علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة



لا أخفي أن تساؤلات تجددت مع الأحزان بوفاة الشيخ القرضاوي وظهور حجم عطائه وتميزه
التساؤلات هنا عن أسباب التميز وبالتالي عن ظاهرة توقف طاقات كثيرة لها نبوغها وكفاءتها عند حدود تصل الى التلاشي
وعلى ضوء مسيرة الشيخ القرضاوي بحجم عطائه أريد مناقشة هذه الظاهرة
فكثيرون هم الذين يسلكون معا مسلكا واحدا لكنهم بعد قليل يتميز قليل منهم ويتفرد بينما يتراجع آخرون بدرجات متفاوتة
والحركة الاسلامية تعاني من هذه الظاهرة التي تحرمها من كثير من النوابغ بعد نبوغها ..ما أسباب هذا التميز المبهرعلى ضوء مسيرة الشيخ القرضاوي ؟ وكذا الشيخ أسامة عبد العظيم رحمهما الله ورفع درجاتهما وآجرنا في مصيبتنا فيهما وأخلفنا خيرا منها؟
ذكرت قي المقال السابق ان اكتشاف الموهبة مبكرا يساعد على التميز ومن ثم بلوغ درجة عالية من خدمة الاسلام لكن بالتأكيد ليس هذا هو العامل الوحيد فكثيرون يكتشفون مواهبهم مبكرا لكنهم لايواصلون فماهي الأسباب الحاسمة في ذلك
الشيخ القرضاوي يخبرنا في مذكراته أنه تعرف على نوابغ لكنه تعجب من وقوفها وأفول نجمها ثم يخبر أن هذا الأمر شغله كما يشغلنا حتى أنه تساءل مع نفسه عن سبب مواصلة النبوغ للنهاية : هل هو العقل والذكاء؟
ثم قال :(كم رأينا من أناس في غاية الذكاء ضاعوا في الحياة ولم يسعفهم نبوغهم ولاذكاؤهم؟
لماذا ؟
لأنهم فقدوا الارادة التي تحفزهم على طلب المعالي وسهر الليالي ومعاناة المتاعب كما قال ابو الطيب:
وإذا كانت النفوس كبارا .... تعبت في مرادها الأجسام
او كما قال البارودي :
ومن تكن العلياء همة نفسه ....فكل الذي يلقاه فيها مجيب
ثم قال: في اعتقادي أن الإرادة عنصر ضروري إلى جوار الذكاء بل أهم منه
وكم رأينا من أناس حققوا بذكائهم المتوسط ـ مع قوة إرادتهم ـ مالم يحققه الأذكياء
ثم يتساءل الامام المجتهد: ومالذي يُكوِّن إرادة الانسان؟
انه الايمان والأخلاق فالفرد بلا إيمان ولا أخلاق لن يكون له إرادة
انما تنبثق الارادة من رسالة يؤمن بها، ومن أخلاق يلتزم بها
على أن هناك عنصرا فوق ذلك كله وقبل ذلك كله أي فوق الذكاء والارادة وقبل الذكاء والارادة ..إنه "القدر" الذي يهيمن على ذلك كله
وأنا أشهد ( والكلام للشيخ ) أن كثيرا من المحطات في حياتي مما أحب وما أكره كانت من صنع القدر لي وأعتقد أن ما اختاره لي قدر الله خير مما كنت أختاره لنفسي)
إذن لايكفي ان تكون لدى الانسان موهبة بل لابد من اكتشافها
ولايكفي اكتشافها بل لابد من ارادة قوية
وهذا عنصر فقده كثيرون فدفنوا مواهبهم وحرموا العمل الاسلامي من نعمة أنعمها الله عليهم
وإذن كذلك لايكفي أن تكتشف موهبة من تربيه بل لابد أن تعينه على تكوين الارادة في نفسه
ان عدد الشعراء الذين برزوا في الشعر مثلا كبير جدا لكن نادر منهم من أراد إرادة قوية أن يستكمل طريق الشعر بل ولاحتى يجمع أشعاره ليكتب أول دوواينه فينفع الله به الدعوة الى الله فكانت الارادة عاملا فارقا كبيرا أفقد الدعوة مواهب كثيرة وعلى هذا فقس
أسأل الله تعالى لي ولكم الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد آمين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 125 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2022 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

353,432