قوات البيشمركة
كلمة البيشمركة تقابل بالعربية "الفدائيون" ويقصد بها المقاتلون أكراد في شمال العراق، - وهي المليشيات الكردية المقاتلة من أجل استقلال كردستان منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى - هو "الذاهبون إلى الموت" في اللغة الكردية.
فقد خاضوا خلال هذا العام معارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي كان يعرف في السابق باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، بعد أن استولى على مساحات كبيرة من الأراضي في شمال البلاد. ومن المعلوم ان قوات البيشمركة كانت شريكا أساسيا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق لدحر تنظيم داعش الإرهابي، وبدأت دول غربية في عام 2014 بتقديم دعم عسكري لقوات البيشمركة الكردية في حربها ضد داعش.
يرى بعض المؤرخين أن جذور البيشمركة تمتد إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حين كان يشكل في كل قبيلة قوات لحراسة حدود محل إقامة القبيلة ومع مرور الوقت أصبحوا أكثر تنظيما بعد سقوط الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى. حيث تنامت قوات البيشمركة مع اتساع الحركة القومية الكردية وإعلان الثورة في بداية الستينيات، وأصبحت جزءا من الهوية الكردية العامة، للدفاع عن الحقوق القومية والمطالبة بتوسيعها.
ودخلت قوات البيشمركة في حروب متعددة مع القوات الحكومية العراقية في مراحل زمنية مختلفة ، لكن التوترات الداخلية استمرت وتحولت إلى حرب بين اثنين من الفصائل الكردية المتناحرة، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني.
وبعد إبرام مصالحة بين الفصيلين الكرديين المتعارضين بموجب اتفاقية واشنطن عام 1998، وبدأت القوات الخاصة الأمريكية نشاطا استخباراتيا في المنطقة .وكانت تلك بداية علاقة تعاون مع الولايات المتحدة، فكلا الطرفين يعارض الحكومة العراقية بقيادة صدام حسين، وجرى التنسيق أيضا مع أطراف المعارضة العراقية الأخرى. وواصلت القوات الأمريكية، بعد دخولها العراق واسقاط نظام صدام، تعاونها مع البيشمركة في مجالات تدريب المقاتلين وإجراء عمليات مشتركة في مختلف أرجاء المنطقة.كان للبيشمركة دور مهم في إلقاء القبض على عدوّهم اللدود صدام حسين عام 2003، وساهموا أيضًا في الجهود الاستخباراتية للقبض على أسامة بن لادن.
ومما هو جدير بالذكر أن هذه القوات حارب إلى جانب قوات صدام حسين في الحرب ضد إيران، غير أن جزءا من البيشمركة تحالف مع القوات الإيرانية بغية الظفر بمناطق في كردستان العراقية.
وبدأ صدام حسين حينئذ حملة من العقاب الجماعي عرفت باسم حملة "الأنفال" ضد سكان بلدات وقرى كردية كثيرة تضمنت تهجيرا واعتقالات وتصفيات. وقصفت قوات صدام أن ذاك بلدة حلبجة عام 1988 مستخدمة السلاح الكيمياوي، وراح ضحية الهجوم نحو 5000 شخص، معظمهم نساء وأطفال بفعل قنابل غاز الخردل وغاز الأعصاب.
وفي أعقاب حملة الأنفال والهجوم الكيمياوي، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، واصلت قوات البيشمركة معركتها مع القوات العراقية بعد حرب الخليج الأولى وعمليات عاصفة الصحراء.
وعندما انتخب جلال طالباني رئيسا للعراق، وانتخب مسعود برزاني رئيسا لإقليم كردستان العراق، تنامى الأمل الكردي من أجل تقرير المصير.لم يكن الكرد أقرب إلى حلم إقامة دولتهم المستقلة من يومنا هذا، فالصراعات في المنطقة المحيطة بهم، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي اللذان ينعم بهما إقليم كردستان العراق – المتمتع بحكم ذاتي، تجعل من هذه الخطوة أقرب إلى الواقع منها إلى الخيال.
لكن برغم اقتراب الكرد خطوة إضافية نحو إقامة الدولة الكردية بالإعلان عن تنظيم استفتاء في إقليم كردستان العراق في سبتمبر المقبل حول تقرير المصير، إلا أن واقعية هذه الدولة ما تزال محل جدل ونقاش