ويعفو عن كثير
تأملت حالنا والأحداث التى نمر بها وتأملت قول الله تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) هذه الآية التى كانت ترددها بكثرة السيدة عائشة رضى الله عنها
فما سلط الله على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه ، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه ، أضعاف ما يعلمه منها ، وما ينساه مما عمله ، أضعاف ما يذكره ، وفي الدعاء المشهور اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا
فما نحن فيه الآن ما هو إلا نتيجة طبيعية لذنوب تراكمت منذ سنين نعصى الله سراً وجهراً وما زلنا مستمرين فى المعصية بل منّا من يجهر بذلك ويفتخر به ومنّا من أصبح الحرام عنده حلال ومنّا من أصبح الذنب عنده عادة يصعب عليه تغيير نفسه
وعندما يبتليه الله بالمصائب التى يطهره بها من ذنوبه يثور ويجور ويقول لماذا أنا .. قل هو من عند أنفسكم ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم )
لقد أرسل الله الرسل للناس ليكونوا الطريق المنير إلي جنة عرضها السموات والأرض وليعبدون الله على بصيرة ولكن كثير من الناس ضلوا الطريق واتبعوا هواهم فخسروا دنياهم وأخراهم
ولما كانت الذنوب هي أصل كل الانتكاسات وكانت هذه الذنوب هلاك لكل الأمم السابقة اللذين كانوا يبارزون الله ليل نهار بالذنوب والمعاصي وكانت أمم أشد منّا قوة فأرسل الله لهم الرسل فلم يسمعوا إلى رسله واستمروا فى المعصية إلي أن أخذهم الله بذنوبهم وأرسل لنا قرآن يتلى علينا بقصصهم ليكونوا لنا عبرة وآية حتى لا ننسى أنفسنا ونتذكر كيف فعل الله بأقوام كانت من قبلنا
والله سبحانه غني عن عذابنا وعن حتى بلاءنا ولكن المعزي الحقيقي من كل بلاء وكل مصيبة هي العودة إلي الله ( لعلهم يرجعون ) تأمل معي ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) ، ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
إذن الهدف من البلاء في هذه الدنيا هو أن نرجع إلي الله ونندم على ما فعلنا من ذنوب ومعاصي ونعترف أننا مخطئون جميعا ولنطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد وأن نحب الخير لبعض ونسعى في إصلاح أنفسنا قدر المستطاع وان نعلم جميعا أن الأمة الإسلامية ميزها الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلنطبق هذه الميزة العظيمة وأحذر أن تقول ( وأنا مالي ) مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
فإذا رأيت منكر فغيره على قدر استطاعتك ولا تصمت عنه ، وأبدأ بنفسك وبمن تعول فللمعاصي والذنوب أثر كبير على حياتنا في كل شئ وكان حسن البصري رحمه الله يقول أني أري أثر معصيتي فى خلق دابتي وخلق زوجتي ، فمن رحمة الله بنا أن جعل لنا باب التوبة مفتوح على مصراعيه حتى نلقى الله (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
فبادر بالتوبة من الآن وأعلم أن الله ينصر من ينصره ويحفظ من يحفظه فأدعو نفسي وإياكم بالرجوع إلي الله حتى يرفع مقته وغضبه عنا وحتى نلقاه وهو راضً عنّا .
مؤمن محمد صلاح
ساحة النقاش