فتاة لا تفهم نفسها: ومن هي الفاهمة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سيدي العزيز أرسل لك مشكلتي بعد أن فشلت كثيراً في حلها، وعندما أدركت مدى حاجتي لاستشارة نفسية بحثت في كثير من المواقع ولم أجد أفضل من موقعكم لأرسل له مشكلتي وأهنئكم على جهودكم في هذا الموقع وأسأل الله لكم المزيد من التوفيق والنجاح، وجزاكم الله عنّا كل خير وجعله في ميزان حسناتكم.
سيدي العزيز،
إن مشكلتي طويلة جداً فأرجو أن يتسع لها صدرك، وأتمنى أن تصبر عليّ لأني حقاً أحتاج إلى النصح والمساعدة الجادة.
أولاً: أنا فتاة في سن السادس عشرة من عمري واقتربت من السابع عشرة، أعيش في السعودية لظروف عمل أبي وأمي، وأنهيت الثانوية العامة- ولله الحمد- وها أنا أستعد للمستوى الرفيع.
سيدي، أنا أعيش هنا مذ كان عمري خمس سنوات، عشت طفولتي ومراهقتي هنا في الغربة، صحيح أننا كنا نقضي شهر إجازة كل عام في بلدي الأصل ولكن لم يكفيني، كما أن المجتمع هنا مغلق لدرجة كبيرة جداً عكس الرياض وجدة، فأنا في منطقة مثل صعيد مصر. أنا إلى الآن لم أكلم شاباً وجهاً لوجه، وطالما انتابني شعور بالرغبة في اقتحام هذا الجنس الآخر؛ فضول عن تفكيره وعن أرائه، وعندما أنزل مصر أصدم بمجتمع مفتوح لدرجة كبيرة جداً جداً، وعند سماعي قصص الحب بين قريباتي كنت أحلم بقصة تشبه قصصهن.
المهم إذا أردت أن تعرف تربيتي فأنا تربيتي تربية دينية وصالحة، نشأت في البيئة الدينية حيث الله والرسول محور حياتنا، ومذ كان عمري ست سنوات كان أبي يسعى لتحفيظي القرآن وتعليمي الصلاة بل كان يضربني على الفروض في سن الثامنة، ولم أصل إلى العاشرة إلا وأنا أقيم الصلاة والسنن، وقيام الليل لم أداوم عليه فكان عادة من مرتين إلى ثلاثة في الأسبوع… كنت مثلاً للناس ولكن سيدي لم يمنعني هذا من الابتعاد عن الشيطان، مع أن أبي كان يحاول جاهداً هو وأمي تحصيني من كل أمر فيه فساد ولم أطلب منهم شيء إلا ونفذاه لي أنا وأخي الذي يصغرني بسنتين، صحيح لم يتكلموا معي كثيراً ولكنهما معذوران فالعمل أخذ كل وقتهما.
تبدأ مشكلتي وأنا في الثاني الثانوي؛ قبل أن تبدأ الدراسة حين عمل لي أبي بريداً إلكترونياً على النت لأكلم قريباتي على النت، وكانت أكثر واحدة أكلّمها هي ابنة خالتي لأنها أقرب شخص لي، وعلمت أنها تحادث شاباً على النت، وكانت تحكي دائماً عنه.. لن أنكر أني تعلّقت به حتى أنها أرسلت لي صورة له، ولكني كنت دائماً أنصحها بالابتعاد عنه وتركه، وأن هذا الطريق نهايته سدّ- وليتني نصحت نفسي!. المهم، تركا بعضهما بعد عدة مشاكل وبعد ذلك بأسبوع تقريباً وجدت من سجلني عنده على بريدي الإلكتروني وبعد يومين وجدته موجوداً فتكلمت معه وسألته من هو ومن أين له عنواني البريدي، فقال من رسالة كانت على النت أرسلت له، فسكت وتركته، المهم بعد عشر دقائق وجدته قد وضع صورة لأصعق عند رؤيتها أنها صورة حبيب ابنة خالتي! فوجئت بنفسي وأنا أنهال عليه سباً وشتماً ولا تسألني لماذا لأني لن أجيب فأنا لا أعرف حتى السبب، كان كلاماً لم أعهد قوله قبل ذلك ولم أدرك إلا وأنا أقوله وهو قابلني بالمثل.
المهم علم أني قريبة حبيبته القديمة، وقفلت النت وبعد ذلك بدأت الحجج وتوالت ليحدثني بحجة أنه يسأل عن ابنة خالتي وأنا كنت أسترسل في الكلام معه، ولأني لم أتكلم مع شاب أبداً كان كلامي معه مثل أي فتاة وكان كلامي كله عن الدين لأن هذا الذي أعرفه في حياتي ذلك الوقت وهو شغلي الشاغل، وتعلقت به ولكن صبرت إلى أن فجأني يوماً أنه تعلّق بي ويحبني وصارحته بحقيقة مشاعري وتوالت المحادثات على النت وتطور على الهاتف وكل هذا من وراء أهلي.. لو حاولت أن أصف لك مدى حبي له لن يصفه الكلام، كان أول حب في حياتي، أول شاب أحادثه في عمري، وأول رجل يدخل إلى قلبي الطاهر، ولم أتصور أني قد أكون لشاب غيره أبداً، هو شريكي وإلا فلا.
المهم بعد سنة بدأت فترة الجيش وسافر فجأة دون علمي، وجدت نفسي وحيدة فجأة بعد أن ملأ عليّ الحياة، توقعت أنه في الجيش ولكن لماذا لم يخبرني؟! لا أعلم! وعشت في وحدة وحيرة أنتظر حبيبي الغائب، إلى أن اقترحت عليّ إحدى صديقاتي أن أدخل معها على الدردشة وأتحدث فيها أنها جميلة وغير ذلك من الكلام، دخلت وطبعاً كما هو الحال الشباب يلتفون حول البنت والكل يريد التعرف وأنا معهم أتعرّف، كلّمت تقريباً عشرة شباب وبعد فترة أسبوع الكل تقريباً قال لي أنه يحبني إلا من رحم ربي منهم، وأنا كنت أقول لهم هذا نفس شعوري وأعيش قصة الحب مع كل واحد فيهم، قد يكون احتياجاً للحب ولكن كنت أتحايل على نفسي أني أكذب عليهم ألعب عليهم كلّهم، والحقيقة أنهم هم من يلعبون بي ويضحكون مني وعليّ، ولك سيدي الفاضل أن تتخيل نظرتي إلى نفسي وأنا أقف عند المرآة؛ لا أرى نفسي بل فتاة من فتيات الليل، ما الفرق!
أنا أكلّم هذا وذاك وأقول لذاك أحبك والثاني أعشقك والثالث أموت فيك في ثانية واحدة. كرهت نفسي وعمري، ولا تسأل عن مستواي الذي تراجع إلى ما لانهاية بعد أن كان المركز الأول هو احتكار لي أنا، وبعد أن كان اسمي أصلاً في جميع المسابقات الدينية والمكسب دائماً لي نصيب فيه، الآن لا تكاد ترى اسمي أصلاً في أي مسابقة ولا شيء، وصرت أمشي في المدرسة ونظرات الشك والفضول تحيط بي من كل الجوانب، هذه هي الفتاة التي كانت من شهرين فقط الفتاة المثالية وكل يريد أن يعرف ماذا بي، بل والأكثر تجرأ وسألني من المدرسات وإجابتي الوحيدة (لا شيء، متعبة قليلاً، لا تقلقي)، أما الصلاة فاقتصرت على الصلاة المفروضة فقط، والقرآن قد سكنه القرآن، والدعاء صرت لا أدعو حياءً من الله مما أفعل بصفة عامة في ديني وحياتي.... قل على الدنيا السلام.
بعد ذلك عاد حبيب القلب مرة أخرى لأنسى الكل وأمسح الذكريات وأركض إليه هو فقط، وبدأت أحي قصة الحب من جديد وعند اقتراب موعد نزولي مصر زاد إلحاحه عليّ لنتقابل، أمام الإلحاح الغريب هذا كان الشك يدخل معه إلى قلبي وبدأت أركّز في الكلام وأحاول الاستدراك إلى أن علمت نيته الخبيثة، فرفضت وبشدة، ومع رفض هو يعاند أكثر ويلحّ عليّ فأنهيت الأمر بقول (حين آتي مصر إن شاء الله يحلّها حلال)، وعندما نزلت مصر أغلقت كل شيء ممكن أن يوصل إليّ حتى أنه كلّم ابنة خالتي بعد طول غياب ليسألها عني وترجاها أن أكلّمه لكني أهملت طلبه إلى أن عدت إلى السعودية، وأسرعت في التحدث إليه في الهاتف، رفض تماماً أن يحدّثني وعاتبني بجميع أنواع العتاب وهكذا، وأنهى كل شيء في هذا الوقت.
بدأت أصير زائراً أساسياً في الدردشة وكوّنت صداقة مع ثلاث بنات غيري وكنا مجموعة معروفة في الدردشة، ولم يكن أحد يستطيع أن يخدعني أبداً وكنت خفيفة الظل مرحة أنتقل بين غرف الدردشة بخفة كالفراشة وكنت دائماً ألفت الانتباه لي وبعد ذلك حاولت بكل الطرق العودة إلى حبيبي القديم وتحمّلت كل الذل إلى أن عاد وسامحني في اليوم التالي من مسامحته لي، أرسلت له رسالة وأنا أتذكرها إلى الآن (مش هقولك نفض لنفسك ولا خليك مع نفسك هقولك كلمة لم تعتد أن تسمعها: غووور من حياتي!)، رد برسالة كان يبدو بها أنّه غاضب ويقول لي في مضمونها لأن أعود لك لو فعلت ماذا، وكان ردّي (سلام)، وإلى الآن غير مهتمة ببعده عني وسعيدة بما حصل، لماذا؟ لا أعلم! ولكن سعيدة وعاهدت نفسي لن أحب أبداً.
المهم في هذا الوقت كان هناك شاب في الدردشة مثلي تلتف حوله البنات بل أنه كثيراً ما يكذب عليهن وكنت وصديقاتي دائماً نحب أ نوقعه في مقالب (نطيّر منه البنات! وغير ذلك وهو صار همه كيف يرد هذا لنا)، المهم مسك كل واحدة فينا وحاول أن يضحك عليها واستلم كل واحدة حتى أتى دوري وكنت لا أدري لماذا قال: "كنت أنوي أن أوقعك في مقلب ولكن لن أفعل ذلك"، لم أفهم وبدأ يتكلم معي بصراحة متناهية لم أعهدها ويحكي كل شيء وعن حبه القديم لفتاة كان يحبها وتركته من أجل صديقه وأنه من يومها يكره كل البنات ولذلك كان يكذب عليهن وينتقم منهن كلهن، المهم بعدها تركت الدردشة وعندما أخذ بريدي الإلكتروني من صديقتي سألته لم أخذته فقال: "حتى أقول لك لا تصدّقي كلام البنات، أنا أحسن مما يقولون"، فقلت: "هذا شيء لا يهمني"، قال: "طيب لماذا لم تدخلي الدردشة؟".
قلت: "لأني علمت أن الأطفال يفعلون مثل الآباء والأمهات، وأنا لا أريد أولادي أن يدخلوا الدردشة لذلك تركتها"، قال: "ولو تقدم لك أب يدخل على الدردشة؟"، قلت: "سأرفض بكل تأكيد فهو ليس أهلاً لتربية أبنائي والحفاظ عليّ"، سكت هو لكن علمت من صديقاتي أنه لم يعد يدخل إلى الدردشة كما توقف عن محادثة البنات، وعندما سألته صديقتي لماذا تغيرت قال صديقتك حرمتني الشات وقتها صديقتي قالت لي: "أظن أنه يتغيّر لأجلك" وقتها أدركت أنه سيقول لي أحبك فانقطعت فجأة عن النت وتركت النت تماماً، وبعد أسبوع حدث ما هو أخطر علمت من صديقتي عندما حكى لها أخوها أن هناك شاب معنا في نفس المنطقة يحبني منذ سبعة شهور عندما رآني في العمرة ولم يصارح بحبه إلا أخا صديقتي عندما علم أني صديقتها، وطلب منها رقم هاتفي، طبعاً لم تعطه إياه أبداً، ولكن عندما حكت عن الكلام الذي قاله على الأب وأوصاف لم أكن أتخيل أنها عندي أصلاً أتى هذا الكلام في وقت كنت فقدت الثقة في نفسي أنه قد أقابل أحداً يحبني...
أتعلم ماذا فعلت بعد أن أغلقت الهاتف بكيت بكاءً لم أبكه منذ فترة طويلة وجلست أدعو الله وأسأله: يا رب أنا أتمنى أن أتوب وأعود إليك فلم تبعدني عنك، علمت أن الموقف قد أراسله الله ولكن لم أفهمه وكل ما في بالي: "يخرب بيت كده أقفل الباب في وجه الحبيب ييجيلي من الشباك"، عدت بعدها إلى النت وإلى هذا الشاب وصارحني بحبه وكذبته فهم كلهم مثل حبيبي الأول فارس لي صديقه يحلف لي قولت أصحاب أكيد متفقين فكلم صديقاتي وأعتذر لهن على ما فعله قبل ذلك وترجاهن أن أصدقه لأنه فعلا يحبني ولم يحب غيري وتفاجئت عندما رأيت صديقتي التي لم تتكلم عنه إلا أنه كاذب وغشاش ومنافق تقول الصراحة شكله بيحبك اوي قولت في بالي لالالا وألف لا كلهمم مثل الحبيب الأول وقولت جيد يضحك علي اضحك عليه وأتسلى معه ولكن خائفة أن يكون يحبني جد وأنا العب بمشاعره كما فعل بي من قبل والشاب الذي يسكن معنا الذي حتى لا اعرف شكله عندما علمت انه عند صديقتي مع أخوها ركضت إليها وكان كل هدفي أن يعلم أني بالأسف لأرى ماذا سيفعل وكل محاولاتي أننا وصديقتي باءت بالفشل الشديد حتى آخر ما تعبت جعلت صديقتي تنادي عليا من بعيد ببصوت عالي ليسمع لأكتشف أنهم أصلا في المسجد لصلاة المغرب ولم يسمعها أحد عندما عدت إلى البيت عادت حالة البكاء واحتقار الذات كل هذا من أجل شاب هو في الآخر كاذب لماذا فعلت هذا ولمن؟ كيف؟ أين عقلي؟ وقتها أتمنى لو يعود الزمن ولا أكرر ما فعلته.
سيدي بعد أن رويت قصتي كلها أنا الآن أصارحك، أنا لا أفهم نفسي أين أنا؟ ومن أنا؟ ولماذا أفعل كل هذا ولمصلحة من؟ وما هو مستقبلي هنا في السعودية؟ وأفعل هذا إذا في مصر في الكلية ماذا أفعل؟ أنا حائرة وتائهة جداً جداً، مستقبل مشوه والخوف يلازمني دائماً ولا أدري ماذا أخاف ودائماً تأتيني في أحلامي نداءات من أشخاص أعرفهم مثل أمي وأشخاص آخرين، لا تقل توبي قبل أن الموت وهاهو العقاب، تقدم لخطبتي ابن عمي وهو أب سيء جداً ولقد سجن قبل سنتين لتهربه من العسكرية وغير ذلك من العبر ويبدو أن أبي سيرضخ لأمر عمي حتى لا يغضبه وعمي لا يرد إلا أموال أبي وها أنا سلعة تباع وتشترى وهذا عقاب ربي سيدي أنا متأكدة أني لن أتزوج أبداً وإن تزوجت فسوف أتزوج مثل ابن عمي هذا لأني لا أستحق إلا هذا فأنا أرى نفسي أحقر من خلق ربي وأكرهها بشدة وأتمنى لو أموت وأعيش بنفس جديدة. بعض الأحيان أشك في عذريتي فعذرية البنت هي قلبها النقي الذي لم يدخله أي شاب، أما أنا فجعلت قلبي فندقاً لكل شاب فأنا بهذا المعنى لست عذراء أبداً، أشعر أني سوف أعذب ولن أدخل الجنة أبداً أبداً وأن النار هي مثواي، وإن دخلت الجنة فبعد عذاب شديد وكبير.
عموماً سيدي أشكرك جزيل الشكر على هذا الوقت الذي منحته لي وأعتذر على الإطالة، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم وأتمنى أن أكون زائرة خفيفة على قلوبكم، وتأكد أني أنتظر ردك عليّ بأحر من الجمر كما أني سآخذ كل كلمة بعين الاعتبار فأنا في حاجة ماسّة لمن يمد لي يد العون والرفق لينتشلني مما أنا فيه، وجزاكم الله الجنة.
أترككم في أمان الله.
السلام عليكم ورحمة الله بركاته.
29/06/2008
بنيتي العزيزة،
أهلاً ومرحباً بك على الموقع. هوّني على نفسك ولا تجلديها فعمرك والمرحلة التي تمرين بها لا تتحمل كل هذه السياط، لا ننكر أنك انجرفت نحو هاوية سخيفة تنزلق إليها العديد من الفتيات والفتيان تحت دعوى التجريب واكتشاف المجهول ومعرفة سمات وتفكير الجنس الآخر رغم أن كل هذا موجود وبإسهاب في مجلدات وأبحاث لم تختلف كثيراً عن الواقع كما أن عمرك وخبرتك لن تسمح لك باكتشاف هذا، المهم حدث ما حدث وأخطر ما فيه أنك ابتعدت عن كل ما كان يميزك في الحياة، فأهملت دروسك ومسابقاتك وغيرها من أنشطتك التي اعتدت عليها دون مبرر، فالصلاة مثلاً ليست اختياراً بل هي فرض يجب أن نقوم به مهما كانت الموبقات التي نصنعها، وبالتالي وضعت صغيرتي البيض كله في سلة واحدة (يا آخذ كل حاجة يا أرفض كل حاجة) وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه.
تعالي نرى المشكلة بطريقة موضوعية؛ فأنت تمرين بمرحلة المراهقة، وهي أخطر مرحلة في عمر الإنسان وهي مرحلة ما قبل التصالح مع النفس، ومما يزيد من صعوبة ذلك أننا أصبحنا لا نعيش في مجتمع مغلق كما كان في السابق، بل تعددت وسائل المعرفة، وتنوعت الثقافات، مما أدّى إلى ظهور قيم جديدة على مجتمعاتنا في قاموس المراهقين تحت العديد من المسميات البراقة مثل الحرية، إثبات الذات، حقوق الإنسان، مما زاد من اختلاط المفاهيم.
والمراهق يصبح أكثر ارتباطاً بأصدقائه أكثر من أسرته وذلك لتشابههم في المعاناة والمشكلات، وكذلك لتماثلهم في علاقاتهم بالكبار، ولأن ثقته فيهم أعلى، وتفهمهم لنفسيته أكبر، كما أن ارتباطه بهم يغذّي لديه حاجات نفسية متعددة، كما أنهم يتشابهون في الطباع والأحاسيس (وهو ما حدث معك بالضبط).
ولأن هذه المرحلة يكون فيها التحرك والتنفيذ فيها سريع يندفع المراهقون في سلوكهم بشكل شديد ويكون الجنس من أكبر الموضوعات التي تشغل الشباب في هذه الفترة، وبالتالي فإن فهم الشباب المراهق لنموه النفسي والجنسي والرغبة الجنسية المتوهجة في هذه المرحلة ستساعده على توجيه هذه الطاقة وهذا النمو إلى نمو بطريقة سليمة دون انحراف أو اعوجاج.
وإذا عرف وفهم المراهق والمراهقة التكوين البدني والنفسي والجنسي لأفراد الجنس الآخر فإن ذلك سيساعده على تنمية وعيه القائم على التقدير والاحترام المتبادل بين الجنسين. وسوف يؤدي ذلك إلى تطور حقيقي في المجتمع وعدم انشغال الشباب بأشياء قد تخرجهم عن الطريق المضبوط.
والمشاعر المتأججة في هذه المرحلة هي شعلة تضيء للمراهق الطريق حتى يرى المستقبل فتشجعه على المذاكرة والتفوق ليستطيع تحمل مسؤولية هذه المشاعر ويحولها إلى علاقة مستديمة (وهو ما لم يحدث معك) وبالتالي لم تكن المشاعر في حالتك إيجابية أو محفزة بل كانت مدمرة، ربما هذا بسبب الفراغ الكبير الذي تعيشينه وغياب الحوار الأسري المفتوح. فالحب يا صديقتي ليس خطيئة، خاصة إذا بني على معايير موضوعية ولا يؤدي إلى مخالفة صحيح الدين.
وفي النهاية أرجو أن تتعلمي من تجربتك وتستفيدين منها لا أن تجعليها نهاية العالم، فأنت كسبتي من تجربتك أكثر مما خسرت، ويكفيك أنك علمت أن اللعب بالنار خطر وأنه في أوقات عديدة لابد أن نبتعد عن الشر، عودي إلى أنشطتك السابقة وحياتك ما قبل التعارف وأصرّي على تنفيذ كل ما كنت تصنعينه، وبالتالي ستجدين أن هذه الفترة المؤلمة تضمحل بالتدريج حتى تختفي تماماً ولا يبقى منها سوى الدروس والعبر.
وفقك الله.
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش