تساؤلات مشروعة حول دور البلطجية في قمع الثورة!!؟

 

البلطجية في كل قطر عربي يطلقون النارو يضربون الناس بالعصي والهراوات الكهربائية ويرجمونهم بالحجارة، ويأخذون النساء بالنواصي، ويدوسونهم بالأقدام و يقتحمون على المعتصمين اماكنهم . ويريقون دماءهم بلا داعي ولا سبب، وحين يُسأل النظام كيف تطلقون النار على متظاهرين عزل مسالمين يغنون للوطن وللحرية؟! يخرجون للناس بالتباكي و الإعتذار و يقولون: إنها المؤامرة التي نحدثكم عنها، إنهم المندسون، والمتسللون، والإرهابيون من فلول القاعدة الذين نحذركم منه !! عجبا أين كان هؤلاء المندسون عندما تخرج الجماهير العربية إلى الشارع لتصفق وتهتف للنظام بالإكراه؟! لماذا لم يهاجمهم أحد؟ لماذا لم يضربهم أحد؟ لقد ملؤوا الشوارع في المدن والبلدات، ولم يقع من أحد منهم دبوس على الأرض، ولم يقطع لأحد منهم شراك نعل..؟!!

 

ومما زاد الطين بلة، أن بعض الأنظمة العربية ركنت للتبعية، وما كانت توحي به لها دولة الحماية من أمان موهوم، وربما أقنعت نفسها أن تلك التبعية كافية لتحميها من المجهول وتجعلها في غير ما حاجة إلى إجراء أي نوع من التغيير، ولم تدرك تلك الأنظمة أن التبعية وغياب التغيير قد أفرزا تراكماً في الواقع وخلقا ضغوطاً شعبية يصعب مواجهتها في لحظة الانفجار . وما حدث ويحدث الآن في أكثر من قطر عربي، إن لم يكن فيها جميعاً، ليس سوى التعبير عن ذلك التراكم المخزون وعن التأخر في إجراء التغيير المطلوب والضروري في موعده، بالإضافة إلى ما تركته تبعية بعض الأقطار من شعور مرير تجاه التفريط في استقلالها وسيادتها. 

 

طريقة تعامل الأنظمة العربية مع مطالب الإصلاح متفاوته رغم قناعة الجميع أن الإصلاح استحقاق ضروري تقتضيه حاجة الناس وان هناك تراكمات من الأخطاء التاريخية القاتلة والمميتة. ونجد انظمة استجابت لمتطلبات شعوبها و بدأت بإصلاح جذري للنظام كما نشاهد في تونس و مصر رغم وجود ثورات مضادة ترفض الإصلاحات السياسية و الإقتصادية و حين يحاول النظام المراوغة للالتفاف على استحقاقات الإصلاح، فإن الثوار لهم بالمرصاد. و هناك انظمة مريضة تحب التسلط وتراوغ رغم الثورة العارمة كما هو الحال في اليمن.

 

النظام الليبي يرد على الثورة الشعبية بحرب شاملة تحرق كل شئ و تقتل الناس و يرفض الإنصياع للقرارات الدولية واما السوريين فهم ثورة عارمة و يحاول النظام استيعابها من خلال الوعود بتشكيل لجان لبحث مطالبهم و لا يتردد في الإعتداء على المتظاهرين و اعتقال قياداتهم و قتل العشرات منهم. الأنظمة في المغرب و الآردن و لبنان و البحرين و عمان تعاني من مسيرات الشباب المطالبين بالتغير و الحرية و محاربة الفساد . انهار النظام المصري و التونسي بعد أن وهت أركانهما بفعل ثورة الشباب. إن على كل رئيس عربي لا يحضى بثقة شعبة أن يسهل الأمر على نفسه و يتنحى . عليه أن يؤكد انتماءه لهذا الوطن المطالب بالإصلاح.  عليه أن يقدم مصالح الوطن على مصالحه الذاتية ، وعلى مصالح جميع الدوائر الخاصة التي تحيط به. عليه أن يفكر بعقل المواطن الصالح قبل التفكير بعقل المدافع عن المنصب كمدخل للاستعلاء والاستئثار . لا يغرنّه أن يقول أو يقال له إنها جولة أخرى سننتصر فيها!! إن نصرا يقوم على جماجم المواطنين ويُسقى بدمائهم لهو الهزيمة بعينها. هؤلاء الذين يقتلهم في اللحظة سيحاسبونه يوم االعرض على ملك الملوك الذي لا يضيع حق مطالب عنده.؟!

 

 

دامت ثورة شباب تونس أسابيع ، وكانت الثورة التونسية هي الثورة الشعبية الأولى. لماذا لا يستفيد الحكام العرب من هذه التجربة، خاصة في الانسحاب السريع من الساحة؛ حصيلة عملية الخلع في تونس كلفت الشعب التونسي عشرات الشهداء فقط لم يقارب العدد المائة شهيد، نقطة إيجابية يجب أن تحسب لابن علي  ..!!

 

دامت ثورة شباب مصر أسابيع، قُتل من شباب مصر في غمار الثورة بما فيها هجمة بلطجية الجمال والخيل والحمير على ميدان التحرير بالقاهرة بضع و مئين، ووقف السيد عمر سليمان نائب الرئيس يقول: قرر رئيس الجمهورية التخلي عن منصبه كرئيس للجمهورية.. وتولى الجيش حماية الثورة و اعادة النظام للشعب يختار من يصلح لقيادة مصر.

 

 و في لبنان يوجد مشاكل كثيرة ملازمة لمناخ الديمقراطية والحرية، ولعنوان التنوّع، وهو تنوّع "طائفي، ونابعة من خلافات على الهوية والتاريخ ورؤية الحلول في الداخل والعلاقات مع الخارج، وثمة اليوم أزمة ثقة عميقة بين مكوناته وخوف من فتنة لا سيما بين السُنّة والشيعة. إضافة إلى اختياره الدائم الساحة الأضعف لتصدير المشاكل إليه واستعداد أبنائه الدائم أيضاً لتلقف مثل هذه العملية والدخول فيها استناداً إلى العوامل المذكورة. لبنان اليوم هو في قلب العاصفة. الخوف فيه كبير والخوف عليه كبير. يقال بالمثل الشعبي، "الباب الذي يأتيك منه الريح ، سدّه واستريح". نحن للأسف نفتح كل الأبواب لكل العواصف والرياح التي تلفح ديارنا وتخلق فيها الأضرار فأين الحكمة في ذلك؟

 

اليوم في مواجهة المتغيرات في البلاد العربية، ينبغي أن نواكب بارتياح حركة التغيير، لا سيما التغيير السلمي الحضاري في بعض الدول، وحركة التغيير التي ترافقها أحداث دموية، بقلق، وألا نكون جزءاً من اللعبة هنا أو هناك. لنا رأي نقوله بهدوء وصدق انطلاقاً من حرص نجاح حركة التغيير الديمقراطي التي ولو متأخرين أقر بضرورتها كل القادة تقريباً ولكن خطوات البعض كانت متأخرة وقاصرة عن اللحاق بوتيرة سرعة الأحداث.

 

ما يزال الحراك السوري و الأردني و المغربي في أول الطريق. ولم تطالب الشعوب بعدُ بسقوط الأنظمة،  لم يصرخوا في وجه الملك و الرئيس: ارحل، كل الذي فعلوه حتى الآن أنهم طالبوا بالإصلاح و الحرية و تخليص الوطن من البلطجية و الإنتهازيين و الفاسدين و كل من اثروا على حساب الإنسان الفقير . و الأمر المحير للجميع هو أن عدد الشباب الذين قتلوا في سورية حتى اليوم أكثر ممن قتل في مصر إذا استعدنا درس النسبة والتناسب من علم الحساب..

 

 حذارِ ايها الشباب من التراجع عن المطالبة بحقوقكم الكاملة في الحريّة، والعمل على الانعتاق من العبودية والدكتاتورية المسلَّطَة على رقابكم منذ عشرات السنين.. وحَذارِ من تصديق المزاعم التي تُلقَى عليكم من حكام يتلاعبون بمشاعر الناس.. فالاستمرار بثورة الحرّية بات الطريق الوحيد لدحر ظلم هذا النظام المتخشِّب الفاسد، والفاسدون غير قادرين على تحقيق الإصلاح، وقد أثبتت بعض هذه الأنظمة و خاصة نظامي ليبيا و اليمن و أنها –بكل مكوِّناتها- من أفسد الأنظمة الموجودة في هذا العصر.

  

يا حكامنا لماذا الاستهتار بحياة الناس؟ لماذا الإصرار على التمسك بقوانين الطوارئ و دساتير عفى عليها الزمن و لماذا تفتح الأبواب للبلطجية أو البلطجة لقمع الشعوب. كل المطلوب منكم يا حكامنا هو الإصلاح و رفع قانون الطوارئ و اتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن مطالبهم بالإصلاح و التغير.  كما نطالب الحكام بوضع اسس الوحده العربية الكبرى و التخلص من كل اسباب الخلاف و الفرقة و اعادة بناء الحضارة و الدولة لأن القوة بالوحدة و الضعف بالفرقة. 

 

لقد أهدر حكام العرب في السنوات الماضية الكثير من الأموال، وأهدروا ما هو أهم وهو الوقت . والآن يجدون أنفسهم في المربع الأول من المسيرة التي توقفت عند البداية، ولم يكتشفوا أهمية التغيير في الوقت المناسب، وأن ما كان ينبغي عليهم أن يفعلوه، وهم في سعة من أمرهم، أصبح صعباً ومعقداً في ضيق الوقت . وما كان أحوجهم إلى الفهم العميق لما يدور في صدور مواطنيهم وما يعتمل في نفوس الأجيال الجديدة من أحلام وتصورات ومن شعور بعدم جدوى الترقيع والتلفيق ومواجهة وتائر التغيير المتسارع في العالم بوعود لا تتحقق أو بإجراءات إصلاحية لا تتعدى سطح الواقع إلى الأعماق.

 

فالمؤامرات على الوطن العربي الكبير، لا تُحارَب بقمع الشعوب، ولا بالمزيد من اضطهاد الشباب وتقتيله وفتح السجون لهم.. ولو كان النظام العربي جادّاً في مقاومة المؤامرات التي تحيط به، لما وجد أعظم من الحرّية وسيلةً لذلك، فالشعب الحُرّ هو الضمانة الأكيدة لدحر المؤامرات ، والصفّ الداخليّ المتين هو الأَوْلى بالمراهنة عليه.. وكلّ من يعمل بعكس هذه الحقائق، فهو شريك في هذه المؤامرة على الوطن والشعب، وعليه تقع المسؤولية الكاملة عن نجاحها ضد البلاد والعباد.

 

 

م  محمود الدبعي 

 

مستشار ديني و ممثل المؤسسات الإسلامية في الحكومة السويدية

و رئيس سابق للمجلس الإسلامي السويدي وامين عام لإتحاد مسلمي السويد

 

drkhaledomran

كـلّ نـورٍ غير نـورِ الله ظـلُ ******** كل عــز غير عــز الله ذل ................ للمراسلة والتواصل والاستفسار من خلال [email protected] ما يقدمه هذا الموقع هو خالص لوجه الله تعالي ... ولانستهدف منه التربح بأي شكل من الأشكال. الموقع الرسمي للدكتور خالد عمران https://staffsites.sohag-univ.edu.eg/Prof.khaledomran?p=home

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 478 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د/ خالد عمران

drkhaledomran
أستاذ المناهج وتقنيات تعليم الدراسات الاجتماعية - عميد كلية التربية - ووكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث السابق كلية التربية - جامعة سوهاج - جمهورية مصر العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,560,883