آليات التعامل الفعال مع حالات الإخلال بالأمن العام
لواء دكتور محمد ماهر الصواف
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحد الفاصل بين حق الشرطة في استخدام القوة وإعادة هيبتها في مواجهة حالات الإخلال بالأمن والخارجين عن القانون من جانب، والالتزام بحسن التعامل مع المواطن بما يحفظ كرامته وحريته وحقوقه الإنسانية من جانب آخر. وفي هذا الإطار لابد أن نسلم أننا بصدد منظومة معقدة وصعبة . وفي رأيي أن التوصل إلي الموازنة بين فعالية جهاز الشرطة في تحقيق الأمن والانضباط ، وحماية كرامة المواطن يتطلب تطوير آليات العمل الشرطي ومن أهم هذه الآليات ما يلى :
أولا : الحزم في تطبيق القانون : فلا بد من تطبيق القانون علي الجميع دون تمييز بسبب المنصب أو العلاقات والمكانة الإجتماعية أو أي سبب آخر أي دون أي استثناءات ، ولا يعني الحزم والإصرار علي تطبيق القانون استخدام العنف او التعدي المادي أو المعنوي غير المبرر علي المواطنين ، أوأساءت استخدام السلطة ومخالفة القواعد المستقرة عالميا المتعلقة بحقوق الإنسان. فلا بد من تفعيل النصوص الدستورية الواردة في دستور 2014 حيث نص علي ان كل من يقبض علية او تقيد حريته تجب معاملته بما يحقظ عليه كرامته ، ولايجوز تعذيبه ...ولا ايذاؤه بدنيا أو معنويا.. ويجب ان يحاط بحقوقه كتابة وتمكينه من الاتصال يذويه وبمحاميه.
ثانيا : تحسين العلاقة بين أجهزة الشرطة والشعب وتوفير نوعا من التواصل الجديد بينهما . ويستلزم ذلك إعادة تأهيل افراد وضباط الشرطة وتغير الثقافة السائدة بينهم حتي يتعرف الضباط والأفراد علي ضوابط استخدام القوة والحدود القانونية لها ، وإعمال مبدأ التناسب والتدرج في استخدامها ، أيضا إعداد البرامج التدريبية التي تساعد علي تقويم سلوكهم وتغيير ثقافة التعالي والاستبداد.
ثالثا : الإهتمام بتطوير وتحديث أساليب وآليات العمل الشرطى: فلابد من التوسع فى استخدام التقنيات الحديثة فى مكافحة الجريمة ورفع القدرة على استخدامها للتحديد المشتبه فيهم والبحث عن الأدلة التى تثبت إدانتهم او نفيها وذلك دون استخدام التعذيب المادى والمعنوى .
رابعا : إعادة النظر في الإطار القانوني الذي يحكم تدابير منع ارتكاب الجرائم (إجراءات منع الجريمة): فإنه من الأهمية تحديد التدابير المتعلقة بمنع الجريمة بشكل جيد ووضع ضوابط استخدامها وتقنينها مثل : وضع الأكمنة الأمنية، واستيقاف المواطنين، وتقيد حرية التنقل لبعض الأشخاص ، او تحديد إقامتهم وتسجيل البيانات الشخصية لهم ليسهل التعرف علي من يرتكب منهم جرائم معينة.
فمن المعلوم أن الأجهزة الأمنية تقوم بإتخاذ هذا الإجراءات الإحترازية عند الضرورة . وتتجلي خطورة هذه التدابير في أنها يتم إتخاذها في مواجهة بعض الأشخاص غير متهمين بإرتكاب جريمة معينة ، إنما تتوافر لدي الأجهزة الأمنية بعض الشكوك والشبهات حول افعالهم وعلاقاتهم بجمعات إرهابية اوإجرامية وقيامهم بالتخطيط لإرتكاب عدد من الجرائم، ومن ثم فإنه من الأهمية تنظيم وتقنين هذه الإجراءات تشريعيا حتي يتم تحدد عدد من الضوابط وبما يضمن عدم اساءة استخدامها، وحسن التعامل مع المشتبه فيهم ، وتوضيح الأسباب.
خامسا : التعاون مع منظمات المجتمع المدني لإعادة الثقة المتبادلة بين المواطن ورجل الشرطة وتحفيزة للتعاون مع الأجهزة الأمنية فيجب ألا نغفل دور المواطن في منظومة الأمن . فسرعة الإبلاغ ، والتحديد الدقيق لمواصفات الخارجين علي القانون، والمحافظة علي الآثار المتخلفة عن ارتكاب الجريمة، والمعاونة في الإرشاد عن الجناة والأسلحة غير المرخصة وتسليمها للشرطة وغيرها من أوجه التعاون .