التقيؤ أمام الصديقة: رهاب اجتماعي أم نوعي ؟
رهاب
أعاني من الرهاب الاجتماعي البسيط منذ سنة ويزداد أكثر في فترة الامتحانات ونوع رهابي هو من القيء عند مقابلة صديقات معينين وأصبحت أخاف من التعرف أو اللقاء بأي فتاة وهذا سبب لي الكثير من الإحراج في علاقاتي الاجتماعية فعندما يكون لي موعد مع صديقة ينتابني شعور قلق وتزداد ضربات القلب وأبدأ في تقيؤ الطعام الذي أكلته وأحيانا أضطر أن لا آكل أي شيء حتى ينتهي لقائي وهذا يسبب زيادة في قلقي من القيء ومن مقابلة الشخص وأحاول تجنب الشخص والتهرب
علما أنا فحوصي الهضمية والعصبية سليمة وأشعر دائما بغصة في الحلق وكأن شيئا في حلقي وأصبحت أكره الطعام وتأثرت شهيتي بسبب قلقي من القيء
علما أن طبيبي أعطاني دواء دوجامتيل (سولبريد) عيار 50 عند الضرورة فقط لكن لم أستفد
أرجوكم أن تساعدوني بالعلاج
07/09/2012
الأخ الفاضل
أهلا ومرحبا بك على الموقع
قصرت علينا الطريق بأن وصلت إلى تشخيص حالتك الرهاب الاجتماعي البسيط وإن كنت لا أعلم لماذا قيمته على أنه بسيط وليس متوسطا أو شديدا، بل وحددت البداية (منذ سنة)، وكذلك المواقف التي تستثير الرهاب (في فترة الامتحانات، مقابلة صديقات معينين) وحددت أيضا الأعراض التي تنتابك (شعور قلق وتزداد ضربات القلب وأبدأ في تقيؤ الطعام الذي أكلته، تجنب الشخص والتهرب)، والغريب أنه رغم وضوح حالتك ذهبت تبحث عن سبب جسدي (فحوصي الهضمية والعصبية سليمة) وقام طبيبك الشجاع بعدم تحويلك لمتخصص يعالجك وأعطاك دوجماتيل 50 مجم وعند الضرورة وهل هناك ضرورة أكثر مما أنت فيه يا أخي الحبيب، وسؤالي هو لماذا لم تتجه من فورك للعلاج النفسي، هل لسبب مادي أم اجتماعي أم غيره؟؟؟.
أخي
لا أريد أن أكرر كلاما سبق أن تحدثت أنا وغيري فيه عن أهمية العلاج، لكنني سأستغل رسالتك في وضع كل المعلومات عن هذا الاضطراب:
الرهاب الاجتماعي: هو خوف وارتباك وقلق يداهم الشخص عند قيامه بأداء عمل ما (قولاً أو فعلاً) أمام مرأى الآخرين أو مسامعهم، ويؤدي به مع الوقت إلى تفادي المواقف والمناسبات الاجتماعية.
المواصفات التشخيصية للرهابات النوعية
• خوف ملحوظ وقوي ومتواصل نحو وجود موضع أو موقف محدد (المرتفعات، الطيران،الحيوانات، الدم).
• التعرض للمثير المولد للخوف يسبب استجابة قلق مباشرة قد يصل إلى حالة هلع.
• المريض يدرك أن ما يحصل له من خوف هو مفرط وغير مبرر.
• التجنب الملحوظ للتواجد في الأماكن أو المواقف التي قد تزيد قلقه.
• تأثير هذا السلوك الانطوائي على محيطه الاجتماعي والعملي بصفة واضحة مما يتسبب له في آلام نفسية أو يؤدي إلى استعمال مواد مهدئة.
• هذا الرهاب ليس ناتجاً عن مرض عضوي أو نفسي أو استعمال مواد طبية.
• استمرار الاضطراب لمدة 6 شهور على الأقل في الأشخاص تحت 18سنة.
• معدل انتشار الاضطراب: يوجد الاضطراب في حوالي 10% من الناس (واحد من كل عشرة أفراد) والرهاب الاجتماعي يشكل ما نسبته 70% إلى 80% من حالات الرهاب.
الأسباب المحتملة:
• الوراثة: ترى الدراسات انتشاره في عائلات محددة، انتشاره في التوائم المتماثلة أكثر من غير المتماثلة، وجود الاضطراب في أحد الأبوين يرفع من نسبة ظهوره بين الأبناء.
• طريقة التربية: قد يظهر الاضطراب بسبب قهر السلطة الوالدية التي لا تشجع الابن على التعبير عن مشاعره, وأحاسيسه بل إن بعض الثقافات تعتبر أن تجرؤ الابن الصغير على الحديث أمام الكبار يعتبر نوع من إساءة الأدب فضلا عن القمع والقسوة في التعامل والتربية, والإهانة والإذلال التي يتعمد بعض الآباء إيقاعها على الأبناء.
• التفسير السيكودينامي: يكون التثبيت في حالة الرهاب في المرحلة القضيبية، أما بالنسبة للآليات الدفاعية التي يستعملها الشخص فتتمثل في الإسقاط، والكبت، ولإزاحة (تنقل المهددات الداخلية إلى مهددات خارجية لا شعوريا وحيث ينقل الانفعال من مصدره الأصلي إلى بديل لأكثر قبولا فمثلا خواف المدرسة قد يكون قلقا بسبب الانفصال عن الأم (إن الرهاب حسب التحليل النفسي إذن هو نقل الرعب وتحويله إلى موضوع يقوم بينه وبين سبب المشكل النفسي رباط معين).
• التفسير السلوكي : ينطلق بفعل حدث خطير (أو الرضوض الصغيرة والمتكررة) عن طريق محاكاة السلوكات العائلية أو عن طريق المبالغة وتضخيم الرسائل التربوية المقلقة.
• حين يبدأ الطفل في خوض تجارب قد تسبب له الألم مثل تجربة النزول من علو بسيط ثم السقوط على الأرض والشعور بالألم من هذه التجربة تولد لدى الطفل الخوف من العلو وهكذا تبدأ محاولات التجربة والخطأ تفرض أحكامها على الإنسان، وتظهر الأحكام التي قد تكون جيدة وقد تكون سيئة ثم يأتي بعد ذلك دور المحاكاة والتقليد لأشخاص آخرين يحاولون التوخي والحذر مثل مشاهدة الطفل لوالدته حين تستخدم الوسائل الوقائية في الإمساك بالأشياء الساخنة, ويتعلم الطفل هنا من المشاهدة شيئا رمزيا يعبر عن خطر محتمل, وقد يشاهد في هذه اللحظة تجربة سيئة تحدث للأم مثل الشعور بحرارة نار الفرن فيدرك الشيء الخطر من مجرد تعابير الوجه, وردود الفعل السلوكية التي تبديها الأم لكن عندما يتطور هذا الخوف مع الإنسان إلى أشياء لا مبرر منها مثل الخوف من الناس أو الخوف من ركوب الطائرة فهنا يكون الإنسان قد دخل في دائرة الخوف غير الطبيعي ويمكن أن يوجد أيضا كخاصية من خصائص الشخصية، إنه يرتبط بشكل ثانوي بشيء (منبه) هذا الذي يصبح بفعل عملية التشريط موضوع الرهاب والهلع.
• التفسير المعرفي: ينطلق بفعل حدث خطير أو الرضوض الصغيرة والمتكررة ) فيحدث الخوف باعتباره خطرا حقيقيا، ومتى ما تم هذا الترابط بين الطرفين، يتم تدعيمها عن طريق مخططات تفكيرية (استباق وتوجس رهابي، تركيز الانتباه على الخطر، حذر وانتباه مفرطان ومضخمان Hyper vigilance بناء سيناريوهات كارثية (الخلط بين المتوقع والمؤكد)، استنتاجات وتعميمات اعتباطية، أخطاء في التأويل، عمليات تحاشي وتجنب المخاطر (تؤدي إلى ارتفاع درجة الرهاب).
مضاعفات الرهاب الاجتماعي
• جعل الشخص سلبياً ومبتعدا عن المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
• يمنعه من تطوير قدراته ومهاراته، وإقامة علاقات اجتماعية طبيعية.
• يؤدي به إلى مصاعب حياتية، وصراع نفسي داخلي.
• قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الانطواء والاكتئاب والقلق العام والإدمان.
الخطة العلاجية العامة:
• العلاج الدوائي :
• وذلك عن طريق استخدام مضادات الاكتئاب، ويبدأ أثر العلاج في الظهور بعد حوالي من 6-10 أسابيع من العلاج المنتظم، وقد يحتاج المريض إلى المطمئنات الصغري (Benzodiazipine) مثل الألبرازولام Alprazolam (زانكس) الديازيبام diazepam, (فالينيل) وأظهرت معظم الأبحاث فاعلية الجرعات العالية من البنزوديازيبينات (6-10) ملجم/يوم من البرازولام .
• يحتاج العلاج الدوائي لحدوث استجابة جيدة حوالي 8 – 12 أسبوعاً حتى تتوقف النوبات، وهنا يجب الاستمرار لمدة كافية (من 8-12 شهراً) مع العلاج حتى يتحقق التحسن ولضمان عدم عودة الأعراض لهذه الحالة المزمنة حيث يحدث ذلك في نسبة 60% من الحالات بعد التحسن.
• العلاج النفسي بأشكاله المختلفة
• العلاج المعرفي السلوكي: من أهم العلاجات المستخدمة والمفيدة، حيث يعيد تنظيم البنية المعرفية ويؤدي فيها بعض التدريبات مثل التعرض التخيلي، ويكلف المريض ببعض الواجبات المنزلية، تدريبات التعرض في المواقف الحية، سواء بمعاونة المعالج أو على انفراد في البيئة الطبيعية .
• وفي العلاج يتم:
• إعادة تشكيل البنية المعرفية: يركز العلاج المعرفي على تصحيح التقييمات الخاطئة المتعلقة بالإحساسات الجسمية باعتبارها مصدر تهديد، وتطبيق الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية .
• إعادة التدريب على التنفس: في ضوء أن 50% إلى 60% من المصابين يصفون أعراض إفراط التنفس بأنها مشابهة لأعراضهم أثناء الرهاب؛ فإن تدريب المرضى على تنظيم التنفس يساعد في تقليل نوبات الرهاب .
• الاسترخاء العضلي: تتمثل أهمية الاسترخاء العضلي في أن المريض يقارن فيه بين العضو في حالة التوتر والعضو في حالة ارتخاء وراحة، ويخبر هذا الفرق بصورة واضحة عبر أعضاء الجسم المختلفة، ويتعلم المريض أنه قادر على جلب الاسترخاء لنفسه من خلال سلوكه.
• مراقبة الذات: هي محاولة للتعبير الموضوعي الدقيق عن الحالة (مثل: مستوى قلقي في الدرجة 5، ولديَّ أعراض رعشة، وداور، وقد استغرقت هذه النوبة 10 دقائق)، بدلاً من استخدام كلمات عامة فضفاضة مثل: أشعر بالرعب الشديد، هذه أسوأ لحظات عمري.. ويتم ذلك من خلال سجل لنوبات الفزع، يتابع من خلاله المريض ما يجري له في يومه.
• التعرض التدريجي: "يكون التعرض التدريجي للموقف المخيف وسيلة ملائمة للتخفيف من المخاوف ويقاس النجاح في ذلك بالاستمرار في موقف التعرض حتى ينخفض القلق".
وأخيرا أرجو أن نكون قد قدمنا لك ما تريد من مساعدة، قد تفيدك أكثر لو قمت بعمل هذا مع متخصص، وفقك الله وساعدك على تخطي أزمتك والله معك.
واقرأ على مجانين:
نفسي عصابي رهاب نوعي Specific Phobia
نفسي عصابي رهاب اجتماعي Social Phobia
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش