Download

موقع لكل إنسان على كوكب الأرض يحب المعرفة

تحضير الأرواح

 

 

قامت فكرة تحضيرة الأرواح في أمريكا سنة ( 1848 م ) ثم انتشرت بعد ذلك في أوربا والعالم حتى ألفت فيها الكتب وصارت علما يدرس في الجامعات وصدر في الخمسينات في مصر باسم ( الروح ) وكان يحررها الدكتور رؤوف عبيد الأستاذ في كلية الحقوق جامعة عين شمس وهو من أكثر الناس تحمسا لهذا الموضوع والداعين إليه والمولعين به وله في هذا الموضوع عدة مؤلفات أشهرها كتاب " الإنسان روح لا جسد "

 

وتتلخص هذه الدعوى في أن علم تحضير الأرواح علم شريف وفن راق يقوم على أسس علمية غفل الناس عنها في القديم , وأن طبيعة هذا العلم هي السيطرة على الأرواح في عالم البرزخ بعد موتها واستحضارها في أي وقت لتخبر عن حالها في عالم الأرواح الذي تعيش فيه , وبالمناسبة فإن المشتغلين بهذا العلم يعتقدون بتناسخ الأرواح بمعنى : أن روح الإنسان بعد الموت تحل في شخص آخر , ويفهم من كلامهم أن تحضير الأرواح يتم بطريقتين :

 

الطريقة الأولى

التقمص بالوسيط وذلك بحلول الروح في جسد أحد الوسطاء بعد دخوله في غيبوبة والتكلم على لسانه وإملاء ما يريد إملاءه من عالم الأرواح ويذكرون أن الشاعر أحمد شوقي قد أملى على وسيطة من المنصورة تدعى ( مدام روفائيل ) مسرحية شعرية تتكون من أكثر من ألف بيت اسمها ( عروس فرعون ) وأن ( برنادشو ) كتب مسرحية وهو في العالم الآخر , وكذلك الحال بالنسبة لـ ( فيكتور هورجو ) و ( دانتي ) و ( تشالز ديكنز )

 

الطريقة الثانية

التجسد : وهي أن تظهر الروح مجسدة في صورة مطابقة لصورة صاحبها في الدنيا ويزعمون أن هذه الروح تمتلك القوى , وأن من الممكن أن تمشي في الغرفة وتتحدث مع الحضور وتمازحهم وقد تعزف على البيانو وأنه من الممكن التقاط صور بواسطة الأشعة تحت الحمراء لهذه الأرواح كما تم التقاط صورة من هذا النوع لروح ملكة بلجيكا " استريد "

 

وهذه الدعوى منتشرة في أوربا وأمريكا انتشارا شديدا , ويمارس الروحانيون هناك نشاطهم بمكاتب خاصة مرخصة من الحكومة ومن أساليب الكذب التي يتبعونها أنه إذا ما رغب أحد أن يراجع عندهم يعطونه نسخة من النشرة الروحية وهي مشتملة على بعض التعليمات منها : الجلوس في غرفة مظلمة في أوقات محددة والكف عن الكلام لمدة محددة ونحو ذلك ثم يعطونه رقما وتاريخا للمراجعة يراعون فيه بعد الموعد حتى يشعروه بأن المترددين عليهم كثر ..

 

وقبل أن نفسر هذه الظاهرة ونحللها نحب أن نبين فسادها من الناحية الشرعية

 

أولا : الروح من أمر الله فهي محكومة بناموس وسرّ إلهي ولا سلطان لأحد على الأرواح بعد موتها قال تعالى :

( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي * وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )

والعلماء مختلفون في مصير أرواح المؤمنين بعد وفاتهم إلى أقوال : منهم من يقول إنها في الجنة مستدلين بقوله تعالى : ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ) وبقوله تعالى : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) .. ومنهم من يقول : إنها على باب الجنة واستدلوا بحديث : ( الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا ) رواه أحمد .. ومنهم من يقول : إنها في عليين في السماء السابعة مستدلين بحديث البخاري : ( اللهم الرفيق الأعلى ) وحديث : ( إن الميت إذا خرجت روحه عرج بها إلى السماء السابعة التي فيها الله عزّ وجلّ ) رواه أحمد .. ومنهم من يقول : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر معلق في شجر الجنة .. وأما أرواح الكفار : فهي محبوسة في سجين لقوله تعالى : ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجّين )

 أو أنها في النار تعرض عليها غدوّا وعشيا ..

 

ثانيا : بقول الله تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ) فكيف يمكن الادعاء بعد ذلك أن بإمكان الروحاني أن يسيطر على الروح وأن يستحضرها !! وفي الحقيقة أن تحضير الأرواح والسحر وجهان لعملة واحدة , وذلك أنه لما ساءت سمعة السحرة والمشعوذين في العالم وغدت كلمة ( ساحر ) كلمة كريهة وبغيضة إلى النفوس وأصبح السحرة مطلوبين للعدالة في كثير من البلاد لجأ السحرة والمشعوذون إلى تغيير الاسم مع بقاء المضمون فصاروا ينادون بفكرة تحضير الأرواح ..

 

ويمكن تفسير ظاهرة تحضير الأرواح بأحد أمرين

 

الأمر الأول

أن يؤثر على الشخص ( الوسيط ) أو ( وسطاء الجلاء البصري كما يسمونهم ) بالإيحاء النفسي والحيل العلمية والمؤثرات المختلفة كاستخدام الأضواء الخافتة ونقل الأجسام وتحريكها في هذا الجو مما لا يتيح للشخص أن يتبيّن حقيقة الأشياء , أو مصدر الأصوات ..

 

الأمر الثاني

أن يتم هذا الأمر بتسخير الجن والشياطين وتحضير قرين الإنسان المدّعى تحضيره , وأن يقوم هذا الجني بتقليد صوت المستحضر وهذا أمر ممكن وبمقدور الجن فعله بحكم ملازمتهم للإنسان واطلاعهم على أسراره وأحواله الخاصة ..

 

وقد قال بهذا التفسير بعض علماء المسلمين الذين كانت لهم تجارب مع محضري الأرواح .. ننقل بعضها ..

 

تحدث الشيخ أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله عن تجربته مع أحد محضري الأرواح المزعومين في مدينة حلب في كتابه ( الإيمان بالملائكة ) ولخص تجربته بالتالي : إن السر الخفي الذي انكشف لي آنذاك أن المحضّر ليس بوالدي ولكنه قرينه من الجن الذي صحبه مدة حياته فجاءني بمثل صوته ويتشبّه بخصوصية من خصوصياته .. وجميع الصور التي اعتادها مستحضروا الأرواح كذب وباطل سواء في ذلك طريقة الوسيط التي ذكرتها وجربتها , وطريقة المنضدة والفناجين التي ذكرها لي بعض من جربها ووصل إلى النتيجة التي وصلت إليها .. ومن عجيب الأمر أني قرأت بعد ذلك كتبا مؤلفة في هذا الموضوع فإذا بالمجربين والعاقلين قد وصلوا إلى ما وصلت إليه وحكموا على تلك الأرواح أنها قرناء بني آدم من الجن ..

 

وتحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود رحمه الله في كتابه ( توازن الأرواح ) عن قناعته في هذا الموضوع فقال : وليس ما يحضّر في هذه الجلسات التي يعقدونها أرواحا لبني البشر , وإنما هي أنواع من الجن تحضر سخرية ببني البشر , أو تضليلا لهم .. وروى قصة عن أكابر هؤلاء المحضرين وكيف أنهم قدموا إلى مكة المكرمة ليثبتوا أنهم على حق , وقضوا الليل كله في إحدى الحجرات الملحقة بالحرم يحاولون تحضير إحدى الأرواح زاعمين أنه لو كانت الأرواح المحضرة من الشياطين فإنها لا تدخل الحرم إلاّ ان محاولتهم تلك باءت بالفشل ولم يستطيعوا فعل شيء ..

 

وصدق الله العظيم

(( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي * وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ))سورة الإسراء 85

 

  • Currently 163/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
55 تصويتات / 3983 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2009 بواسطة download

ساحة النقاش

download
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

171,565