قضية المياه في مصر .... وتهديد الأمن القومي
يقول الله سبحانه وتعالي: بسم الله الرحمن الرحيم"
(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (سورة الأنبياء، من الآية 30)
إن قضية المياه في مصر تحتل مسرح الأحداث في هذه الأيام، ويعُد نقص
المياه الموضوع اليومي والخطاب السياسي والإعلامي في مصر، وليس أدل على ذلك من أن 50% من أبناء مصر لا يحصلون على المياه النقية، وأيضاً ما أكد عليه الرئيس محمد حسنى مبارك من خلال اجتماعه مع اللجنة الوزارية للري والموارد المائية، حيث أشار إلى أهمية المياه قائلاً:"إن قطرة المياه أغلى من البترول، لأنها ثروة مصر الحقيقية في الماضي والحاضر والمستقبل"
وأعرض عليك عزيزي القارئ اليوم خطر واحد فقط من الأخطار التي تهدد الوضع المائي المصري – لعلك تدرك معي أن قضية المياه في مصر أصبحت قضية أمن قومي- آلا وهو:
"الأطماع الصهيونيةفي المياه المصرية"
ترجع الأطماع الصهيونية في المياه المصرية إلى عام 1930م عندما تقدم الزعيم الصهيوني "هيرتزل" إلى الحكومة البريطانية في عهد الملكة "فيكتوريا" ووزير خارجيتها "بلفورد" بمشروع يطلب فيه تحويل جزء من مياه نهر النيل إلى صحراء النقب في إسرائيل، وكانت حجته أن هناك فائضاً من مياه نهر النيل يفيض عن حاجة مصر ويصب في البحر المتوسط دون استخدامه في الزراعة أو تخزينه، حيث لم يكن لدى مصر في ذلك الوقت أي خزانات على نهر النيل، لذلك فكر أصحاب هذا المشروع في نقل هذا الفائض من مياه نهر النيل إلى سيناء عبر ترعة الإسماعيلية وقناة السويس، وذلك لتوطين اليهود في سيناء كنقطة للوثوب إلى فلسطين، وقد تم تحطيم هذا المشروع، ولم يتم لإسرائيل تحقيق طموحها في السيطرة على جزء من مياه نهر النيل لتعمير صحراء النقب التي تمثل حلم إسرائيل.
ولقد قامت إسرائيل عبر التاريخ بمحاولات متعددة كشفت عن مخططاتها الإجرامية إزاء نهر النيل، وكانت كل هذه المحاولات تحت شعار مقايضة المياه بالسلام. ومن هذه المحاولات :
· ما أبدته إسرائيل في منتصف السبعينات من رغبة في الحصول على (10%) من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه في إسرائيل.
· ما اقترحه رئيس جامعة تل أبيب "حاييم بن شاهار" بأن تسعى إسرائيل إلى إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1%) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها في مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها.
· ما اقترحه بعض خبراء المياه الإسرائيليين بأن تمد مصر قطاع غزة بما يُعادل (100 مليون م3) سنوياً من المياه، وهى نسبة تُعادل (0.2%) من استهلاك مصر من المياه.
· اقتراح بعض المهندسين الإسرائيليين إقامة مشروع ضخم لجلب مياه النيل إلى صحراء النقب الشمالي عبر ترعة الإسماعيلية وعن طريق أنابيب تحت قناة السويس.
ولكن كل هذه المحاولات لم يُنفذ منها شيء، ولما فشلت إسرائيل في تنفيذ هذه المشروعات بالتراضي مع مصر لجأت إلى محاولة تنفيذ ذلك بالإجبار والضغط على مصر من خلال تحريض الدول الأفريقية المشتركة معها في مياه نهر النيل على إقامة المشاريع المائية والتي ستؤدى إلى تخفيض حصة مصر من المياه وخصوصاً أثيوبيا.
وأطماع إسرائيل لم تتوقف على المياه المصرية في نهر النيل، بل امتدت بأطماعها إلى المياه الجوفية المصرية، فنجدها في عام (1990م) قامت بدراسة عن طريق الأقمار الصناعية بالاستشعار عن بعد لتقدير كمية المياه الجوفية المخزونة في صحراء سيناء، وما يمكن سحبه منها بالطرق المُثلى لاستغلاله في الزراعة، وقدرت المياه المسحوبة في ذلك الوقت بحوالى (30 مليون م3) من المياه.
وبذلك تُمثل إسرائيل خطراً داهماً لا على المياه المصرية فحسب، بل وعلى المياه العربية كلها، لذلك يتنبأ الكثير بأن المياه ستكون سبباً في كثير من الحروب بين العرب والإسرائيليين مستقبلاً.
وللحديث بقية إن شاء الله
د/خالد عبد اللطيف محمد عمران
ساحة النقاش