القبعات الست

موضوع القبعات الست بشكل عام يهدف إلى الوصل إلى فكرة جوهرية تتعلق بتركيز التفكير و عدم المزج بين الآراء الشخصية و الحقائق و النقد الإيجابي أو السلبي و الحدس و الإبداع .

و يتطرق هذا الموضوع إلى توزيع أساليب و أنماط التفكير

إن الصعوبة الأساسية التي تقف أمام التفكير هي الحيرة , إننا نلجأ إلى إنجاز الكثير من الأعمال في وقت واحد , و تتزاحم حولنا العواطف و المعلومات و المنطق و الأمل و الابتكار .

فنحن أشبه بمن يقوم بالتلاعب وقذف كرات عديدة في الهواء في آن واحد دون أن يصيب الهدف .

و الهدف من الموضوع هو عرض مفهوم بسيط يتيح فرصة للمفكر أن يقوم بعمل واحد في الوقت الواحد .

و بذالك يستطيع أن يفصل بين العاطفة و المنطق و بين الإبداع و المعلومات .

والمقصود من قبعات التفكير الست أنه عندما يرتدي شخصً ما إحدى هذه القبعات فإنه يستخدم نوعاً خاصاً من التفكير .

و تتيح لنا قبعات التفكير الستأن ننتقل من مسارات متعددةو نفكر بأنماط و طُرق مختلفة حول مشكلة ما .

الجميع يفكر بشكل تلقائي روتيني و مستمر لكن هناك فرق بين التفكير المدروس و المتأني المُركز و الذي يعتمد على الخلفية و التجارب و البيئة السابقة للتغلب على المشكل الروتينية و التعامل معها .

فالجميع يركض و لكن الرياضي يركض بهدف مدروس و يتلقى تدريباً خاصاً لغرض الرياضة .


مثال يوضح الفرق بين التفكير المدروس و التفكير الروتيني /

التفكير الروتيني: عندما تقود سيارة عليك اختيار الطريق و السير عليه و الابتعاد عن طرق المركبات الأخرى و تقوم بقراءة الإرشادات المرورية و اللوحات و تتخذ قراراتك على ضوئها , و لكنك لا تصنع خريطة و تسير بموجبها .

التفكير المدروس: تستكشف الطريق وترسم خريطة بطريقة موضوعية و محايدة و من أجل ذلك يتوجب عليك النظر للأمور بوضوح و سعة أفق , و هذا مختلف تماماً عنة مجرد ردود الأفعال عند رؤية اللوحات الإرشادية .


الغرض من قبعات التفكير الست

1/    - تحديد الأدوار :

 لان الخلط و العشوائية من ابرز معوقات التفكير


2/  - توجيه الانتباه :

 إذا أردنا أن يكون تفكيرنا أكثر من مجرد ردود أفعال يجب أن تكون لدنيا طريقة لتوجيه الانتباه , ذلك فإن قبعات التفكير الست تفتح لنا المجال لتركيز انتباهنا إلى ستة مظاهر مختلفة للموضوع


3/  - الملاءمة و التوافق و التجانس :

( تتيح لنا رمزية القبعات الست طريقة ملائمة لسؤال الآخرين, أي يكونوا إيجابيين أو سلبيين , مبدعين أو غير مبدعين , أو عاطفيين)

مثال ذلك: عند شراء سلعة معينه نستطيع أن نطلب من البائع أن يعطينا سلبيات هذا الموديل .


4/  - وضع قواعد للتعامل مع المواقف :

( أي وضع القبعة المناسبة في السياق المناسب فبعض المواقف تستوجب أن ننظر للأمور من زاوية معينه دون الأخرى)

مثال ذلك:بعض المواقف تستوجب أن نتجرد من العاطفة و البعض الأخر يستوجب أن نكون عاطفين أو سلبيين إلا حد ما .

ست قبعات ستة ألوان


لكل قبعة من القبعات الست لون: أبيض , أحمر , أسود , أصفر , أخضر , أزرق , و اللون يعطي اسم القبعة .
و كل قبعة ترمز لدلالة على نوع معين التفكير .

و عملية تذكُّر وظيفة كل قبعة سهلة إذا ارتبطت باللون و مدلولاته و تداعي المعاني أو الأفكار .


 خصائص القبعات


القبعة البيضاء


اللون الأبيض (غياب الألوان) يرمز للحيادية و عدم الانحياز .

يرتكز تفكير القبعة البيضاء على الموضوعية و الحيادية و الحقائق و الأرقام .

عندما نرتدي القبعة البيضاء فإنه مطلوب منا أن :

1/  - نطرح الحقائق بطريقة محايدة و موضوعية .

2/  - لا نهتم بالتبريرات و التفسيرات .

3/  - نتجرد من العاطفة ( المشاعر و الأحاسيس) .

4/   - لا نعتمد على الحدس باتخاذ القرارات .

التجرد من العواطف مهم و ضروري في اتخاذ القرارات في بعض المواقف و السياقات و أحياناً يكون عامل رئيس في اتخاذ القرار السليم .

مثال ذلك: عندما تكون قاضي بين أثنين يجب أن تتجرد من العاطفة

كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم ( لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان ) رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح

القبعة الحمراء

اللون الأحمر يرمز للغضب و الغيظ و العواطف , و القبعة الحمراء بذلك تُمثَّل وجهة النظر العاطفية .

يرتكز تفكير القبعة الحمراء على العواطف و المشاعر و العناصر غير العقلانية في التفكير و غير المنطقية .

عندما نرتدي القبعة الحمراء فإنه مطلوب منا أن :

1/   - نكون ضد المعلومات و الحيادية و الموضوعية .

2/  - نجيد لغة العواطف و المشاعر و الأحاسيس .

3/  -لا نقدم التبريرات أو الأسباب للمواقف و القرارات .

4/  - نتخذ القرارات عن طريق الحدس* غالباً .

الحدس/ هو فهم سريع و مباشر لموقف ما !! وهو نتيجة لحكم معقد يعتمد على الخبرة و عدة عوامل ؛ حكم لا يمكن تفسيره بكلمات أو تصنيفه في قوائم مفصلة .

مثال ذلك: أن أقول أن لدي إحساس بأن هذا المشروع سيفشل , مع العلم بأني لا أملك أي معلومات مفصلة وواضحة عن سبب هذا الإحساس.

القبعة السوداء

اللون الأسود يوحي بالحزن و يرمز للظلام و السلبية و التشاؤم و العوائق و الفشل .

يرتكز تفكير القبعة السوداء على النواحي السلبية , والنظرة السوداوية التشاؤمية .

عندما نرتدي القبعة السوداء فإنه مطلوب منا أن :

1/  - ننظر للجانب السلبي و العوائق .

2/  - نلفت الانتباه إلى الأخطاء الفرعية .

 -3/  -نساعد على عدم المبالغة في التفاؤل أو المغامرات الغير مدروسة .

4/  -نعرض المخاطر و المشاكل و المساوئ التي قد تنجم نتيجة اتخاذ قرار أو موقف معين .

تفكير القبعة السوداء مفيد في بعض المواقف و السياقات لأنه يساعد على رفض الأفكار الغير عملية دون إضاعة الوقت و الجهد فيها .

فالذي يرتدي قبعة سوداء و يبين لنا خطأ بسيط فإنه يقدم لنا خدمة مفيدة !!

و كأنه يقول: ( كل شيء على ما يرام , فلو أنك قمت بتصحيح تلك الهفوة البسيطة لكان عملك كاملاً)


القبعةالصفراء

اللون الأصفر مشرق و يرمز للتفاؤل و الأمل و التغير الإيجابي .

يرتكز تفكير القبعة الصفراء على الآراء البناءة و إيحاء الفرص و النظرة الإيجابية في المواقف الصعبة .

عندما نرتدي القبعة الصفراء فإنه مطلوب منا أن :

1/  - ننظر للأمور من زاوية إيجابية متفائلة .

2/  - نتطلع لمستقبل بتفاؤل .

3/  - نستكشف التغييرات و ننتهز الفرص المحتملة .

4/  - نركز على توليد البدائل و المداخل لحل المشكلات .

تفكير القبعة الصفراء يبحث عن القيمة و الفائدة و يشجعها و يطرح مبدأ التفاؤل و هو تفكير بناء و تصدر منه مقترحات ملموسة و عملية و فعالة و علاوة على ذلك فهو تأملي و ينتهز الفرص و يسمح بالأحلام و التصورات .

القبعة الخضراء

اللون الأخضر يرمز للخصوبة و النباتات وهي تنمو من البذور .

يرتكز تفكير القبعة الخضراء على الابتكار و الإبداع و الأفكار الجديدة .

عندما نرتدي القبعة الخضراء فإنه مطلوب منا أن :

 -1/  - -نفكر بطريقة إبداعية مبتكرة و نتجنب الطرق التقليدية .

2/  -نستكشف و نستشير و نواجه المخاطر و المعوقات و نقوم بالتجارب .

3/  -نبحث عن البدائل و بدائل البدائل .

4/  - نسعى للتطوير و التغير للأفضل .

يعتبر الاستفزاز و الاستثارة من أسس قبعة التفكير الخضراء فهو ينقل مسار التفكير إلى خارج الأنماط الاعتيادية و يهدف إلى توليد مفاهيم و مدركات جديدة .

كما يقال/ ( الحاجة أم الاختراع )
التفكير الإبداعي/ هو محاولة حل المشكلات بطرق غير اعتيادية و النظر إلى البدائل و ليس مجرد الأخذ بأكثر الطرق وضوحاً .


البقعة الزرقاء

اللون الأزرق يرمز إلى التحكم الشامل كم هو حال السماء التي تغطي كل شيء .

يرتكز تفكير القبعة الزرقاء على لعب دور التحكم المُنظّم لعملية التفكير , و الاستقلال في الرأي و التجرد و عدم الانحياز و ينظم عملية استخدام القبعات الأخرى .

عندما نرتدي القبعة الزرقاء فإنه مطلوب منا أن :

1/  - نحدد المواضيع التي توجه التفكير أو النقاش .

2/  -معرفة المشاكل و تحديد الواجبات و توزيع المهمات .

3/  -تلخيص الآراء العامة و النتائج .

4/  -مراقبة الأمور و التأكد من إتباع القواعد و فرض النظام .

تفكير القبعة الزرقاء تفكير مهم و حيوي فهو بمثابة قائد الجيش في حال الحرب فهو المنظم و هو من يضع الخطط و يوزع المهام و يبحث عن الحلول و يمسك بزمام الأمور .

مثال ذلك: موقف أبو بكر رضي الله عنه عند موت الرسول صلى الله عليه و سلم أمسك بزمام الأمور وجمع كلمة المسلمين و قاتل المرتدين .

مثال توضيحي

عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم "بدر" وجيء بالأسرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟"

فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله عز وجل أن يتوب عليهم.

وقال عمر: إن هؤلاء أئمة الكفر وصناديد الشرك كذبوك و أخرجوك فقدمهم فاضرب أعناقهم.

فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم،

ثم قال أن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }

وإن مثلك يا عمر كمثل موسى، قال: { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ }

وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال: { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم عالة أنتم اليوم عالة، فلا ينقلبن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق"[ تفسير ابن كثير ]


حسب تفسير " إدوارد دي بونو"

أبو بكر رضي الله عنه كان يرتدي القبعة الحمراء لأنه تعامل بالعاطفة في هذا الموقف .

و عمر رضي الله عنه كان يرتدي القبعة البيضاء لأنه تعامل بالمنطق و الحقائق في هذا الموقف .


همسة : عند الإقدام على قرار معين أو النظر في موقف معين؛ نحتاج لأن ننظر للأمور من أكثر من زاوية, فبعض القرارات تحتاج لأن نتجرد من العاطفة أو التفاؤل المبالغ فيه أو النظرة السلبية لكي نتخذ القرار السليم الصائب , و بعضها عكس ذلك يجب أن ننظر لها من زاوية سلبية أو عاطفية أو منطقية .