مقدمـــة  :

    يشغل التعليم الأزهري بصفة عامة مكاناً بارزاً في العالم الإسلامي، وذلك لما يقع عليه من مسئولية الحفاظ على القيم الإسلامية ومحاربة أي غزو يمثل تهديداً مباشراً لها، وإكساب الفرد سمات وصفات المواطن الصالح، حيث تعمل مضمامينه على تنمية الشخصية الإنسانية في مختلف جوانب الحياة البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية والجمالية ، كما يركز على مقومات الاستقلالية في الفكر والمبادأة والاختيار وإصدار الأحكام .

      ومن خلال المؤسسات التعليمية الأزهرية  ظل الأزهر الشريف هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتنقيته ونشره . وحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب . ويهدف الأزهر من خلال دراسته للتراث الإسلامي بعث الحضارة العربية والإسلامية وإحياء التراث الإسلامي  ليكون أساسا لرقي العلوم والآداب وتنميتها وتطويرها لإضافة رصيد جديد من العلم الثقافة إلى التراث الأصيل .

      فقد ظل الأزهر يؤدي رسالته الدينية والتربوية والعلمية أكثر من ألف عام ، وتمثلت هذه الرسالة في حفظ القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية الشريفة ، وما يتصل بهما من تعاليم دينية تحافظ على الأفراد والأسرة والمجتمع (<!--) فاهتم الأزهر بالتربية الخلقية بالإضافة إلى اهتمامه بالفرد والمجتمع وبيان صلة الدين بالمجتمع وكذلك بيان الصلة بين العلم والمجتمع من ناحية وبين الدين والعلم من ناحية أخرى (<!--) .

      والاهتمام بالتعليم الديني هذا أمر لا يقتصر على المجتمعات الإسلامية فقط ، بل يمتد إلى معظم الدول الأخرى التي تعطيه اهتماما واضحا في برامجها التعليمية المختلفة ، باعتباره " أداة تحكم فعالة في سلوك الطفل ، تعمل كقناة يمكن أن تنتقل من خلالها احتياجات و مطالب المجتمع الأخلاقية إلى الطفل " و التعليم الديني يجب أن يمكن الطلاب من أن يكونوا على وعي تام بحقيقة تفسير الدين للحياة . فإذا لم يشب الأطفال على الإيمان بعقيدة آبائهم فان المجتمع سوف ينتهي . إن هذا ما يفعله المسيحيون بالإنجيل ، كما يفعله اليهود بالتوراة ، وكذلك يفعله المسلمون بقرآنهم .فهذه العقائد تمثل جزء من مجتمعاتهم الخاصة المميزة (<!--) .

     وإيمانا بأهمية التعليم الديني في مصر والذي يتمثل أساسا في الأزهر الشريف فان الارتقاء به إلى المكانة التي تليق به يعد أمرا واجبا حتى تتأتى فعالية هذا التعليم داخل المجتمع ، و لذا فانه بحاجة إلى مراجعة كاملة لكي يتم التأكد أن خريج هذا النوع من التعليم قد أعد بالفعل الإعداد المناسب كداعية للقرن الحادي والعشرين ، ومن ثم فان إعادة النظر في هذا النوع من التعليم هو ضرورة إسلامية ، بل هو أولى الضروريات لنجاح العمل الإسلامي (<!--) . وفيما يلي عرضا للمعاهد الأزهرية باعتبارها مؤسسات التعليم الأزهري قبل الجامعي من حيث واقعها ومشكلاتها والتوجهات المستقبلية لتطويرها  :

 

أولا : ماهية المعاهد الأزهرية :

     ويقصد بالتعليم قبل الجامعي بالأزهر " المعاهد الأزهرية " والتي عرفها القانون رقم 103 لسنة 1961م بأنها المؤسسات التعليمية التابعة للأزهر والتي تقوم مقام المدارس بأنواعها في التعليم العام ، وحدد القانون الغرض منها وأنواعها علي النحو التالي :

<!-- المعاهد الأزهرية العامة :  وتشمل المعاهد الأزهرية مراحل التعليم العام الثلاث والتي تهدف إلى تزويد التلاميذ بالقدر الكافي من الثقافة الإسلامية والعربية، وإلى جانبها المعارف التي يتزود بها نظراؤهم في مدارس التعليم العام ولقد قسم القانون مراحل التعليم في المعاهد الأزهرية العامة إلى (<!--):

<!--التعليم الابتدائي الأزهري: ويمتد إلى ست سنوات دراسية تنتهي بحصول التلميذ على الشهادة الابتدائية الأزهرية.

<!--التعليم الإعدادي الأزهري : ومدته أربع سنوات تنتهي بالحصول على الشهادة الإعدادية ثم عدلت إلى ثلاث سنوات بالقانون رقم 49 لسنة 1967م والصادر في 21/11/1967م(<!--).

<!--التعليم الثانوي الأزهري : بصدور القانون 103 لسنة 1961م، ظلت مدة الدراسة بالمعاهد الثانوية الأزهرية خمس سنوات، وعدلت بالقرار رقم 49 لسنة 1967م، والصادر في 21/11/1967م إلى أربع سنوات، ومع صدور القانون 164 لسنة 1998م أصبحت الدراسة بها ثلاث سنوات تنتهي بالحصول على الشهادة الثانوية بأحد قسميها(<!--).

 

<!-- المعاهد الأزهرية الخاصة : وتشمل معهد البعوث الإسلامية ، معاهد القراءات ، معاهد المعلمين ، معاهد الفتيات ، المعاهد النموذجية .

<!--معهد البعوث الإسلامية : ويتولى استقبال التلاميذ الوافدين من الأقطار الإسلامية لتلقي العلوم الدينية والعربية بالأزهر الشريف .

<!--معاهد القراءات : وهي تعد حفاظ القرآن الكريم لإجادة أدائه وتعلم أحكامه وأوجه القراءات وتحفيظ القرآن في المعاهد الأزهرية .

<!--معاهد الفتيات الأزهرية : تشمل أقسام تمثل مراحل التعليم الثلاثة ، الابتدائية ، والإعدادية ، والثانوية ، وهي تعد طالباتها الناجحات لكل الأغراض التي تعد لها المعاهد الأزهرية طلابها ، وخطة الدراسة فيها تتطابق مع خطة الدراسة بمعاهد البنين . (<!--)

<!--المعاهد النموذجية : تقوم بتدريس اللغة الأجنبية ابتداء من مرحلة رياض الأطفال والدراسة بها بمصروفات .

ثانيا : أهداف المعاهد الأزهرية :

         على الرغم من أن الأهداف تعد نقطة البداية في العمل التربوي ، وتتحدد فعالية النظام التعليمي بمدى وضوح أهدافه وقدرتها على التعبير عن مطالب المجتمعات وحاجات الأفراد (<!--) . إلا انه من الملاحظ أن مجال الأهداف التعليمية يشوبه الكثير من الغموض والتداخل ، بل ويعد من المجالات التي لا تزال موضع جدل وحوار بين جميع المستويات الاجتماعية وبخاصة التربويين ، نظرا لتعدد مستوياتها وضعف التمييز بين ما يعد هدفا لمرحلة تعليمية وما يعد هدفا لمنهج ما وما يعد هدفا تسعى إلي تحقيقه التربية أو النظام التعليمي ككل ، أو قد يرجع الغموض إلي ضعف كفاية وسائل وأساليب صياغة الأهداف التعليمية صياغة علمية شاملة تزيد من واقعيتها وإمكانية تحقيقها (<!--) .

         وهنا يجب التمييز بين نوعين من الأهداف :

<!--الأهداف التربوية : وهي النتائج التعليمية التي يسعى النظام التعليمي بكل مؤسساته ، وبكل إمكاناته لتحقيقها ، وعلي ذلك تعتبر الموجه الأساسي للعملية التربوية بكاملها . لذلك تصاغ أهداف التربية في عبارات عامة تعطي شكلا واتجاها لما تصبو إلي تحقيقه من الناحية التربوية ،لذا فهي تعطي صبغة لتلك الأشياء التي يراد تحقيقها في الحياة(<!--).

<!--الأهداف التعليمية : هي أهداف خاصة ، وهي قصيرة المدى تتحدد بدقة وتوضح ما نهدف إلى أن يتعلمه المتعلم من دراية بمقرر معين أو موضوع معين أو القيام بنشاط معين (<!--).  

         ومن ثم فان الأهداف التي سيتم عرضها في هذه الدراسة هي الأهداف التعليمية العامة التي حددتها الوثائق التعليمية ، حيث أن تلك الأهداف هي التي تحدد المسار التعليمي للمراحل التعليمية ، ومن خصائصها إمكانية التحقيق والقابلية للقياس ، وأنها محددة بزمان ومكان معينين وممكنة الصياغة في عمليات محدده ، وبهذه الأهداف تتحول الأغراض التربوية التي توجه السير إلي أهداف محددة .    والمعاهد الأزهرية بصفة خاصة إضافة إلى الأهداف المنوطة بها بصفة أكثر خصوصية وهذه يتم توضيحها كالآتي :

 

(1) أهداف الأزهر الشريف

         حدد القانون رقم (103) لسنة 1961 أهداف الأزهر الشريف في أن الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره ، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب ، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم البشر ورقي الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا وفي الآخرة . كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية ، وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها ، وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية ، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن (<!--) .

         وهذه يمكن توضيحها في النقاط الآتية (<!--) :

<!--أن يبقى الأزهر الشريف وأن يدعم ، ليظل أكبر جامعة إسلامية وأقدم جامعة في الشرق والغرب .

<!--أن يظل كما كان منذ أكثر من ألف سنة ، حصنا للدين والعروبة يرتقي به الإسلام ويتجدد ويتجلى في جوهره الأصيل ويتسع في نطاق العلم به في كل مستوى وفي كل بيئة ويذداد عنه كل ما يشوبه وكل ما يرمى به .

<!--أن يخرج علماء قد حصلوا كل ما يمكن تحصيله من علوم الدين وتهيئوا بكل ما يمكن من أسباب العلم والخبرة للعمل والإنتاج في كل مجال من مجالات العمل والإنتاج فلا تكون كل حرفتهم أو كل بضاعتهم هي الدين .

<!--أن يحقق قدرا مشتركا من المعرفة والخبرة بين المتعلمين في جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية وبين سائر المتعلمين في الجامعات والمدارس الأخرى _ مع الحرص على الدراسات الدينية والعربية التي يمتاز بها الأزهر منذ كان _ لتتحقق لخريجي الأزهر الحديث وحدة فكرية ونفسية بين أبناء الوطن . ويتحقق بهم للوطن والعالم الإسلامي نوع من الخريجين مؤهل للقيادة في كل مجال من المجالات الروحية والعلمية  .

 

(2) الأهداف العامة للمعاهد الأزهرية

         هناك أهدافا عامة للتعليم بالمعاهد الأزهرية وأهداف خاصة لكل مرحلة من مراحله ، وفيما يتعلق بالأهداف العامة للتعليم في المعاهد الأزهرية ، فان القرار الوزاري رقم (293) لسنة 1963 قد حدد أهداف المعاهد الأزهرية كما يلي (<!--) :

<!--تزويد الفتى المسلم بتربية روحية وخلقية وجسمية وعقلية واجتماعية وقومية .

<!--الكشف عن قدراته واستعداداته وميوله وتوجيهها وتنميتها بما فيه صلاحه وصلاح العالم الإسلامي والوطن .

<!--تزويده بالقدر الكافي من العلوم الدينية والعربية التي يختص الأزهر في دراستها وبالدراسات الثقافية والعملية والفنية التي يتزود بها نظراؤهم في مدارس التعليم العام بوزارة التربية والتعليم .

<!--تدعيم تنشئته من ناحية الكفاية الشخصية والقوة الروحية وذلك لتهيئته تدريجيا لدوره المنتظر في القيادة والتوجيه في المجالين العربي والإسلامي .

<!--تهيئته إذا صلحت قدراته واستعداداته لمواصلة الدراسة في مراحل التعليم التالية في الأزهر وخارجة  .

 

         أما بالنسبة لأهداف التعليم الأزهري في معاهد الفتيات فقد جاءت أهداف التعليم الأزهري بالنسبة للفتيات متطابقة مع أهداف التعليم الأزهري بمعاهد البنين مضافا إليها هدفان آخران هما (<!--) :

<!--تهيئة الفتاة المسلمة لتكون زوجة وأما وربة بيت صالحة .

<!--إعداد الفتاة المسلمة لشق طريقها في الحياة مزودة بما يلزمها من خبرة وتثقيف .

 

         أما فيما يتعلق بالأهداف الخاصة بالمراحل التعليمية الأزهرية كل حسب مرحلته فان القرار رقم(1) لسنة 1977بشأن السلم التعليمي بالأزهر قد حددها كما يلي :

 

1-أهداف المرحلة الابتدائية الأزهرية 

         تتمثل أهداف المرحلة الابتدائية الأزهرية في(<!--) :

<!--حفظ القرآن الكريم .

<!--مساعدة الناشئ علي أن ينمو نموا متكاملا في جميع النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والوجدانية والروحية .

<!--العمل علي أن يدرك الناشئ العلاقات الأسرية والاجتماعية وإعداده للحياة العملية في البيئة التي يعيش فيها وإكسابه بعض المهارات .

<!--الحرص علي أن تتكون لدى الناشئ الصفات الشخصية الطيبة والاتجاهات النفسية السوية وتوجيه انفعالاته معنوياته الوجدانية توجيها صالحا .

<!--العمل علي تنشئته مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فيتعرف على مبادئ الدين الأساسية بهدف أن تبنى عقيدته علي أسس سليمة من الفهم والممارسة عبادة وسلوكا .

<!--تنشئته علي الاعتزاز بوطنه فيتعرف علي أحوال وطنه الخاص والوطن العربي الكبير ومدى قوة الأمة العربية وثروتها وإمكانياتها  .

    وباستعراض أهداف التعليم الابتدائي الأزهري يتضح أن " الأزهر قد تبنى نفس أهداف المرحلة الابتدائية بالتعليم العام وأضاف الأزهر عليها هدفا آخر وهو تزويد التلاميذ بالقدر الكافي من الثقافة الإسلامية .فأهداف التعليم الابتدائي الأزهري هي نفسها أهداف التعليم العام بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم " (<!--) .

 

<!--أهداف المرحلة الإعدادية الأزهرية

         تمثلت الأهداف الخاصة بالمرحلة الإعدادية الأزهرية في (<!--) :

<!--إكمال حفظ القرآن الكريم .

<!--متابعة الدراسة الدينية والعربية التي بدأت في المرحلة السابقة ، مع إعداد الطالب لدراسة أكثر توسعا في المرحلة التالية .

<!--الكشف عن المهارات والاستعدادات والاتجاهات والقابليات لدى الطالب بالوسائل المختلفة الأمر الذي يتطلب تزويده في هذه المرحلة بمقررات نظرية وعملية وتطبيقية .

<!--تربية وجدان الطالب وتهذيبه وصقل حساسيته وإكسابه قدرا من المهارة الفنية والعملية وتكوين عادات واتجاهات سليمة .

<!--تزويد الطالب بخبرات حية في كل ما يتصل ببيئته وحياته وكذلك الظواهر الطبيعية وتركيب جسمه في إيجاز والتعرف علي النواحي المفيدة له صحيا واجتماعيا وخلقيا ونفسيا وممارسة الوسائل التي تؤدي به إلي التكامل والاتزان النفسي  .

 

     ويتضح من خلال استعراض أهداف التعليم الابتدائي والإعدادي الأزهري أن أهداف هذين التعليمين هي نفسها أهداف التعليم الابتدائي والإعدادي بمدارس وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم بالمعاهد الأزهرية ، ومتابعة الدراسة في بعض العلوم الدينية والعربية بالمعاهد الإعدادية الأزهرية (<!--) .

 

 3-أهداف المرحة الثانوية الأزهرية 

         تتمثل أهداف المرحلة الثانوية الأزهرية في (<!--) :

<!--إعداد الطلاب ليكونوا على حظ من الثقافة العربية والإسلامية .

<!--تزويد الطلاب بالمعارف والخبرات التي تتيح لهم الاستمرار في الدراسة الجامعية .

<!--تهيئة الطلاب للالتحاق بالكليات الأزهرية .

<!--تحقيق الأهداف الحكومية العامة للدولة .

<!--تحرير عقول الناشئة من الخرافات الشائعة والتقاليد التي لا يقرها الدين .

<!--ترغيب الطلاب في تحمل المسئولية التي يفرضها عليهم المجتمع ، ويأمر بها الدين .

<!--إعداد الفرد لكي يشق طريقه في الحياة العملية بنجاح إذا لم يستطع مواصلة الدراسة .

<!--تكوين الفضائل النفسية والاجتماعية وتعريفه آداب السلوك .

 

     ونظرا لوجود علاقة عضوية قوية بين التعليم والتنمية ، نظرا لموقع التعليم الثانوي في النظام التعليمي ، حيث أن له تأثير مباشر في تشكيل مصفوفة القوى العاملة التي تحتاجها أنشطة التنمية الشاملة ، الاقتصادية والثقافية والاجتماعية (<!--) ، جاءت أهداف التعليم الثانوي  الأزهري تتفق مع أهداف التعليم الثانوي العام في منح الطلاب شهادات تؤهلهم للالتحاق بالتعليم العالي والجامعي بالإضافة إلى الحرص على تحقيق النمو المتكامل لهم ، فضلا عن  تزويد الطالب بما يلزمه لشق طريقه في الحياة (<!--) .

  

     وبالنظر إلي أهداف التعليم بالمعاهد الأزهرية يتضح أنها تهتم بتربية المسلم تربية متكاملة في كافة النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية . كما أنها تجعل الدراسة بالأزهر لها خصوصيتها ممثلة في التعليم الديني وحفظ القرآن الكريم ، إلي جانب اهتمامها بالعلوم الحديثة الممثلة في المواد الثقافية التي فرضها قانون التطوير . كما يتضح تميز التعليم الأزهري عن التعليم العام باهتمامه بالإعداد الديني الذي يجعل طلابه يتفوقون على أقرانهم ممن لم يحظوا بالتعليم في الأزهر (<!--) . ومادامت تلك هي أهداف التعليم بالمعاهد الأزهرية فان مستقبل التعليم فيها لا يختلف عن ماضيه وحاضره مهما تعددت سياسات التعليم العام أو تنوعت . مع التسليم بأن وحدة الهدف وثبوتها في مختلف الأزمان لا يمكن أن ترفض الحركة المستمرة والمتطورة مادامت هذه الحركة لا تخرج به عن غايته(<!--). 

 

     كما يتضح أنها لا تخرج عن أهداف التعليم في العالم الإسلامي المعاصر ، فقد اتفق العلماء المسلمين حول تحديد غايات وأهداف التعليم وذلك خلال انعقاد جلسات المؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي ، حيث اجمع المؤتمرون علي أن "التربية يجب أن تستهدف تحقيق النمو المتوازن للشخصية الإنسانية من خلال تدريب الإنسان روحيا وعقليا ووجدانيا وحسيا ومن ثم يجب أن تركز التربية علي تنمية الإنسان من شتى جوانبه الروحية والعقلية والوجدانية والحسية والعلمية واللغوية – فردا كان أو جماعة – وتحريك هذه الجوانب نحو الخير والكمال " (<!--) .

 

     وتوضح كل هذه الأمور أنه قد ترتب علي تطوير أهداف التعليم بالمعاهد الأزهرية بعد صدور القانون 103 لسنة 1961 عدة نتائج منها :

<!--خروج المعاهد الأزهرية من العزلة : حيث كانت المعاهد الدينية قبل التطوير تضفى علي تلاميذها وأساتذتها وخريجيها نوعا من الانعزال عن المجتمع الذي يعيشون فيه . فقد وجد طلاب المعاهد الأزهرية أن ثقافتهم لا تواجه احتياجات المجتمع ولا تتفاعل معها ، مما أدى إلي تعطل خريجيه ، وكان من نتيجة ذلك العزوف عن دراسة الدين والبعد عن دخول معاهد الأزهر. لذلك أصبحت وظيفة الأزهر بمقتضى قانون التطوير هي تخريج  علماء متخصصين في الفكر الإسلامي علي مستوي العصر ، وتخريج علماء في العلوم الحديثة لهم طابع  إسلامي متخصص .

<!--تماثل السلم التعليمي بين المعاهد الأزهرية ومدارس التعليم العام: مما أدى لعلاج مشكلة الفارق الزمني في الأعمار بين تلاميذ المعاهد الأزهرية وتلاميذ التعليم العام .

<!--التحاق الفتاة بالأزهر : من خلال إنشاء معاهد الفتيات . حيث أصبحت وظيفة هذه المعاهد هي إعداد الفتاة المسلمة للرسالة التي ينهض بها الأزهر (<!--) .    

 

ثالثا : إدارة  المعاهد الأزهرية :

   لما كانت الإدارة التعليمية تعرف على أنها " العملية التي يتم بها تعبئة الجهود البشرية والمادية وتوجيهها من أجل تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية ، بأعلى كفاءة وفعالية في ظل الظروف البيئية المحيطة من خلال مجموعة من الأنشطة المتكاملة ، وهي في هذا الإطار تعني بالنواحي الإدارية والفنية معا ، وتهتم بالمعلمين والمناهج وطرق التدريس والأنشطة المدرسية والإشراف الفني وتمويل البرامج التعليمية وتنظيم العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمجتمع وغير ذلك من النواحي التي تؤثر في العملية التعليمية (<!--) . فان نظام الإدارة في الأزهر الشريف ظل منذ بداية إنشائه ولمدة أكثر من ألف عام يخضع لنظام مركزية الإدارة(<!--) . إلى أن طاله التطوير ، والذي يظهر من خلال عرض الأمور الآتية :

<!--صدر في عام 1936 قانون رقم (26) الذي نص على أن يقوم بإدارة الأزهر مجلس عال يتولى الإدارة والإشراف على المعاهد التابعة للأزهر (<!--) . ثم تلاه صدور قانون تطوير الأزهر سنة 1961 متضمنا المادة رقم (91) التي تنص على أن يكون للمعاهد الأزهرية إدارة عامة مهمتها الإشراف والإدارة ، وعلى وزارة التربية و التعليم تقديم المعونة اللازمة في هذا الشأن " (<!--)  ، ثم صدر القرار الوزاري رقم (250) لسنة 1975 متضمنا المادة رقم (8) التي نصت على أن : " يكون لكل هيئة من هيئات الأزهر جهاز إداري ومالي تحت إشراف رئيسها ويتكون من الأقسام والوحدات التي يصدر بتجديدها وبيان اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للأزهر . كما حدد القرار مهمة هذه الإدارة العامة للمعاهد ونظام العمل بها واختصاصات مديرها وموظفيها ووسائل التعاون بينها وبين وزارة التربية والتعليم " (<!--)  . وبناءا عليه صدر القرار الوزاري رقم (168) لسنة 1975 الذي نص على الإدارات والأجهزة التي تشكل منها الإدارة العامة للمعاهد الأزهرية .

 

<!--في عام1976صدر قرار إنشاء ثلاث مراقبات تعليمية(مناطق)في بعض المحافظات تتولى كل منها الإشراف على المعاهد في محافظة أو أكثر بهدف تغطية جميع المحافظات<!--(<!--).

 

<!--قد تم تحويل هذه المراقبات إلى مناطق تعليمية بهدف التخفيف من أعباء المركزية بموجب قرار شيخ الأزهر رقم (270) لسنة 1978 ، وبموجب هذا القرار تقرر أن تشرف المناطق التعليمية على الشئون الفنية والمالية والإدارية لجميع مراحل التعليم الأزهري ، وبكافة أنواعه ( الابتدائية – الإعدادية – الثانوية – المعلمين – القراءات) حيث جعل القرار لكل دائرة اختصاصها (<!--) .

 

<!--صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (5) لسنة 1979 فيما يخص تفويض سلطاته للمحافظين ، والذي ينص على أن يكون المحافظ هو الرئيس المحلي للعاملين المدنيين في نطاق المحافظة ويمارس جميع اختصاصات الوزير بالنسبة للعاملين في نطاق المحافظة في الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية بمقتضى هذا القرار(<!--) . وهذا القرار يسري على المعاهد الأزهرية مما يقضي بإنشاء إدارات تعليمية أزهرية بالمحافظات تباشر شئون التعليم في المعاهد الأزهرية . مما أدى إلى صدور قرار شيخ الأزهر رقم (9) الذي تضمن تزويد كل منطقة تعليمية أزهرية بجهاز مالي وإداري وفني يتبع مدير المنطقة ويعاونه في أداء واجباته ، مع إيجاد فرع للشئون القانونية يتبع الإدارة العامة للشئون القانونية بالأزهر (<!--) .

 

<!--في 10|1|1980 أصدر شيخ الأزهر قرار يحدد الهيكل التنظيمي لكل منطقة تعليمية بالمحافظات ، ثم أتبعه في 29|5|1980 بقرار تقسيم المناطق التعليمية إلى مستويين ، مناطق (أ) يرأسها مدير بدرجة مدير عام ، ومناطق (ب) يرأسها مدير على الدرجة الأولى . وطبقا لإحصاءات عام2000 بلغ عدد المناطق التعليمية الأزهرية (28) منطقة تعليمية لكل منها حق التصرف في الارتباطات المالية المرصودة لها في كافة الأبواب ومتابعة سير الدراسة بالمعاهد التابعة لها (<!--) . وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإدارة العامة للمعاهد الأزهرية بالقاهرة ، وجميع مناطق التعليم الأزهرية وأجهزتها ومعاهدها ، تتبع مباشرة شيخ الجامع الأزهر ، ولا تخضع لإشراف الأجهزة المحلية وذلك بناءا على قرار رئيس مجلس الوزراء لعام  1979 الذي ينص على أن : " تكون معاهد التعليم الأزهرية والهيئات المشرفة عليها ، خاضعة مباشرة لسلطات شيخ الجامع الأزهر ، وليس من حق السلطات المحلية التدخل في شئونها " (<!--) .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3868 مشاهدة
نشرت فى 2 مايو 2015 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

103,592