ردا على يوسف زيدان ومزاعمه التافهة حول المسجد الأقصى بأنه كان فى الطائف (فى المرحلة االمكية) مسجدان: المسجد الأدنى والمسجد الأقصى، وأن المقصود بالإسراء هو رحلته إلى مسجد الطائف الأقصى!

 إبراهيم عوض Ibrahim Awad


هل كان هناك مسجد، فضلا عن مسجدين، فى الطائف؟ فمن كان يسجد فيهما؟ ولا نقول: فمن بناهما؟ لقد كان المسلمون يصلون خفية فى مكة، ولم يكن هناك مسجد فى مكة غير البيت الحرام، فكيف يكون هناك مسجدان اثنان بالطائف، تلك المدينة التى أغلقت أبوابها وقلوبها فى وجه النبى وطارده غلمانها وسفهاؤها بالحجارة فى الشوارع حتى ألجأوه إلى بستان ابنى ربيعة. هل بتنهما ثقيف مثلا؟ فلماذا لم تؤمن بمحمد الراكع الساجد ما دامت تبنى المساجد أو تسجد فيها؟ بل إنها حين غزاها الرسول والمسلمون بعد ذلك بسنوات حين انتهوا من فتح مكة لم تفتح لهم أبوابها إلا بعد عشرات الليالى، من شدة تمسكها بوثنيتها وأصنامها وتأبيها على دين التوحيد. الواقع أن أول مسجد عرفته الطائف قد تم بناؤه بعد فتحها إثر فتح مكة، وأمر الرسول أن يحتل نفس الموضع الذى كانت منصوبة فيه أصنامهم. ففى الحديث عن عثمان بن أبى العاص "أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طواغيتهم".
ثم أين المعجزة فى الأمر بحيث يمتن الله سبحانه على عبده محمد بأنه أسرى به إلى هناك؟ وأين البركة حول أى موضع بالطائف فى ذلك الوقت حسبما أخبر المولى بأنه بارك حول المسجد الأقصى؟ كما أن زيدان يفسر الإسراء بأنه الرحلة التى قام بها النبى إلى الطائف. أى أنه هو الذى قام بالرحلة كما يقوم بها أى إنسان، فكيف يسند الله مسراه إلى ذاته العلية؟ ولم يقول: إن عبده سرى من مكة إلى الطائف؟ وهذا لو كانت رحلة الرسول سريانا بالليل ولم تكن بالنهار؟ كذلك فلم استغرب الكفار أن يذهب الرسول إلى الطئاف ويعود فى نفس الليلة، وهو أمر ممكن إذا ركب ناقة؟
وكيف فات الرسول أن يؤكد صدق كلامه بالقيام بهذه الرحلة بأن يحيلهم على أهل ا لطائف ليشهدوا أنه فعلا زار مدينتهم؟ هل يمكن أن يكون قد فاته هذا الحل السهل الذى لا يخر منه الماء؟ وأين الآيات التى أراه الله إياها فى الطائف على حين لم ير هناك سوى قلة الأدب والشتائم والمطاردة من السفهاء فى الشوارع والقذف بالحجارة؟ ولا ينبغى أن ننسى أن القرآن يستخدم "المسجد" بمعنى مكان السجود، فهو اسم مكان فى معظم الأحيان فيه وليس اسم جنس، أو المكان الذى تؤدى فيه الصلوات حتى لو لم تكن صلوات المسلمين. وهذا موجود فى سورة الإسراء بعد الآية الأولى بقليل، و فى سورة "الكهف" مثلا، وفى سورة "الجن" وفى سورة "الأعراف"، وكلها سور مكية نزلت قبل أن يكون هناك مساجد كمساجدنا. 
وفى ضوء هذا نفهم قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى. اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وبالمثل لا يمكن أن يفهم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لى الأرض مسجدا" على أن المقصود مسجد مبنى كمساجدنا، فالأرض لا يمكن أن تكون كلها مسجدا بهذا المعنى، وإنما المقصود أنه يصح للمسلم السجود، أى الصلاة على الأرض فى أى مكان. ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: "خيرُ مساجدِ النِّساءِ قعرُ بيوتِهِنَّ".
وفوق ذلك هل سمع أحد أن أيا من المسلمين قد شد الرحال إلى مسجد الطائف كما وصى الرسول الكريم فى قوله: "لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ : المسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومسجدِ الأقصى"؟ وهناك رواية لهذا الحديث بالصيغة التالية: "إنَّما الرحلةُ إلى ثلاثةِ مساجدَ : مسجدِ الحرامِ ، ومسجدِ المدينةِ ، ومسجدِ إيلياءَ". ومن الواضح أن المسجد الأقصى هو مسجد إيلياء، أى بيت المقدس.
ثم إن هناك قبل ذلك كله أحاديث الإسراء والمعراج، وكلها تتكلم عن بيت المقدس لا عن الطائف، تلك المدينة التى لم تذكرها الأحاديث بشىء يدل على أنها مكان مبارك أبدا ولا كانت إليه رحلة الإسراء مطلقا. وأخيرا، وليس آخرا، لو لم يكن لبيت المقدس ومسجدها مكان ومكانة فى الإسلام منذ وقت جد مبكر فلم كان الرسول والمسلمون يتجهون إليه فى صلاتهم حتى نزلت آيات تحويل القبلة فى المدينة من بيت المقدس إلى الكعبة؟

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 132 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2018 بواسطة dribrahimawad

عدد زيارات الموقع

29,068