د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

اثر المتغيرات المناخية
على الموارد السمكية المصرية


إعــــــــــــــــداد
دكتور / احمد عبد الوهاب برانية

يوليو 2011

   مقدمــــــة 


في غضون العشرين سنه الماضية تراكمت لدى المجتمع الدولي دلالات قاطعة بأن ثمة مؤثرات طبيعية وبشرية أحدثت تغييرا في المناخ ، وأصبح لدي الكثير من العلماء والمتخصصين يقين راسخ  بأن المناخ يتعرض لتغيرات من المتوقع زيادتها في المستقبل .
ونعرض في عجالة ما المقصود بالتغييرات المناخية  ،  وما هي مسبباتها وتداعياتها بصفة عامة مع التركيز على أثارها المتوقعة على قطاع الزراعة والموارد السمكية في جمهورية مصر العربية  ،  وكيف نواجهها ونحد من أثارها المدمرة  .
ويجب التنويه بداية أن جميع البيانات والمعلومات التي تم عرضها مصدرها العديد من الدراسات والتقارير التي أعدتها منظمات دولية ووطنيه وخبراء من أهمها التقارير التي تصدرها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشئون المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change ( IPCC ) والتي تشكلت عام 1988 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة  ،  والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية  ، وتقرير البنك الدولي عن التنمية وتغير المناخ في العالم عام 2010 ، وتقارير منظمة الأغذية الزراعية FAO ،  وبحوث ودراسات مركز البحوث الزراعية في جمهورية مصر العربية ، والعديد من الأوراق البحثية التي عرضت في  مؤتمرات خاصة بالموضوع ، وكذلك الخبرة المتراكمة لمقدم الورقة في مجال الموارد السمكية .
**    ما هي التغيرات المناخية  :-
هي التغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي إما لأسباب طبيعية أو لأسباب غير طبيعية  ( بفعل الإنسان ) ، ويمكن التميز بين ثلاثة مجموعات من المتغيرات المناخية هي  :-
الأولي  : تغييرات طبيعية منتظمة Natural Regular Variations   وهي التغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي بصورة دورية  ، بحيث يمكن تحديد مقدارها ووقت حدوثها ،  مثال ذلك درجة حرارة الغلاف الجوي ، حيث نجد لها نهاية عظمي أثناء النهار  ،  ونهاية صغري أثناء الليل ، وكذلك ارتفاع درجة الحرارة أثناء فصل الصيف ،  وانخفاضها أثناء الشتاء ، أي انه يوجد تغير يومي وفصلي في درجة الحرارة يمكن معرفة قيمته وزمنه  .
الثانية  : تغييرات طبيعية غير منتظمة Natual irregular Variations   وهي المتغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي  ،  ولكن من الصعب تحديد مقدارها وأوقات وأماكن حدوثها  ،  مثال ذلك ارتفاع درجة الحرارة او انخفاضها في فصل الصيف او الشتاء عن معدلاتها لفترة زمنية ثم تعود لطبيعتها .
الثالثة :  تغييرات غير طبيعية وغير منتظمة  :-        
 Unnatural and Irregular Changes والتي تسببها الأنشطة البشرية ، وإذا استمر هذا التغيير الغير منتظم لفترة طويلة ( حوالي مائة عام ) وعلي مساحة كبيرة من الكره الأرضية ،  فأن هذا ما نطلق عليه  التغيرات المناخية .

**    مظاهر وأسباب  التغيرات المناخية  :-
    1  -    ارتفاع درجة حرارة الأرض  :-
يشير تقرير البنك الدولي عن التنمية وتغير المناخ الصادر عام 2010  ، أن متوسط درجة حرارة الأرض فد زاد بحوالي درجة مئوية منذ بداية الثورة الصناعية ، وان ذلك بسبب الأنشطة البشرية ومتطلبات التنمية خلال العقود الماضية  ، تلك المتطلبات التي أصبحت هدفا لكل بلدان العالم ، حيث سعت الدول النامية إلى الحصول على الخدمات والاحتياجات الأساسية لشعوبها  ، كما سعت الدول المتقدمة لزيادة مستوى الرفاهية لمواطنيها  . وفي سبيل تحقيق ذلك تم التوسع في استخدام مختلف أنواع  الوقود ،  وتغيير استخدامات الأراضي ، وعدم مراعاة طاقات الحمل للعديد من النظم البيئية في المناطق  الساحلية ، وقد أدت هذه الممارســــات إلـــــى زيادة التركيزات العالمية من غاز ثاني أكسيد الكربون ، وهو أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي ، ويشير التقرير كذلك أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون أخذه في الازدياد بشكل يثير القلق نتيجة ما يسببه من ارتفاع أكثر في درجة حرارة الأرض .  
2  -    حدوث موجات جفاف شديدة في بعض المناطق  ،  وفيضانات عارمة في مناطق أخري ، وكذلك موجات الحر الشديد والأعاصير حيث يمكن ملاحظة ازدياد سقوط الأمطار على الرغم من ازدياد  فترات الجفاف  وانحباس الأمطار التي تشهده أسيا الوسطي واستراليا وحوض البحر المتوسط ومنطقة السواحل الأفريقية وغرب الولايات المتحدة والعديد من المناطق الأخرى  ،  مقابل تركز الأمطار وشيوع الفيضانات ، كما ازدادت الأضرار الناتجة عن العواصف والأعاصير المدارية .    
3  -    ارتفاع مستوي مياه البحار والمحيطات نتيجة ذوبان جليد القطبين وتمدد مياه البحار والمحيطات وتهديد مناطق واسعة من دلتا الأنهار والأراضي الساحلية والمنخفضة .
   4 -    نقص تكرار الأيام شديدة البرودة ،  وتزايد تكرار الأيام شديدة الحرارة .
   5 -    على المستوي الفردي فأن أثار التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة  يمكن ملاحظتها والشعور بها من خلال حبات العرق الغليظة ، والرطوبة  العالية  ،  وصعوبات التنفس كما أن الأيام والليالي الباردة أصبحت اقل  .
**    أثار التغيرات المناخية المحتملة على الدول النامية والعربية  :-
يشير تقرير البنك الدولي أن معظم أثار التغيرات المناخية المتوقعة ستقع على عاتق الدول النامية  ،  حيث تشير التقديرات إنها ستتحمل حوالي من 75  -  80% من تكاليف الأضرار الناجمة عن تغيير المناخ  ،  فارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين عن درجة الحرارة التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية  -  وهو الحد الأدنى المتوقع يمكن أن يسفر عنه تخفيض في إجمالي الناتج المحلي لدول إفريقيا وجنوب أسيا بحوالي 5% ومما يزيد من حدة الآثار السلبية للتغيرات المناخية علي الدول النامية بصفة عامة ،  افتقار معظمها إلى الموارد المالية والقدرات الفنية الكافية اللازمة لإدارة مخاطر التغيرات المناخية  ،  علاوة على اعتماد هذه الدول على الموارد الزراعية والتي هي ذات حساسية عالية للتغيرات المناخية  .

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

 

كما تشير دراسة للبنك الدولي تم إعدادها في فبراير 2007 على 84 دولة من الدول النامية لتقدير تأثير ارتفاع منسوب سطح البحر على هذه الدول استنادا إلى المعلومات التي تم جمعها بواسطة مراكز البحوث الدولية ووكالات الفضاء ، ومراكز بحوث البيئة الدولية  ،  ومعاهد علوم البحار ،  والمراكز الدولية لبحوث الأرض  ،  والمراكز الدولية للزراعات الاستوائية ومعاهد سياسات الغذاء الدولية  ،  ومراكز بحوث البيئة الدولية – بالإضافة إلى تحليلات لنظام المعلومات الجغرافية ، جاء في الدراسة ان تأثير هذا الارتفاع على السكان والزراعة والأراضي الرطبة والأراضي الأهلة بالسكان والخسائر الاقتصادية  سيكون اشد ضررا وأكثر قسوة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عنه في جميع دول العالم النامية الأخرى ، وأن جمهورية مصر العربية هي اشد الدول تعرضا للخسائر في حالة ارتفاع منسوب سطح البحر مترا واحدا . وأنها ستتركز في دلتا نهر النيل حيث من المتوقع نزوح  حوالي 10% من سكان الجمهورية من أراضيهم ومدنهم ، يلي  مصر ودولة الإمارات العربية حيث أن المتوقع نزوح 5% من إجمالي أعداد السكان  ،  تليها ليبيا ثم المملكة العربية السعودية ثم دولة قطر  .

إما من حيث المساحات الآهلة بالسكان فتصل الأضرار إلى حوالي 6% من جملة هذه المساحات في جمهورية مصر العربية وليبيا ، يليها تونس ودولة الإمارات العربية ( في حالة زيادة منسوب المياه مترا واحدا)  .

وبالنسبة للأراضي الرطبة Wetlands  تأتي دولة قطر في المقدمة حيث تضرر حوالي 22% من جملة مساحة هذه الأراضي ،  تليها ليبيا بنسبة 16% ، ثم الكويت بنسبة 10% ، ثم تونس وجمهورية مصر العربية بنسبة 7.5% لكل منها ، ثم دولة الإمارات العربية بنسبة 5% ،  ثم المملكة العربية السعودية بنسبة 2%  .

وبالنسبة للأراضي التي تتعرض للاجتياح البحري تأتي دولة قطر في المقدمة حيث تقدر بحوالي 2.5% من إجمالي مساحة الدولة  ،  تليها تونس ثم الأمارات ثم الكويت ثم جمهورية  مصر العربية.

drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 434 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2012 بواسطة drBarrania

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

366,951