نقلا عن مجلة اكتوبر تحقيق : نسرين مصطفى |
||
فى أثناء زيارته المفاجئة للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية طالب د. عبد الناصر حسن رئيس الوزراء د. هشام قنديل بضرورة فصل دار الوثائق عن دار الكتب وذلك فى إطار الأفكار والرؤى المطروحة للنهوض بدار الوثائق القومية.. وقد انقسم المثقفون والمتخصصون فى مجال الوثائق والمكتبات حول ضرورة وأهمية ذلك الاجراء، فمنهم مؤيد للفكرة وآخر معارض وثالث يرى أن الفكرة جيدة ولكن يجب وضع ضوابط لتنفيذها. يقول د. محمود قطر رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب سابقا إن الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق هى كالطفلين الملتصقين فمحاولة فصل دار الوثائق منفردة عن دار الكتب ستفيد دار الوثائق إلا انها ستصيب دار الكتب بالضعف. وأضاف أن فصل دار الوثائق أمر إيجابى يعنى مزيدا من الاهتمام والصلاحيات والإمكانيات المادية. وأشار قطر إلى أن المشكلة الأساسية هى أن الدولة تنظر لدار الوثائق والكتب على أنهما مكان للخدمة العامة لا يدر مالا أو دخلا للدولة وزاد من سوء الأمور وجود عجز فى الموازنة العامة للدولة فوجد القائمون على دار الوثائق والعاملون بها أن الانفصال هو الحل الأمثل ولكن يجب أن ينظر للأمر بشكل آخر. فدار الوثائق لديها كنوز مهمة جدا ووثائق تعود لقرون سابقة ومن ضمن تلك الوثائق وأهمها هى وثائق تثبت أملاك اليهود فى ستينات وخمسينات القرن السابق، وكذلك توجد أهمية كبيرة لدار الكتب فبها أوائل المطبوعات والبرديات وأسطوانات الجرامافون. وفى معرض حديثه عن قضية انفصال دار الوثائق عن دار الكتب قال قطر: أوافق على الفصل ولكن فصل الدارين عن وزارة الثقافة وجعل كل منهما على حده تابعة لجهة سيادية كرئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية، وأضاف: أنه يجب اتخاذ بعض الخطوات الضرورية قبل فصلهما ففى كل منهما مشاكل كبيرة وقضايا مهمة ففى دار الوثائق يوجد مشروع ميكنة دار الوثائق القومية والذى كان يشرف عليه شركة IBM الأمريكية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وهذا فى حد ذاته نوع من الإخلال بالأمن القومى فكيف تقوم شركة أمريكية بالاطلاع على الارشيف القومى الذى يفترض إحاطته بالسرية، هذا بالإضافة إلى الأخطاء الفنية التى ظهرت فى المشروع، هذا فضلا عن ضرورة النظر فى بعض المخالفات المالية والإدارية التى لم يتم الفصل فيها ويتم التحقيق فيها الآن. أما فى دار الكتب فحتى الآن لم يتم حصر عدد المخطوطات فلا يوجد جرد حقيقى وما تم من جرد فى السنوات السابقة هو جرد تقريبى، فضلا عن العمالة، فالأعداد كبيرة لا يتم توظيفها التوظيف الأمثل ويتم توقيع عقود بشكل غير عادل. ويرى قطر ان فصل كلا الدارين دون حل المشاكل المتعلقة لن يكون فى مصلحة المكان مشيرا إلى أن الفصل يجب ألا يكون هو الحل الاول وإذا تم فيجب أن تسبقه مجموعة من الإعدادات على رأسها الهيكلة بمعنى تحديد مهمة كل قاعة من قاعات الاطلاع فى كلا الدارين والخدمات التى يجب أن يقوم بها القائمون على خدمة المترددين على القاعة، وإعادة تأهيل العمالة بمعنى تدريبهم وتطويرهم من ناحية ووضع قاعدة الثواب والعقاب من ناحية أخرى، وتوزيع المسئوليات والصلاحيات والمهام ووضع خطة بعيدة المدى تخدم كلا من دار الوثائق ودار الكتب. ويختتم قطر حديثه قائلا أخشى أن تكون عملية الفصل هى محاولة لطمس المخالفات خاصة أن دار الوثائق من المنتظر نقلها إلى عين الصيرة أواخر العام الحالى وبالتالى فأى كيان جديد يتغير فيه العنوان والمكان سينتهى معه أى مخالفات قديمة وهى مخالفات لا أستطيع الجزم بحجمها ولكنها موجودة وعلى حد علمى يقوم النائب العام منذ عدة شهور بالتحقيق فيها. ومن جانبه اكد د. أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية وأحد أعلام المتخصصين فى علم المخطوطات أن فكرة فصل دار الوثائق عن دار الكتب فكرة قديمة تم التوصيه بها وطرحها سنة 1993م بتوصيه من لجنة توليت رئاستها وكان ملخص الاقتراح أو التوصيات أن يتم فصل دار الوثائق القومية عن دار الكتب على أن تتبع دار الوثائق الرئاسة، وأوضح فؤاد أن السبب فى هذا هو توسيع سلطات دار الوثائق بحيث نستطيع مطالبة الوزارات والهيئات السيادية كرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع بإرسال الوثائق التى مرت عليها الفترة القانونية لدار الوثائق ففصل دار الوثائق عن دار الكتب سيعود بالإيجاب على عملية التوثيق وكتابة التاريخ. وأشار فؤاد إلى ضرورة وضع ضوابط وقوانين لدار الوثائق لتنظيم عملية الاستفادة منها وقال إن فترة الجمهورية الثانية فى الستينات لم يتم الإفراج عنها حتى الآن بشكل سليم وهى أصلا لم يتم تسليمها من الجهات الموجودة بها فيجب وضع قوانين بعدد وسنوات يصل إلى ثلاثين عاما ثم يتم الافراج عن الوثائق بشكل كامل فيما عدا ما يضر بالأمن القومى ولابد من توفير أماكن مناسبة لحفظ الوثائق. يقول د. زين عبد الهادى الرئيس السابق للهيئة العامة لدارالكتب والوثائق ناديت بانفصال دار الوثائق القومية عن دار الكتب فى الاستراتيجية التى كنت قد وضعتها أثناء تولى منصب رئيس الهيئة، وطالبت بنقل تبعية الدار من وزارة الثقافة إلى جهة سيادية كرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء لأن وظيفة دار الوثائق وأهميتها نختلف عن وظيفة دار الكتب وأهميتها فنوعية المعلومات تختلف، ويجب ان يكون للأرشيف الوطنى مكانته وقوانينه. وأضاف عبد الهادى أن نقل تبعية دار الوثائق ودار الكتب منفصلتين إلى جهة سيادية سيعود عليهما بالنفع وسيكون نقلة نوعية كبيرة، فتتحسن أوضاع العاملين وسيتم النهوض بالأرشيف الوطنى وهذا معمول به بالفعل فى كافة دول العالم المتقدمة. وأشار إلى أن تبعية دار الوثائق والكتب وزراة الثقافة أحد الأخطاء وقال إن وزارة الثقافة بالكامل تحتاج لاعادة هيكلة كتفكيك بعض القطاعات وجعلها هيئة مستقلة عن وزارة الثقافة وعلى سبيل المثال نحتاج لجعل هيئة قصور الثقافة ذات تبعية مستقلة نظرا لزيادة أعداد العاملين بها من جهة وزيادة عدد قصور الثقافة على مستوى الجمهورية من جهة أخرى، وكذلك يفصل المجلس الأعلى للثقافة عن وزارة الثقافة وجعل المجلس جهة مخططة وكذلك يتم ضم وزارة الثقافة للآثار. ويرى عبد الهادى ضرورة الاعتناء بدار الوثائق القومية التى يرى أنها لم تستغل حتى الآن الاستغلال الأمثل فالأرشيف الوطنى فى جميع دول العالم يتبع جهة سيادية ويعتبر جزءا أساسيا من الدخل القومى وعلى سبيل المثال فى بريطانيا يعتبر الأرشيف الوطنى الدخل الثانى بعد السياحة. وأشار عبد الهادى إلى أن دار الوثائق تحتاج أيضا لتغيير قياداتها لأنها غير متخصصة فى الوثائق وتحتاج لخبراء على مستوى عالٍ وهذا لا يعد تشكيكا فى قدرات القيادات ولكن الدار فى حاجة إلى متخصصين أكثر عمقا للتعامل مع الوثائق ورسم استراتيجية واضحة لمستقبل الدار. يقول د. حشمت قاسم أستاذ متفرغ بقسم المكتبات والوثائق والمعلومات بجامعة القاهرة إلا أدرى أى سبب لفصل دار الوثائق وجعلها تتبع جهة سيادية فلابد أن ننسى ما حدث فى السابق من تقسيم أبعديات وبحث البعض عن مناطق نفوذ فاستقلال دار الوثائق سيؤدى إلى أمر واحد وهو زيادة الرؤساء فبدلا من أن يكون رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق مسئولا واحدا سيؤدى ذلك إلى وجود مسئولين، وأضاف قاسم لا أدرى أى سبب وجيه لفصل دار الوثائق أو أن تتبع جهة سيادية، فمدير مكتب الكونجرس يعينه الكونجرس ولا يعينه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. أما عن فكرة استقلال الدار لتوسيع صلاحياتها وتمكينها من الحصول على الوثائق وفق قانون فأرى أن ذلك ممكن تنظيمه إداريا وبتفعيل قوانين جادة لذلك الغرض بحيث يكون القانون مناسب يتفق مع العمر الافتراضى المناسبا للكشف عن الوثائق ويتناسب أيضا مع سرية المعلومات حماية للأمن القومى. |
|||