الحب فى الخمسين ثمرةٌ ناضجةٌ لمشوارٍ حياةٍ طويلة ...
شجرتان نحن . . مُثمرتان .
مالتا على بعضهما فتعانقتِ الأصول ؛ فتشابكت الفروع ، وتداخلت الأغصان ، والتفت بعضها على بعض فلا يميز أحد بين غصنين !
عِشنا معاً . . .
تَعرَّفنا جيدًا . . .
خَبَرتُها ، وعرَفتُ أدقَّ تفاصيل شخصِّيتها ، وكذلك هى ...
عَجَنتنى وخَبَزتنى . . .
فى كل موقف جديدٍ أتذوقُ منها طعمًا جديدًا فأحبها حبًا جديداً .
شربنا معاً من كأس المعاناة والحزن ، وكان كلٌّ منَّا عونًا لصاحبه وسنداً وظهرًا قوياً
بحنان الأمومة أَخذتْنى فى حضنها .
إحساسى هذه المرة ليس كما كنا فى العشرينات ...
هذه المرة قالت : تعالَ مَالك ؟
أفضيتُ لها بهمومى الثَّقيلة كَمَا أتَحدثُ معَ نَفسي .
قالتْ : خَلِّهَا عَلىَ الله .
عُدْتُ بين يديها طِفْلاً أذكُر أُمِّى ـ يَرحَمُها الله ـ
وعاد حيى لها مُركَّبًأ من حُبِّها زوجةً وَفيَّةً ، وحُبِّها أُماً شجرةً تُظلل الرأس
ويستند إليها الظهر .
حَزنَت هى كَما يَحزن الناسُ تَمزَق قلبى حُزنا عليها .
لا أُطيق رؤيتَها دامعةَ العين حَزينة المطلع .
فى العشرينات .....
مع بعضنا رسمنا طريق الأمل .
بعد العقدِ وقبلَ الزفافِ تمنيتُ معها ، وهمستُ بأُمنيَتى لأول مرةٍ ولأول رُوح .
تلاقتْ أمانينا ؛ لأن أرواحنا باتَت من قبل متوضئةً فتلاقتْ هناك فى عالم الأرواح الغَيبى .
أما فى الخمسين
فقد جَلسْنا يومًا يَأنس بعضُنا ببعضٍ من جديد كما كنا فى بداية الطريق !
فقد تحققت الأمنية التى سميناها ورَبيناها سَويا ،لقد تعبت هى فى تربيتها أكثر منى
تركتها لها صغيرة لاتعرفنى ثم عُدت بعد عمر لأجدهاتعرف عنى كل جميل قد ربتها أفضل تربية
وها قد عُدنا الليلة من زفافها إلى عروسها ..
عُدنا نستعيدُ الذكريات .
فى سِرِّى شعرتُ بالخجلِ من التقصير.
لقد كانَ عطاؤها من أجلِ تحقيق أُمنيتنا أكبر وكانت هى الأَصبر فى كل مَرَّة
حُبًّ جديد مزجتُ به كل ما فى قلبى
من احتياج الطفل للأُم ،
وعِشقِ الروحِ لجمالِ الروح ،
وسُكون القلب إلى صفاءِ القلب ،
وارتياح العين للقاء العين
هذَا.................
هُوَ.............
حُبُّ...............
الخَمْسينَات
ساحة النقاش