كنز ليبي يعالج الركود الاقتصادي التركي
د. ماهر الصواف
تعاني تركيا من الركود الاقتصادى ويظهر ذلك من تراجع لقيمة الليرة التركية وارتفاع نسبة البطالة والتضخم بها . وقد ساهمت جائحة كرونا في انهيار السياحة وإغلاق الأسواق بها بشكل أدى إلى مزيد من الركود والعجز حتى عن دفع أقساط الدين الحكومي الذي تزيد قيمته على 200 مليار دولار حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية.
لذا يجد أوردوغان ان إحتلال ليبيا فرصة لإنقاذ الاقتصاد التركي من ركوده لما لها من أهمية اقتصادية . فهي دولة غنية بالنفط والغاز الذي تستورده تركيا من الخارج بفاتورة سنوية لاتقل عن 40 مليار دولار. وتري مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية أنه رغم النهب الذي تعرضت له احتياطيات ليبيا المالية بعد سقوط القذافي، فإن ما تبقى منها يزيد على 80 مليار دولار.
ومن هنا يتعند أوردوغان للحصول على مزيد من النفوذ العسكري والسياسي في غرب ليبيا. ويستعد لخوض حرب إقليمية وطويلة الأمد من أجل تثبيث أقدامه في ليبيا أو في غربها على الأقل.
وقد قدمت أجهزة الإعلام المختلفة الكثير من الأدلة على نقل آلاف المسلحين المرتزقة ودعمهم بالأسحلة والضباط وعناصر المخابرات التركية لاقتحام مناطق عديدة كانت تحت سيطرة قوات خليفة حفتر. كما أنه لم يتردد في المخاطرة باستفزاز الرئيس الفرنسي ماكرون عندما حذر سفينة حربية فرنسية من إطلاق النار عليها. وكانت هذه السفينة الفرنسية تعمل ضمن مهمة الناتو الهادفة إلى منع وصول الأسلحة إلى ليبيا .
ورغم وضوح الأهداف من إحتلال أوردوغان لليبيا، إلا انه يدعي ان دخوله لها جاء نتيجة حرصة علي المحافظة علي الحقوق الشرعية لليبيين، وتأكيدا للعلاقات التاريخية. ويجمع المراقبين والسياسيين الأوروبيين أن ليبيا بمساحتها الكبيرة وثرواتها الهائلة تعد مدخلاً لأوردوغان لاكتساب نفوذ سياسي واقتصادي في الدول المغاربة والعمق الأفريقي وحوض البحر المتوسط ، خاصة ان قوي الإسلام السياسي تدعمة وترحب به . وهناك معلومات تشير إلى تقديم وديعة ليبية بنحو 8 مليارات دولار إلى البنك المركزي التركي. وهناك تحضيرات لبناء محطات للطاقة وقيام شركات تركية باستخراج النفط والغاز الليبيين غرب البلاد ومقابل سواحله.
وما يجب التأكيد علية أن النفوذ التركي المتزايد في ليبيا لن يكون لصالح الدول العربية، لاسيما المجاورة لها وخاصة تونس ومصر، حيث ستتأثر العلاقات التجارية المشتركة بينهم، بالإضافة إلي ما قد تشكلة آلاف المسلحين المرتزقة والعناصر الإرهابية التي جلبها أوردوغان إلي ليبيا من تهديد مباشر لأمن الدول العربية. ومن هنا اعتقد أن تعاون الدول العربية لمواجهة الغزو التركي إلي ليبيا يعد أمراً ملحاً ويتطلب توحيد الجهود العربية والتحرك السريع إقليميا ودوليا للوقوف أمام أطماع أوردوغان .