علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

 

الحمد لله الذى هدانا وماكنا لنهتدى لولا أن هدانا الله

والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المُسداه عليه أزكى السلام وأفضل الصلاة

وبعد

فقد طلب منى إخوة كرام وشباب أحباب أن أكتب لهم عن نشأة الجماعة الإسلامية بما أعرفه عنها

والحقيقة أن هذا العمل كان الأَولى أن يقوم به غيرى ممن عاشوا أيام البداية وظروف النشأة أما أنا فلم أعرف الجماعة الاسلامية إلا من خلال الجامعة فى العام الجامعى  1978/1979حيث التحقت بجامعة المنيا ولذلك فقد اقتصرت بقدر الإمكان على قدر ما تواتر من حديث وسمعته من كثير ممن عاصروا هذه الفترة

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ا

 

 

 

 ظروف النشأة :

     كانت مصر قد مرت بعدة أحداث ضخمة منذ اعتقال الإخوان المسلمين وتعذيبهم فى سجون عبد الناصر سنة   1954      

 ـ 1956 العدوان الثلاثى على مصر

1965  :    تكررت الضربة للإخوان  المسلمين

1967 : هزيمة  للجيش المصرى أمام الجيش اليهودى وقد كانت هذه الهزيمة نتيجة طبيعية لعدة أسباب أهمها :

ـ   إتجاه عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتى الشيوعى الملحد والاستعانة بخبرائهم فى تدريب الجيش المصرى مما أنشأ موجةً عنيفةً من الالحاد ، والعقيدة الشيوعية المنكِرة لوجود الله  فى الجيش والجامعات المصرية .

ـ خُلوّ الساحة من الدعوة والدعاة مما أنشأ موجة من الانحلال الشديد والبعد عن الدين وصلت إلى الشباب فى الجيش المصرى.

ـ حالة الإحباط الشديد بعد ثورة يوليو التى صدمت الشعب المصرى بالاستبداد والتنكيل بالإخوان وحكم البلد بالحديد والنار ، وقمع الشرطة ، وتجسس المخابرات حتى انتشرت  بين الناس حِكم وأمثال من نوعية  " الحيطان لها ودان " و" إذا لقيت الناس يعبدون العجل فاعبده معهم "

ـ انتشار الفساد فى الجيش وانشغال الضباط الأحرار بالصراعات الداخلية .

ـ إنشغال الرئيس والجيش والمخابرات والشرطة والإعلام  بحرب الإخوان عن تأمين الحدود

أعقب هزيمة يونيو 1967 إحباط شديد وانهزام نفسى وفقدان ثقة فى القيادة والإعلام بعد أن خدع الشعب بتصوير الهزيمة على أنها نصر مبين وبعد أن توالت ضربات الطيران الإسرائيلى فى العمق فى بحر البقر،  ومنقباد ، ونجع حمادى. وهُجّر سكان مدن القناة إجباريا وتشردوا ومعهم الإحباط  فى طول البلاد وعرضها .

ـ  1970   وفاة عبد الناصر وتولى السادات بعد صراع مع بعض الكبار استمر بعد توليه ومواجهته لكثير من العقبات منها:

أ ـ شعبية عبد الناصر التى لاتقتنع بغيره .

ب ـ مظاهرت الطلاب الشيوعيين التى كانت تطالبه بالحرب وكانت تتعمد إهانته وتحقيره .

جـ  ـ حالة اللاحرب واللاسلم مع اليهود

د ـ آثار الهزيمة على الجيش والصعب ماديٍٍا ومعنويًا

هـ ـ مؤامرات زملائه الضباط المتصارعين على السلطة

ـ  تمكن السادات  من خصومه ، ومحاكمة رجال عبد الناصر واتخذ من تعذيبهم الإخوان مبررا مقبولا لسجنهم والتخلص منهم

 ـ  إخراج الإخوان من السجون .

ـ   استبدال التبعية للإتحاد السوفيتى بالتبعية لأمريكا .

 ـ رغبة السادات فى القضاء على الشيوعيين والفكر الإشتراكى بإعلان ماسماه بـ : "دولة العلم والإيمان".

 ـ 1973إنتصارات العاشر من  رمضان السادس من أكتوبر بعد دخول الأزهر للجبهة للتوجيه وبناء عقيدة قتالية إسلامية فى الجيش وأفرزت  هذه الانتصارت حالة من الانصهار والإيمان والثقة والحب  فى الشعب المصرى تشبه الأيام الأولى فى ثورة يناير 2011.

 

ـ نشأت الجماعة الإسلامية فى هذه الظروف التى تتمثل فى :

 

ـ سيطرة الشيوعية على شباب الجامعات وكذا على الصفوة من أساتذة الجامعات والإعلامييين والمسؤلين فى الدولة .

ـ سيطرة الصوفية والخرافات والبدع على الحياة الدينية .

ـ سيطرة رجال الأوقاف الفاسدين على المساجد وفقدان ثقة الشباب فيهم بالمرة .

ـ ظهور فكرة تكفير المجتمع نتيجة التعذبب البشع فى السجون وسيطرة الشيوعية على الإعلام 

ـ نشوة الانتصار وارتفاع الروح المعنوية بين الشباب .

ـ انتشار بقايا وآثار الانحلال والفساد مع تولد رغبة من الشباب فى التخلص من آثار الهزيمة والإحباط .

ـ توجه الشعب المصرى إلى الدين بعد الحالة الإيمانية التى أفرزتها الانتصارات فى جو رمضان خصوصا وقد تفاعل الأزهروالأوقاف مع يوميات النصروصيحة الله أكبر وكانت المساجد تمتلىء بالمصلين الذين ينتظرون تعليق الشيوخ على أخبار الانتصارات التى تتوالى كل يوم  

تكوين الجماعة :

 

   تكونت الجماعة من مجموعات من الطلاب نشأ أغلبهم فى أُسر متدينة أو استمعوا إلى بعض الشيوخ الذين عادوا إلى المساجد من شيوخ الإخوان وأنصار السنة والجمعية الشرعية ونظموا دروسا فى العقيدة وغيرها .

مسيرة الأحداث :

 

بدأ هؤلاء الطلاب يمارسون الشعائروالأنشطة الدينية داخل الجامعة من خلال الجمعية أو الجماعة الدينية الرسمية ، لكن مالبثوا أن غيَّروا مسارها لما كان فيها من مخالفات شرعية  كالصوفية واختلاط الشباب بالفتيات .

ـ اصطدم هؤلاء الشباب بالطلاب الشيوعيين الذين سخِروا من الشعائر الدينية والمظهر الإسلامى بل والثوابت والرموز الدينية مثل القرآن والرسول- صلى الله عليه وسلم -و والصحابة رضى الله عنهم . وأطلقوا النكات السخيفة عليهم  حتى الملائكة لم تسلم من هذه السخرية

ـ دارت مناظرات ومنازلات كثيرة مع الشيوعية وإلحادها فى ساحات الجامعة ولكن سرعان مااستيقظت الفطرة لدى الشباب المسلم  فأقبلوا على الدين ولفظوا الشيوعية وكل الأفكار الاشتراكية  التى كانت بَرَّاقة يومئذ فى العالم كله والتفوا حول طلاب الجماعة ودعوتهم .

ـ إنتشرت الدعوة فى الجامعات وخصوصا فى الصعيد واتسمت بالبساطة والعفوية والسرعة والقوة والطموح وتركيزها على الحب فى الله والأخلاق خصوصا فى الصعيد وعكست رغبة الشباب فى التخلص من كل آثار الهزيمة والإحباط والإنحطاط والبعد عن الإسلام كما ركزت على جوانب العزة فى التاريخ الاسلامى وقصص مصعب بن عمير وخالد بن الوليد والخلفاء الراشدين وقصة موسى وفرعون .

  كانت اللافتات التى تجذب الطلاب يومها من نوع (إلى الإسلام من جديد ) ( الله أو الدمار ) (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) (

وانتشرت أناشيد "أبو مازن " التى تضرب على وتر الكرامة والعزة للأمة الاسلامية ومنها

فؤادى يحس وعقلى يعى       وروحى يثور وعلمى معى

    وفى عزمتى عناد الجهاد         أراه يقينا ولا أدعى

                     

             فتية الحق أنيبوا           وإلى الله استجيبوا

     إن بشأن الدين قمنا                جاءنا النصر القريبُ

 

الصين لنا والعٌرب لنا        والهند لنا والكل لنا

أضحى الإسلام لنا دينا       وجميع الكون وطنا

 

ـ زادت قوة الجماعة الإسلامية بعد دخولها مجال اتحاد الطلاب واكتساحها لكل اللجان فيها على مستوى الجامعات ثم فوزها بالاتحاد العام لطلاب مصر     .

ـ خارج الجامعة اصطدمت الدعوة بالصوفية وبدعها وخرافاتها وانتشارها فى المساجد  

ـ كما اصطدمت بشيوخ الأوقاف ومفاهيمهم الحكومية وتحويلهم الدين إلى طقوس ميتة لاتحييى عبادة ولاتحرك قلبا وكان غالبية شيوخ الأوقاف مدخنين علانية يحاربون تحريم التدخين  ولايصلون الفجر إلا قليل منهم وكانت خطبهم محفوظة لدى المصلين وكان ظهور الشباب المسلم المتدين يزعج هؤلاء الشيوخ حيث كان الشباب يحبون البقاء فى المساجد للتعلم فيها والاعتكاف بينما الشيوخ يحبون إغلاق هذه المساجد فور الصلاة ، ولذا فقد حارب هؤلاء الشيوخ موجة الصحوة الدينية حربا لاهوادة فيها وانتشرت خطبهم تحت عناوين مثل (العمل عبادة ـ والإسلام جوهر لامظهر ـ والدين فى القلب ـ ولاسياسة فى الدين ـ ومايحتاجه البيت يحرم على الجامع ـ والدين للدِّيان والسياسة فى البرلمان ـ وانت لن تصلح الكون ـ والاعتكاف ليس من الإسلام ـ والتدخين ليس علي حرمته دليل ( لم تُحَرِّم الأوقاف التدخين إلا بعد تحريم منظمة الصحة العالمية له كنوع من الاستجابة والتعاون مع المنظمة  )

ـ استضاف  شباب الجماعة الإسلامية فى ندواتهم   جميع الدعاة والعلماء على الساحة سواء من دعاة الإخوان أو أنصار السنة أو الجمعية الشرعية أو جماعة التبليغ والدعوة وكذلك للشيخ عبد الحميد كشك والشيخ أحمد المحلاوى والشيخ حافظ سلامة والشيخ صلاح أبو اسماعيل والشيخ محمد الغزالى الذى كان لاذع النقد لسياسات الحكومة والشيخ عبد اللطيف مشتهرى إمام الجمعية الشرعية والشيخ عبد الله السماوى والشيخ عمر عبد الرحمن الذى اقترب منهم أكثر واقتربوا منه كما أنهم نشروا لكل العلماء الموثوقين بلا تمميز فى معارض الكتاب بالجامعة

ـ لقد كان الشباب المصرى متعطشين إلى روح الإسلام فما إن وجدوا الفرصة حتى  أقبلوا  على معانى الإسلام العامة الجميلة وأولها أحكام تلاوة القرآن فأصدرت الجماعة الإسلامية مذكرة مبسطة لسبعة أحكام رئيسية انتشرت انتشارا كبيرا حتى أصبحت تُوزَع مجانا فى كل مكان وانتشرت حلقات التلاوة فى المساجد والمدرجات وكانت هى أولى حلقات المعسكرت والمعتكفات وكان التركيز فيها على التدريب العملى على تلاوة القرآن

كما نشرت الجماعة كتب العقيدة وأولها كتاب معارج القبول للشيخ حافظ حكمى ردا على عقيدة التكفير التى وجدت لها أنصارا من بعض  الشباب وكذلك كتب تفسير القرآن الكريم مثل تفسير ابن كثير وانتشر كتاب " فى ظلال القرآن "  للأستاذ سيد قطب رحمه الله وكل كتاباته حتى مامنعته الحكومة  ، وكتب  الحديث مثل رياض الصالحين والأربعين النووية وجامع العلوم والحكم وكتب الآداب العامة والأخلاق مثل منهاج المسلم وكتب الأستاذ أبو الأعلى المودودى والأستاذ فتحى يكن والأستاذ أنور الجندى والشيخ سعيد حوى وغيرهم .

ـ بدأ الشباب ينتقدون الحكومة ويطالبون بالحكم بالشريعة الإسلامية ويستمعون للشيخ صلاح أبو اسماعيل رحمه الله ومحاولاته فى مجلس الشعب لتطبيق الشريعة  كما بدأوا فى العمل بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومحاربة الفساد ومحاولة تطهير الجامعة من آثار التحلل والموبقات التى كانت تقع تحت رعاية الجامعة كما التف بعضهم جول الشيخ يوسف البدرى وكونوا جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .

ـ بعد أن توجه السادات إلى أمريكا وإعلانه عن ما سمى  بالانفتاح الإقتصادى وتشجيع القطاع الخاص بدأ ت موجة من الفساد وخصوصا فى استيراد السلع الفاسدة وبدأت الجماعة تتحدث عن الفساد والظلم.

ـ كان السادات يَعِد الشعب المصرى بتحسن الإقتصاد وفى كل عام يقول : "نحن فى عنق الزجاجة والعام القادم هو عام الخروج من عنق الزجاجة إلى الرخاء ". بينما بدأت الطبقية تعرف طريقها إلى وسط الشعب ورائحة الطبقة الفاسدة تفوح وكان منهم رموز فى الحكم حول السادات ومن أصهاره المقربين وبدأ الناس يتحدثون عن الوزير ومزرعة الثعالب وعن صهر الرئيس الذى أدخل إلى مصر شحنات ضخمة من اللحوم الفاسدة ، والقرارات التى تتخذها الدولة ومسئولوها متحالفة مع الفاسدين ومنها قرارت اتخذها السادات سرى بين الناس تفسيرها لصالح رموز مشهورة للفساد ! فى نفس الوقت سرت شائعات قوية عن تدخل حرم الرئيس لتغيير قانون الأحوال الشخصية ، واختلاف العلماء بشدة حول هذا التغيير، وإنكارهم على بعض مواده ورفضه ، وكذلك عن تحركاتها وسفرياتها الكثيرة الى أمريكا وعن ثروتها هناك وهى الملقبة بسيدة مصر الأولى .

ـ فى لقاء السادات بطلاب جامعة القاهرة وقف الطالب عبد المنعم أبو الفتوح وحدَّث السادات عن نفاق من حوله وفسادهم فهب السادات غاضبٍا زاجرٍا ولم يكرر هذه اللقاءات بالطلبة ومنع تعيين ابو الفتوح معيدا فى الجامعة بينما نشرت المباحث قصة مختلقة عن اغتياله.

ـ كانت جماعة الإخوان المسلمين قد بدأت تخرج من مرحلة كانت تسميها مرحلة " تضميد الجراح " وأصدرت  " مجلة الدعوة " وتصدت فيها لفساد الحكومة وطالبت بتطبيق الشريعة الإسلامية واهتمت بقضايا الأقليات المسلمة المضطهدة  فى العالم وكان لنشر هذه القضايا أثرا فى تحريك غيرة الشباب على الدين وعلى المسلمين  كما أصدرت كتبا كثيرة عن التعذيب الذى تعرضت له الجماعة فى سجون عبد الناصر وتعرضت الجماعة لهجوم عنيف من الإعلام المصرى إلا أن تلك الفترة كانت مليئة بالنزال الفكرى والمناظرات أكثر من الشتائم الفارغة التى زادت فيما بعد .

ـ تعامل السادات مع قضية تطبيق الشريعة بالمراوغة وكان الشيخ صلاح أبو اسماعيل يتحدث كثيرا فى أحاديث مسجلة ومنشورة عن هذه المراوغات وكان منها أن السادات أمر بتقنين الشريعة فى مواد قانونية ورغم اعتراض كثير من العلماء وقولهم إنها لاتحتاج لأى تقنين والقضاء مستعد للحكم بها إذا صدر بذلك القانون إلا أن مشروع التقنين دخل حيز التنفيذ بالفعل وفرغ منه ولكن ظل فى الأدراج .

ـ عندما زار السادات القدس وخطب فى الكنيست أمام اليهود وبدأ طريق معاهدة السلام لقى ذلك معارضة شديدة داخل مصر وخارجها واجتمعت عليه كل قوى المعارضة فى مصر ومنها الإخوان عبر مجلتهم وخطبهم وكتبهم  والجماعة الإسلامية عبر  المؤتمرات والمظاهرات والإضرابات وهوجم السادات هجوما شديدا فصارت هذه المعارضة  نقطة عداوة بين السادات ومعارضي اتفاقية السلام . كيف وهو الملقب ببطل الحرب والسلام ؟ أصبح يقول :أنا ليس عندى معارضين أنا عندى حاقدين .

ـ كان السادات قد ظهر عليه الغرور لدرجة كبيرة بعد  انتصارات رمضان وملَّ الشعب المصرى من حواراته المطولة فى التليفزيون المصرى والتى كان يتحدث فيها عن قصة حياته وعن إنجازاته التى حفظناها من خطبه ومن كتب المدرسة  وكان من أشهر عباراته التى استقبلها الشعب بالفكاهة أنه حكى أنه كاد أن يغرق وهو طفل فسألته المذيعة : وماكان شعوركم وأنت تغرق ؟

 قال : أحسست أن مصر كلها بتغرق !!

 وكان يقول: أنا لا أفعل من أجل اليوم وفقط وإنما لمن سيحكم بعدى !

  وقد ساعده الغرب على هذا الغرور حيث أهدى إليه جائزة نوبل للسلام ، وجائزة أشيك رجل فى العالم ،  وكثير من الجوائز التى زادته غرورا  

 واشتهر بخطاباته التى يتصدى فيها بالهجوم الشديد على معارضيه خصوصا بعد عودته من رحلاته الكثيرة إلى أمريكا التى كان يعتبر من إنجازاته أنه رأى أن إسرائيل تجلس على حِجْر أمريكا فقال : ولماذا لا أجلس أنا على الحِجر الآخر ؟ ! حسب تعبيره .

ـ بعد أن استراح السادات من خصومه ومن الشيوعية ومظاهرات الطلاب فى الجامعات وبعد أن تحقق له نصر العاشر من رمضان وبدأ خطوات فى الإنجازات الداخلية والمشروعات التى كان يسميها بالثورة مثل : "الثورة الإدارية " و" ثورة التصحيح " و" التأمين الغذائى "  بدأ يهاجم التيار الإسلامى بشدة فى خطبه وهو القائل : "لاسياسة فى الدين ولادين فى السياسة " وقال عن النقاب " خيمة " وبدأ ينفعل ويغضب  فى خطاباته ضيقا بالنقد والمعارضة ويهاجم الإخوان وبدأ الإعلام يتهم الإخوان بحيازة السلاح وبالعمالة لدول خارجية وبتبنى شباب الجماعة الإسلامية الذى كثرت مشكلاته فى نقد السياسة وفى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحديث عن الجهاد فى سبيل الله

ـ إلى هذا الوقت كان اسم الجماعة الإسلامية ينطبق على كل الطلاب الذين يعملون بالدعوة فى الجامعة وفى بعض الجامعات كانوا قد اتفقوا على أن يعملوا جميعا تحت هذا المسمى أيا كان انتماء أحدهم الحقيقى لجماعة أو لأخرى وبعد التخرج كلً حرً فيما يلتحق به .

غير أن الإخوان أرادوا أن يميزوا بين الشباب الذى ينتمى إليهم وبين من لاينتمى إليهم. 

فتوجهوا إلى القيادات الشبابية  يدعونهم للإنتماء لجماعة الإخوان المسلمين فمنهم من استجاب لذلك مثل غالبية طلاب جامعة القاهرة ومنهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور عصام العريان والدكتور حلمى الجزاروغيرهم وبعض قيادات المنيا مثل المهندس محى الدين أحمدعيسى والمهندس أبو العلا ماضى أما جامعة أسيوط فقد كانت منذ أسست  الجماعة على علم بمنهج الإخوان وعدم موافقته  عليه وبالتالى لم تؤثر فيها دعوة الإخوان وظلت كما هى وكذلك سوهاج وقنا وأسوان .

أما الاسكندرية فقد اختارت أن ترجع إلى علماء السعودية فيما تريد أن تستفتى وكان علماء السعودية يفتون بأن حكام العالم الإسلامى هم أولياء الأمر وتجب طاعتهم ولايجوز تكوين جماعات بنظام جماعة وأمير وسمع وطاعة وإنما يمكن بنظام مدرسة أى شيخ أو قيم وتلاميذ لذلك سُميت بالمدرسة السلفية .

1979 عام ذروة النشاط   حيث كانت الجماعة قد اكتسحت اتحاد الطلاب على مستوى الجمهورية واشتد نشاطها فما كان يخلو يوم فى الجامعة من نشاط إسلامى هنا أو هناك من معسكر إسلامى أو اعتكاف أو زيارة قبور أو معرض للكتاب الإسلامى أو للزى الإسلامى للطالبات أو جولات الأمر بالعروف والنهى عن المنكر وفصل بين الطلبة والطالبات فى المدرجات وسيارات الجامعة وعرف اتحاد الطلاب بالنزاهة ولأول مرة يشعر الطلاب بأموال الاتحاد تنفق فعلا فى خدمتهم فى دعم الكتاب الجامعى والكشكول الجامعى والمذكرات وملازم الامتحانات والرحلات العلمية ومعسكرات الجوالة وتحولت الجامعة إلى خلية نحل من نشاط فى جميع الاتجاهات   .

كما اشتهر هذا العام بالصدام بين إدارات الجامعات والجماعة وكذلك بين الشرطة والجماعة فقد قامت عدة مظاهرات لأسباب مختلفة ،واعترضت الجماعة فى أسيوط على استضافة شاه إيران الذى خلعه شعبه فى الثورة ، كما اشتدت المعارضة لاتفاقية السلام ، ولقانون الأحوال الشخصية المخالف للشريعة الإسلامية ، ولقانون منع ذبح اللحوم الذى أصدره السادات وفسرته المعارضة أنه لصالح صفقة دواجن فاسدة  استوردها صهره وأغرق بها البلاد فتحدت الجماعة الإسلامية فى المنيا القرار وذبحت علنا فى الشارع بعد أن لجأ الناس للذبح سرًا وخلت الأسواق من اللحوم.

كما حدثت مظاهرت واعتصامات بالمدينة الجامعية بالمنيا قامت الجامعة على أثره بفصل 36 طالبا ولكن سرعان ما أعادهم القضاء مُدينا قرار فصلهم ؛ ونشرت مجلة الدعوة عنوانا كبيرا (نعم فى مصر قضاة ) وانتهى  هذا العام الجامعى بحصار المدينة الجامعية بالمنيا فى أزمة شديدة مع الشرطة ، ثم زيارة السادات لجامعة أسيوط ومن هناك ألقى خطابا ساخنا شن فيه هجوما على الجماعات الإسلامية ، وأعلن كثيرا من الإجراءات المُقيدة لنشاطها منها إعادة الحرس الجامعى ، وإلغاء الاتحاد العام لطلاب مصر ، ونقل الجامعة من الكتل السكنية إلى الأطراف ، وتقييد الترشح لاتحاد الطلاب ، وكان هذا الخطاب هو إعلان حرب على الجماعة أعقبه القبض على عدد من قيادات الجماعة بالمنيا .

1980ـ  من الذروة إلى التقليص وبداية مواجهة قرارات السادات ، ففى أسيوط فوجىء الطلاب ببناء أسوار قيل أنها مكهربة تفصل مبانى المدينة الجامعية عن بعضها   فما كان منهم إلا التجمع وهدم هذه الأسوار فنشيت معارك وأزمات فى الجامعة استشهد على أثرها أحد المتظاهرين ( عنتر كمال )

ـ الضراوة والعنف والكراهية التى تعاملت بها الحكومة مع الطلاب أفسح المجال لفكرة ضرورة وجود قوة تحمى الدعوة خصوصا مع بداية الدماء

وفى المنيا حدثت مواجهة مع الحرس الجامعى إنتهت بمعركة تم فيها إجلاؤه من الجامعة ، كما تم فصل عدد كبير من طلاب الجماعة وشطب عدد كبير من قوائم المرشحين لاتحاد الطلاب تحت بند جديد يشترط إثبات النشاط السابق للمرشح ودعاوى أخرى . وقد انتهى العام الجامعى بالقبض على عدد من قيادات الجماعة مثل المهندس محى الدين أحمد عيسى أمير الجماعة بالمنيا وفى هذا العام بدأظهور انتماء بعض القيادات لجماعة الإخوان كما نشط الإخوان فى محاولات إقناع آخرين فظهر الخلاف بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين على السطح

ـ زار السادات أمريكا زيارته المقدسة وهناك تظاهر عدد من المسيحيين وقذفوه بالبيض والطماطم فألقى بعد عودته خطابا غاضبا هاجم فيه المسيحييين والكنيسة وكرر أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة وهو يترسم خطى عمر بن الخطاب وكان الأنبا شنودة يهدد بالاعتكاف فى ديره بوادى النطرون .

ـ  1981إحتدام الصدام منذ أول يوم فى الدراسة فى الجامعات بمنع نشاط الجماعة واتحاد الطلاب وشطب جميع المرشحين المتدينين حسب قوائم من أمن الدولة وعاد من جديد طلاب موالون للحكومة إلى اتحادات الطلاب وتم استبدال طاقم الحرس الجامعى بطاقم شرطة شرس تدخل بقوة فى العمل الطلابى إلى حد الضرب واشتد إعمال التحقيق والفصل السريع بأى حجة لأكثر عدد ممكن من طلاب الجماعة .

ـ زار السادات أمريكا وبينما هو هناك نشرت صحف المعارضة فى مصر معلومات عن نيته لتوجيه ضربة قاضية للمعارضة فور عودته وعاد السادات و كثف الأمن نشاطه فى جرأة غير مسبوقة فاقتحم بعض مقرات الأحزاب ومنع صدور بعضها واقتحم مقر مجلة الدعوة الإخوانية ودمر محتوياته واقتحم المؤتمرات وفضها بالقوة وبدأ اعتقال بعض الشخصيات المعارضة غير المشهورة فرادى

فى هذا العام فى يونيو وقعت أحداث ضخمة فى القاهرة بين المسلمين والمسيحيين ساهم الأمن فى إشعالها فزادت من التوتر وعلى أثرها االتقت الجماعة الإسلامية بتنظيم الجهاد بقيادة المهندس محمد عبد السلام فرج واتفقا على العمل السرى المسلح لإقامة الدولة الإسلامية عن طريق مظاهرت عارمة  تحميها قوة مسلحة.

ـ كانت مصر مقاطعة ومنعزلة عن العالم العربى كله بسبب معاهدة السلام والعلاقة يقودها السب العلنى فى الخطب والهجوم الممنهج والسخرية فى وسائل الاعلام . الخارج  وتَعرّض الفلسطينيون المقيمون فى مصر لكثير من الاضطهاد والاعتقال والطرد.

وكانت القوى السياسية كلها قد نالها من غضب السادات ومن ممارسات الأمن الكثير بما فى ذلك الكنيسة وأصبح السادات غير مطاق من قطاع كبير من الشعب لغروره وكثرة خطبه وتهديداته للمعارضة فى الداخل وللعرب المقاطعين له فى الخارج

وزع الإخوان المسلمون بيانًا بعنوان " المحنة القادمة "  وصورت فيه مشنقة واستعد الجميع للإعتقال ودخول البلاد فى محنة جديدة .

 

فى أوائل سبتمير كان خطاب السادات الشهير الذى هاج فيه وماج وشتم أحزابا وجماعات وشخصيات مرموقة ذكرها بأسمائها وقال عن الشيخ المحلاوى : ( آهو مرمى فى السجن زى الكلب ) وقال  : ( لن أرحم أبدا ) وتوقع كثيرون نهاية السادات بهذا الخطاب الذى ألقاه وهو فى قمة الغرور والتمكن من خصومه

ـ فور الخطاب شنت قوات الأمن حملات شرسة شملت اعتقالات جماعية  لثلاثة آلاف شخصية  منهم  ألف وخمسمائة شخصية من كبار وقيادات العمل الإسلامى والسياسى والاجتماعى مسلمين ومسيحيين رجالا ونساء أئمة وقساوسة واتخذ فرارا بعزل البطريرك شنودة

 ـ أظلمت مصر ولم يبق فيها بيت غير متأثر بهذه الحملة وحوصرت المساجد ومنع الدعاة والخطباء من صعود المنابر وأُنزل بعضهم من المنابر بالسلاح واشتعلت الحملة الإعلامية المهاجمة لكل المعارضة واتهامها بالفتنة والإشادة بالضربة الحكيمة التى وأدت الفتنة وأجهضتها كالمعتاد من الاعلام

ـ وهكذا أراد السادات بعد أن اتخذ قرار السلام مع اسرائيل منفردا أن يتخلص من كل معارضيه وبررالإعلام ضربته هذه بأن مناحم بيجين رئيس الوزراء الاسرائيلى سيتقاعس عن تسليم سيناء وأنه قال له : " كيف نضمن تنفيذكم لاتفاقية السلام وعندكم معارضة داخلية " ؟! فالتحفظ على هؤلاء رؤس الفتنة هو إنقاذ للوطن لحين استلام سيناء !!

فى الوقت  الذى كان السادات يدبر فيه لخصومه والسجون تستعد والتشطيبات النهائية لسجن الاستقبال الجديد تستعجل كان القدر يمضى فى ترتيب نهايته

وفى السادس من أكتوبر 1981 وقع حادث المنصة فانتهى بذلك الفصل الأول من مسيرة الجماعة الإسلامية  

                           كنت هذه رؤية لتلك الفترة

(سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ا

 

 

 

         

                     

                            ا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 152 مشاهدة
نشرت فى 25 مايو 2014 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

354,464