أثناء الاعتكاف بدأ الاخوة الترتيب لصلاة العيد في الخلاء لأول مرة كان ذلك سنة 1978تقريبا

بدأ الاخوة يكتبون بأيديهم بعض الملصقات وكان أخي "مجدي" مغرما بالخط فتبنى هو هذا العمل رحمه الله وجعله في ميزان حسناته

ثم تطور تفكيره لعمل نموذج للرش على الجدران ومن الطريف أن بعض الشباب أصر أن يلصق بعض الدعوات على سيارات الشرطة بينما غضب الاخوة الكبار ورأوهذا العمل تهورا بدون فائدة فتركه الشباب على غيظ

ثم بدأ الاخوة في فكرة جديدة وهي كتابة "آداب صلاة العيد" ثم الدعوة للصلاة في الخلاء وكانت الكتابة بالأقلام الجافة لأنه لم تكن هناك ماكينات تصوير ولاطباعة لكن أحد الموظفين رآهم يكتبون بايديهم فأخذ نسخة وطبعها في مطبعة مجلس المدينة

أثناء الدعوة للصلاة في الخلاء كانت البلد معظمها ضد أي شيء يأتي من ناحية السُّنية خصوصا إذا رفضه شيخ الأوقاف وفعلا بدأ الناس يهاجمون الصلاة في الخلاء بقولهم: ماذا لو قامت عاصفة ترابية ؟ ثم كيف نترك المسجد خاليا ونصلي في الخلاء؟وهل سيخطب الخطيب بلا منبر؟ ومثل هذه الشبهات

وعندما اشتدت الدعوة واشتد الجدل في البلد توسط بعض الناس ليجمعوا المسلمين على صلاة واحدة خلف شيخ الأوقاف لكنهاشترط أن يخطب على المنبر داخل المسجد فرفض الاخوة لمخالفة ذلك للسنة

وفي آخر جمعة من رمضان توزع الاخوة على المساجد لدعوة المسلمين الى صلاة العيد في الخلاء إلا أنه كان يوما مشهودا حيث كانت الخطبة كلها عن السنية وبدعهم والدين الجديد الذي جاءوا به والاعتكاف الذي ليس من الاسلام في شيء! فظننت أن الأخ الذي سيقوم ليدعو الناس سيؤجل هذه الدعوة لأن الناس كانت قد امتلأت غيظا وغضبا على السنية لكنه وقف وما إن بدأ كلمته حتى هاج الناس عليه وهنا وقف مفتش المساجد فهيج الناس علينا وكذب علينا كذبا صريحا ثم أخذ يصيح:هل أترك منبر حبيبي رسول الله؟والناس يهتفون لا .لا .لا وكادوا أن يفتكوا بالأخ لولا احترامهم لوالده الناظر زارع رحمة الله عليه.

كنا نحسب أن ماحدث هذا كان في الجامع الجديد وحده لكن عندما رجعنا للاعتكاف إذا بكل الاخوة في حالة غضب وحزن شديد فقد وجدوا نفس الخطبة هناك ونفس تهييج الناس علينا مما يعني أن مفتش المساجد قد خطط ووجه لهذا الأمر

في الاعتكاف أخذنا نتداول هذا الذي حدث بانفعال وغضب واقتراح ضرورة الرد على هذا الفعل وأخذنا نصيح ونتهدد ولكن كان الاخوة الكبار يهدؤننا وقام أحدهم وكان معلما لنا في المدرسة فقال: لاتفكروا وأنتم غاضبون . لاتأخذوا قرارا وأنتم غاضبون ولكننا لم نعبأ بكلامه فتركنا وقام يصلي فهدأنا بعض الشيء

بعد صلاة العصر كنا قد هدأنا فبدأ الشيخ يناقش الموضوع بهدوء بعد أن هيأ الجلسة ومهَّد لها وطالبنا بالاقتراحات العملية بعيدا عن الغضب والثورة.

كنا تجاه هذه الأمر المُحبِط فريقين فريق أُحبط تماما ورأى أنه لافائدة من عمل أي شيء وعلينا أن نكتفي بما تم من دعوة للصلاة

وفريق رأى أنها فرصة للحوار والمناقشة والنزول للناس وبالفعل ذهبنا الى المسجد ومعنا الكتب هذه المرة ليرى الناس الأدلة وكلام العلماء

وفي المسجد الجديد قمت لأقرأ من الكتاب بعد صلاة العصر فانصرف بعض كبار السن وقال أحدهم :كل عيِّل راح الجامعة وربى دقنه يرجع يعمل علينا شيخ ؟! لكني واصلت مع من بقي وكان منهم كبار سن لكنهم يعرفونني ويحبونني فاستمعوا للنهاية ثم قال أحدهم :ياعلي ياابني كل هذا الكلام شيخ الأوقاف يعرفه ويعرف أكثر منه ولم يقتنع.

أما الشباب فقد طلبوا أن نقرأ الكتاب سويا فالتففنا حول الكتاب وكل منهم يريد أن يفسر مافيه كما يحب فدار بيننا حوار طويل وكنت سعيدا جدا بهذا الحوار رغم أن عامته لم يكن منضبطا لكنه أدى الى قناعة البعض ثم الى انتقال الموضوع من أنه بدعة في الدين وكلام من عند السنية الجدد الى أنه كلام علماء

في المساء ذهبنا الى المقاهي ومعنا ورق "آداب صلاة العيد" ففوجئنا بأن الحديث على المقهى كان أكثر هدوءا وارتياحا فقد وفق الله لنا أحد معلمينا في المدرسة وكان قد عاد من الإعارة في السعودية فاحترمنا لسابق معرفتنا وحبنا المتبادل معه فساعدنا كثيرا على فتح حوار مع كل رواد المقهى وأيدنا الأستاذ بما رآه في السعودية وكان هذا الحوار جبرا من الله تعالى لنا.

ـ اختار الاخوة مكانا للصلاة في طريق ميدان الجامع الجديد "سُرَّة البلد" فكان إعدادنا للمكان دعاية حيث رآنا الناس ونحن نجهزه ونفرشه ثم إن كل المتأخرين عن الصلاة بالمسجد اضطروا لتعجيل الصلاة في المصلى فكان عدد المصلين معقولا جدا

ومن الطريف في هذا المكان أن أول عيد خطب في المسجد شيخ المعهد الديني وكان فصيحا قويا شاعرا فكانت خطبة العيد علينا وقال الناس شيخ المعهد غسل السنية غسلا وفطنوا الى أن مفتش المساجد جاء به خصيصا لهذا الغرض .

في العيد التالي لم يمنح مفتش المساجد شيخ المعهد الخطبة في المسجد الكبير وقدَّر الله تعالى أن يتأخر وكان مروره مضطرا كما ذكرنا من امام المصلى فانتهز خطيبنا فرصة مروره واعترضه في الطريق مرحبا به داعيا له للخطبة هنا في المصلى وقد كان! وخطبنا الشيخ فأثنى علينا جدا! ومدحناببلاغته! ومدح صلاتنا فأصبح حديث المدينة تناقض الشيخ الذي غسلنا العيد الماضي ومدحنا هذا العيد!

في يوم العيد توزعنا على منادر العائلات (دار استقبال الضيوف) الكبيرة لتهنئتهم بالعيد واستغلال وجود كبار شخصيات البلد لشرح آرائنا أو على الأقل لتخفيف التوتر بشيء من العلاقات الطبيعية وقد ذهبت الى مندرة الأستاذ سيد عويس لزمالة ابنه لي وكان الأستاذ سيد من عشاق الشيخ محمد الغزالي وكان هذا نادرا وكان الشيخ الغزالي يقول كلمة الحق فتسري شرائط التسجيل في طول البلاد وعرضها فلا يفوت الأستاذ سيد منها شريط يتحدث في موضوعه مع كل زائريه وهناك وجدت عددا من نظار المدارس ومنهم الناظر محمود عبد الغني الذي كنت أحبه جدا وأرجع إليه في كل شيء فأنصفنا في الحوار الذي دار ودافع عنا وكانت هذه الزيارات من أنجح طرق الدعوة خصوصا زيارة الاخوة الكبار للعمدة الشيخ علي النشواني رحمه الله

استمر الجدل حول السنية عدة ايام بعد العيد الى أن زار البلد شيخٌ أزهري مُسنٌّ يُعرف بالشيخ الواعظ وكان ذا هيبة ولحية فسألوه عن حكم الصلاة في الخلاء فأقر أنها سنة فسألوه عن التطويل في الصلاة والإثقال على الناس فأنكر ذلك وغضب وهاج المسجد فقام الناظر زارع وقال: لكنهم شباب يصلون وحدهم ولايجبرون أحداعلى الصلاة معهم ، وهم متفقون على ذلك فيما بينهم فماموقفنا منهم؟ هل نحاربهم يافضيلة الشيخ ؟ وهنا قام الشيخ وأخذ يثنى على الشباب الذي يتدين ويدخل المساجد ويقارن بينهم وبين الشباب الضائع ومدحنا وأوصى الناس أن يتركونا قهدأت الحرب قليلا. لكنها كانت أياما جميلة

~~~~~~~~~~~~~~~~

 

 

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2017 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

291,339