ثالثاً : فضل الدعاء الدعاء فضله عظيم ، وشأنه جسيم فبالإضافة إلى أنه عبادة مأمور بها ، مُثاب فاعلها إلا أنه : 1 - يُستدفعُ بِـهِ البلاء ، ويُـردُّ بِـهِ القضاء قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لاَ يَرُدّ القَضَاءَ إِلاّ الدّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ في العُمُرِ إِلاّ البِرّ . وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الدعاء ينفع مما نـزل ومما لم ينـزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء . 2 - كَـرامـة الدعاء على الله دِلالة على فضله قال – عليه الصلاة والسلام – : لَيْسَ شَيْءٌ أَكْـرَمَ على اللّهِ سُبْحَانَهُ مِِـنَ الدّعَاءِ . 3 - وبالدعاء تستمطر الرحمات ، وتُستدفع النقمات ولذا كان الناس إذا قحطوا خرجوا للمصلى ، وسألوا الله جل وعلا ، وتضرعوا إليه فيسألونه بصدق وإخـلاص وحسنِ لجـاءة إليه ، فيستجيبَ دعائهم ، ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ) [ الشورى : 28 ] . وفي الصحيحين من حديث أنسِ بنِ مالكٍ أَنّ رجُلاً دخلَ المسجدَ يومَ جُمعةٍ من بابٍ كان نحوَ بابِ دارِ القضاءِ - ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قائمٌ يخطبُ - فاستقبلَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قائماً ، ثم قال : يا رسولَ اللهِ . هلَكَتِ الأموالُ ، وانقطَعَتِ السبلُ ، فادعُ اللهُ يُغيثُنا فرفعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدَيهِ ، ثم قال : اللّهمّ أغثْنا . اللّهمّ أغثْنا اللّهمّ أغثنا . قال أَنسٌ : ولا واللهِ ما نرَى في السماءِ من سحابٍ ولا قَزَعـةً ، وما بَينَنا وبينَ سَلعٍ من بيتِ ولا دارٍ . قال : فطلَعَتْ من ورائهِ سحابةٌ مثلُ التّرسِ ، فلمّا توسّطَتِ السماءِ انتَشَرتْ
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
ثم أمطرَتْ ، فلا واللهِ ما رأينا الشمسَ سبتاً [1] ، ثمّ دَخلَ رجلٌ من ذلكَ البابِ في الجُمعةِ المُقبلة – ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قائمٌ يَخطب – فاستقبلَهُ قائماً فقال :يا رسولَ اللهِ هَلكَتِ الأموالُ ، وانقطَعتِ السبُلُ ، فادعُ اللهَ يُمسِكها عنا ! قال فرفعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديهِ ثم قال : اللّهمّ حَوالَينا ولا علينا . اللّهمّ عَلَى الآكامِ والظرابِ وبُطونِ الأوديةِ ومَنابتِ الشجر . قال : فأَقلعَتْ ، وَخرجْنا نمشي في الشمسِ [2] .
3 - وبالدعاء يُستخرج مكنون عبودية الدعاء والتضرع لله سبحانه والذلّ بين يديه
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : من لم يَدْعُ اللهَ غضب اللهُ عليه [3] .
وما ذلك إلا لأن العبد مفتقر إلى الله في جميع أحوالـه ، فمن ترك الدعـاء فقد استغنى عن الله بلسان حاله ، وهذا موجبٌ لغضب الله عليه .
اللهُ يغضبُ إن تركتَ سؤالَه وبُنيّ آدمَ حينَ يُسـألُ يغضبُ
ولذا كانت عائشة – رضي الله عنها – تقول : سلوا الله التيسير في كل شيء ، حتى الشسع في النعل ، فإنه إن لم يُيسره الله لم يتيسر [4] .
قال بكر بن عبد الله المزنى : ينـزل بالعبد الأمر فيدعو الله فيُصرف عنه ، فيأتيه الشيطـان فيضعف شكره يقول : إن الأمر كان أيسر مما تذهب إليه [5] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : قال بعض السلف : يا ابن آدم . لقد بُورِك لك في حاجة أكْثَرْتَ فيها مِنْ قَرْعِ باب سيِّدك .
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->وقال بعض الشيوخ : إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه ، فيفْتَح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحبّ معه أن يُعجّل قضـاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك ؛ لأن النفس لا تـريد إلا حظّهـا فـإذا قُـضْيَ انْصَرَفَتْ [1] .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
فإذا كان كلُّ خيرٍ أصله التوفيق ، وهو بيـد الله لا بِيَـدِ العبـد ، فمفتاحه الدعاء والافتقار وصِدقِ اللجأ والرغبة والرهبة إليه ، فمتى أَعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح لـه … وما أُتي من أُتي ، إلا من قِبل إضاعةِ الشكر وإهمالِ الافتقار والدعاء ، ولا ظَفِرَ من ظَفِر – بمشيئة الله وعونه – إلا بقيامه بالشكر وصدق الافتقار والدعاء [2] .
وقال أيضا :
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبّد لـه ، ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبّب إلى مملوكـه بصنوف إنعامـه ويتودد إليه بأنواع إحسانه ، مع غناه عنه
كفى بك عزّاً أنك له عبد وكفى بك فخراً أنه لك رب [3] .
وقال ابن رجب – رحمه الله – : واعلم أن سؤالَ اللهِ تعالى دون خلقه هو المتعيّن ؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار ، وفيه الاعتراف بقـدرة المسؤول على دفـع هذا الضرر ، ونيـلِ المطلوب ، وجلـبِ المنافع ، ودرء المضارّ ، ولا يصلح الذل والافتقار إلا الله وحده ، لأنه حقيقة العبادة [4] .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : الدعـاء هو إظهـار غـاية التذلل والافتقار الى الله والاستكانة له ، وما شُرِعَتْ العبادات الا للخضوع للباري وإظهار الافتقار اليه [5] .
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
4 - ( ومما يدل على فضله ) أن الله يُحب الدعاء ، ويُحب الملحِّين فيه
كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو الله كثيرا ، ويُلحّ في الدعاء .
روى ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال - وهو في قُبَّـةٍ لـه يوم بدر - : أنشدك عهدك ووعدك . اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً . فأخذ أبو بكر بيده وقال : حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك [1] .
وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ألِظُّـوا بـيا ذا الجـلال والإكرام [2] .
قال ابن الأثير : معنى ألِظوا : إلزموه ، واثبتوا عليه ، وأكثروا من قوله والتلفظ به … وفي حديث رَجْم اليهودي ، فلمَّا رآه النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألَـظَّ به النِّشْدَة . أي ألَحَّ في سُؤاله وألزمَه إيَّاه [3] .
وقد أثنى الله على خليله إبراهيم بأنه أوّاه ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ) [التوبة:114] .
قال ابن مسعود – رضي الله عنه – : الأواه : الذي يُكثر الدعاء [4] .
قال ابن رجب : والله سبحانه يحبُّ أن يُسأل ، ويُرغبُ إليه في الحـوائج ، ويُلحُّ في سؤاله ودعائه ، ويغضب على من لا يسأله ، ويستدعي من عباده سؤالَه ، وهو قادر على إعطاء خلقه كلهم سؤلهم من غير أن ينقص من ملكه شيء ، والمخلوق بخلاف ذلك ، يكره أن يسأل ويحب أن لا يسأل ؛ لعجزه وفقره وحاجته ، ولهذا قال وهب بن منبه - لرجل كان يأتي الملوك - : ويحك تأتي من يغلق عنك بابَه ، ويظهر لك فَقْرَه ، ويواري عنك غناه ، وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ، ويظهر لك غناه ، ويقول ادعني أستجب لك . وقال طاووس لعطاء : إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق بابه دونك ، ويجعل دونـها حجّابَه ، وعليك بمن بابُه مفتوح إلى يوم القيامة ، أمرك أن تسألَهُ ، ووعدك أن يجيبَك [5] .
5 - بالدعاء تُفرّجُ الشِّدّائد ، وتُنفّسُ الكُرب
فكم سمعنا عمن أُغلقت في وجهه الأبواب ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، ثم طَـرَقَ باب مسبب الأسباب ، وألحّ على الله في الدعـاء ، ورفع إليه الشكوى ، وبكى فَفُتِحَتْ له الأبواب ، وانفرج ما به من شِدّة وضيق .
ألم تسمع قصة أولئك الثلاثة الذين دخلوا غـاراً فأغْلَقَتْ عليهـم الباب صخـرةٌ عظيمة ، فما كان منهم إلا أن دعوا الله بصالح أعمالِهم وأخلصِها ، فانفرجت الصخرةُ وخرجوا يمشون [6]
6 - وبالدعاء يُستنـزلُ النصر من الله العلي القدير
فالمؤيد بالوحي – عليه الصلاة والسلام – كان يجتهد في استنـزال النصر بالدعاء .
فعن عَبْد اللّهِ بْن عَبّاسٍ قال : حَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ قال : لَمّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلَىَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم الْقِبْلَةَ ثُمّ مَدّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبّهِ : اللّهُمّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي . اللّهُمّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي . اللّهُمّ إنْ تَهْلِكْ هَـَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبّهِ مَادّاً يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتّىَ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَ هُ فَأَلْقَاهُ عَلَىَ مَنْكِبَيْهِ ، ثُمّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ : يَا نَبِيّ اللّهِ كَـذَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبّكَ [7] فَإنّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْـزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ ) [ الأنفال :9 ] [8]
فاستجاب الله دعاء نَبِيِّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونصره على أعدائه .
وسيأتي مزيد بيان لهذا الحديث في أكثر من موضع ، وسيأتي تخريـجه .
وذكر الله في صفـات عباد الرحمـن أنـهم يدعـونه بقولهم : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) [ الفرقان : 74 ] .
وختم السـورة بقوله : ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ) [ الفرقان : 77 ]
يعني : أيّ عبء يعبأ بكم ، وأيّ مبالاة يُبالي ربي بكم لولا دعاؤكم وعبادتُكم [9] .
7 - والدعاء سلاح المؤمن ، به يُقاتِل ، وبه يُدافع
ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجتهد في الدعـاء قبل الحـرب ، كما في حديث ابن عباس ، المتقدم آنفاً .
وكان المسلمون إذا أرادوا القتال يوم الجمعة أخّروا بدء القتال حتى تـزول الشمس ، ويصعد الأئمة المنابر ، ويدعون للمجاهدين بالنصر .
قال الإمام البخاري : باب كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخّـرَ القتال حتى تزول الشمس [10] ثم أورد تحته حديث عبد الله بن أبي أوفى – رضي الله عنه –
قال عبد الله بن أبي أوفي – رضي الله عنهما – : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس خطيبا قال : أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ، ثم قال : اللهم مُنـزِل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم .
وعن النعمان بن مقرن – رضي الله عنه – قال : غزوت مع النبي صلى الله عليه على وسلم ، فكان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قاتل ، فإذا انتصف النهار امسك حتى تـزول الشمس ، فإذا زالـت الشمس قـاتل حتى العصر ، ثم أمسك حتى يُصلي العصر ، ثم يُقاتل . قـال : وكان يُقـال عند ذلك تـهيج رياح النصـر ، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتـهم [11] .
وفي رواية قال : شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يُقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح ، وتحضر الصلوات [12]
8 - والدعاء سهامُ الليل ، وهي سهامٌ لا تُخطئ
قال الإمام الشافعي – رحمه الله – :
أتـهزأُ بالدعـاء وتَزْدَرِيـه وما تدري بمـا صنع الدعاء
سهامُ الليل لا تُخطئ ولكن لها أمـدٌ وللأمـدِ انقضـاء
فيمسكها إذا ما شـاء ربي ويرسلها إذا نَفَـذَ القضـاء
قال ابن القيم : والدعاء من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، يُدافعه ويعالجه ، ويمنع نزولَه ، ويرفعه أو يُخَفِّفه إذا نـزل ، وهو سلاح المؤمن …
وله - أي الدعاء - مع البلاء ثلاث مقامات :
أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه .
الثاني : أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء ، فيُصاب به العبد ، ولكن قد يخففه ، وإن كان ضعيفـا .
الثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه [13] .
9 - والدعاء من أعظم أسباب الهداية
ولذا كان من دعائه – عليه الصلاة والسلام – : اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغـنى [14] .
وعلّم رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سبطه الحسن بن عليّ – رضي الله عنهما – أن يدعو بـهذا الدعاء في الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت [15] .
قال ابن القيم : العجـب ممن تعرض له حاجـة فيَصرف رغبته وهمَّته فيها إلي الله ليقضيها له ، ولا يتصدّى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل والإعراض ، وشفائه من داء الشهوات والشبهات ، ولكن إذا مات القلب لم يشعر بمعصيته [16] .