(( الرحلة قصيرة...فاعدل وارحم واستقم ))... البروفيسور الدكتور الشريف علي مهران هشام. يذكر أن رجلا طيب حكيم كان يجلس في مقعده في القطار ، وفي أحد المحطات والقطار متوقف ،دخل القطار شاب وبكل عنف وتكبر جلس بجانب الرجل واصطدم به بصلف وسوء ادب بجسمه وحقائبه الكثيرة التي يحملها .!!
وحينما رأي بعض الركاب هذا المنظر الظالم انزعجوا كثيراً ، وسألوا الرجل لماذا لا تتكلم وتقول شيئاً لهذه الشاب الفوضوي الذي يتباهي بعضلات جسمه ..!!
أجاب الرجل العاقل الحكيم المتسامح بابتسامة هادئة :
ليس من الضروري أن تكون قاسياً ، وتجادل على شيء تافه .. فالرحلة قصيرة وأنا سأنزل في المحطة القادمة ..
هذه الكلمات : " الرحلة قصيرة " دقت ناقوساً قوياً في عقل كل متدبر ، ورأي البعض من الركاب أنها تستحق أن تكتب بماء الذهب وان تكون عنوان لحياتنا في الدنيا ، وأن نجتهد لنعمل بها في تصرفاتنا اليومية ..بل نراقب أنفسنا في كل برهة وثانية ودقيقة وساعة
نعم ورب الكعبة .. ليس من الضروري أن تكون قاسياً وصلبا وعنيفا وتجادل على كل شيء لأن الرحلة قصيرة ..
ولو تنبه كل منا بأن رحلتنا في هذه الدنيا قصيرة جداً ، فلن يجعلها مظلمة ، مليئة بالجدل وكسر خواطر الناس وعدم العفو عن الآخرين ، وسوء الخلق وعدم شكر النعم .. ونكون بذلك قد حفظنا جهدنا ووقتنا من الضياع ..
لو كسر أحدهم قلبك ؟
كن هادئاً فالرحلة قصيرة ..
لو احد خانك أو غشك أو استهزأ بك
كن هادئاً صبورا متسامحا فالرحلة قصيرة ..
مهما كان نوع الظلم والعدوان والكراهية أو الحسد والشر وسوء النية الذي يحصل لك من أحدهم ، فكن متسامحا واحتسب ذلك عند الله وكرر " لا حول ولا قوة الا بالله " وتذكر دوماً أن الرحلة قصيرة ..
لو نسي أحدهم معروفك ووقفتك معه وسؤالك عنه ..
كن هادئاً ، فالرحلة قصيرة ..
لو احد انتقص من حقك ماديا وادبيا واجتماعيا ولم يحترمك ولم يقدرك حق التقدير ( ولم يتعلم أن يذكر ولا تبخسوا الناس أشياؤهم ) ..
كن هادئاً متعاونا متسامحا ، فالرحلة قصيرة ..
وبناء عليه ...تأكد وثق أن هدؤك وصبرك وتسامحك عند الشدائد تكتبه لك ملائكة الرحمن بالجزاء الأوفر والثواب الاعلي....اما الظالمون المتكبرون الحاسدون المتغطرسون المنافقون الفاسدون ...فاجلس علي حافة الشاطيء واذكر الله واحمده واشكره وانت راضي وهاديء ..وستاتيك اخبار قلوبهم السوداء واجسادهم الهزيلة الشاحبة وجيوبهم الفارغة ووجوهم المقفرة فلا تتعجب علي حالهم وأحوالهم ..... هذه سنة الله في كونه ...ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) كم من الزمان استهزأ قوم سيدنا نوح عليه السلام وهو يصنع السفينة في الصحراء ويمكرون عليه ويسخرون منه ويضحكون وكانت النتيجة فاغرقناهم وانجي الله سيدنا نوح عليه السلام ومن ركب وأمن برسالته معه في السفينة ...وقتل فرعون بكبره وفكره كل طفل يولد بسبب الخوف وسوء الخلق ، فكانت النتيجة أن تربي سيدنا موسي في قصر فرعون ...ولما غدر اخوة سيدنا يوسف عليه السلام به ورموه في البئر....سلمه الله .وتربي في بيت العزيز وأصبح وزيرا وامينا علي خزائن الأرض ...النار لم تأكل سيدنا ابراهيم عليه السلام ...( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي ابراهيم ) ...وأصبح ابراهيم أمة .....السكين لم تقتل سيدنا اسماعيل عليه السلام وفديناه بذبح عظيم ... والله لم يخذل هرولة امنا السيدة هاجر لإنقاذ رضيعها سيدنا اسماعيل من الموت عطشا فجعل لها سنن نتعبد بها الي يوم القيامة نشرب من بئر زمزم معجزة المياه والشفاء.
.. والسعي بين الصفا والمروة من من أساسيات العمرة والحج ...والسيدة العذراء مريم وابنها المسيح سيدنا عيسي عليهم. السلام ..نجاهم الله من بطش وغدر الرومان ...وأصبح لرحلتهم من بيت لحم في فلسطين الي قرية درنكة في صعيد اسيوط .. مسارا دينيا وتاريخيا وترويحيا يحتفل به الي يوم الدين في مصر وفلسطين وجميع بقاع الدنيا .. والأمثلة والنماذج حتي في العصر الحديث كثيرة ومرئية سواء بين الأفراد أو حتي بين الدول ... فلنملأ قلوبنا بالمحبة والرضا والسلام .. فرحلتنا قصيرة جداً ، ولا يمكن الرجوع إليها بعد تركها .. ولا أحد يعلم مدة رحلته أو مكان النزول .. ولا أحد يعلم هل سيبقى للمحطة التالية أم لا ..!! ...نعم الرحلة قصيرة ..ولا تستدعي كل هذه الصراعات والمظالم والفساد والكذب والخداع والإرهاب والبلطجة والفوضي وسوء السلوك والأخلاق او حتي المناكفات والحروب سواء بين العباد والشعوب أو بين الدول ايضا.... حفظكم الله ..وملأ قلوبنا بالرحمة والتسامح وحب الاخر.. وجعل التواضع والأخلاق وجبر خواطر الناس .. اجعلوها مظلة دافئة رقيقة رحيمة لحياتنا الباقية في هذه الدنيا الزائفة اللاهية القصيرة جدا ... kenanaonline.com/drmahran2020
ساحة النقاش