<!--[endif]-->

 

<!--[if !mso]-->

<!--  

 

 

من يعايش العالم الجليل الدكتور عمر عبد الرحمن يجد في حياته منهجا ومدرسة للدعوة تبنَّى فيها بعض المباديء الدعوية الهامة في الدعوة الى الله

لكن الشيخ رحمه الله لم يكن مُنظِّرا ومؤصلا لهذه المباديء بقلمه وإنما كان يصوغها ويُربي عليها بسلوكه وعمله قبل علمه الغزير رحمه الله فهو رجل من أهل القرآن ومن هذا المباديء

ـ أهمية القرآن كأساس تربوي يتربى عليه الداعية أولا

فقد كان القرآن هو السر الأعظم في حياة الشيخ رحمه الله  فقد مّنَّ الله عليه بحفظه في صغره وكان يداوم على مراجعته بل كان الأصل في برنامجه اليومي هو القرآن يراجع فإذا انشغل بشيء فما ان يفرغ منه حتى يعود لمراجعة القرآن

ـ وكان القرآن يمثل حلا حيا في حياة الشيخ لكثير من مشكلاته فيحكي هو أنه لما كان في سجن الاستئناف واشتد عليه الحر في حبسه الانفرادي رأى أن الحل أن يقوم فيصلي فماهو الا قليل من قراءته للقرآن بصوته الجميل حتى جاءوا وفتحوا عليه لتهوية زنزانته

ـ وكان يوصينا دائما بالقرآن وإذا توقعَّنا تدبير إدارة السجن لحملة تفتيش  وتكديرأو أي غدر أوصانا بختم القرآن في ثلاثة أيام مع الصيام ثم الدعاء فكنا نشعر ببركة ذلك في إحباط هذا الغدر،

 ـ وكذلك إذا حدث خلاف أو نزاعات بيننا كان يوصينا بترك كل شيء والتفرغ لختم القرآن في ثلاثة أيام حتى يغسل القرآن آثار هذه المشكلات

ـ وكان يعتمد في دعوته على القرآن فقد حباه الله صوتا جميلا يقرأ القرآن بخشوع فيؤثر تأثيرا عجيبا كما قال كثيرون أنهم سمعوا القرآن منه فكان سببا في هدايتهم وصلاح قلوبهم

ـ كان مُحبا للقرآن كان لايصلي ركعة بأقل من ربع من القرآن في صلاة فرض أو نافلة وكان يقوم الليل بمن معه من الاخوة بجزء في الليلة

ـ وكان يتدارس القرآن فيدرس تفسيره ويستمر في إعداد الأبحاث في القرآن وكان معه في السجن عشرة كتب تفسير يقرأ منها ويُحضر خطبه وكان يجلس معنا بعد صلاة يمتعنا بمعاني ماتلاه علينا في الصلاة.

ـ كان رحمه الله حريصا جدا على الالتزام بآداب القرآن في تلاوته وفي تعلمه حتى أنه كان ينهى عن وضع كتب العلم على الأرض حتى أثناء القرأءة

ـ وكان القرآن يمنعه من النوم من تدبره فقد كان يقوم من نومه فيطلب كاتبه ليملي عليه بعض المعاني فيسأله: ومتى استخرجت هذه المعاني يافضيلة الشيخ ؟ فيقول: لم أستطع النوم منها . ويقول: "القرآن يُحلِّق بصاحبه في فضاءاتٍ واسعة تمنعه من النوم "

لقد منحه القرآن الكثير وأفاض عليه

ـ منحه حبه للقرآن وشغفه به بتلاوته وتدبره ودراسته وتعلقه بمراجعته باستمرار لذا كان متقنا لحفظه لايمكن أن يراجع في خطأ منه لا فاءٍ ولا واوٍ،ولذا  وكان واثقا من حفظه.

ـ منحه القرآن سلوك القدوة فجعله داعية بالتزامه ما إن تعايشه بعض الوقت حتى تتأثر بتدينه وتقواه وهمته العالية وحبه للقرآن وحتى تراجع نفسك وترى أنك مقصر في حق الله دون أن ينطق الشيخ بكلمة وعظ ٍ واحدة ..كان وقته كله لله .

ـ كان يستعد للصلاة قبل الأذان وكان يوصي بذلك ويقول الأذان للتوجه للمسجد فلا تنتظروا حتى يؤذن ولكن استعدوا للصلاة قبله.

ـ كان حريصا على أذكار الصباح والمساء

ـ كان كثير الدعاء جدا جلس مرة يدعو يوم عرفة من صلاة االعصر حتى أذان المغرب

ـ كان يجتهد في العبادة اجتهادا لايطيق الشباب مجاراته فيه فكان يتهجد في رمضان ويطيل القيام فيجلس الشباب وراءه وهو قائم.

ـ وكان يحب السهر في طلب العلم ويقضي في الصيف الليل كله بين العلم وقيام الليل

ـ منحه القرآن انطلاق خُطَبه واعتماده فيها على القرآن فكانت خُطبه حية قوية مؤثرة دائما

ـ منحه الهمة العالية والروح الوثابة التي لاتستسلم للواقع المرفوض وإنما تسعى بكل قوة للتأثير فيه وتصحيحه أوتغييره لذا كان بتلقائية يتحرك بدافع من تحمله لمسؤليته كمسلم عالم حامل للقرآن فأذا به يحرك الأمور ممسك بدفتها وبينما فرض عليه غيره واقعا لايرضاه إذا به سرعان مايصنع الحدث بحركته المباركة ،ويمسك بدفة الأمر ويتحول من مسيطَرٍ عليه إلى محرِك فاعلِ يفرح به كل مؤمن وينزعج به كل كاره للإسلام.

ـ سجنوه أكثر من مرة وفي كل مرة كان يُحوِّل سجنه الى قوة دافعة دافقة مليئة بالهداية والتحول وبكاء التائبين تاثرا بتلاوته وصلاته ومواعظه وإذا بالحياة في السجن مشغولة بحفظ القرآن وتلاوته ومراجعته ومدارسة العلم على يديه فهو رجل من أهل القرآن والعلم والدعوة حيثما حل فرض حياة القرآن ومناخ الدعوة والعلم والهداية والبركة حتى في الرزق.

ـ كان يقول : إن الداعية إذا أخلص لله وبذل أقصى جهده لابد أن يفتح الله عليه " وكثيرا ماكان يجيب بذلك عندما يشكو له الدعاة من قلة الامكانيات ولذلك ربى جيلا من الدعاة الصادقين الذين يعتمدون على الاخلاص وبذل الجهدوالصبر والتضحية في سبيل الدعوة والعمل في مجال الدعوة بروح الجهاد وصدق المجاهدين واستعدادهم للتضحية وبذل أقصى الجهد والعمل في الظروف الصعبة ولم لا وهم يرون من يوصيهم بذلك يركب قطار الدرجة الثالثة وسط الزحام ،ويسافر الى أقصى البلاد جنوبا وشمالا لايبالي أي مواصلات يركب، ولا أي ظروف يعيشها. لقد كان يدعو الشباب الى الجهاد ويربيهم على تحمل مشاقه ثم يوظف هذه التربية في أي مجال فيعطي فيها الشباب بسخاء وهمة وصبر وهم يتقالون هذا العطاء مقارنة ببذل أرواحهم ودمائهم في سبيل الله

ـ منحه القرآن  الصبر واليقين والتوكل على الله فجعله حُرا قائما برسالته مؤديا لآمانته كعالم وداعية لايخشى أحدًا إلا الله فكان إذا تلا بصوته الخاشع قول الله تعالى(الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولايخشون أحدا إلا الله ) تمثلت فيه وكأنما يفسرها بعمله وإذا خطب في تفسير قوله تعالى(إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلاتخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين ) تأثر بها مستمعوه لأنه كان عاملا بها متجسدة فيه

ـ كان رحمة الله عليه مملوءا ثقة ويقينا لذلك كان الشباب يحبون الحياة معه فهو دائما متفائل واثق ينظر الى المستقبل بعين الثقة في الله وبينما كان مع الشباب في أحلك الظروف ينتظرون أحكام المحكمة وكان هو أول من يتوقع الجميع أحكام الاعدام بحقه كان هو اشدهم تفاؤلا وكان يقول: سنخرج من السجون وتعود المساجد والدروس والدعوة الى الله وكان يعدونه متفائلا أكثر مما ينبغي لكن رحمة الله التي كان واثقا فيها أيدت ثقته فخرج إلى ساحات الدعوة من جديد

ـ الثقة واليقين والتوكل على الله دفعه إلى أن ينطلق بالدعوة متحديا كل التضييقات الأمنية حوله مخترقا مناخ الرعب والصمت الذي خيم على البلاد سنة 1984 وما إن خرج من السجن حتى تحرك بدعوته في محافظات مصر مفسرا قول الله تعالى(إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) لينفض الخوف وانطلق بثقته ويقينه يملأ بها قلوب الشباب

وكما استمدوا من ثباته ثباتا في مواجهة المحن استمدوا من يقينه حركة وعزيمة وإصرارا على الدعوة ومواجهة الخوف والباطل والمنكرفكان خروجه فتحا في الدعوة

ـ منحه القرآن روحا طيبة وتواضعا جما يعيش بين الناس بكل طبقاتهم بلا حواجز ويحب الناس ويلتمس للمخطئين الأعذار يجلس على الأرض مع محبيه يأكل معهم ويجلس بعد صلاة الفجر يسأل عنهم ويلاطفهم ويمرح معهم بعض الوقت كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم

لقد كان رحمة الله عليه من تواضعه يقول للشباب : نحن نقول لكم ونلقي عليكم بعض ماتعلمناه لكنكم أنتم تعملون بماتعملون وتبذلون وتضحون" وكان هذا سرا من أسرار التفاف الشباب حوله فقد كان متواضعا لهم مقدرا لقدراتهم وعطائهم

ـ منحه القرآن ذوقا راقياً فقد كان يحب الشعر ويتأثر به وكان يردد مع الشباب الأناشيد الجميلة التي تُذكِّر بالله وبالمعاني الراقية . بكى عندما ردد مع الشباب قول الشاعر:

ملكْنا هذه الدنيا القرونا وأخضعها جدودٌ خالدونا

وسطرنا صحائف من ضياء فمانسي الزمان ولانسينا

دعوني من أمانٍ كاذباتٍ فلم أجد المُنى إلا ظنونا

وهاتوا لي من القرآن نورًا وقووا بين جَنبيَّ اليقينا

أمًدُّ يدي فأنتزع الرواسي وأبني المجد مُؤتلِفا مكينا

ـ منحه القرآن تقديره لإخوانه العلماء واحترامه لهم وربى الشباب على ذلك فقد كان يفسر قول الله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ) ويقول إن هذا الميثاق لابد أن يكون بين العلماء بعضهم وبعض ولذا كان يساند من تعرض للبلاء من إخوانه العلماء رغم عدم معرفته به، ولما سمع أن أحد الدعاة قد تم فصله من عمله أرسل إليه يواسيه ولم تكن بينهما سابق معرفة إلا أنه كان يؤمن بأن العلم رحِمٌ بين أهله

ـ كان لايسمح لأحد من تلاميذه أن ينال من أحد من العلماء الذين يختلفون معه في فتاواه أو مواقفه وكان إذا سمع من تلاميذه نقدا لأحد العلماء ذكر أفضال العالم وقال : إن أفضاله كثيرة وماتعيبونه عليه قليل في بحر حسناته ويستحضر قول الحديث "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث "

ـ وكان يرد على العلماء بأخلاق العلماء وقد ظهر ذلك مثلا في رده على ماسمي بالبيان الثلاثي الذي أصدره بعض علماء الأزهر في أواخر الثمانينات ولذلك اجتمع حوله عدد من العلماء يتحركون معه يجوبون المحافظات يدعون الى الله .

ـ كان رحمه الله يكره التعصب جدا وكان يستمع الى الشباب وهم يتناولون الجماعات العاملة للاسلام ويعيبونها فيقول : كل جماعة من هؤلاء تخصصت في مجالٍ ما وأنتم لن تستطيعوا أن تتخصصوا في كل هذه المجالات فاتركوهم يعملون وانشغلوا بما تقدرون عليه وكملوا النقص الذي تعيبونه عليهم.

ـ وكان يكره أن يهتف أحد باسم أحد وعندما هتف له الشباب " نحن الذين بايعوا عمرا على الجهاد ماحيينا الدهرا" غضب ونهرهم ومنعهم ..

ـ كان رحمه الله صبورا على الشباب يعايشهم ويشاركهم حياتهم ويستمع إليهم جيدا ويصبر على أسلوبهم ويناقشهم ويقنعهم وكانت روح الشباب عند الشيخ عاملا كبيرا لحبهم له واقتناعهم بآرائه حتى ولو كانت مخالفة لطبيعتهم وحماسهم فهم يرون فيه شجاعة وقوة لاتمنعه من كلمة الحق.

ـ كان على بصيرة بدور العالم ووظيفته ومسؤليته المكلف بها من الله تعالى وهذه البصيرة هي التي ميزت بينه وبين كثير من العلماء الذين اقتصرت دعوتهم وجهودهم على ترديد مافي الكتب وتأليف المؤلفات التي لاتزيد شيئا عن ألاف المؤلفات في المكتبات ولكنه كان يعيش الواقع ويهتم بالمسائل الحيوية الواقعية ويبين وظيفة الداعية فيقول عن واجب العلماءودورهم:

علماء الأمة  نصف أولي الأمر  ويؤثرون في النصف الآخر وإن كان الأمراء بيدهم الحديد فإن العلماء يمسكون بالكتاب .

فإن أوجب الواجبات على العلماء أن يقولوا الحق وإن كان مُرَّا وأن يتمسكوا به، وأن يرفعوا أصواتهم به .

ـ وواجبهم أن يُبيِّنوا للناس ما أنزل الله من الكتاب، وما أوحي به من البينات والهدى وألا يكتموا شيئا منه مهما كان قليلا امتثالا لأمر القرآن وخوفا من الوعيد الوارد في الكتاب .

ـ وواجبهم ألا يُحَرفوا الكلم عن مواضعه , وألا ينسوا حظا مما ذُكِّروا به , وألا يلووا أعناق النصوص تبعا لما يريد سادتهم ومن عينوهم في مناصبهم الرفيعة إيهاما منهم للناس أن هذا الذي  جاؤا به هو من عند الله وهو في الحقيقة ليس من عندالله إنما هو من عند أنفسهم ومن تأويلاتهم الباطلة  .

ـ وواجب العلماء ألا يخافوا في الله لومة لائم،  وألا يخشوا بأس الحكام  وألا يطمعو فيما عندهم  من وظيفة ومنصب .

ـ كان يهتم جدا بتحضير الخطبة ويقرأ تفسير الآية من كل مامعه من كتب التفسير يبدأ بكتب السلف وينتهي بكتاب الظلال وكان يقول ان الله يفتح على الداعية بقدر صدقه وبذله للجهد في تحضير خطبته

ـ الشيخ رحمه الله أحكم الأصول فدانت له الفروع فقد كان يؤكد دائما على الاعتماد على الأصول وأهمها وأولها القرآن الكريم ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد بدأ هو بحفظ القرآن ثم حفظ الأحاديث فسهل عليه بعد ذلك كل علم

ـ كان يصبر على الأذى في الدعوة

ـ كان يهتم بالمستفتي ويستفصل منه  عن حاله وسؤاله

ـ كان يصر على كلمة الحق ويقول : إنني مطالبٌ أمام عقيدتي وأمام ضميري أن أدفع الظلم والجبروت وأن أرد الشبه والضلالات وأكشف الزيغ والانحراف وأفضح الظالمين على عين الناس

ـ وكان يحذر الدعاة من مداهنة العوام كما يحذرهم من مداهنة الحكام سواء ويرى أن الداعية الذي يوافق العوام في هواهم ويخشى أن يتكلم في أخطائهم لايمكن أن يغير شيئا ولايؤدي بذلك رسالته

ـ كان يرسي ويشدد على العدل ولو مع الكافر ويخطب في تفسير قول الله تعالى (ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا ) المائدة ومن سورة النساء ( ولاتكن للخائنين خصيما ) وهي لآيات التي برأت اليهودي وأدانت المنافق

ـ حبه للجهاد في سبيل الله ودراسته له ودعوته إليه أمده بطاقة وهمة عالية وأمد خطبه بالحياة والقوة والحماس ولذلك اختلفت خطبه ودروسه عن كثير من أقرانه وشغف الشباب بالحضور له والسعي وراء مؤتمراته حيثما كان كما أنه جمع الشباب حوله

أماسفره الى أرض الجهاد بأفغانستان أيام قتال غزو الروس الملحدين لها كان له دور كبير في إحياء روح الجهاد لدى شباب العالم الاسلامي كله

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 115 مشاهدة
نشرت فى 7 مارس 2017 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

290,895