موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

السلام عليكم ورحمة الله

منهج تعليم الكبار: النظرية و التطبيق – د. علي أحمد مدكور – الطبعة الأولى 1416هـ، 1996م – دار الفكر العربي.


تعتبر مهمة منهج تعليم الكبار هي تربية الإنسان وفق منهج الله و تنميته تنمية شاملة ومتكاملة لكي يكون قادرا على تطبيق منهج الله في واقع الأرض سياسة واقتصادا واجتماعا وتربية، وبذلك يرتبط الكبير بالمجتمع و ترتبط الأرض بالسماء و الدنيا بالآخرة لديه في مفاهيمه.

ومن مهام التربية أن يفهم المتعلم القوانين الإلهية التي تحكم العالم المادي من حوله.

- ان الله هو الحي القيوم "اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" (آية الكرسي)

- وهو سبحانه خالق كل شيء وحق له أن يخضع له كل شيء ويعبده وحده سبحانه "إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" (الأنعام 95-98)

– تتجلى قدرة الله وعظمته وتنزيهه سبحانه "سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" (الحديد 1-6).


إن العقيدة الإسلامية منهج عمل متكامل للدنيا والآخرة فهي تربط ملكوت الأرض بملكوت السماء في كل حركة وكل شعور وكل عمل وكل تفكير. فالعمل يكون على عهد الله وشرطه هو أن يكون نشاط الإنسان المسلم كله عبادة لله.

يعطي القرءان الكريم الحرية للعقل الإنساني كي ينمو ويتقدم حتى يدرك مكونات الكون ويدرك صورها بسبب تدرجه في قوته واكتماله.... فكلما ارتقى العقل الإنساني اكتشف ناحية من نواحي الدقة وجانبا من جوانب القدرة التي يصعب أن تتجلى للإنسان في طور واحد من أطوار حياته.


الإنسان حر لأنه مسئول – فهي فطرة في طبيعته و جزء من إنسانيته. و التوحيد قرين التحرير للإنسان الذي يسجد لله وحده و يخشى الله وحده، و من هذا المنطلق فإن الاستبداد قرين الشرك لأنه يحيل الناس عبيدا لآلهة من البشر.


وواجب برامج تعليم الكبار أن تتناول هذا الجانب من الكون بالدراسة والتفكير والتدبر واكتشاف قوانين الله فيه عن طريق الملاحظة والتجربة، كما أن هذا الجانب من الكون لا يمكن قهره.

على برامج التعليم أن تربط بين الكبار وبين مفردات الكون والحياة من حولهم، ففي عناصر الكون ما يناسب استمرار الحياة ما شاء الله لها أن تستمر.

إذا عرف الكبير ذلك و تعلم كيف يكيف بيئته لتناسب هذه الحياة، فبين الكون والإنسان والحياة صداقة طبيعية وانسجام أصيل، وليس عراك مستمر وصراع مخيف.

التربية هي عملية تهيئة الجو المناسب للمتعلم كي ينمو إلى درجة كماله الإنساني.

المناهج التربوية هي: نظم تزود الإنسان بالحقائق والمعايير والقيم الإلهية الثابتة والمعارف والخبرات والمهارات الإنسانية المتغيرة التي توصله إلى درجة كماله التي هيأه الله لهان وبذلك يكون قادرا على المساهمة بإيجابية وفاعلية في عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها وفق منهج الله.

ووفقا للتصور الإسلامي، فإن الإنسان يتعلم عندما يتم تنبيه دوافعه الداخلية أو الخارجية، فيستعين بهدي الله ويأخذ بالأسباب الممكنة كلها أو بعضها، فيصل عن طريق الملاحظة والمشاهدة والتدبر والتجربة أو عن طريق الإلهام إلى الفهم، ثم يحول هذا الفهم النظري إلى سلوك عملي في واقع الحياة، و بذلك يكون قد تعلم.


والكون كتاب الله المفتوح لمنهج التربية الإسلامية على أن يكون معيار الاختيار والانتقاء هو ما ينفع المتعلم في بناء شخصيته وفي القيام بواجبات الخلافة.

والعملية التربوية هي تذكر للحقائق و الأشياء من أجل تربية العقل وتدريبه على التفكير والإدراك. والتربية الحقيقية هي التي تكسب الإنسان السيطرة على النفس وعلى البيئة من حوله.


طبيعة المجتمع الإسلامي:

مكوناته: الأفراد – الصلات بين أفراد الجماعة – النظام الذي ينسق الصلات الاجتماعية لضبط سلوك الجماعة وتوجيهها – العقيدة.

أهم مقومات المجتمع الإسلامي هي: العلم والعدل والحرية المنضبطة بقواعد منهج الله والشورى والإحسان في العمل والوحدة والجهاد في سبيل الله.

عمارة الأرض و ترقيتها لا تكون إلا بالعلم، ولذلك عندما أراد الله أن يعد الإنسان لحمل أمانة تنفيذ منهجه في الأرض هيأه لها بالعلم.

والعلم هو شعار الإسلام الأول، والمعرفة هي فهم منهج الله ومقتضيات تطبيقه في واقع الحياة، والحكمة هي فهم طبيعة التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة وفهم طبيعة العلاقات والارتباطات بينهما، ولذلك فالحكمة قرينة المعرفة وإحدى نتائجها.


التعلم يحدث وفقا للخطوات التالية:


1- الإحساس بالحاجة أو المشكلة

2- الاستعانة بهدي الله و عونه على قضاء الحاجة

3- بذل الجهد و النشاط و الأخذ بالأسباب المناسبة

4- الوصول إلى افهم الذهني

5- تحويل الفهم الذهني إلى سلوك عملي


شروط حدوث التعلم في منهج التربية في الإسلام:


1- الاستعانة بهدي الله و عونه

2- تطبيق الفرد و ممارسته لما وعي و فهم


وسائل التعلم:

– الأخذ بما يدور على ألسنة الناس

– الخبرة المباشرة عن طريق المحاولة والخطأ والعمل والملاحظة واستخدام الحواس

– الخبرة غير المباشرة أو التفكير حيث يستغنى المتعلم بقليل من التفكير عن كثير من إدراكات الحواس

– الإلهام وهو تنبيه للنفس الإنسانية وإلهامها بالأفكار والعلاقات السليمة.


لذا فلابد أن تكون المناهج الدراسية نظرية وعملية معان قابلة للتطبيق لأن التطبيق هو غاية العلم والمعرفة. وأن ترتبط مناهج الرجال بالورش والمصانع والمزارع، وأن ترتبط مناهج البنات بإدارة البيوت وتربية الأطفال ومدارس البنات ومستشفيات أمراض النساء والأعمال التي تناسب المرأة المسلمة .... وبذلك يتعلم الجميع حيث يعملون ويعملون حيث يتعلمون.

والعلاقة بين النظرية والعملية تكمن في سر السمع والبصر والفؤاد لأن السمع معناه استخدام هذه الطاقة وترجمتها إلى فعل وعمل حي.

فالتربية وبرامج التعليم يجب أن توضح فطرة الإنسان وطبيعته، وأن استخدام أجهزة الجسم يكون بأقصى طاقاتها وقدراتها، وهو سبب التقدم والحضارة لأن هذه الطاقات لا تؤدي وظيفتها لمجرد وجودها، "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" (الأعراف 179).

إننا لو ربينا السمع والبصر والفؤاد والوجدان تربية سليمة صحيحة وفق منهج الله، نكون قد أزحنا الحواجز والعقبات التي تعوق الروح عن الإنطلاق بالنفس الإنسانية نحو الخير والحق... نحو الهدى والرشاد، وبذلك ينطلق الإنسان في عمارة الأرض واستخدام طاقاتها والتحليل فيها والتركيب بقصد ترقيتها.

وظيفة المنهج في التصور الإسلامي تربية كل قوى الإدراك والشعور التي خلقها الله في الإنسان تربية ربانية، وبذلك يفسح المجال للروح من أجل السمو الإنساني الذي يتحقق بأداء الإنسان لوظيفته التي خلق لها على أكمل الوجوه.

ومن المهم معرفة أن الإنسان لا يستطيع أن يضع منهجا لنفسه ولا أن يشرع لحياته، لأنه ليست لديه القدرة والامكانات التي تمكنه من ذلك، فهو يجهل كثيرا من حقائق الكون حوله وهو يجهل نفسه ويجهل نتائج تصرفاته وأهواءه... هذا بالإضافة إلى قدراته المادية المحدودة.

وهذه كلها عوامل تجعل من الخطر على وجوده وعلى الأرض الذي جاء لعمارتها أن يتولى هو وضع شريعته ومنهج حياته فهو معفي من هذا.

هذه الأصول تشعر الإنسان بالحاجة الدائمة للرجوع إلى الموازين الإلهية الثابتة ليظل على يقين، وأن هواه لم يضلله. وبذلك يظل قريبا من الله يهتدي بهديه ويستضيء بالنور الذي أمده به في متاهات الطريق.

<!-- / message -->

  • Currently 166/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 958 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2008 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,517