الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

الإدارة العامة للتطوير والإرشاد

عرضنا فى الجزء الأول من كيفية إعداد خطة البحث العلمى لرسائل الماجستير والدكتوراه العناصر الرئيسية التى يجب أن تشملها خطة البحث وهى:

-         عنوان البحث.

-         مقدمة البحث.

-         مشكلة البحث.

-         مفاهيم ومتغيرات البحث.

-         فروض البحث.

-         أهمية البحث.

-         أهداف البحث.

-         حدود البحث.

-         إجراء البحث.

-         تقسيمات البحث

ونبدأ اليوم فى عرض مشكلة البحث

مشكلة البحث:

بعد كتابة المقدمة ننتقل بعد ذلك إلى تحديد المشكلة محل البحث، وتعتبر المشكلة هى المحور الأساسى للبحث، ولذلك يجب العناية بصياغتها ة\وتحديدها تحديداً دقيقاً. ويمكن تعريف المشكلة بأنها "موقف غامض لا نجد له تفسيراً محدداً قبل دراسته وتفهمه".

قبل البدء فى صياغة مشكلة البحث يجب أن يكون الباحث قد إنتهى من القيام بدراسته الاستطلاعية وإستعراض الدراسات السابقة التى تناولت موضوع البحث وإبراز الجوانب التى لها علاقة بمشكلة البحث بالإضافة إلى تجميع البيانات الرقمية التى تدلل على وجود المشكلة وتبرز حجمها ودرجة أهميتها، ومن ثم الحاجة إلى دراستها.

ويجب على الباحث عند صياغتة لمشكلة البحث أن يبتعد عن الأسلوب الإنشائى الوصفى فى العرض، وأن يركز فى عرضه للمشكلة على البيانات الرقمية التى تبرز المشكلة وحجمها، فالأرقام هى خير وسيلة للتعبير عن مشكلة معينة. بالإضافة إلى أنه يمكن الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات السابقة التى لها علاقة بالموضوع فى توضيح المشكلة وإبرازها.

ويفضل الكثير من الباحثين أن يقوم الباحث بعد عرضه للحيثيات التى تبرز المشكلة – والتى تدعمها الأرقام والبحوث والدراسات ىالسابقة كما أوضحنا – أن يقوم بإثارة المشكلة فى صورة تساؤل أو مجموعة من التساؤلات يحاول الباحث الإجابة عليها من خلال بحثه.

يعتبر اختيار وتحديد مشكلة البحث الأساس الذى يعتمد عليه الباحث وينطلق منه لإجراء بحثه، وإذا استطاع الباحث أن يحدد مشكلة البحث تحديداً واضحاً ودقيقاً يكون قد وضع الأساس المتين فى معالجتها، حيث أن التحديد الدقيق للمشكلة يساعد على إمكانية الوصول إلى افتراضات علمية سليمة،  كما يبلور ويحدد نوع البيانات والوثائق المراد معرفتها والخطوات والأساليب التى يجب على الباحث إتباعها لمعالجة مشكلة البحث بأسلوب علمى سليم.

وعلى الرغم من أنه يوجد العديد من المشاكل التى تتطلب البحث والاستقصاء فى المجالات المختلفة، فضلاً عما تفتحه الاكتشافات العلمية الجديدة من أبواب للدراسات والبحوث فى شتى المجالات  إلا أن عملية اختيار مشكلة مناسبة للبحث تعتبر من العمليات الصعبة التى تواجه الباحث وبصفة خاصة الباحث المبتدئ، ونجد بعض الباحثين يميلون إلى اختيار المشاكل العريضة فى نطاقها أو تلك التى تتعلق بجوانب متفرقة من مشكلة معينة، وهذا بالطبع لا يتيح الفرصة للباحث لتناول المشكلة بالعمق المطلوب ويكون معالجته لها معالجة سطحية، وهنا نود أن نذكر الباحثين أن عملية البحث تشبه من يأخذ قطرة ماء من محيط ويتعمق بها إلى القاع، بمعنى أنه يجب على الباحث أن يدرك أه لا يمكنه معالجة جميع المشاكل التى تعانى منها المنظمة أو المجتمع مرة واحدة، وأن عليه أن يختار مشكلة محددة النطاق ويقوم بدراستها بعمق وتحليها التحليل الدقيق حتى يصل إلى أسبابها الحقبقبة ويستطيع اقتراح الحلول المناسبة لها.

إن الصياغة الملائمة لمشكلة البحث يجب أن تكون محددة ودقيقة وذات دلالة فضلاً عن إمكانية القيام بدراستها، كما يجب أن يقيم الباحث المشكلة المقترحة على ضوء قدراته ومدى توافر البيانات والمتطلبات المادية اللازمة لمعالجتها.

وإذا كانت عملية اختيار مشكلة البحث من الأمور التى يجب أن يوليها الباحث الاهتمام الكافى فإنه يجب التأكيد على أنه يجب أن يفرق الباحث بين المشكلة والظاهرة، وأنه ليس من الضرورى أن يبدأ الباحث بالمشكلة، وإنما يجب أن يعرض فى البداية للظاهرة محل الدراسة والتى ينطلق منها لتحديد مشكلة البحث ونعتقد أنه من الأهمية بمكان تحديد مفهوم كل من المشكلة والظاهرة لما لذلك من أهمية كبيرة فى إجراء البحث على أسس سليمة.

الظاهرة والمشكلة:
مفهوم المشكلة:

المشكلة هى موقف غامض لا نجد له تفسيراً محدداً، أى أنه يمكن التعبير عن المشكلة بأنها جملة استفهامية تسأل ما هى العلاقة بين متغيرين أو أكثر، ويمكن تصنيف المشاكل التى تتناول البحوث العلمية إلى نوعين من المشكلات هما:

مشكلة علمية:

وهى المشكلة التى تكون قائمة بالفعل فى واقع المنظمة أو المجتمع مثل مشكلة تعثر تحقيق المبيعات المخططة أو مشكلة إحجام الشباب عن العمل فى القطاع الخاص، أو مشكلة قائمة فى المجتمع مثل مشكلة إدمان الشباب للمخدرات.

مشكلة بحثية:

وهى المشكلة التى ينشئها الباحث لدراستها مثل كيف ستواجه المنتجات المحلية المنافسة الأجنبية عند تطبيق قواعد تحرير التجارة الدولية، وماذا سيكون تأثير تغيير الدولة لسياستها فى توظيف الخريجين على سوق العمالة وظاهرة البطالة.

وقد تكون المشكلة البحثية دراسة فرصة قائمة وتقييمها وتحديد وسائل الاستفادة منها مثل دراسة مقومات الاستثمار فى المدن الجديدة ووسائل جذب المستثمرين إليها.

مفهوم الظاهرة:

الظاهرة هى الشئ أو الحدث الذى يتكرر وقوعه أو حدوثه عدد مرات على فترات متقاربة من الزمن والذى يعكس وضعاً غير مألوفاً أو غير عادياً أو إنحراف عن المعتاد سواء بالسالب أو بالموجب، من هذا المفهوم يمكن تحديد مجموعة من الشروط يجب توافرها لحدوث ظاهرة ما:

§        صفة التكرار: بمعنى أنه لكى تكون هناك ظاهرة ما ملفتة لإنتباه يجب أن يتكرر حدوثها، مثال ذلك إنخفاض مبيعات الشركة خلال الثلاث سنوات الأخيرة عن المعدلات المعتادة إنخفاضاً ملحوظاً.

§        أن تعكس الظاهرة وضعاً غير مألوف أو وضع غير عادى أو إنحراف عن المعتاد بالسالب أو بالموجب. وينبهنا ذلك إلى نقطة هامة هى أن البحث  العلمى لا يقتصر على دراسة الظواهر السلبية فقط، وإنما يمكن إجراء بحث لدراسة ظاهرة إيجابية فى المجتمع، ويكون الغرض من البحث فى الحالة الأخيرة معرفة أسباب هذه الظاهرة والعمل على دعمها وتنميتها وتعميمها لتشمل قطاعات كبيرة فى المجتمع.

ومن أمثلة الظواهر السلبية:

§        انخفاض معدلات أداء العاملين.

§        انخفاض جودة المنتج

§        انخفاض معدل العائد على الاستثمار

§        ظاهرة انتشار إدمان المخدرات بين الشباب.

§        ظاهرة تسرب التلاميذ من مراحل التعليم المختلفة.

من أمثلة الظواهر الإيجابية:

§        ارتفاع معدلات الإنتاج

§        انخفاض معدل دوران العمالة

§        انخفاض معدلات الجريمة فى المجتمع

§        ارتفاع نسبة التعليم فى المجتمع

ما هى العلاقة بين الظاهرة والمشكلة؟

تعتبر الظاهرة هى النتيجة التى يكون سببها الجذرى والأصلى هو المشكلة التى يجب بحثها، وبذلك تكون هناك علاقة سببية بين الظاهرة والمشكلة ويكون الباحث موجهاً نحو معرفة وتحديد المشكلة (كسبب للنتيجة التى أمامنا وهى الظاهرة)، والمشكلة هنا تكون بمثابة واحد أو أكثر من الأسباب المحتملة للظاهرة.

ويتضح أهمية التميز بين الظاهرة والمشكلة وضرورة التركيز على المشكلة حتى تختفى الظاهرة السلبية فى حالة النظر إلى موضوع نظافة الشوارع العامة، حيث قد لا يتحقق هدف نظافة الشوارع بزيادة سلات وضع القمامة، فكثيراً ما تجد أماكن يكون الشئ الوحيد النظيف هو سلة القمامة، مما يؤكد أن ظاهرة عدم نظافة الشوارع العامة ليس عدم كفاية سلات القمامة وإنما يرجع لأسباب حقيقة أخرى يجب تحديدها ودراستها.

مصادر تحديد الظاهرة والمشكلة:

قد يجد الباحث صعوبة فى اختيار مشكلة معينة لدراستها وخاصة الباحثين الذين يستهدفون من بحثهم الحصول على درجة علمية مثل الماجستير أو الدكتوراه، على الرغم من وجود العديد من المشكلات التى تكتظ بها البيئة التى نعيش فيها، وهناك العديد من المصادر التى تزود الباحثين بالمشكلات التى تستحق الدراسة ومن هذه المصادر ما يلى:[1]

الخبرة العملية:

إذا أمعنا التفكير فى حياتنا العلمية وخبراتنا والأنشطة التى نقوم بها نجد أنها لا تخلو من المشكلات، ولكن لكى نكتشف هذه المشكلات يجب أن ننظر إلى تلك الخبرات والأنشطة نظرة انتقادية مع ضرورة توفر الدافعية والرغبة فى التعرف على الأسباب والعوامل التى تؤدى إلى تلك المشكلات، فالمواقف التى نواجهها وشعورنا بأهمية هذه المواقف وحساسيتنا تجاهها هو الذى يحولها إلى مشكلات صالحة للدراسة.

القراءة والدراسات:

عندما نقرأ كتاباً معيناً أو نستعرض دراسة ما قد نجد من خلال قراءتنا بعض المواقف الميرة التى لا نستطيع فهمها، أو قد نشكك فى بعض الحقائق المطروحة فى ذلك الكتاب أو تلك الدراسة ويثير ذلك لدينا تساؤلات معينة عن أسباب تلك المواقف أو مدى صحة أو خطأ تلك الحقائق المطروحة ويفتح ذلك أمام الباحث مجالاً للبحث واختيار المشكلة البحثية.

الدراسات والبحوث السابقة:

تعتبر البحوث والدراسات السابقة من المصادر الهامة للحصول على المشكلات البحثية، حيث أن الجامعات ومراكز البحث العلمى تزخر بالبحوث والدراسات العلمية التى تنشرها فى مجالاتها العلمية فى مختلف ميادين العلم، وإطلاع الباحثين على تلك البحوث والدراسات ومناقشة نتائجها والتعرف على الجوانب التى أغفلتها تلك البحوث فى معالجة مشكلة معينة أو الاطلاع على القضايا التى لم يعالجها الباحثون فى تلك البحوث ويطرحونها كأفكار لبحوث مستقبلية، كل ذلك يساعد الباحث على اختيار مشكلة البحث، فضلاً عن إتاحة الفرصة للباحث للإستفادة من طرق المعالجة والأساليب التى تم استخدامها فى البحوث والدراسات السابقة فى إجراء بحثه.

صياغة المشكلة:
هناك طريقتان لصياغة مشكلة ما هما:

صياغة المشكلة بعبارات لفظية تقريرية

فإذا أراد الباحث أن يبحث فى العلاقة بين متغيرين مثل التدريب وأداء العمال بأقسام الإنتاج بإحدى الشركات يمكن صياغة المشكلة فى العبارات التقريرية التالية:

-         علاقة التدريب بأداء العمال بأقسام الإنتاج بشركة ..

صياغة المشكلة فى سؤال:

يميل الكثير من العاملين فى ميدان البحث العلمى إلى صياغة المشكلة فى تساؤل أو أكثر، ويمكن صياغة المشكلة السابقة فى التساؤل التالى:

ما آثر التدريب على أداء العمال بأقسام الإنتاج بشركة ..

إن صياغة المشكلة فى صورة تساؤل يبرز بوضوح العلاقة بين المتغيرين الأساسيين فى الدراسة، وهذه الصياغة تعنى أنالتوصل إلى إجابة على هذا التساؤل هو الغرض من البحث، ولذلك تساعدنا هذه الصياغة فى تحديد الهدف الرئيسى للبحث، كما أن صياغة المشكلة فى صورة تساؤل أكثر جاذبية للقارئ وتثير لدية الرغبة فى قراءة البحث لمعرفة الإجابة على هذا التساؤل.

ما هى مقومات المشكلة البحثية الجيدة؟

إن عملية البحث ليست مجرد ميل أو هوى، فهى عملية مكلفة تستنفذ أعمارنا ومجهودنا النفسى والكثير من المال، ولذلك يجب توافر مجموعة من العوامل والمقومات التى تحدد صفة البحث الجيد منها ما يلى[2]:

1.     أن يضيف جديداً إلى المعرفة الإنسانية: يجب أن يسأل الباحث نفسه ما هى نوعية الإضافة العلمية التى سوف يضيفها هذا البحث، وما هى قيمتها؟ وهل المشكلة التى اختارها الباحث تستحق تجشم العناء وتحمل تكاليفه؟

2.     أن تكون مشكلة البحث جديدة: فلا فائدة من تكرار دراسة مشكلات تناولتها بحوث سابقة بعدد كاف وبصورة شاملة، وليس المقصود بالجديد هنا طرق مشكلة جديدة تماماً كشرط أساسى، ولكن يمكن طرق جانب أو جوانب من مشكلة سبق أو جارى بحثها ولم يتطرق فيها الباحث لهذا الجانب أو تلك الجوانب.

3.     قابلية المشكلة للبحث: قد يتوصل الباحث إلى مشكلة معينة وتكون هذه المشكلة شيقة ومثيرة فى بحثها ولكن يصعب بحثها لعجز الباحث عن الوصول إلى الحقائق أو المعلومات المتصلة بالمشكلة لأسباب سياسية مثلاً أو لصعوبة اختبار الفرضية العلمية التى يصفها أو حاجة البحث إلى إمكانيات مادية أو مجهود بشرى يفوق إمكانيات الباحث وقدراته أو عدم توافر البيانات والمعلومات اللازمة للبحث أو عدم إمكانية الحصول عليها ... الخ.

أمانى إسماعيل

المراجع


[1] ذوقان عبيدات وآخرون، البحث العلمى : مفهومه – أدواته – أساليبه، عمان، دار الفكر، 1984، ص 69 – 70.

[2] نوال محمد عامر، مناهج البحث الاجتماعية والإعلامية، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1986.

3. أ.د. مصطفى محمود أبو بكر، أ.د. أحمد عبد الله اللحلح، مكتبة الخولى للطباعة

ساحة النقاش

الادارة العامة للتطوير والارشاد

developguid
هى إحدى الادارات التابعة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية للمشاركة يرجى الاتصال على : 22620118 (147,208) mail: [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

545,387