حديثى اليوم عن مطعم شهير فى السعودية بدايته كانت فى مدينة جدة ثم انتشر فى محافظات كثيرة فى المملكة، وأصبح من عادات الحجاج والمعتمرين فى مكة والمدينة، تميز بمذاقه الطيب وسعره المتناسب مع الجميع فضلاً عن الخدمة السريعة والمتميزة من طاقم عمل يمتاز بالجودة، يقدم بروستد دجاج مقلية بخلطة من التواب التى أجلبت له المذاق الجميل. عندما ذهبت إليه أول مرة أزعجنى الزحام الشديد ولكن بعد دقائق وجدت سرعة كبيرة فى إنجاز الطابور بعد تنازل عداد الأرقام باللوحة المعلقة فى مدخل المطعم، وفى مرات أخرى جلست أنا وأصدقائى فى الدور العلوى فوجدت خدمة مريحة جدا من قبل العاملين وتنظيف المكان باستمرار بعد خلو كل طاولة من الطعام فعلمت أنه ليس من فراغ أن يحصل على شهادة الايزو. كان من العجيب كل هذا الزحام الشديد الذى لم أجده فى أى مطعم قط ذهبت إليه أو يأخذ شهرة بهذا الازدحام مع هذا السعر المتواضع والخدمة العالية، فضلا عن حجاج بيت الله والمعتمرين وكأنه من طقوس العمرة الذهاب بعد الانتهاء منها إلى أقرب فرع لهذا المطعم وأخذ وجبتك المفضلة، وبعد فترة كبيرة عرفت أن صاحب المحل يخرج عن كل وجبة من وجبات البيك ريالا وقف للصدقة للجمعيات الخيرية وغيرها، ثم توفى صاحب المطعم رحمه الله، فما كان من أبناءه إلا أن يكونوا أكثر عطاءً فأخرجوا عن كل وجبة ريالين. كانت هذه الصدقة لها فضل كبير فى مضاعفة المال وفى الحديث ما نقصت صدقة من مال، فماذا يحدث لو فعل كل التجار هذا الفعل أو كل صاحب منتج من المنتجات أخرج عليه صدقة. تجد بعض من التجار وأصحاب الأموال يخشون كثيرًا على نقص أموالهم بطريقة مبالغ فيها، وهذا من حرصهم الزائد على الدنيا التى يجهلون حقيقتها، والقليل منهم هو الذى ينفق مما أعطاه الله وهم الأذكياء الذين يعلمون أنهم يتاجرون مع الله الذى يضاعف الأجر فى الدنيا والآخرة. قد تجد شخصا يخبرك أن الموضوع ليس له علاقة بالصدقة وإنما هو جودة المنتج وسعره هو الذى يحدد كمية المبيعات ولو فكر قليلاً لوجد أن ملايين المطاعم تقدم وجبات جيدة جدا مع أسعار معقولة، ولكن لا تبلغ كمية المبيعات مثل مبيعات البيك ولا انتشار الفروع الملاحظ، ستجد أن بالفعل هناك شيء مختلف ألا وهو البركة التى كانت نتيجة طبيعية لكل هذا المجهود من العاملين وغيرهم وتطهير كل ذلك بالصدقة المتبعة مع كل وجبة. لن ينسى التاريخ أبدًا حاتم الطائى وكرمه المشهود الذى قيل عنه أنه كان يذبح كل يومًا عشرة من الإبل ويوزعها على الناس وحتى عندما اشتد الدأب والجوع فى أوصال الناس فى عام مجاعة فما منه إلا أن قام بذبح فرسه وأجج نارًا وأطعم الجائعون. الكثير من الصحابة أنفقوا جميع أموالهم على الإسلام وهم فرحون بذلك ولا يريدون إلا رضا الله وإتباع حبيبه، فالآن حالة من البخل المتبع بين الكثير من الناس وبالأخص الذى يملك المال والعجب أنه لا يعرف مقدار أمواله ويخشى النقصان ويخاف الإنفاق وكلما يزداد مالاً يزداد بخلا. الخلاصة فيما يفهم حقيقة الدنيا وحقيقة البلاء فكيف يستغل ذلك أصحاب الأموال بحيث يبقى هذا المال صدقات جارية لهم بعد مماتهم، وفى نفس الوقت تحل البركة على أموالهم ويستفيد من ذلك هو وأبنائه فبادروا بالكرم فالله أكرم .
عدد زيارات الموقع
4,579
ساحة النقاش