موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

السلام عليكم ورحمة الله

 

مشاكل في مجال البحث العملي في مجتمعاتنا

يعتبر مجال البحث العلمي حتى الآن مجال غير منتج بالنسبة للمجتمعات العربية، فهو يستهلك رؤوس أموال قلت أم كثرت لكن ناتج هذه الأبحاث لا يستفيد منها أي شريحة في المجتعات.

وبالطبع تمثل تلك مشكلة، لأن كل عمل يلزم أن يكون له ناتج مفيد لكي يعود على صاحب العمل وعلى مجتمعه بالنفع، خاصة أن موضوعات البحث العلمي غالبا ما تناقش ظواهر أو موضوعات على المستوى الجماعي وليس على المستوى الفردي.

لذلك فالبحث العلمي عمل يهدف لخدمة الجماعة، ولذلك أيضا فإن الدول تسعى للتقدم في هذا الجانب فتنفق عليه وتدعمه بطرق مختلفة.

ولما كانت مصلحة الجماعة هي الهدف، فنحن كمسلمين نعلم جيدا من أين تأتي مصلحة الجماعة، فعلم الله تعالى - خالق الأرض وما فيها وخالق السماء وخالق الإنسان والحيوان وكل شيء - هذا العلم، ينير للإنسان طريق حياته إذا اهتدى به وسار على منواله.

فالله سبحانه وتعالى وضع منظومة معينة لهذا الخلق بناء على طبيعة كل مخلوق على الأرض وبناء على احتياجات كل كائن بحيث يكون هناك الاتزان في حياة كل كائن فيحيا حياة كريمة ويؤدي ما عليه من واجب مع ما له من حقوق مضمونة من عند الله تعالى.

تلك المنظومة التي وضعها الله سبحانه وتعالى موجودة في كتاب الله المنزل من عنده لكي تتلاءم كل الطبائع مع بعضها ولا يحدث تنافر أو خلل فيها.

وما سوى ذلك الطريق لا يعطي النتائج الفعلية المرجوة من حياة الإنسان في أحسن صورها.

وتعد المشكلة الأساسية في البحث العلمي في مجتمعاتنا الآن هي أن موضوعات البحث العلمي لا تتطرق ولا تعالج مشاكل المجتمع، بل هي تعالج وتمتد من مشاكل مجتمعات الغرب.

فإذا نظرنا إلى تطور البحث العلمي في الغبر وسببه، كان يوجد مشكلة في مجال ما أو نقص في مورد ما، فيبدأ البحث العلمي في البحث عن حل لهذه المشكلة أو سد العجز في هذا المورد أو إيجاد البديل له أو تحسين طرق معمول بها لإنتاجية أفضل.

 

وبالتالي فإن لمجتمعاتهم مشكلات ترتبط بطبيعة المناخ والموارد الطبييعة لديهم وكذلك الموارد البشرية وسلوكياتها على مستوى العلوم الإجتماعية. وتلك سنة الحياة أن تتواجد مشكلة فيوم الفراد بحلها وهي سنة الله تعلاى وكانت منوال المسلمين فيما سلف.


من هنا كانت مشكلة البحث العلمي في مجتمعاتنا الآن، فهي لا تبحث عن حل مشكلة موجودة بالفعل داخل المجتمع لكي تقوم بحلها، ولم تنتج ناتج حدث به نقص لمورد معين لدينا، بل هي امتدت كناتج من أبحاث الغرب والتي تبحث عن حلول لها ترتيب معين في أولويات مشاكلهم.

تلك المشاكل وتلك الحلول يمكن ألا تمثل لدينا ذات الأهمية ولا ذات النسبة ، بل في أحيان اخرى يمكن أن تكون المشكلة غير متواجدة لدينا من الأصل ونحن نسعى لإيجاد حلول لها.

وبالتالي تضيع جهود وأموال ووقت، كل ذلك يمثل ثروة لدينا لا يستفاد منها، في حين إذا تك الاستفادة منها ووجهت بشكل واعي وسليم يمكن أن تؤتي ثمارها الطيبة بإذن الله تعالى.

ذلك أن لدينا أصحاب العلم ولدينا الإمكانيات ولو المبدأية لإقامة بحث عن حل لمشكلة ما ولو على سبيل تعريف المشكلة ومحاولة إيجاد طرق حلها. وما ينقص هو توجيه تلك الجهود بشكل سليم من خلال تحديد الهدف من البداية وتحديد المشكلة المطلوب حلها وإنفاق المال عليها وبذل الجهد والوقت فيها، ثم مناقشتها ووضع عدة حلول لها واختيار أفضل الحلول التي تتماشى وشريعتنا الإسلامية ثم العمل على تنفيذها بالوسائل واإمكانيات المتاحة.

وليس مطلوب من مجتمعاتنا أن تكون نسخة من المجتمعات الغربية لأن لدينا هويتنا الراقية والمستقيمة والتي تساعدنا على بناء حياة كريمة طيبة طبقا لما أمر الله تعالى وأحل.

وبالتالي فإنه على المستويات الحالية للمجتمعات العربية، فإن جميع الدول لها هيكل تنظيمي إداري يتمثل في الوزارات التي تهتم كل وزارة منها بجانب من جوانب حياة الإنسان وتوفر الإمكانيات لها. فهناك مثلا التعليم، والزراعة، والصحة، والانتاج والصناعة.... وهكذا.

من خلال هذه الوزارات الموجودة بالفعل يمكن عمل حصر للمشاكل الموجودة في كل وزارة، أو بالأصح المشاكل والعجز الذي يواجه حياة الإنسان في هذا الجانب الذي تخدمه الوزارة وأنشطتها.

يوجد لكل وزارة هدف، المفترض أن لها أولويات تحدد أن عليها عمل كذا وكذا للأفراد، وتوفير كذا وكذا، فهي وظائف محددة تقوم بخدمتها وتوفيرها.

ويعتبر تحديد المشكلة (مع اعتبار وضوح الهدف من البداية) هو أول طريق علمي منظم سليم لمعرفة طريق الحل.

ثم يتم دراسة المشاكل تبعا لأهميتها من الأهم إلى المهم وتجميع المعلومات اللازمة عنها وعن حلولها الممكنة. ثم وضع قائمة بالحلول الممكنة واختيار أفضل الحلول.

يسير مع كل المراحل شرع الله سبحانه وتعالى، لأن الشرع يحدد لنا مدى انحراف الحالة عن الحالة الطبيعية سواء على المستوى الاجتماعي أو حتى الانتاجي والخدمي. فمثلا أي انتاج يهدف لتقديم السلعة في أحسن صورها لخدمة الإنسان وهي الجودة والدين يوجه إلى اتقان العمل والحفاظ على الصحة في كل أنشطة الإنسان واستهلاكاته السلعية، وكل ما دون ذلك يعتبر خارج خط الإستقامة التي يتم القياس عليها في تحديد المشكلة.

أيضا على مدى الحلول يسعى الفرد المسلم إلى اتخاذ الحل الذي لا يكون به غضب الله سبحانه وتعالى وإلا فسوف ينال غضبه سبحانه وعقوبنته، وهو غير مطلوب نهائيا ويتم تجنبه واختيار الحل الذي يمثل طريق كل ما أحله الله تعالى من الطيبات وكل يسير على الإنسان وكل ما في شأنه إعانة له في حياته دون خلل في منظومة الخلق الأولى.

بذلك يمكن التوجه لحل المشكلات الخاصة بكل مجتمع على حدة لكي لا تضيع مجهوداتنا هباء، ولكي نصنع شيئا مفيدا يكون ناتج مرضي لأعمالنا فيتحقق التوازن في كل جوانب حياتنا.

والله المستعان

  • Currently 248/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
82 تصويتات / 1055 مشاهدة
نشرت فى 23 فبراير 2009 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,180