومية المتخصصة (هيئة حماية الارض) بدراسة ظاهرة تغير المناخ في العالم، والذي شارك في إعداده مئات العلماء الذين يمثلون أكثر من 100 دولة حول العالم، -أن "ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة على الأرض خلال الخمسين سنة الأخيرة هي بالتأكيد ناجمة عن نشاطات بشرية". ، وأضاف أن "درجة حرارة سطح كوكب الأرض ازدادت خلال القرن العشرين بمقدار 0.6 درجة مئوية، وهي مرشحة للزيادة ما بين 1.4ولغاية 5.8 درجات مئوية بحلول العام 2100م، وهذا المعدل في الزيادة لم يتم تسجيله خلال أكثر من 10000 سنة". .
ان حالة التوازن الطبيعي الذي كانت تشهدها الأرض خلال القرون الماضية، في جميع القارات باستثناء أستراليا، حيث إن المعادلة الطبيعية تقضي بزيادة الجليد عبرالثلوج الشتوية والأنهار الجليدية المتجمدة، ثم ذوبانها بالمعدل نفسه في أشهر الصيف، ولا شك أن وجود اختلال هنا وهناك بفعل الزلازل والبراكين لم يكن يؤثر إلا في مناطق محدودة لا تذكر، إلا أن الوضع القائم حاليًا يمثل خطرًا ماحقًا، حيث يرتفع معدل الذوبان بطريقة لا يمكن تعويضها طبيعيًّا.
وبناء على ذلك بدأ فريق ثومبسون رسميًّا عام 1978م دراساته على الغطاء الثلجي في بيرو، وهو غطاء رئيسي كما أسلفنا،وقد استخدمت الدراسات صورًا للأقمار الصناعية، بالإضافة إلى مسوح ميدانية، وكان جبلكوري كا ليس من أسرع المناطق ذوبانًا وتراجعًا في نسبة الجليد، حيث بلغ معدل تراجعه حوالي 4.9 أمتار في العام، وازداد معدَّل التراجع ما بين عامي 1978م و 2000م، حتى وصل إلى 155 مترًا في العام الواحد، أي أكثر من قدم في اليوم، وهو ما يعني أنالمعدل تضاعف 32 مرة منذ العام 1978م. ويعلق ثومبسون بحزن: "يمكنك الجلوس هنا كمراقبة ذلك عن كثب". والأمر نفسه تمَّت ملاحظته عند دراسة الواقع الجليدي لجبل كيلمانجارو صديق هيمنجواى الذي ذكرناه سابقًا.
وقد قام فريق ثومبسون بإجراء اختبار الحفر في الجليد لمسافات تزيد عن 100 متر، وقاموا بوضع علامات على الصخور التي وصلت إليها أجهزتهم، ومع مرور سنوات البحث الطويلة، كانت تلك العلامات تظهر فوق الصخور وفي الهواء الطلق بعد أن يكون الثلج قد تلاشى. وليت الأمر توقف عند حدود جبل كوري كا ليس في بيرو، بل إن التجربة تمَّت إعادتها في جنوب أمريكا، والصين،والتبت، وأفريقيا، وكانت النتائج متشابهة. إن التجارب الكثيرة التي أجراها ثومبسون وفريقه أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن درجات الحرارة كانت ثابتة خلال ثمانية آلاف عام على الأقل، وأن الخمسين سنة الأخيرة هي السنوات الأدفأ في تاريخ كوكب الأرض.
السؤال القائم الا ن ما هي أهمية الجليد؟
ربما يتساءل البعض: هل هناك خطر داهم إذا تلاشى الجليد جميعه عن ظهر البسيطة، وخصوصًا أن لدينا من الثلاجات ما يكفي لصناعة حاجتنا منه،ويمكننا بناء الصالات الجليدية المغلقة لغايات التزلج والتسلية، وما حاجتنا للجليد
عدا ذلك؟
وفيما يلي نذكر بعضًا من آثار تلك الظاهرة في عدة مناحي حياتية:
إن زيادة درجة حرارة الأرض بضع درجات مئوية ستحدث تأثيرات عنيفة على عدد كبير من المخلوقات، وهو ما سيؤثر على السلسلة الغذائية المترابطة في الكون، وبالتالي سيؤثر ذلك على الإنسان بالتأكيد. ومثال ذلك تحرك العديد من فصائل الفراشات باتجاها ا لمناطق الشمالية الأبرد، وتفتح كثير من أزهار الأشجار قبل أوانها في الربيع، كلها مؤشرات تطلُّ برأسها منذرة بخطر مستقبلي ماحق.
ولا شك أن تلاشي الجبال الجليدية ذات الجذب السياحي سيؤدي بالتالي إلى مضار اقتصادية للعديد من البلدان التي تعتمد اقتصادياتها على ذلك، وبالتالي ستتزايد الأزمات الاقتصادية في العالم، فضلاً عن الرياضات الشتوية.
وهناك العديد من المولِّدات الكهربائية التي تعتمد على أنها ر الجليد الذائب، فإذا تلاشى الجليد لم يَعُد بإمكان تلك المولدات العمل.
كما أن العديد من البلاد تعتمد في ريِّها على ما يذوب من الجبال الجليدية، وبالتالي فإن مصادر ماء الشرب لديها مهددة بذلك.
إن ارتفاع مستوى المياه في المحيطات نتيجة ذوبان الجليد له آثار مدمرة على المستوى الزراعي، والصناعي، وخصوصًا بالنسبة للمناطق القريبة من البحر، ثم إن المستوى بعد ذلك سينخفض لعدم وجود مصادر للماء، اضافة الى زوال تأثير جاذبية الجبال الجليدية على البحار.
اضافة الى تعرض الكثير من المدن الشاطئية والتى تطل على البحار والمحيطات لخطر الغرق والاندثار والذوبان المكانى والثقافى والحضارى والانسانى أيضا ؟!!
القضية تتطلب تضامن الجميع للحد من التلوث الكونى سواء على مستوى الفرد او الاسرة والدولة أوالكيان الدولى الاكبر
ونقترح بايجاز اتباع الخطوات التالية :
@ الألتزام بالاتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات الدولية والتشريعات والقوانين المحلية التى تحافظ على البيئة
@ الأهتمام بالظواهر الطبيعية والمناخية وعلوم الفضاء والفلك
@تقليل معدلات الانبعاثات من الكربون والغازات السامة والمشعة التى تبثها مصانع واتثمارات الدول الصناعية والمتقدمة
@حماية الاشجار والنباتات والغطاء النباتى للارض من الحريق وخطر الاستهلاك غير الرشيد
@ حماية المياه من التلوث والاضمحلال
@ التخلص الامن والصحى للنفايات وخاصة الطبية والنووية والكيميائية والاشعاعية وعدم اعتبار أراضى الدول الفقيرة مواقع جاهزة للتخلص من نفايات الدول الغنية ؟!
@تعزيز الثقافة والتوعية البيئية وترشيد وتهذيب السلوك العام بين الافراد والمجتمعات
@ ان التحلى بالقيم والاخلاق ومراقبة النفس الامارة بالسوء والالتزام بتعاليم وفضائل الشرائع السماوية
يمثل حصنا ودرعا واقيا لحماية وصيانة البيئة وكوكب الارض ليحيا الجميع بأمان وسلام وهدوء وصحة ورفاهية متساوية وعادلة
والله المستعان ,,,,,
هوامش :
د. أحمد تيمور، الأوزون.. الثقب والطب، الأهرام اليومي، 3-7-2003م.§
§د. علي مهران هشام، اليوم العالمي للأوزون، مجلة العلم، العدد 323، أغسطس2003م.
ع
ساحة النقاش