علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

الدعوة إلى الله رسالة تنبع من قلبٍ محب يفيض بالهداية والنور والحياة لتصل إلى قلب ظامىء الى هذه الهداية وفى هذا المعنى يقول فضيلة الشيخ أسامة حافظ فى مقاله : في ذكري ميلاد الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم الحبيب المحب " الله اعلم حيث يجعل رسالته " في معني هذه الآية الكريمة يشير الشيخ شلتوت رحمه الله الي معني جميل يقول " إن الرسالة الربانية لاتتنزل إلا حيث يسبقها الاستحقاق ويجتمع لها ما هو أهله من المزايا والأخلاق " .. ولقد كان صلي الله عليه وسلم مستكملا لأكمل الصفات والأخلاق التي جعلته أهلا لاستقبال خاتم رسالات السماء والتي لاغني عنها في نجاح أدائه لرسالته العظيمة . وكان أبرز خصاله التي أهلته لمكانته العظيمة أنه كان محبا للناس بالمعني العام لهذه المحبة .. وكان محبوبا بينهم ليس لرسالته التي حمله الله اياها والتي توجب علي المؤمنين محبته فقط .. وانما لانه استوفي من خصال المحبة اعلاها ، وأول هذه الخصال حبه للناس كان عطوفا يود من حوله ويدوم علي حبه ومودته طوال حياته مع اختلاف السن والقدر والمقام . فقد كان شيخا جاوز الستين يوم بكي بشدة علي قبر أمه حزنا لم تمحة السنون الطوال من الفراق رغم أنها ماتت ولم يكن قد جاوز السادسة وكان يحفظ الحب والمودة لزوجه خديجة حتي وفاته بعد موتها بسنين طويلة .. فكان لايذبح شاة الا أرسل لأهلها ، ولا تذكر أمامه إلا رق للحديث وذكرها بالخير .. وكان يحسن استقبال من يأتيه من معارفها إكراما لذكراها ولما يجده من ريحها فيهم وكان حنونا علي مرضعته حليمة يستقبلها وقد جاوز الخمسين هاتفا أمي .. أمي، ويفرش لها رداءه ويعطيها من الإبل والشاء مايغنيها ويسد خلتها وتدخل شفيعا لدي الناس من جيشه لقبيلة هوازن- بعد أن قاتلته قتالا شديدا وهزمها الله - لرد ماغنموه من سبيهم لأجل عم له من الرضاعة كان فيهم وكان يحفظ المودة لحاضنته أم ايمن الجارية العجماء ويناديها " ياأمه " ويشغله من زواجها مايشغل الأب الرحيم من أمر بناته ويقول " من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم ايمن " بل إن حبه ليتسع ليشمل الناس وإن لم تربطه بهم رحم ولا رضاعة ولاحضانة .. فما نهر طوال عمره خادما قط ولاضربه .. يقول أنس " خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط .. ولاقال لشئ صنعته لم صنعته ؟ ولا لشئ تركته لم تركته ؟ " وكان يتفقد اصحابه فيسأل عن غائبهم، ويعود مريضهم ، ويفك عانيهم ، ويزيل كروبهم، ويعين علي نوائب الدهر .. كان من أضحك الناس سنا وأطيبهم نفسا وأصفاهم قلبا وأرقهم حاشية .. كان قلبا كبيرا اتسع للناس .. كل الناس .. بل إنه ليتسع حتي ليشمل البهائم العجماء ، فكان يصغي الإناء للهرة لتشرب ، ويواسي الطفل في موت طائره ، ويأمر برد صغار طائر فجعوه في ولده ، وينهي عن تحميل الدواب من الأثقال مالا تطيق .. ويذكر امرأة دخلت النار في هرة حبستها .. ورجل دخل الجنة في كلب سقاه .. وينهي عن احراق النمل .. وأن يجعل من الطائر هدفا لغير ما فائدة إلا العبث بل إن عظمة عظماته صلي الله عليه وسلم كما يقول الاستاذ العقاد انه قد احدقت به نخبة من ذوي الأقدار تجمع بين عظمة الحسب وعظمة الرأي وعظمة الهمة وكل منهم ذو شأن في عظمته تقوم عليه دولة وترقي به أمة .. فلربما عظم الرجل في مزية فأحاط به المحبون ممن نبغوا في هذه المزية كما أحاط الحكماء بسقراط والقادة بنابليون .. أما عظمتة هنا فقد اتسعت آفاقها لتجذب النابغين من كل صنف بحيث اصبحت كالقطب يجذب كل معدن .. فهي تجمع ذا البأس وذا الحلم , وذا الحيلة والصراحة وذا الالمعية والاجتهاد ومن حنكته السنون ومن اشعلته حماسة الشباب .. كلهم يحبه وكلهم يراه مثله الأعلي .. وهو وإن كان صاحب الفضل العميم عليهم الا أنه مازال يذكر من أفضالهم ويرفع من اقدارهم . كان طبيعيا لهذا القلب الكبير الذي اتسع لكل من حوله وما حوله أن يلقي من الجميع كل حب وولاء .. ليس حب النبوة المأمور به فقط .. وإنما حب الإنسان الذي جمع في قلبه كل هذاالبحر الزاخر الدافق من المحبة .. فلم يعرف في تاريخ العظمة الإنسانية إنسان ظفر بنخبة من المحبين والأصدقاء علي اختلاف الأقدار والبيئات والأمزجة كالتي ظفر بها صلي الله عليه وسلم .. ولم يعرف إنسان أحيط بقلوب المحبين من ضعفاء وأقوياء بما يشبه الحب الذي أحاط بهذا القلب الكبير كلنا يعرف قصة زيد بن حارثة الذي اختطف من أهله صغيرا ثم اهتدي اليهم واهتدوا اليه بعد طول فراق وشوق ولهفة وحرمان بل ويأس من اللقاء .. ولكنه رغم كل ذلك يؤثر البقاء في كنفه صلي الله عليه وسلم رقيقا علي الرجوع الي أبيه وأعمامه حرا .. وشق عليه أن يحتجب عن هذا القلب الكبير الذي غمره بحبه ومواساته وهو ضعيف شريد رقيق – لم يكن ذلك طمعا في شرف النبوة ومصاحبة النبي فلم يكن صلي الله عليه وسلم قد بعث بعد وإنما حبا في محمد صلي الله عليه وسلم الإنسان – وهذا ثوبان ضعف جسمه وألح عليه حزنه فلما سأله السيد العطوف مستفسرا عن علته قال له في طهارة الأبرار " إني إذا لم أرك اشتقتك واستوحشتك وحشةعظيمة .. فذكرت الآخرة حيث لا أراك هناك لأني إن دخلت الجنة فأنت تكون في درجات النبيين فلا أراك " وهذا بلال أدركه الموت فأحاط به أهله ومحبوه يبكونه ويقولون " واكرباه " وهو يجيبهم بشوق وفرح " بل واطرباه غدا ألقي الأحبة محمدا وصحبه " لقد كانت المرأة تتسمع أخبار المعركة فيها من قتل من أهلها وذويها فلا يشغلها ذلك أن تسأل " وماذا فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم " ويحيط طلحة النبي صلي الله عليه وسلم في غزوة أحد بجسدة ليتلقي في ظهره النشاب عنه ويتصدي الصديق للدفاع عنه في مكة فيضربونه حتي ليخشي عليه الهلكة فيكون أ ول ما يسأل عنه حين يفيق حال النبي صلي الله عليه وسلم ويصر علي أن يحملوه إليه رغم مصابه كان هذا الحب الدفاق هو الوقود المحرك للدعوة لهذا الدين .. فحبه للناس يشعل فيه الرغبة في بذل مايطيق من جهد سعيا لهدايتهم واستنقاذهم من النار .. وكان هذا الحب الرقيق الشفوق الودود هو الذي يغلف دعوته بكل جميل وإحسان ورفق .. وبهذا الحب للناس منه صلي الله عليه ومن صحبه الكرام الذين تربوا في فيضه ورشفوا من منهله ذاع هذا الدين وانتشرت دعوته بالحب وإلي الحب للناس كل الناس .وبدون أن يشعر الناس أنك إنما تدعوهم حبا لهم فإنهم لن يستجيبوا لك .. وبدون أن تحب الناس ويحبوك فإنه لن تقوم لك بينهم دعوة ولادين .

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 281 مشاهدة
نشرت فى 27 ديسمبر 2015 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

317,467