بعد الستين: اضطراب وهامي فاكتئاب جسيم
السلام عليكم؛
فكرت كثيراً قبل أن أكتب هذه الرسالة ولكني كتبتها لست أدري من أين أبدأ ولكني سأبدأ........
والدتي تبلغ من العمر 69 عاما كانت تعمل معلمة وخرجت على المعاش وهي مديرة مدرسة مصابة بالسكر منذ حوالي 20 عاما وتتعاطى الأنسولين من حوالي 9 سنوات، والدتي واجهت مشاكل كثيرة في حياتها من قِبل أخيها ثم زوجها الذي هو أبي وزوجة أخيها، كل هذه المشاكل جعلتها تعيش بمنطق واحد وهو "عدم الثقة في أي إنسان" فأخوها سرق أموال والدتها – جدتي- وطردها من منزلها وجاءت لتعيش معنا، حتى توفيت (رحمها الله).
وأخوها هذا لا يحب شيئا في الدنيا سوى المال وفي الأساس يكرهها ويحقد عليها لأنها أكملت تعليمها ومستواها الثقافي أعلى منه - ولكن جدتي سعت لتعليمه وتهذيبه كما فعلت مع أمي ولكن لم تنجح مساعيها فكان يترك المدرسة ويذهب ليلعب، وكان في صغره يقول لأمي: أنا السبب في تعليمك، ومرتبك ده المفروض يكون من نصيبي.
وجاءت زوجة أخيها -وكانت زميلتها في العمل- تسللت لأسرة أمي حتى تزوجت أخيها وعاشت معهم في الشقة نفسها وحدث ولا حرج عن كل أنواع المشاكل التي من الممكن أن تحدث نتيجة هذه الزيجة التعيسة، فهذه الزوجة هي شيطان متنكر فكانت فتيلا متوقدًا لأية مشكلة حتى أصبحت السبب -ولكن ليس الأساسي- في خروج جدتي من بيتها وزواج أمي -لتخرج من المنزل لتفادي المشاكل- من أبي الذي لم يكن ليليق بها من وجهة نظر المنطق، فلم يكن جادا في الزواج ولم تكن لديه إمكانيات للزواج مما كان السبب في كل المشكلات التي قابلتنا فيما بعد.
وعملت لأمي فضائح في عملها حتى أصبح كل زملاء العمل يعرفون كل الأسرار الأسرية من خلالها وكذلك الجيران كانت تقول لهم أن أمي سرقت المصوغات الذهبية الخاصة بجدتي -لم يحدث هذا طبعا، جدتي هي التي أعطتهم لامي هبة منها لما رأت ما حدث من أبنها وزوجته مع أمي- بل وامتدت الفضائح هذه لي أنا شخصيا ومشاكل كثيرة جدا أشعر بثقل شديد لتذكرها وروايتها.
المهم في الموضوع أن هذه الزوجة أفسدت حياة أمي وحياتنا، وزوجها –أبي- جاء ليكمل المسيرة وما بدأه الأخ، تزوجها لأن لديها شقة ساعدتها والدتها في شراءها فكان هدفه وما زال هو أن يرثها ويرث شقتها وأموالها. الآن نحن (أنا وأخي) ندفع الثمن ونسدد فواتير غيرنا.
أمي الآن ترى في أخي أنه أخوها وتقول لي: كل حركاته, كل كلامه، كل تصرفاته مثل خاله بالضبط، مع أن هذا غير صحيح -إذا صدقتموني، ويهيأ لها بأنه سيطردها من بيتها كما فعل أخوها مع أمها وأنه سيتزوج في شقتها وأن زوجته ستطردها -نفس السيناريو السابق مع جدتي- وتعتقد أنه سيسرقها كما فعل أخوها، وأنني أصبحت أساعده في التآمر عليها مع أنها قبل ذلك كانت تقول أنه سيطردها ويطردني أنا أيضاً معها كما فعل أخوها.
والآن تحولت أنا من ضحية إلى متآمر عليها بتخطيط من أخي. وترى فيه أيضا الصورة السيئة لزوجها، حتى من غير أي داع تقول له ولو بالمزاح (كلكم- تقصد معشر الرجال- صنف واحد) مما يسبب ألما نفسيا وعصبيا لأخي.
من كثرة الضغط النفسي الذي وضعت نفسها تحت وطأته ارتفع ضغط الدم لديها وأصبحت تتعاطى علاجا لضبطه. تقول أنها عندما تذهب لتنام يصيبها القلق وتظل تتذكر شريط حياتها المأساوي ولا تنام مما يتسبب في عدم تركيزها في أي شيء والنسيان والاضطراب.
تركنا مكان إقامتنا بالقرب من خالي وذهبنا لمكان آخر لا يعرفه أحد للتغيير ولنساعدها على نسيان ما حدث، ولكن لم نرتَحِ البتة، يسيطر عليها الخوف من أن تعرف زوجته بمكاننا الجديد ويسيطر عليها خوف من أنها إذا عرفت فخراب هذا البيت أكيد، أنا معها تماما من أن هذه السيدة إذا عرفت مكاننا سوف تخربه أيضاً، ولكن ليس هناك وسيط تعرف من خلاله أين نحن. ونحن نعيش معها ونريد أيضاً ألا تعرف زوجة خالي وخالي أين نحن لتسببهما في كل المشاكل التي حدثت لنا (أرجو ألا تعاتبونني بأننا نقطع الرحم فلم يكن هناك رحم من الأساس فخالي كان يسكن في الشارع المجاور لنا ولما كنا نكون في أشد الحاجة له لم يساعدنا في ولا مرة وكل مرة كنا في أشد الحاجة للمساعدة لم نجد هذا المدعو بصلة الرحم نهائياً) وأيضاً لأنهم لا يحبون أن يرونا في خير أبداً ،ومع هذا لا نعيش في هذا القلق المرضي الذي أصاب أمي.
وانقلب الوضع علينا أنا وأخي أصبحت لا تنزل من البيت أبدا لخوفها من أن تعرف زوجة خالي مكاننا، أنا اتصلت بها تليفونياً من خارج البيت فرفعت السماعة ولم ترد علي وعندما ذهبت للبيت سألتها فقالت: لم أسمع صوتك بل كان صوت (زوجة خالك بالضبط) مع أن والله صوتي مختلف تماما، هذا يدل على أن هذه السيدة تعيش مع أمي في الوهم.
أبي لا يعيش معنا منذ 3 سنوات وهذا ما كانت تريده أمي ولكن أيضاً لم يشعرها ذلك بالراحة التي كانت تريدها قبل رحيله.
المشكلة أننا لا نستطيع أن نصل معها لأي نتيجة من خلال التحدث والتفاهم فهي قد وضعت قاعدة للتفاهم مع أولادها وهي العند وعدم التفاهم بتاتاً. حاولنا معها كثيراً، والله نفعل كل ما بوسعنا ولكن لا يقابل هذا منها سوى بأننا مهما بذلنا من جهد لخدمتها فلن نوفيها حقها والتضحية التي ضحتها، فهي ترى أننا سبب إذلالها وعيشها مع أبي هذه السنوات الثماني والعشرين لتربيتنا، وبذلك ليس لنا أي رأي لتقتنع به. هي لا تعي معنى أن تذكرنا بسبب أو بدون أننا سبب حياتها السيئة وأننا سبب إذلالها، لا تعلم ما يحدث داخل أنفسنا، الله وحده أعلم. ولا تستوعب أننا كنا نعيش معها كل التحديات والمشاكل التي مرت بها ولم نكن نعيش في النعيم وتركناها وحدها في الجحيم.
أصبحت لا تبالي بالهدايا التي نحضرها لها، تعيش بشعار أن العمر خلاص انتهى وأنها تعيش ضيفة في هذه الدنيا، وكلها يأس واستسلام للحزن ولا تستجيب لأي مساعدة مننا للتغلب على لحالة النفسية التي أصابتها. ترى أن أخي سبب الضغط الذي أصابها وسبب كل الأمراض والعصبية التي أصابتها، لا ترى سوى ذلك.
الآن الزوج بعيد الأخ بعيد ليسوا أمام أعينها ولكن أخي يلعب دورهما معا، ويدفع ثمن أخطائهما معاً، لقد تعبنا جداً.
ولا نعرف الحل هل سنجده عند الطبيب النفسي، وهل سيعالج الطبيب العند؟؟ أصبحت لا أعرف ولا أعي أي شيء أعلم أني قد أطلت ولكن ليس بيدي فلقد حاولت أن ألخص جزء صغير من معاناتنا شاكرة جهودكم المحمودة التي وجدتها من خلال موقعكم الفعال ودعاء صادق بالتوفيق والتميز في تصحيح موقف الطب النفسي في مصر هي لي رجاء أخير: ألا تنشر هذه الاستشارة على الموقع إذا ممكن من فضلكم نسيت أن أقول أن أمي تصلي بل تقضي وقتا طويلا في الصلاة والدعاء، ولكن لا أعلم كيف كل هذا الوقت الذي تقضيه في الصلاة أليس كفيلا بأن ينتشلها من هذه الأوهام والوساوس. أشكركم مرة أخرى وزادكم الله علما نافعاً ومؤثراً.
د. م ماجستير هندسة
10/02/2008
أختي الفاضلة جزاك الله خيرا عن برك بوالدتك واهتمامك بها خاصة وهي تعاني حاليا من أزمة مرضية شديدة ساعد عليها انتهاء مخزون الثقة في البشر من وجهة نظرها مما جعلها تدخل أخاك في دائرة الشك وبعدها أنت، فلقد عانت والدتك طوال حياتها من البشر الذين عاشوا معها وطمعوا فيها ابتداءا من أخيها ثم زوجته فوالداك سامحه الله وبالتالي فمن المنطق بالنسبة لها أن تتعرض منكم لنفس السيناريو، فوالدتك تعاني من اضطراب ضلالي أعقبه اكتئاب شديد.
والاضطرابات الضلالية (الوهامية)Delusional disorders
هي نوع من الاضطرابات الذهانية تتميز بضلالات أو وهامات Delusions دائمة وراسخة تحدث غالبا في منتصف العمر والضلالات عادة متحوصلة ولا يوجد أي اضطراب في الوظائف العقلية الأخرى ولا تؤثر في قدرتها على العمل أو إقامة علاقات اجتماعية رغم أن الوهامات قد تؤدي إلى خلل في علاقاتها الاجتماعية والأسرية.
والنوع الذي تعاني منه والدتك الكريمة هو النوع الاضطهادي:Persecuatory Delusions -هو حالة من التوهم أن هناك من يراقبها ويحيك ضدها المؤامرات ويسبب لها الأذى. وهو الأكثر شيوعا، وقد يشكو المريض جيرانه أو زملائه إلى الشرطة أو النيابة. ثم عانت والدتك نتيجة لما سبق من الاكتئاب الجسيم: Major Depressive Episode الذي كان في صورة:
أ- اكتئاب الوجدان أو سرعة الاستثارة أغلب فترات اليوم وكل يوم (شعور المريض بالحزن أو ملاحظة الآخرين ذلك) أو فقد الاستمتاع والاهتمامات لأغلب الأنشطة اليومية.
ب- أعراض أخرى مصاحبة لمدة أسبوعين على الأقل مثل:
1- فقد الشهيد وفقد الوزن أكثر من 5% خلال شهر.
2- الأرق أو زيادة النوم (صعوبة الدخول في النوم أو أرق يتخلل النوم أو أرق في الصباح الباكر، النوم أكثر من المعتاد أو النوم المتقطع).
3- الفوران النفسي الحركي Psychomotor Agitation (عدم القدرة على الاستقرار في مكان أو التجوال أو الطرق باليد أو شد الشعر أو حك الجلد) أو التبلد الحركيPsychomotor Retardation (بطء حركة الجسم وبطء الكلام مع فترات صمت قبل الإجابة على الأسئلة، الكلام بصوت خافت وعلى نغمة واحدة، نقص كمية الكلام أو البكم).
4- الإجهاد أو فقدان الطاقة دون مجهود جسماني (تبدو أمامه المهام مستحيلة).
5- الشعور بعدم القيمة أو الشعور بالذنب المفرط وغير المناسب (وتتفاوت من مشاعر العجز إلى التقييم السالب للذات، انتقاد النفس مع كل فشل بسيط وتضخيمه، شعور بالذنب قد يصل لدرجة الوهام).
6- تكرار فكرة الموت أو المحاولات الانتحارية (تفضيله الموت على الحياة، لديه أفكار انتحارية أو خطة للانتحار أو محاولة انتحار).
7- صعوبة التفكير أو صعوبة التركيز.
ج- وجود خلل وظيفي أو اجتماعي واضح.
د- أن تستمر هذه الأعراض لمده أسبوعين على الأقل أو استدعت دخول المستشفى.
والعلاج هنا سيركز على الاضطرابين معا:
0 وعلاج الضلال المرضي دائما صعب لأن المريض غير مستبصر بحالته ويرى العلاج نوعا من التدخل في شأنه الخاص ولا يلتزم بتناول العلاج كما ينبغي. وبالتالي يحتاج المريض للعلاج بمضادات الذهان والنتائج غالبا مشجعة نسبيا، كما تستجيب لمضادات الاكتئاب من نوع مثبطات استرجاع السيروتونين (م.ا.س.ا).
0 العلاج النفسي: من أهدافه خفض التوتر وإتاحة الفرصة للمريض للتنفيس عن عواطفه.
0 العلاج السلوكي: بتشجيع المريض للقيام بسلوكيات تؤدي إلى خفض التوتر والاكتئاب مثل عدم المجادلة في بعض الحالات، النشاط الترفيهي.
0 العلاج المعرفي: - تحديد الافتراضات الخاطئة ومناقشتها.
- تدريبها على إستراتيجيات للسيطرة على المشاعر السلبية.
وبالتالي نصيحتي هي العرض الفوري على الطبيب النفسي
وفقك الله
بعد الستين اضطراب وهامي...... مشاركة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته؛
عزيزتي صدقيني فأنا أشعر وأقدر حجم المعاناة التي تعيشينها لذلك أحببت أولا أن أدعو الله عز وجل أن يشفي والدتك في القريب العاجل إن شاء الله وأقول لك الله معك فوق الجميع ولذلك أقدم لك النصائح
التالية:
1- أولا عليك أن تحمدي الله عز وجل على ما أنت فيه وأدعو الله عز وجل أن يجعل هذا كله في ميزان حسناتك يوم القيامة إن شاء الله عز وجل
2- أعرف وأقدر أنك تشعرين أن هذا الحال إلى حد ما سيدوم وهذا ناتج عن أنك لم تري أحدا بهذه الحالة من قبل ولكني أبشرك بأن هذه الحالة علاجها سهل إلى حد كبير جدا أنت لا تتوقعينه لكن الأمر فقط يحتاج إلى إقناعها بفكرة الذهاب إلى طبيب لأن هناك الدواء بإذن الله عز وجل وأن تتواصلي أنت وأخوك مع طبيب وتحكيان له المشكلة وهو سيفهمكم بالمفروض عمله...
أعلم وأقدر مدى المعاناة التي قد تقابلك عند محاوله إقناعها بفكرة الذهاب للطبيب ولكني أقول لك أنه بإذن الله عز وجل أمك سوف تعود طبيعية كما كانت قبل هذا بمجرد أخذها الدواء "لازم تأخذه بالله عليك وأن تنفذي ما ينصحك به الطبيب وأن تحكي له المشاكل اللي هاتقابلكم أولا بأول".
أعانكم الله وشفى والدتك ختاما أقول لك أنه بإذن الله عليكم الذهاب للطبيب والاستمرار على أخذ الدواء وإن كانت أمك قد تقابل بعض المشاكل فقد في الأول فقط في الأول المشكلة أسهل مما تتوقعين.
أرجوك تابعيني بالأخبار على الإميل بتاعي وأدعو الله أن أستطيع أن أساعدك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
25/6/2008
شكرا جزيلا لمداخلتك يا شمس وعلي روحك الجميلة ومشاركتك الفاعلة لصاحبة المشكلة التي أتمنى أن تستمع إلى نصائحك وأن تبادلنا المراسلة لنعلم ما تم لوالدتها في الفترة السابقة.
بعد الستين: أهمية الفحص عضويا مشاركة
السلام عليكم,
أود الإشارة هنا فقط إلى ضرورة إجراء الفحص الجسدي الكامل وعلى ضرورة إجراء صورة للدماغ (يفضل مرنان) لوجود أمراض السكري والضغط لاستبعاد أي مرض أو جلطة دماغية, رغم ندرتها في هكذا سير نموذجي لاضطراب توهمي, ليكون الأهل والطبيب المعالج لاحقا أيضا متنبهين للأمر.
مع التحية للموقع وللدكتور عبد الرحمن
5/5/2008
أخي الفاضل أشكرك على اهتمامك ومشاركتك ولفت الانتباه إلى أهمية إجراء فحوصات طبية للمسنين الذين يعانون من أعراض نفسية للمرة الأولى لما قد يخفي خلفه كما أسلفت من اضطراب عضوي وهو ما يقوم بإجرائه الأطباء حاليا خاصة في حالة وجود أعراض نفسية غير نمطية، بينما في حالتنا هذه الأعراض المرضية بدأت منذ فترات طويلة ولكنها تتغير من اضطراب اكتئاب إلى أعراض وسواسية فذهانية.
ولكن ليس هناك ما يمنع من إجراء بعض الفحوصات التي قد يحتاجها الطبيب بعد فحصها عصبيا وبدنيا ونفسيا شكرا لمشاركتك مرة أخرى.
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش