موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا


السلام عليكم ورحمة الله

من هو قدوتك؟

كلمة قديمة تقول أن الإنسان الوحيد الذي لم يقلد أحدا هو آدم عليه السلام، أبو البشر الذي هم نحن جميعا، وذلك لحكمة من الله سبحانه وتعالى هو أنه أول إنسان على الأرض ثم أن الله سبحانه وتعالى علمه- أي أنه تلقى علما خالصا نقيا ونحن ورثناه عنه.

إذن فطبيعة الإنسان الأولى والأساسية، التي هي فطرته، أنه يحتاج أن يتعلم بأي صورة كيف يعيش حياته وكيف يفهمها. ويبدأ تعلم الإنسان منذ أن يولد وتتفتح عيناه على هذه الدنيا إلى آخر نفس في حياته فقد يكون هناك الأجر في أي لحظة من حياته.

وهكذا بدءا من الخلق الأول يزداد نمو البشر وتتكون مجموعات من البشر وأمم كبيرة تسكن الأرض، وهم  باستمرار في حاجة إلى من يدلهم على طريقة معيشتهم وكيفية التعامل مع كل مفردات الحياة من حولهم.... فهل يتوقع أن يتركهم الله سبحانه وتعالى هملا دون تعليم وإرشاد؟ لا بالطبع فقد كان الله سبحانه وتعالى يرسل إلى كل أمة من يدلها على طريقة معيشتها والحكمة من خلقها وكيف تعبد الله وتحقق سبب خلقها الحقيقي، كيف تبني وتمر وتحفظ حياتها وحياة غيرها من مخلوقات موجودة معها منها ما هو يماثلها في المكانة ومنها ما سخر لها لفائدتها.

الأنبياء والرسل هم كانوا هؤلاء الخلق الكرام الذين كان يرسلهم الله سبحانه وتعالى على مر الأزمان تعلم الناس طريق حياتها الصحيح في صورة دين واحد وعقيدة واحدة لم تتغير وهي عبادة الله وحده لا شريك له وإقامة الشعائر التي تحقق هذه العبادة الخالصة وتنظيم العلاقات فيما بين الناس مع حفظ جميع أحوالهم النفسية والمادية وعلاج الخلل فيها إن لزم الأمر. هكذا جاء كل نبي وكل رسول يعلم أمة من الناس أمور حياتهم ليرتقوا فيها بأنفسهم أحرار مقبلين على الله تعالى ليسوا عبيدا لأحد سوى الله وحده.

ووجود الإنسان على اختلاف طبائعه التي تحمل جانبي الخير والشر، مع عملية التوارث المستمرة والإنتقال من جيل إلى جيل تنتج هذه العملية وهذا التواصل طرق أخرى للحياة لكن يظل أساس أسا حياة الإنسان وسعيه إلى حياة كريمة آمنة سالمة ثابت وهدفا لا يتغير مع مر الأزمان... إن صحت هذه الطرق أو فسدت.

 

فمع هذه الإختلافات داخل نفس الإنسان، أيها يمكن أن يمثل الجانب الآمن للحياة؟
والإنسان في حاجة مستمرة للتعلم، فإلى أي المصادر يلجأ لكي يأخذ التعلم الذي لا يضله ويوصله إلى البر الآمن؟
وما هو البر الآمن؟ هل هو وجهة نظر يضعها أي فرد من أي مكان؟

نبدأ بالبر الآمن... البر الآمن هو الذي يضمن سلامة حياة الإنسان في كل من الدنيا واللآخرة ولا يجعله يسقط في أي منهما، أي الذي يجعله رابح في كل من الحياتين... فيكون هو كل ما قال الله تعالى عنه، لأن الله خلق الإنسان ويعلم أكثر من الإنسان طبيعته وطبيعة الخلق والمخلوقات حوله (الأمر الذي يجهل الإنسان الكثير منه) ويكون التصديق المطلق بكلام الله تعالى والطاعة المطلقة أيضا له سبحانه... وهذا هو المصدر.

يتبقى أيها الجانب الآمن للحياة؟
في كل إنسان يوجد الخير والشر، وهذه الصفات موجودة بشكل نسبي ويمكن للإنسان أن يحكم فعله ويسير به إلى طريق الخير من خلال اختياره لأفعاله التي يقوم بها. أي أن الخير والشر داخل الإنسان يمكن أن يزيدوا أو يقلوا تبعا لتغيير الإنسان نفسه وتبعا للآية الكريمة " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"
سورة الرعد من الآية11

لذلك فلا يوجد إنسان كامل ولا معصوم من الخطأ، ما يجعل إتخاذ إنسان بكل أفعاله قدوة غير ممكن- خاصة أن الله تعالى جعل لكل آدمي عقل يميز ويرى به الحق وغيره.

وبناء على صفات الخير والشر داخل كل إنسان فإنه يمكن عمل استخلاص لصفات الخير داخل كل فرد لتكن القدوة، لكن يبقى السؤال كيف تعرف صفات الخير والشر؟

لدينا نموذج بشري مثالي معصوم، وهو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام... أكرم الأكرمين وأشرف المرسلين...أرسله الله تعالى وعلمه سبحانه من علمه ورباه بخلق القرآن الكريم أعلى وأرفع الخلق لكي يعلم أمته طريقة حياته التي تضمن لهم السلامة في الحياتين الدنيا والآخرة.

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الأسوة الحسنة للإنسان، وما كان بشرا إلا ليكون قريبا من أفعاله وأحواله وأنشطته فيكون بالتالي أسهل إلى تقليد والأسوة به.

لذلك قال الله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " سورة الأحزاب21 - فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة بالأخص لأنه أكمل خلق الله تعالى.

وقال الله تعالى في القدوة بالأنبياء والرسل: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " سورة الممتحنة6- هم تعود على من ذكرهم سيدنا إبراهيم عليه السلام من الأنبياء والرسل.

فعيسى  وموسى عليهما الصلاة والسلام إذا شهدوا زمن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام وبعثه لم يكن يسعهم إلا أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم، لأنهم جميعا دينهم واحد وجميعهم بشروا بالرسالة الخاتمة ولأن الرسالة المحمدية رسالة كاملة وعامة للعالمين ولأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إمامهم جميعا (إمام النبيين والمرسلين).ـ


نحن نعامل الناس ونتعامل معهم... نسمع ونرى... نؤثر ونتأثر... منهم من تفوق عندهم نسبة الخير ومنهم من تفوق عندهم نسبة الشر، وتختلف النسب بين الناس على اختلاف تعدادهم وطبائع الإنسان كلها، فهل يؤخذ الصفات كما هي؟

هذا غير أن كل إنسان محاسب بأفعاله هو وليس بأفعال من سواه، ومن تشبه بقوم يحشر معهم، فهل تؤخذ الأفعال والصفات دون تفكير ولا تمييز؟

بالطبع لا وقد رد القرآن الكريم على هذه الأحوال عندما تعترض الإنسان في حياته، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ " سورة الزمر18

إذن فالفرد هنا منتقي ومميز لكل الكلام والأفعال التي يسمعها ويتقبلها من بيئته التي يعيش فيها أيا كان المصدر، فهو يختار من القول أحسنه وأرشده وأهداه وأيضا أدله على توحيد الله تعالى والعمل بطاعته ويترك ما سوى ذلك مما لا يدل على رشاد ولا يهدي إلى سداد وتوجه سليم للأفعال.

إذا كان الإنتقاء والإختيار السليم للصفات، سيكون عندنا بعد كل فترة حزمة من صفات الخير تزداد وتنمو مع الوقت وتنير الطريق أكثر للمرحلة التي تليها.


فهل حددنا القدوة التي أرشدنا الله تعالى إليها لكي تتضح رؤيتنا لكل أمور حياتنا؟!ـ

ملاحظة:
تم الرجوع إلى تفسير القرآن الكريم للطبري في تفسير بعض آيات القرآن.

  • Currently 133/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
44 تصويتات / 235 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2009 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,534