قال الله عزوجل :وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ، أنتم تنفقون لأنفسكم، تحسنون لأنفسكم، ولا شك أن بذل المعروف إذا كان ذلك لا يسع الجميع أن بذله للأصلح أولى، وأن بذله للأحوج أولى ممن كانت حاجته دون ذلك، وأن بذله للقريب أولى من بذله للبعيد وهكذا، فهذه مراتب، ولا شك أن القريب مقدم على غيره، ومن كان أكثر حاجة أو أكثر صلاحاً أو نحو ذلك، والمقصود هنا في هذا الحديث أن هذا البذل والإحسان كان لكلب، فهو حيوان بهيم، ثم هو أيضاً معروف بصفات لا تحسن ولا تجمل، صفات مذمومة، فالكلب من أحط الحيوانات.
فكيف بمن سقى أمة؟!، كيف بمن حفر بئراً لقرية لا يجدون الماء مثلاً، أو أجرى نهراً، أو أجرى عيناً، أو نحو ذلك، وضع برادة للمسلمين يشربون منها؟!، ولعلكم قرأتم في ترجمة الحاكم النيسابوري - صاحب المستدرك أنه أصيب بقروح في وجهه، فتعب وهو يعالجها، فكتب رسالة ودفعها في مجلس شيخه أبي عثمان الصابوني -رحمه الله، كان المجلس حاشداً في يوم الجمعة، فقُرئت الرسالة، يطلب فيها الدعاء والتأمين أن الله يشفيه، فقرئت الرسالة ودعا له أبو عثمان الصابوني -رحمه الله- وجلس الناس يؤمِّنون،
فرجعت امرأة إلى بيتها وهي مهمومة ومشغولة بأمر هذا الإمام العالم -أعني الحاكم النيسابوري -رحمه الله، فلما نامت رأت النبي ﷺ يأمرها أن تقول لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري أن يتصدق بالماء، أن يبذل الماء أو نحو ذلك، فوضع حوضاً عند بيته وألقي فيه الثلج، وجعل الناس يشربون، فبَرِئ
ساحة النقاش