Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

جمع التوقيعات كآلية لتحسين الخدمات المحلية والرقابة الشعبية

د. محمد ماهر الصواف

تظهر من وقت إلي آخر حملة لجمع توقيعات المواطنين، وقد يكون الهدف هو التعبير عن الرأي في أمور سياسية، أو المطالبة بخدمة عامة ،  أو رفض قرار إداري محلي، أو غير ذلك من الأهداف المحلية التي تهم سكان منطقة معينة، ومن الأمثلة علي ذلك تدشين حملة جمع توقيعات للمطالبة بإقامة قصر ثقافة بالإسماعيلية الجديدة والتي إنطلقت في يناير 2016 ، أيضا حملة جمع توقيعات إليكترونية للمطالبة بتوفير دور حضانة في أماكن العمل في شهر سبتمبر2014، لما في ذلك من أهمية لتمكين النساء وتشجعيهن علي العمل وتحسين الإنتاج .

وهنا تثور التساؤلات التالية:

<!--ما هو مدي قانونية عملية جمع التوقيعات ؟

<!--وهل تلتزم الوحدات المحلية بقبول العرائض أو الشكاوي أو الأوراق المتضمنة بعض الآراء والمقترحات والموقعة من خلال هذه الحملات والالتزام بفحصها وأخذ آراء الموقعين بعين الاعتبار؟

<!-- وهل هناك شروط محددة يجب توافرها في هذه العرائض لقبولها؟

<!--وهل يجوز استخدام هذه الآلية علي مستوي المدن والقري أو الأحياء وتقديمها للوحدة المحلية للمطالبة بخدمة عامة معينه  او تحسينها علي سبيل المثال في حالات: تراكم القمامة، وانتشار الكلاب الضالة، أو عدم وجود الإنارة بالمناطق العامة، أو استخدام مكبرات صوت من بعض أصحاب المحلات بشكل يزعج باقي السكان ،  وغير ذلك من المشكلات المجتمعية ؟

ومما هو جدير بالإشارة إلية أن الدستور المصرى الأخير 2014 نص مثله مثل الدساتير المصرية السابقة في مادته رقم 85 بأنه لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون  مخاطبتها  باسم الجماعات إلا للأشخاص الاعتبارية . وقد يرجع ذلك إلي الرغبة في دعم مؤسسات المجتمع المدني وتمكينها من ممارسة دورها كوسيط بين الأفراد والأجهزة الحكومية والعمل علي نقل احتياجات أفراد المجتمع لهذه الأجهزة . علي أية حال لم نتوصل إلي إطار قانوني ينظم عملية مخاطبة السلطات العامة بشكل جماعي وحملات جمع التوقيعات.

ونعتقد انه من الأهمية تنظيم عمليات جمع التوقيعات خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة نظرا لكونها آلية ديمقراطية تفعل مشاركة السكان في صنع السياسات المحلية و تمكنهم من الرقابة علي أداء الوحدات المحلية والتعبير عن احتياجاتهم من الخدمات المحلية وحث الوحدة المحلية لدراستها والعمل علي توفيرها أو معالجة أوجه القصور التي تشوب تقديم هذه الخدمات .

ولا حاجة للقول أن التطبيق الديمقراطي علي مستوي الإدارة المحلية  قد يأخذ شكل الديمقراطية المباشرة   Direct democracy والتي  تعبر تعبيرا صادقا عن مفهوم الديمقراطية نظرا لأنها تمكن الشعب من ممارسة السلطة بنفسه والرقابة علي الحكومة وتمنح الفرصة لكافة المواطنين للمشاركة دون وسطاء في صنع السياسيات العامة، ومازالت هناك تطبيقات محدودة لها في بعض الكانتونات” المقاطعات “ الصغيرة في سويسرا، إلا انه نظرا لصعوبة جمع الملايين من الأفراد المعنيين في مكان واحد من أجل إجراء عملية التصويت علي القرارات السياسية أو الإدارية، اتجهت دول العالم  إلي تطبيق نظام الديمقراطية التمثيلية Representative democracy ويقوم علي اختيار مندوبين  عن سكان الوحدة المحلية لفترة زمنية محددة من خلال صناديق الانتخاب، للمشاركة في صنع السياسات المحلية والتعبير عن احتياجات السكان من الخدمات بالإضافة إلي ممارسة الرقابة علي عمليات التنفيذ .

إلا أن معظم الدول الغربية لا تختزل  دور المواطنين  في المشاركة في الانتخابات ،  إنما تجيز أخذ رأيهم من خلال الاستفتاءات في بعض الأمور الهامة ، كما تجيز استخدام آلية جمع التوقيعات وتقديم عرائض جماعية بصفة خاصة علي مستوي المحليات وتلزم الوحدات المحلية بفحصها والاستجابة لها وتم تنظيم هذه الآلية بشكل دقيق وتحديد الشروط الواجب توافرها لقبولها والتعامل معها .

ولا شك أن هذه الآلية تمكن أيضا المواطنين من متابعة آداء المجالس المنتخبة والتي أثبتت التجارب السابقة ظهور بعض السلبيات في آدائها وإعلاء المصالح الشخصية علي المصالح العامة. ونعتقد أن آلية جمع التوقيعات يعد أسلوبا سلميا ومتحضرا للتعبيرعن الرأي، ويساهم في فرض رقابة فعالة علي الوحدات المحلية للحد من مظاهر الفساد المتفشية فيها وتحقق مزيد من الديمقراطية ، وهي تمكن المواطنين من الاعتراض والشكوى في حالات سوء تقديم الخدمة، لذا يجب علي المشرع المصري تقنينها وتنظيم استخدامها علي المستوي المحلي.    

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

327,050

ابحث