طرق وقاية الأبناء من آثار الانفتاح:
فكيف نحمي أبناءنا من هذا الانفتاح؟؟!
1- أثر الأسرة في حماية الأطفال:
إن أثر الأسرة لا ينتهي عند وضع الطفل أمام الجهاز، ولا أن تنتظر من وسائل الإعلام أن تقوم بعمل المربي بالنيابة عنها. إن الاهتمام بالطفل قبل السادسة والحفاظ عليه من كل ما يمكن أن يكون له أثر سلبي في شخصيته يندرج تحت عمل الأسرة الكبير الذي يتمثل في تفعيل الأثر التربوي للأبوين، وتقنين استخدام وسائل الإعلام المختلفة داخل البيت، فلا يسمح للأطفال بالبقاء لمدة طويلة أمام هذه الوسائل دون رقيب، وتقليص الزمن بالتدريج وأن تترك الأجهزة في مكان اجتماع الأسرة بحيث لا يخلو بها الطفل في غرفته.
ويصبح من الضروري أن يشاهد الكبير مع الصغير، وأن يقرأ الوالدان مع الأبناء، ولا يترك الصغار هدفًا للتأثيرات غير المرغوبة لثقافات غريبة عن مجتمعنا العربي المسلم، ونقف نحن الكبار نشكو من الغزو الثقافي للأمة، فالرقابة على ما يعرض للأطفال، والبقاء معهم في أثناء العرض من أجل توجيه النقد ينمي لدى الطفل القدرة على النقد وعدم التلقي السلبي، ولا ينبغي أن تغفل وسائل الترفيه الأخرى كالخروج، والنزهات، واللعب الجماعي وغيرها، فلها أثرها في عدم المتابعة، وعدم الالتصاق بهذه الوسائل الإعلامية، وتقليل حجم التأثر السلبي.
2- أثر المتخصصين في أقسام برامج الأطفال:
لا ننكر في هذا المقام الأثر الذي لوسائل الإعلام في إعداد البرامج المحلية بالاستعانة بتربوية استشارية ومتخصصين في أقسام برامج الأطفال، وإعداد المواد الإعلامية التي تتناسب مع المراحل المختلفة، وتطوير الإنتاج المحلي على أساس عقائدي وبيئي وتربوي يُناسب الأطفال وحاجاتهم.
إن على القائمين بالاتصال بالطفل عبر وسائل الإعلام عملاً كبيرًا في الاهتمام بالطفل وفي الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية لأطفالنا من خلال توفير البديل الإعلامي والثقافي الإسلامي ليكون موجودًا جنبًا إلى جنب مع المنتج الإعلامي الثقافي الأجنبي في عصر الفضاء وعصر المعلومات.
ويكون ذلك عبر إبراز التاريخ الإسلامي وأبطاله الذين تحفل الصفحات بأحداثهم وخبراتهم، وليكن القصص القرآني الكريم النبع الأول الذي تستقى منه هذه البطولات وصور القدرة مثل قصة فرعون وموسى.
ويمكن أن تحل شخصيات إسلامية مثل عمر بن عبد العزيز والأئمة الأربعة وكبار العلماء والمسلمين محل \"بات مان\" و\"سوبر مان\" و\"أبطال الديجيتال\" في نفوس وعقول أبنائنا، فإن الأبناء عندما يعيشون في أجواء الصالحين سيكبرون وهم يحملون همهم وطموحهم وأحلامهم.
3- أثر الرقابة:
ومهما بلغ حجم الدعوة لإطلاق الحريات فإن على الدولة أن تتحرى الأمانة في اختيار الأنظمة التقنية المناسبة التي تحمي المجتمع قبل فوات الأوان وأن تضطلع بمسؤوليتها كاملة في تقدير حدود الانفتاح والتوجيه والرقابة لتحقيق التوازن، كما أن مراقبة البرامج المستوردة تمنع ما يتعارض مع المثل والقيم الدينية والاجتماعية والحقائق التاريخية، والاتجاهات الفكرية الطبيعية المتعارف عليها.
وهكذا تكون وسائل الإعلام مطوعة للحفاظ على الموروث الحضاري، وتضيف إليه كل جاد ونافع بطرق فعالة تستولي على العقول وتحول دون استلاب ثقافي إعلامي يهيمن على الطفل، ويدخل عليه بما يخالف دينه وقيمه وتقاليد بيئته ونشأته وعقيدته، وبذلك تكون وسائل الإعلام مؤثرة إيجابًا في تكوين اتجاهات الطفل وميوله وقيمه ونمط شخصيته، بما يعكس التميز والتنوع الثقافي العربي والإسلامي، حتى لا نكون أمة متفرجة في الصفوف الأخيرة، أمة قد تضحك من جهلها الأمم.
4- أثر العلم الشرعي:
ينبغي أن نحرص كل الحرص على حث الأبناء على تعلم العلم الشرعي من عقيدة وما يتبعها من علوم كمعرفة المذاهب المعاصرة المخالفة للعقيدة الصحيحة، وما نقاط المخالفة فيها بالتحديد حتى يحذر منها، فالأبناء يسمعون بالشيوعية والعولمة والليبرالية وغيرها من المذاهب الهدامة، ولا يعلمون ما المراد بها، لذا فإنه يجب إعطاء الابن نبذة تناسب سنه وفكره وعقله وفهمه وثقافته حتى يعرفها ويكون على حذر منها. ثم يبدأ الابن - إذا كبر وكان ذكيًّا - يبحث هو بنفسه ويقرأ ويحذر.
5- الأساسيات التي يزود بها الوالدان أولادهم منذ أول نشأتهم:
التأذين في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى، وأن يبدأ تطبيق المفهوم العقدي منذ الصغر أي منذ أن يبدأ الطفل بنطق بعض الحروف والكلمات يحاول الوالدان أن يلقناه الشهادة باستمرار، وعدم الكذب عليه حتى لا يتعلم هذا الخلق الذميم، وأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وضربه عليها إذا بلغ العاشرة ولم يحافظ عليها، والتفريق بين الأبناء في المضاجع، وآداب الاستئذان، وتعليم أساسيات العقيدة (من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟)، أين الله، كل هذه الأمور التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلمها ويطبقها.
6- عدم إيقاع الأبناء في الحيرة من أمرهم:
وذلك بسبب تناقض الوالدين؛ فتجد بعض الآباء والأمهات يقولون ما لا يفعلون، فيجب على الوالدين أن يعلما الأبناء ويطبقا في الوقت نفسه حتى يرسخ المبدأ العقدي في ذهن الأبناء.
7- نحصنهم بأن نعلمهم سير الصحابة نساء ورجالا:
خاصة الشباب منهم لبيان كيف أنهم كانوا على قوة كبيرة من الثبات أمام المغريات أو التهديد والوعيد، كقصة سعد بن أبي وقاص ومصعب بن عمير وخبيب بن عدي وغيرهم كثير رضي الله عنهم جميعًا.
8- نزرع في نفوسهم المراقبة الذاتية:
بتذكيرهم بالجنة والنار، فعندما يتصور الابن نعيم الجنة، وعذاب جهنم فإنه سيبتعد تلقائيًّا عن هذه الأمور حتى لا يحرم نعيم الجنة ولا يعذب بنار جهنم.
9 - كذلك يبين للابن أن للمعصية شؤمًا في الحياة:
وأنه كلما زادت مراقبته لله بعدم النظر إلى هذه القنوات فإنه سيزداد توفيقًا من الله وهداية ورزقًا وصلاحا.
10- بالبيان والتوضيح والتحذير والتنبيه:
فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))، فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أن الفراغ نعمة من الله، إلا أن صاحبها مغبون فيها أي مغلوب فيها وليس بغالب لكي يحافظ على وقته. وأما عن التقليد الأعمى فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب دخلتموه))، فهذا تحذير من تقليد الكفار بجميع أصنافهم؛ لأن تقليدهم يؤدي إلى التشبه بهم في دينهم، ((ومن تشبه بقوم فهو منهم)).
11- أن نخبر الجيل الناشئ بحقيقة الأمر ونوضح لهم طريق الخير والشر:
لأننا إذا سكتنا فقد يعلمون من خلال الأصدقاء أو القنوات وغيرها.
12- كما يجب علينا أن نقوي الوازع الديني:
أي نربي فيهم الخوف من الله واحترام رسول الله ومحبته - صلى الله عليه وسلم - كما يجب أن نترك لهم مجال من الحرية؛ لأننا إذا ضيقنا عليهم فسوف يسعون للخلاص من الأهل ويتهمونهم بالسيطرة والانغلاق، كما يجب دائمًا على الأهل التكلم مع أبنائهم بسوى النصائح أو (صليت؟- أكلت؟- ذاكرت؟). لا بد بلا شك أن ننصحهم ولكن لا نجعل كلامنا معهم فقط أوامر ونصائح بل تقيم علاقة صداقة.
13- تقديم البدائل:
مفهوم حيوي في التربية أن نعوّد أبناءنا على الاختيار بين بدائل عدة، فلقد انقضى عهد الإجابات الجاهزة والحلول المفصلة التي نمليها على أبنائنا: \"افعل هذا فقط، وإن فعلت غيره فستتعرض للعقاب\". لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفرض على أبنائنا أسلوب حياتهم وأن نختار لهم أي سبيل يسلكونه. إن عملنا الأساسي هو تزويدهم بالقيم الإسلامية الصحيحة وتعريفهم بالحلال والحرام، ولكن الأهم أن نترك لهم مسئولية الاختيار. لا مكان لتربية تقوم على الإرهاب أو الزجر، بل لا بد أن يتدرب أبناؤنا منذ نعومة أظفارهم على الاختيار في أيسر الأمور مع تقويم هذا الاختيار. من المهم أن يعبروا عن آرائهم وميولهم واهتمامهم. إن إعطاء الأبناء المسئولية في الاختيار هو الأساس الذي سيكسبهم القوة والعزيمة في مواجهة كل ما يخبئه لهم هذا المستقبل المليء بالمفاجآت الثقافية والاجتماعية والسياسية.
14- طرح الأسئلة:
يعد التساؤل والنقد الأساس الأول في تكوين شخصية حرة مسئولة قادرة على اتخاذ القرار. فما الفائدة التي تعود علينا إذا ما قمنا بكبت أسئلة أبنائنا أو ألغينا عقولهم فحرمنا عليهم نقد كل ما يدور حولهم من أمور تتحدى تفكيرهم سواء داخل الأسرة أو خارجها في المجتمع.
إن علينا أولا أن نعيد تربية أنفسنا كآباء وأمهات حتى يتسنى لنا إجراءُ مناقشات مثمرة مع أبنائنا. مناقشات تنمي عقولهم وتدعم إحساسهم باستقلالهم في الرأي. وعلينا أن نطبق معهم مبدأ \"قبول الآخر\" الذي نتشدق به دون أن نعرف معناه. تقبل الأبناء (الآخر) يعني أن ننزل إلى مستواهم، أن نتخلى عن غرورنا، أن نشعر بكم التناقض والبلبلة التي يعانونها والتي لم نخبرها في الأجيال السابقة.
ومن المهم أن ندرك أن من حق الابن أن ينقد كل شيء يدور حوله ويثير لديه الشك أو التعجب ما دام ذلك يتم باحترام ومراعاة لسلوكيات الحوار البناء. من حقه أن يتحدث معنا عن بعض أخطائنا، فنحن كآباء لسنا معصومين من الخطأ. من حقه أن يحصل على ثقافة تمس جميع أمور الحياة حتى الجنسية منها.
15- التعلم بالخبرة:
ويتفق مع ما عرضناه سابقًا ما يدعى التعلم بالخبرة. إن كثيرًا من الآباء يعتقدون أنه من الأفضل أن يقدموا لأبنائهم خلاصة تجاربهم جاهزة فيوفروا عليهم الجهد والتعب وسنوات العمر. ولكن في واقع الأمر لا يقتنع الأبناء، من واقع خبرتي التربوية، بكثير من هذه النصائح ما لم يمروا بالخبرة بأنفسهم ويخرجوا بنتائجهم الخاصة التي تصبح فيما بعد جزءًا محفورًا في شخصيتهم. ويصدق هذا بوضوح في عصرنا الحالي. فلا بد أن نعترف أن خبراتنا مختلفة تمامًا عن خبرات أبنائنا وأن نعترف أيضا أن هؤلاء الأبناء يعرفون الكثير مما نجهله. ونعني بوضوح أن نسمح لهم بقدر الإمكان بالمرور بالكثير من الخبرات حتى ولو ترتب على هذا بعض الخسائر اليسيرة. فمرور الابن أو الفتاة بالخبرة تحت نظرنا وسمعنا أفضل من مرورهم بالخبرة نفسها وهم متوارون عنا مفتقدون نصيحة الخبراء والحنان الذي يحتاجونه عند النجاح أو الإخفاق في أي تجربة.
16- التعلم من خلال حل المشكلات:
ومثله مثل المبادئ السابقة، يأتي مبدأ التعلم من خلال حل المشكلات كأحد الوسائل التربوية التي يمكن أن نستخدمها لندعم تربية أبنائنا. فعلى صعيد التربية الأسرية، يعني هذا المبدأ التخلي عن المفهوم التقليدي الذي يرى أنه من الأفضل أن نعزل أبناءنا عن مشاكل تفوق مستواهم العمري والعقلي ونتركهم وشأنهم ليمارسوا ما يتماشى مع أعمارهم من نشاطات وخبرات. وفي واقع الأمر، فان إبعاد الأبناء عن المشاكل الحقيقية في الحياة يفقدهم الشعور بالثقة بالنفس كما يعطيهم مفهومًا سطحيًّا عن الحياة يتحطم في أول لقاء لهم مع متاعبها وأهوالها.
17- الاعتراف بالأخطاء:
من الأخطاء الشائعة الموروثة التي يقع فيها الآباء محاولة الظهور أمام أبنائهم بمظهر الشخص المعصوم من الخطأ، الصائب القرارات، المنزه عن أي اعتراض. وكلنا يعرف أن هؤلاء الآباء كانوا فيما مضى شبابًا يعانون ويمرون بمثل ما يمر به أبناؤهم من أخطاء. إن الكثير من الآباء والأمهات قد أخطأوا في كثير من القرارات التي اتخذوها فيما مضى. بل إن كثيرًا منهم ما زالوا يرتكبون أخطاء كثيرة في حياتهم اليومية. وفي المقابل فإنهم يحرّمون على أبنائهم مناقشة أي من هذه الأخطاء أو حتى مجرد ذكرها. ولنا أن نتصور كم التناقض والصراع الذي يمكن أن يشعر به المراهق حين يرى تصميم الأب أو الأم على الظهور بهذا المظهر الأسطوري في حين يدرك هو بعمق وبنظرته الثاقبة وبذكائه المتقد الكثير من أوجه النقد التي يأخذها على والديه والتي تبدو جلية للعيان.
وتؤكد كثير من الخبرات والبحوث التربوية أن كثيرًا مما يعانيه المراهق من أزمات يعود إلى هذا السد المنيع بينه وبين والديه. هذا السد الذي يفرض عليهم احترامًا مزيفًا لا يقوم على الاقتناع والاعتراف بالطبيعة الإنسانية بكل ما تحمله من ضعف وقصور. والنتيجة الوقوع في الأخطاء وعدم الاقتناع العميق بكثير مما يتشدق به الوالدان من مثل وقواعد لا تنزل لمستوى المراهق ولا تعكس ما يجري حوله في الواقع المعاش.
18- الإنصات الجيد:
وآخر المبادئ التي أريد التنويه عنها هنا: مبدأ الإنصات الجيد لأبنائنا. الإنصات لا يعني مجرد أن نفتح آذاننا للمراهق؛ ولكن الإنصات هنا يعني في جوهره اللقاء بين القلوب والعقول الذي يحاول فيه الوالد أن يهبط إلى مستوى المراهق وأن يخبر مشاعره حتى ولو شابها التناقض والخطأ. ليس عيبًا أن نخطئ، ولكن العيب أن يظل هذا الخطأ سرًّا مكتومًا في نفوسنا لا نراه إلا على صفحات المجلات والمواقع الإلكترونية. أخطاء بشعة وقع فيها الأبناء لأنهم لم يجدوا من يستمع لهم بحب دون إرهاب أو تخويف أو إذلال. إن تدارك الخطـأ في بدئه أسهل بكثير من تداركه بعد تفاقمه ووصوله إلى حدود لا يمكن أن يصل إليها عقل شخص مسلم عربي. أخطاء جسيمة وفضائح بين الفتيات والفتيان يشيب لها الشعر..
ونتأمل متسائلين:
- هل هؤلاء الأبناء هم نتاج أسرنا الإسلامية المحافظة؟
- هل ذاقت هذه الفتاة الضائعة أمام أول كلمات فتى وجدته على النت حنان الأم وصداقتها الحقيقية؟
- هل تحدث هذا الفتى المشدوه أمام الصور الجنسية مع والده وعرف أنه إنسان مر بمثل هذه التجارب من قبل؟
- هل عرف هذا الفتى أو هذه الفتاة التي تمارس أشياء شائنة كيف يفكر وينقد ويختار منذ نعومة أظفاره؟
إن علينا أن نعيد النظر في أنفسنا كمربين لنرى أين الخلل. كما يجب أن ندرك جيدًا أن تربية الأمس لم تعد تكفي اليوم، وتربية اليوم لن تكفي للغد. وعلينا أن نربي أنفسنا من جديد ونتخلى عن غرورنا. ففلذات أكبادنا وصلاح مجتمعنا يستحق منا الكثير من التفكير والكثير من التضحية والكثير من النقاش والحوار.
الوسائل الكفيلة بتربية صحيحة:
نعرضها من خلال عدة نقاط:
1 - مهما تطور الزمن وزاد الانفتاح فهو لا يعدو أن يكون حلقة متجددة مما عاش عليه أسلافنا، ومن ثم فعلينا أن نعي أن هناك طبقات من المجتمع ما زالت تمارس التربية الصحيحة في زمن الانفتاح، وأن وعيها بما تعيشه زادها إصرارًا في المضي قدما نحو التربية الصحيحة.
2 - الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، ومن ثم فعلى المربين أن يحسنوا الاستفادة من الانفتاح، فالكلمة التي كانت تؤثر في دائرة صغيرة أصبح يسمع لها صدى في أرجاء المعمورة، وتطبيق الأفكار التربوية تعدى المحيط الصغير إلى الفضاء الواسع.
3 - إن غرس معاني المراقبة الذاتية من أعظم المعاني التي على المربين أن يتقنوها في أنفسهم ويغرسوها في الآخرين، فهي العاصم بإذن الله.
4 - العمل على إيجاد المحاضن التربوية أو استمرارها إن وجدت فهي تمثل البيئة المشجعة للاستفادة من التربية وتواصلها.
5 - بالنظر إلى حال الأمة بمجمله في ظل أجواء الانفتاح نرى أنها بخير وأنها تسير في الاتجاه الصحيح، فالانفتاح ربما أثر سلبًا في الأفراد كأفراد، ولكنه أثر إيجابًا على المجموع العام للأمة، فبموازنات يسيرة يمكننا أن نقيس التقدم نحو الأمام في ظل المغريات والانفتاح الموجود.
6 - مهما بحثنا في الوسائل وسعينا في شتى الطرق سنرجع في نهاية المطاف إلى أن التربية الإيمانية وممارستها وتأكيدها، فهي الحامي بإذن الله من كل انفتاح سلبي.
7 - ينبغي الاستفادة من الانفتاح بتوسيع دائرة التأثير التربوي وتبادل الخبرات والتجارب والاتجاه من التأثير في الفرد إلى التأثير في الأمة ومن ثم اختيار أكثر الوسائل فائدة في هذا الاتجاه.
8 - من إيجابيات الانفتاح أنْ حفز المربين على تطوير أدواتهم وأساليبهم والاستفادة من كل جديد.
9 - لا بد أن نعي أن الوصول إلى التربية الصحيحة يستلزم البذل والعطاء وتربية النفس قبل تربية الآخرين والثبات على طريق التربية الصحيحة مهما تراجع الآخرون.
10 - إن كنا نتحدث اليوم عن الإغراءات والانفتاح فعلينا أن نعي أن ما هو قادم سيكون أكثر انفتاحًا وتطورًا وتأثيرًا.
11 - لا بد لنا أن نتذكر أن الفطرة السليمة تعود إلى أصلها ولو بعد حين، ولذا يبقى علينا الصبر والعطاء والبحث عن كوامن الخير في هذه الفطرة السليمة.
12 - علينا أن نتذكر أن من يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم، وأن النفع المتعدي أكثر أجرًا من النفع الذاتي ولنحذر من إساءة الظن بالجمهور العريض من الشعب، شبابًا وبنات، رجالاً ونساءً، والاقتراب من مجتمعنا، ونتجنب بناء أسوار عالية بيننا وبين أهلنا.
13 - أن نتعلم كل جديد ونعرف كيف نسخره لخدمتنا فليس من المنطقي أن يكون هناك دعاة وإلى اليوم لا يجيدون استخدام الكمبيوتر، فلا بد أن نهتم بهذا الجانب اهتمامًا كبيرًا.
14 - أن نقتحم المجال وبقوة وخاصة (الإعلامي) لأن الإعلام هو بريد الانفتاح الذي يبث خيره وشره، نتردد ونخاف كثيرًا من الإخفاق أو من عدم توفر الإمكانات، ولكن هناك قاعدة أصيلة ومجربة وأكيدة المفعول، وهي (إذا أردت.. فسيكون إن شاء الله).
15 - مراجعة المنهج الدعوي، واخضاعه للحذف والإضافة بما يتوافق مع المتطلبات الأساسية للهدف المنشود، مع مراعاة الثوابت والمتغيرات.
16 - إصدار دوريات ونشرات حول الموضوع؛ كسلسلة متتابعة يتزود منها العاملون، ويطرح فيها كل جديد.
17 - الاستفادة من المجتمع نفسه، إذ إنه يدخل في دائرة التثقيف من خلال الديوانيات والوعظ العام، حتى لا يقف في طرف المستغرب المستهجن.
18 - عمل مسح ميداني للوقوف على الحال الذي وصل إليه الجيل والأسباب، ومن أين نبدأ وماذا نريد.
19 - الالتفات بخصوصية تامة وبهمة عالية لوضع المرأة، والسعي الحثيث إلى إدراجها بقوة ضمن برامج التربية والتنمية، فهي ركن مهم وخطير.
20 - السعي الحثيث إلى فتح رياض الأطفال والمدارس الأهلية التي من خلالها يسهل كل صعب ويلين كل قاس، كما يقول الدكتور عبد الكريم بكار.
21 - ألا نغفل عن أثر البيت والمسجد والمدرسة في التربية؛ لأنها هي القنوات الثلاث الأولى التي يبدأ منها التغيير والتأثير الإيجابي...
22 - تربية الدعاة أنفسهم على مبدأ التمسك بالوحيين ووضع برامج عملية لتطبيق الوحيين على أرض الواقع، فإذا وجد الابن الداعية القدوة متمثلة أمامه أولا في والده وفي أخيه فسيكون له قدوة في ذلك.
وأخيرًا علينا أن نتذكر أن لكل شيء وجهين، وللانفتاح وجه إيجابي يمكن عرضه في النقاط التالية:
1 - سرعة تبادل التجارب التربوية من مختلف أرجاء المعمورة مما يساعد على تكوين قاعدة بيانات متكاملة للتجارب التربوية.
2 - اتساع دائرة تأثير المربي وفق أدوات الانفتاح التي يستخدمها ووصول صوته التربوي إلى الكثير دون أن يشعر.
3 - الانفتاح يساعد على تعدد الآراء التربوية، ومن ثم تقبل ما لدى الآخرين من آراء تربوية.
4 - إمكانية التواصل اليومي الدائم بين المربي والمتربي من خلال دوائر الانفتاح المختلفة المتنوعة.
5 - مساعدة دوائر الانفتاح في إبراز الرموز التربوية مما يعزز من أثرها ويعمل على زيادة دائرة تأثيرها.
6 - تواصل أجيال المربين بمختلف أعمارهم وخبراتهم من خلال دوائر الانفتاح.
التربية ثم التربية ثم التربية.
يا معاشر الدعاة، اقدروها قدرها، واعرفوا أهميتها، فذلك طريقكم لمواجهة الانفتاح وما وراء الانفتاح، أين أنتم معاشر الدعاة من القدرة على مواجهة العقبات، وكثيرون قد استكثروا من المباحات، وشغلوا بالأبناء والزوجات، وألفوا الكسل، وعافوا العمل، حتى ركنت لذلك نفوسهم، وقنعت به همومهم، وذلك نتيجة حتمية لمن ترك تزكية النفس بالطاعات، وطهارة القلب بالقربات، ومن المعلوم \"أن في النفوس ركونًا إلى اللذيذ والهين، ونفورًا عن المكروه والشاق، فارفع نفسك ما استطعت إلى النافع الشاق، ورُضْها وسُسْها على المكروه الأحسن، حتى تألف جلائل الأمور وتطمح معاليها، وحتى تنفر عن كل دنية وتربأ كل صغيرة، علّمها التحليق تكره الإسفاف، عرّفها العز تنفر من الذل، وأذقها اللذات الروحية العظيمة تحقر اللذات الحسية الصغيرة\" [الرقائق ص 51].