بسم الله الرحمن الرحيم
.
رياض الصالحين... معا في روضة من رياض الجنة
قرءان كريم وحديث نبوي شريف.. وطاعة لأمر الله سبحانه وتعالى
.
باب المراقبة
.
يقول الله سبحانه وتعالى: "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ." الشعراء217-219
ويقول الله جل وعلا: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ" الحديد4
ويقول الله عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ." آل عمران5
.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. وراه الترمذي
.
أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى يراك في كل حال، ويعلم بذات الصدور وظاهر الأمور وبواطنها.. فهو جل وعلا لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وهذه نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى بأن يشهد عليك الحق فيكون العدل هو الحكم لك... الذي يحفظ لك حقوقك كاملة ويثيبك على كل خير تفعله أو تفكر في فعله قبل أن تفعله... لذلك يكون عليك أن تقوم بواجباتك كاملة أيضا، فقد حصلت على حقوقك منذ مولدك فقد مَهَّدَ الله سبحانه وتعالى لك جسدك يؤدي الوظائف الكثيرة التي تحتاجها، وجعل الله لك آباء تكون ذرية لهم، وأرض تعيش عليها فراشا ومستقر يحملك وأنت تتحرك وفي سكونك، وموارد ونعم لا حصر لها لتكون لك حلالا طيبا بحقها، وجعل لك سماء تكون سقفا محفوظا حماية وحفظ.
.
ويأتي دورك في العمل والنشاط... بأن تؤدي واجباتك التي شرعها الله سبحانه وتعالى لك لكي تستقيم لك كل هذه الحقوق والنعم التي لا تحصى فتكون أقرب إلى الله سبحانه وتعالى وأسعد، فيكون ذلك علاقة مستمرة لك مع الله سبحانه وتعالى الخالق لا يمكن إنفصالها... فلديك فرائض في صلاة وزكاة وصيام وحج عليك أن تؤديها بأعلى إتقان حبا وعبادة لله سبحانه وتعالى، وعليك خلق حسن وطيب وكريم عليك أن تضبطه وتتحلى به لكي تتعامل به مع الناس حولك ومع الكائنات ومفردات البيئة والأرض حولك.
.
أن تعلم أن الله سبحانه معك أينما كنت فهذا يعطيك إطمئنان لأنه سبحانه وتعالى القوي المؤمن المهيمن خير الحافظين وخير الرازقين... ففي هذا عبادة لله سبحانه وتعالى بأسماءه وصفاته التي ذكرت في القرءان الكريم والسنة النبوية المطهرة، من خلال فهمك لمعنى كل اسم من الأسماء الحسنى والصفات العلا فتتعامل بناءا على علمك بها؛ فإذا سألت سوف تسأل الله لعلمك بقدرته الكاملة وأنه هو الذي يجعل خلقه يؤدون واجباتهم معك بالشكل السليم، وإذا استعنت في العمل سوف تستعن بالله وبما أمر من علم وتعلم وعمل مستقيم.
.
أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى رقيب عليك، فهذا يعني أنك سوف تفكر في أمور حياتك كيف تنظمها وترتبها لكي تسير وفقا لما يرضي الله سبحانه وتعالى، ستجد أن لديك غالبا أنشطة رئيسية محددة هي منزلك، ودراستك أو تعلمك، وعملك أو دورك في الحياة، وشارعك وبيئتك التي تتعامل فيها، وداخل كل فئة من هذه تتبادل معها الحقوق والواجبات فيكون لك حقوق في كل منها وعليك أيضا واجبات يجب أن تؤديها لكي يكون الأخذ والعطاء متزن.. بل إن هناك أناس تكون فطرتهم العطاء أكثر من الأخذ إخلاصا لله سبحانه وتعالى وتأدية لحقه وخيره الكثير الذي أعطاهم فينالون قدر كبير عند الله سبحانه وتعالى في الدنيا وفي الآخرة ويرتقون بأنفسهم.
.
أن تجعل الله سبحانه وتعالى رقيبا عليك فهذا يعني ألا تتعدى في الحصول على شيء ليس من حقك.. سواء كان هذا الشيء كلمة أو فعل أو شيء مادي ملموس. وهو أيضا ألا تقبل شيء لا يرضي الله سبحانه وتعالى ايا كان وضعك، ثم الله سبحانه وتعالى يعوضك خيرا مما تركت... وهو أيضا أن تتقن كل عملك وقولك لكي يخرج في أعلى إحسان وجودة..
.
لذلك تحتاج أن تتعلم لكي تُحْسن القول فلا يخرج من لسانك كلمات فيها أي تجاوز- لكي تنطق أحرفك سليمة فتكون متزنة راقية- لكي تتحكم في كلماتك فليس كل ما يخطر على بالك يقال- لكي تفكر في الحسن والأحسن والمناسب والأنسب لكل موقف ومتطلباته، فتكون فرد منتج معطاءا كما يحب الله سبحانه وتعالى.
.
وتحتاج أن تتعلم لكي تُحْسن العمل في كل شيء متخصص وغير متخصص، لأنك لن تعطي قرار سليم في عملك أو تحدد اختياراتك فيه أو في عملياته التي ترضي الله سبحانه وتعالى إلا بناءا على علم سليم بماهية هذا العمل وطبيعته ومتطلباته لكي ينفع نفسك وينفع غيرك فيكون لك خيرا من عند الله رب العالمين، ولكي تتجنب الضرر والظلم فيه (الظلم بمعنى كل تجاوز حتى وإن من ناحية تقنية فنية). وتحتاج أن تتعلم لكي تتقدم تتطور وتقوى بحول الله وقوته... ويسير العلم مع العمل فلا يقف شيء من أجل شيء؛ فحياة الإنسان كثيرة الأنشطة ويجب أن تدور وتتفتح في رضا الله سبحانه وتعالى وحفظه.
.
عندما تتحلى بهذا الخُلُق الكريم لله سبحانه وتعالى:
سوف تجد أنك تكتسب صفة جيدة يحبها الله سبحانه وتعالى في كل وقت، لأنك إذا أخطأت سوف تعود عن هذا الخطأ وتصحح وتستغفر، ثم سوف تفكر لكي لا تعود ثانية إلى شيء سبب لك ألم الخطأ في حق الله سبحانه وتعالى الذي أتى إليك في ظلم لنفسك أو لغيرك.
.
سوف تحفظ لسانك عن كل خطأ لا يرضي الله (فلا كذب ولا سباب ولا تجاوز، بل كل طيب مستقيم جاد)... سوف تحفظ أذنيك عن ما لا يحل لك... سوف تحفظ عينيك عن كل ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى لأنك تعلم أن الله يراك ويسألك ماذا فعلت، فلا تنظر إلا إلى ما أحل الله سبحانه وتعالى وما هو جميل في الكون والطبيعة التي خلقها... سوف تحفظ يديك لكي يكون فعلها كله يرضي الله سبحانه وتعالى إحسانا وإتقانا... سوف تحفظ رجليك لكي يكون مسارها كله مستقيم لا ينحرف ولا يميل... سوف تحفظ عقلك وفكرك وقلبك، فيكون عقلك عاملا نشطا وفكرك مستنيرا مستقيما وقلبك صافيا عابدا لله رب العالمين طائعا، لكي يسير على المنهجية التي وضعتها لتكون أفضل لله رب العالمين... ستكون إنسان من نوع خاص لأنك مسلم لله.
.
#نحو_رضا_الله_نسعى
سيدنا #محمد_رسول_الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
#طائعين #علما_نافعا
#رياض_الصالحين للإمام النووي (أبو زكريا يحيى بن شرف النووي)
.
داليا السيد