تنظر الجماعة الاسلامية إلى أمرالعقيدة نظرةً خاصة

 فهى  لاتهمل أمر العقيدة واشتراط صحتها فى أبنائها وفى نفس الوقت لاتراها مجرد مادة علمية تُحفظ فيها المتون وتُدرّس الشروح والأدلة فى قضايا نظرية

ونترك الجماعة تحدثنا عن العقيدة من كتاب عقيدتنا فتقول : لئن  كانت غاية المسلم هى مرضاة الله عز وجل التى يبتغيها من وراء كل عملٍ يعمله أو قولٍ يتلفظ به أو نيةٍ يعقد القلب عليها فان عقيدته هى التى ستدفعه من داخله وتُسيّره نحو غايته فتحثه ان يتقدم وتمنعه من أن يتوقف فضلا عن أن ينقلب

وتقول فى كتاب من نحن وماذا نريد :

" ومضينا في طريق الله .. بعقيدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

تلك العقيدة التي صنعت الجيل الأول من هذه الأمة .. فجعلتهم سادة الدنيا والآخرة . .           تلك العقيدة التي صنعت أبا بكرٍ وعمر، وعثمان وعلياً، وخباباً وبلالاً، وياسراً

تلك العقيدة التي صنعت خديجة وعائشة .. وسمية وأم عمارة ..

 عقيدة ترسِّخ لنا القاعدة التي ننطلق منها نحو غايتنا .. موقنين بأن الله تعالى -وحده- هو المعبود بحق .. لأنه المالك وله كل صفات الكمال .. فالله غايتنا التي لا غاية لنا وراءها ....

عقيدة تحدد الولاء وتوجهه لله ولرسوله وللمؤمنين ..

عقيدة تجعل المستمسك بها عزيزاً .. فالمؤمن لا يعرف ذلاً ولا مهانة ولا استكانة .. يتقلب حاله بين العسر واليسر .. بين الضيق والسعة .. دون أن ينال ذلك من عزته واستعلائه بإيمانه .. لأنه يستمد هذا الاستعلاء من ربه العزيز ..(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ)

عقيدة تجعل الفرد رقيباً على نفسه في الدنيا .. لعلمه أنه سيقال له غداً: (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) فتغرس في قلبه ما يمنعه من الخروج عن أمر ربه وشرعه وحكمه .. وتغرس في قلبه ما يرده إلى الرشاد إذا ما أبق يوماً أو شرد ..

 

.. عقيدة تجعل صاحبها موقناً بأن الله يسمع ويرى .. ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. ويعلم السر وأخفي .. وأنه سبحانه سيبعثه يوم القيامة ليحاسبه ويجازيه .. روى الإمام أحمد بسنده عن صعصعة بن معاوية أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .. قال: (حسبي .. لا أبالى أن لا أسمع غيرها).

عقيدة تخرج صاحبها من ضيق الدنيا وحقارتها إلى سعة الآخرة وعظمتها .. فترى أصحابها يسيرون فوق الأرض وقلوبهم في السماء .. لا يعملون لدنيا فانية زائلة .. وإنما يتزودون من الدنيا للآخرة .. ولا يريدون منها إلا ما يعينهم على سفرهم إلى الله والدار الآخرة. يملكون الدنيا في أيديهم ولا تلتفت إليها قلوبهم .. يسخرون الدنيا للآخرة .. فكل ما معهم لله وفي الله وفي سبيل الله .. (وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ).

عقيدة تزرع في قلوب أصحابها الشوق إلى لقاء الله .. فيستعذبون في سبيل الله كل صعب .. ويركبون كل وعر .. ) أ . هـ 

وتستطرد الجماعة فى عرض صور ومظاهر من حياة الصحابة دالة على أثر العقيدة فى بناء وتنشئة هذا الجيل العظيم فتقول :

نتجول فى رحاب هذه المشاهد نسمع ونرى . .  هذا بلال يتحدى أمية بن خلف  وهؤلاء آل ياسر يُعذبون ويصبرون . .  وانظر إلى المهاجرين يتركون الأهل والمال والولد . . وهذا مصعب يُقتل يوم أحد فما يجدون له إلا نَمِرةً تغطى الرأس وتكشف الرجلين وقد كان  من قبل أنعم فتيان قريش وانظر إلى  أيدى الأنصار التى امتدت تبايع يوم العقية وهم يعلمون أن العرب سترميهم عن قوسٍ واحدةٍ . .  ثم انظر إليهم وهم يقتسمون المال والديار  مع إخوانهم المهاجرين وانظر إلى الصدّيق هو ينخلع من ماله كله ليساهم فى تجهيز جيش المسلمين وماذا ترك لأبنائه ؟

 ترك لهم الله ورسوله .

وابن الخطاب ينفق نصف ماله .. وعثمان يجهز بمفرده جيش العُسرة..  وسر بنا فى طرقات المدينة التى أغرقتها الخمر فور نزول الأمر بالتحريم .. وأَصغِ بسمعك إلى الخنساء وهى تقول يوم القادسية يوم قُتل أبنائها الأربعة : " الحمد لله الذى شرفنى بقتلهم"  وهاهن الصحابيا ت يشققن مروطهن قيختمرن بها لأن القرآن تنزل (وليضربن بخمرهن عل جيوبهن )وهذه هى الغامدية تأتى إلى رسول الله وتناشده أن يقيم عليها الحد ليطهرها وتجود بنفسها لتُرضى ربها وتتوب توبة لو تابها صاحب مَكسٍ لغُفر له كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم) وهكذا تبنى العقيدة رجالا كالجبال وتُربى الصادقين المخلصين   

وقد أحسنت الجماعة إذ أجملت تعريفها بعقيدتها بأنها عقيدة السلف جملة وتفصيلا فهى عقيدة أهل السنة والجماعة وهى مايجب أن يعتقده كل مسلم ولا يسعه أن يخالفها فى كثير أو قليل  وقد أصدرت الجماعة كتابا فى بنودٍ مختصَرةٍ مركزة عن هذه العقيدة وأهم بنودها هو : ـ ـ ـ ـ ـ          ـ والمعاصى والأثام تُنقص الإيمان ولاتذهب بأصله أما الكفر الأكبر فإنه ينقُض الإيمان ويذهب به بالكلية

ـ والمسلم لايَكفر بالمعاصى التى هى دون الكفر وإن كثرت ، وإن لم يتب منها ،مالم يستحلها    فإن استحلها كفر . أما الفاسق الذى يعتقد حرمة ما يفعله من الذنوب والخطايا فإنه لايكفر بمعاصيه 

ـ وتوحيد الأسماء والصفات هو أن تُثبت لله تعالى كل ما أثبته لنفسه وما أَثْبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العُلا دون تشبيهٍ ولا تعطيلٍ ( ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ) الشورى 11 فقوله تعالى ( ليس كمثله شىء ) رد على المشبهة ،  وقوله ( وهو السميع البصير ) رد على المعطلة

ـ  ولا نتسرع فى الحكم بالكفر على كل مسلمٍ وقع فى شىءٍ من أعمال الكفر أو أقواله فربما كان جاهلا أو مُكرهًا أو متأولا تاويلا سائغا ؛ ولا بد من التأكد من بلوغ الحجة الشرعية قبل الحكم بالتكفير

ـ ولا نرضى بغير الله  حَكَما ومُشرِّعا كما أنا لانرضى بغيره رَبا فكما أنه سبحانه له الخلق فإن له الأمر( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )

ـ والشفاعة التى ادخرها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حق

ـ وأهل الجنة يرون ربهم سبحانه بلا إحاطة ولا كيفية كما قال سبحانه  (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )القيامة

ـ ونتبع السنة والجماعة ونتجنب الشذوذ والخلاف والفُرقة . ونرى الجماعة رحمةً والفُرقة عذاباً

ـ ونطيع ولى الأمر من المسلمين . .  ونرى طاعته من طاعة الله عز وجل مالم يأمر بمعصية فإن أمر بعصية فلا سمع له ولا طاعة .

ـ ونحب أصحاب النبى رضى الله عنهم أجمعين ، ولا نًفْرِط فى حبِ أحدٍ منهم ولا نُبغض أحدًا منهم ، ونَكُف عمّا شجر بينهم ، ولا نذكرهم إلا بخير،

 ونرى حبهم ـ  رضوان الله عليهم ـ دينا وإيمانًا  ، وبُغضهم كفرًا ونفاقًا وطغيانًا ) أ.

ومن العقيدة الصحيحة أن " من لم يُكَفِّر الكافر فهو كافر" . والمقصود هنا هو الكافر المقطوع بكفره الذى  كفَّره الله أو كفّره الرسول صلى الله عليه وسلم  . فمن الإيمان التصديق بما جاء فى القرآن أوالسنة   و تكذيب أىٍ منهما كفر .   

  وهذه القاعدة سرت بين بعض الشباب فيسارع بتكفير كل من لم يوافقه فى الحكم بتكفير بعض الناس ! وكأنه يجب على الجميع أن يوافقه فى اجتهاده ! هذا إذا كان من أهل الاجتهاد أصلا !

كما أن من العقيدة الصحيحة عُذر الجاهل بجهله إذا ارتكب فعلا من أفعال الكفر وهو لايعلم قال تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) فلا عقاب على من تبلغه الحجة وقد أعدت الجماعة بحثا أو أبحاثا فى هذه القضية ونافحت بها عن عقيدة أهل السنة والجماعة التى تعذر بالجهل كل من ارتكب فعل الكفر جاهلا على تقصيلٍ هناك

وقد كان لللعقيدة الصحيحة دور كبير فى مسيرة الجماعة الإسلامية خصوصاً فى حمل أبنائها على الصدع بالحق والتصدى للظلم والثبات على الدين عبر الشدائد المزلزلة التى عبرتها الجماعة

   

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 281 مشاهدة
نشرت فى 28 مارس 2014 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

287,325