التفكير في التفكير 82 - 82. " الناس معادن ...فاجعل بائع الذهب من يحدد قيمتك " البروفيسور الدكتور الشريف علي مهران هشام ...كل عمل شريف ونظيف والرزق الحلال مثمن ومقدر وموقر ..ولا غبار عليه ...ولكن، علي الإنسان أن يعلم أين يعرض بضاعته ولمن يبيع ..حتي لانبخس الناس اشياءهم وتتحقق العدالة والنزاهة والتقدير وتقدر قيمة و قامات البشر ...فالمال فقط هو وسيلة للتداول واستمرار تعمير الأرض بحكمة وتوازن وفكرة كونية ولم ولن يكن معيارا أو ميزانا للتقييم أو التشهير بين مخلوقات الله وخاصة الإنسان الذي كرمه علي سائر الخلائق....
علي كل من حال، يذكر إن مدينة سامراء في شمال بغداد كانت مدينة علم وفيها جامعة كبيرة على رأس هذه الجامعة العلامة الكبير ( أبو الحسن )
وكان أبو الحسن من ألمع رجالات الفكر في العراق ولديه عدد كبير من الطلاب من دنيا العرب
وكان من بين تلامذته تلميذ فقير الحال
لكنه يحمل ذهناً متوقداً كان طموح التلميذ أن يصبح أحد أعمدة العلم ورائدا. للمعرفة في العراق...
وفي يوم قائظ خرج التلميذ الفقير من الدرس جائعاً إلى السوق يحمل في جبيه فلساً ونصف الفلس لكن الوجبة من الخبز والبطاطا تكلف فلسين
اشترى بفلس واحد خبزة واحدة وذهب الى صاحب محل الخضروات وطلب منه عدة جرامات من البطاطا أو حزمة فجل
وقال للبائع :معي نصف فلس فقط فرد عليه البائع ولكن الباقة بفلسٍ واحد
قال الولد :سوف أفيدك في مسالة علمية أو فقهية مقابل الفجل فرد عليه بائع الفجل ( مع تقديرنا واحترامنا لجميع التجار والباعة وجميع المهن والحرف ،) لو كان علمك ينفع لكسبت نصف فلس من أجل إكمال سعر عدة جرامات من البطاطا أو باقة فجل واحدة
اذهب وانقع علمك بالماﺀ واشربه حتى تشبع
كانت كلمات البائع أشد من ضرب الرصاص على نفسه
قال الولد لنفسه : نعم لو كان علمي ينفع لأكملت به سعر باقة الفجل الواحدة نصف فلس علم عشر سنوات لم يجلب لي نصف فلس
لأتركن الجامعة وأبحث عن عمل يليق بي وأستطيع أن أشتري ما أشتهي
بعد أيام من الغياب افتقد الأستاذ الكيبر تلميذه النجيب
وفي قاعة الدرس سأل الطلاب أين زميلكم المجد
فرد عليه الطلاب إنه تخلى عن الجامعة والتحق بعملٍ يتغلب فيه على ظروفه القاسية
أخذ الاستاذ عنوان الطالب وذهب إلى بيته كي يطمئن عليه
سأله الأستاذ عن سبب تركه الجامعة
فرد عليه سارداً له القصة كاملة وعيناه تذرفان الدموع بغزارة
فأجابه أستاذه إن كنت تحتاج إلى نقود إليك خاتمي هذا اذهب وبعه وأصلح به حالك
قال الولد أنا كرهت العلم لأني لم أنتنفع منه
قبل الطالب هدية أستاذه وسار إلى محلات بيع الذهب وهناك عرض الخاتم للبيع
استغرب الصائغ وقال : أشتري منك الخاتم بألف دينار ولكن من أين لك هذا الخاتم؟
فقال هو هدية لي من عند أستاذي ( ابو الحسن )
ذهب الصائغ مع التلميذ وقابلا الأستاذ واطمئن الصائغ الى صدق الطالب
أعطى الصائغ ثمن الخاتم إلى الطالب ورحل
قال الأستاذ : أين ذهبت عندما أردت بيع الخاتم
فرد الطالب إلى محلات الصاغة او الاحجار النفيسة بالطبع....
فرد عليه الأستاذ : لماذا ذهبت إلى محلات الصاغة
وليس الى بائع الفجل
فرد عليه الطالب هناك يثمنون الخواتم والمعادن الثمينة
فرد عليه الاستاذ متعجباً: فلماذا إذا قبلت أن يثمنك بائع الخضراوت ويثمن علمك ويقول إن علمك لا ينفع شيئا
هل يثمن البائع علمك لايثمن الشيﺀ سوى من يعرف قيمته
وأنا أثمنك إنك من أعظم طلابي.
يابني لا تدع من لا يعرف قيمتك يثمنك... ثمّن علمك عند من يعرف قدرك ارجع الى درسك وعلمك
كم مرة نقع ضمن تثمين خاطئ من شخص لا يعرف قيمتنا
والتقييم لا يصح إلا من أصحاب العلم والاختصاص الذين يعرفون قيمة الإنسان مهما كان صغيرا
(الناس معادن ولا يعرف قيمة المعدن النفيس إلا تاجر الذهب والمعادن النفيسة )...يقول خليفة المؤمنين السادس ( مولانا وسينا الحسن بن علي بن ابو طالب , رضي الله عنهم ..هو خامس الخلفاء الراشدين ولكنه تنازل عن الخلافة لدرء الفتنة بين المسلمين ) سيدنا عمر ابن عبدالعزيز رضي الله عنه : إذا استطعت فكن عالما ، فإن لم تستطع فكن متعلما ، فإن لم تستطع فاحبهما ، فإن لم تستطع فلا تبغضهما ..والله المستعان ،،،،
ساحة النقاش