موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

السلام عليكم ورحمة الله

لم اللغة العربية؟ وفي أي شيء تعبر عن الهوية؟

 

اللغة، أي لغة هي عبارة عن لسان وطريقة تعبير بحروف ومفردات معينة وتستخدم للتواصل بين الناس بعضها وبعض لكي يفهم كل منهم مقصود الآخر ويتم من خلال هذا الحوار أفعال لها معنى ومردود على مجموعة الحوار. وتستخدم في تعبير الإنسان عن نفسه سواء كتابة أو قولا، ومن خلال اللغة يتعرف الإنسان على المادة العلمية والفكرية التي تتحدث بها ويستمد منها أفكاره وكلماته وأفعاله.

وكلما كانت اللغة ثرية بالألفاظ، كلما كانت قادرة على التعبير بشكل أفضل عن الإنسان وأنشطته وأعماله وتخطيطاته وحياته كلها، وكلما كانت أكثر تفاعلا وتأثيرا في المحيط الذي يعيش فيه كله ، بل وإذا كانت اللغة معبرة ومؤثرة فإن أثرها يمتد إلى ما شاء الله.

إذن فاللغة حروف وألفاظ، وهي التي تكون الكلمات والجمل التي تعطي معنى وتأثر وتأثير. فيكون المطلوب من أي لغة أن تعطي أكبر مدى يتم فيه التعبير السليم والتأثير المتبادل لكي تحقق الهدف منها بما توفره من كلمات وأساليب تعبيرية تشكل صفة محددة بذاتها.

اللغة العربية لغة ثرية جدا بكل هذا بكل ما توفره من كلمات وأساليب حوارية وتفاعلية للمتحدث بها، لأنها توفر له كلمة موجهة للهدف الذي يعبر عنه كما أنها توفر له تعبيرات تعطي أمثلة وتنتقل بين الأحوال من حال لآخر ببساطة وتنبه الذهن وتزيده كفاءة على التفكير في محتوى المعاني الغزير.

وقد صقلت اللغة العربية وألفاظها بكلمات الله تعالى في القرآن الكريم فهو الكتاب المعجز الذي يعطي الآيات المبهرة عن خلق الله تعالى، وهو الكتاب الذي يخاطب الله تعالى به خلقه من بني البشر ومن الجن أيضا. لذلك نجد مسار علوم اللغة العربية قد تطور بنزول القرآن الكريم، بل وتغير مساره إلى إلى الأعلى والأحسن إلى الحث على قيم القرآن الفاضلة والبعد عن سفاسف الأمور.

وكانت اللغة العربية هي اللغة التي اختارها الله تعالى لكي تعبر عن رسالته إلى العالمين وكلامه الإلهي سبحانه وعن هداه ونوره الذي أرسله للناس وعن علمه سبحانه الذي امتن به علينا لما تحتويه من جزالة ألفاظ وفي ذات الوقت مرونة في التعبير وإمكانية للتفاعل مع فكر وكيان الإنسان. لذلك فاللغة العربية شرفت بكلام الله تعالى... شرفت بالقرآن الكريم... الكلام المعجز الذي اشتمل على كل شيء في حياة الإنسان وفي الكون حوله بكلمات ربانية محكمة تجمع له القديم والحديث، ما يعلمه وما لا يعلمه.

لذلك فاللغة العربية لغة غير عادية على الإطلاق، وكلما قرأ الإنسان في القرآن الكريم عرف قيمتها أكثر لأنها بالفعل تخاطب عقله وفكره وقلبه بكلمات معبرة وقوية لا تقبل تحوير ولا إعوجاج لأن لها معنى واضح وطريق مستقيم. أيضا كلما قرأ الإنسان القرآن الكريم ازدادت حصيلته اللغوية وكان أكثر علما وثقافة وأكثر تمكنا من التعبير بالعربية بل وبأساليبها الثرية عن فكره وثقافته وعلمه، وبالتالي يكون أكثر تأثيرا... لنشر الخير والحق والعدل والفضيلة والخلق الكريم.

كل لغة عبارة عن ما يسره الله تعالى لجزء من خلقه في طريقة نطقهم وفي طريقة تعبيرهم عن أنفسهم وفي طريقة تواصلهم مع غيرهم، فلكل لغة طبيعة نطق وحروف وكلمات قد تتشابه لكن يبقى أن لكل لغة حروف وأساليب مختلفة عن الأخرى.

تحتوي كل لغة الموروث الثقافي للشعب الذي ينطق بها أو لأهلها الذين يتكلمون بها، فقد تجد كلمات في لغة ليس لها مقابل في لغة أخرى، بل أنه أحيانا يكون المعنى اللغوي الواحد لكل لفظ في كل لغة مختلف من حيث الفكر ومن حيث التطبيق في الواقع.

فمثلا كلمة مجامع الكلم هذه الصفة العظيمة التي تميزت بها كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعني في مفهومنا الصريح التعبير عن معاني كثيرة في كلمات قليلة جزلة وقد يكون التعبير عن أحكام وأحوال أيضا بهذا الأسلوب النبوي الذي أعطاه الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم... إذا حاولنا ترجمتها فلا يوجد مقابل لغوي لها في الإنجليزية يعطي المعنى المقصود، وما قد يحدث هو التعبير بشرح المعنى بعدد عديد من الكلمات التي قد تصف المعنى لكنها لا تعبر عن الدزالة الموجودة في الأسلوب (مجامع الكلم).

نرى أيضا كلمة مسجد لم تكن موجودة بالمعنى الذي نفهمه أنها بيت الله وأنها المكان الطاهر الذي يقام فيه الصلاة والعلم، لم تكون موجودة بهذا الفكر في اللغة الإنجليزية، وقد قيل أنه قد أضيفت إلى مصطلحات الإنجليزية لكي تكون جزءا معبرا عن الثقافة الإسلامية.

وهكذا لعلماء اللغة فقد يجدوا كلمات موجودة في ثقافة غير موجودة في أخرى، مثل صفات الأخلاق الحميدة التي حث عليها الإسلام كالصدق والأمانة والعدل والحقوق والواجبات... كلها يختلف مفهومها من مجتمع للآخر ولا يحكم معناها السليم إلا القرآن الكريم ودين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالكلمات العربية التي تعطي المعنى المستقيم لكل صفة من صفات الإنسان وما حوله من مخلوقات بالشكل الذي لا يقبل إعوجاج سواء كانت الصفة صفة خير أو صفة شر.

وهكذا كلما كانت اللغة قادرة على التعبير عن كل المعاني تكون لغة ذات قيمة وثراء أعلى. وهذا ما تميزت به اللغة العربية عن سائر اللغات الأخرى.

نحن قد نتعلم لغات أخرى في مراحل الحياة لكن يكون لها هدف ومعنى، الهدف هو التعرف على ما جاءت به هذه اللغة بأهلها وما قدموه من مادة تعبر عن قيم وأخلاق وعلوم معينة، فننتقي منها الطيب ونترك الخبيث ونأمن مكر هؤلاء الفئة من الناس، لأنهم يعبرون عن أهدافهم واتجاهاتهم وسعيهم من خلال لغتهم وعلومهم وأساليب حوارهم... لأن الكلام هو التعبير عن النفس............. والمسلم هنا واع بما حوله يستقبل ويفهم ويفكر فيما يسمع وفيما يرى من أفعال ثم يميز ويقرر. وقد قيل أنه أفضل وسلية لتعلم لغة ما هو أن تفكر بهذه اللغة، لذلك قد يكون هناك اختلاط نطق بين أكثر من لغة لدى الفرد.

وتبعا لما تضيفه اللغة من قيم ومعلومات يكون تفكيرك... لذلك فاللغة العربية جزء لا يتجزأ من موروثات الخير والأمن والسلام لفكر وعلم الإنسان وعمله أيضا.

هذا لا يمنع من تعلم لغات أخرى لكن تحديد الهدف منها أهم من أجل الحفاظ على هذا الهدف ومن أجل الحفاظ على الأصل الذي يكون لديك من موروثات لغوية عربية بكل ما تحتويه من معاني وقيم رفيعة ترفع من قدر الإنسان. تحديد الهدف، أي لم تعلم لغة أخرى؟........ تحديد نطاق استخدام هذه اللغة لكي لا تطغى على اللغة الأصلية وتختلط بها وقد تضيعها.

وبالنسبة للمسلم العربي يكون من الأيسر له التعبير بالعربية لأنها لغته التي نشأ عليها من صغره فتكون أسهل وأقرب تفاعلا له وأكثر تاثيرا في غيره. أما المسلم غير العربي فهو يسعى إلى تعلم العربية لكي يقرأ القرآن الكريم وينهل من نهله وبالتالي يكون لديه الجانب الكريم من القرآن الكريم واللغة المضافة بثقافتها وخلقها، فيكون هبة ونعمة من عند الله تعالى عليه. أما غير المسلم ممن يتعلمون اللغة العربية عن حداثة أو ممن ينطقونها كلغة أصلية وأصل عربي فلعلها تكون طريقا للقرآن الكريم وخلقه العظيم ودينه الذي لا دين سواه.

ولا يوجد مجتمع لم يتأثر بخلق الإسلام ولم ينهل من العلوم العربية باختلاف تخصصاتها العلمية ولم يؤسس منها ويبني حضارة جاءت من علم وعمل المسلمين، لأن المسلم تعامل مع المجتمعات الأخرى فله دور في نشر الدين ونشر الخير بين الناس، ولأن الله تعالى بعث أنبياءه ورسله مبلغين بلغة حوارهم عن دين الإسلام الذي يفرد العبادة لله وحده لا شريك له فكان التأثر بهم وبخلقهم الكريم لابد منه.

يمكن أن نفرد أمثلة لإستخداماتنا للغة... مثلا إذا كان لديك موقع على الإنترنت سواء شخصي أو مؤسسي، فأنت قد أنشأت الموقع لهدف معين وهذا الهدف يتحقق من خلال الناس الذين تتعامل معهم أو أنه لخدمة شريحة من الناس ووسيلة تواصل معهم، ومن الطبيعي أن يكونوا هؤلاء الناس عرب... يكون من غير المنطقي أن تكون الرسالة التي يحملها الموقع لهذه الشريحة بالإنجليزية أو بأي لغة أخرى، لأنه بمنتهى البساطة لن تحقق هدفك في إيجاد التواصل بين هؤلاء الناس وبالتالي تبادل المنافع معهم.

إذا كنت تجهز لعمل مشروع أو افتتاح محل تجاري وعليك اختيار اسم له، يكون من غير المنطقي استخدام ألفاظ غير عربية في الوقت الذي تحتوي اللغة العربية ألفاظ معبرة وقوية ومؤثرة سواء مؤثرة على المحيط حولك على عليك أنت شخصيا، الفكرة تكون هي أن تأثرك هو الذي اختلط باللغة الأخرى وهنا المشكلة.

اللغة العربية هي الهوية التي تعبر بها عن نفسك من أساس أول يسبقها وهو الدين... الإسلام... نحن نعبر عن أنفسنا كمسلمين باللغة العربية التي ألفاظها هي ألفاظ القرآن الكريم وأدبها هي أدب وخلق القرآن الكريم.

اللغة العربية هي بطاقة الهوية التي تستخرجها من السجل المدني وتحتوي بياناتك إسمك وعنوان سكنك وعنوان عملك ونشاطك... كل هذا يعبر سواء لفظه أو طبيعة نشاطه عنك وعن هويتك... فبياناتك العربية تعبر عنك وعن أنك من أسرة مسلمة عربية حصلت على علم معين من مدرسة ما وتسكن في منطقة معينة لها ومنزل له السمات التي تتصف وخلق اللغة التي تنطقها وتتسم بكيان الدين الذي تدين به وتقوم على أساس صلب وراسخ متين من دين عظيم يقيم الإنسان ويهتم به ويرفع من شأنه..... تعمل عمل يتناسب مع حاجات مجتمعك العربي الذي تعيش فيه وتعطي جهدك لبناء فيمة معينة تتناسيب وقيم دينك وحاجات أهلك حولك.... لديك نشاط يعين ويبني فكر وعمل غيرك من منطلق خير وجدية وإتقان وإخلاص..... كل ذلك يعبر عنك ويعبر عن هويتك وكيانك ومدى تمسك وإيمانك بهم.

  • Currently 210/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
65 تصويتات / 1691 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2009 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,416