موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

السلام عليكم ورحمة الله


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

عرف التدريس وما زال يعرف لدى العامة بل لدى المعلمين بأشكال عديدة ، إلا أن أغلبها يدور حول فكرة رئيسية ألا وهي نقل المعلومات من الكبار إلى الصغار ، وفي ضوء هذه الفكرة فإن المدرس أو المعلم هو الشخص الذي يعهد إليه بتلقين المعار ف إلى التلاميذ .

وترتبط هذه النظرة التقليدية للتدريس بالاتجاه التقليدي في التربية والذي كان يرى أن الأولوية يجب أن توجه إلى عقل المتعلم لشحنه بالمعارف والعلوم التي يرى الكبار أهميتها.

لذا كان لابد من استبدال هذا المفهوم المعتاد للتدريس إلى مفهوم جديد أو عصري يرى أن التدريس موقف مخطط يستهدف تحقيق مخرجات تعليمية مرغوبة على المدى القريب كما يستهدف أيضا إحداث مظاهر متنوعة للتربية على المدى البعيد.

ومن هذا المنطلق جعل الكثير من التربويين يصفون المعلم بصفات متعددة مثل :

مدير – منظم – قدوة – مثل – قائد – ح كم – قاضي – ضابط – أخ – والد – مرشد – طبيب – مصمم – مخطط ... الخ


وفي هذه العجالة سنلقي الضوء على مكانة المعلم وأهمية الدور الذي يضطلع به والواجبات المنوطة إليه والمشكلات التي يواجهها المعلم والتي تؤثر بدورها على دافعيته نحو عمله تأثيرا سلبيا ، وتسبب له عدم التكيف وبالتالي ضعف الإنتاجية والأداء .


مكانة المعلم:

إن للمعلم مترلة كبيرة عند كافة أفراد اﻟﻤﺠتمعات على اختلاف طبقاﺗﻬم الأكاديمية أو الاجتماعية وعلى اختلاف أدياﻧﻬم أو مذاهبهم الفكرية.

فهو الشخص المؤتمن على أهم ما يملكه اﻟﻤﺠتمع من ثروة وهو الذي يعتمد عليه في رعاية هذه الثروة واستثمارها الاستثمار الأمثل الذي يخدم أهداف اﻟﻤﺠتمع ويحقق طموحاته ، مما دعا البعض إلى تسمية مهنة المعلم ( بالمهنة الأم ) لأﻧﻬا سابقة أو أساسية للدخول إلى أي مهنة أخرى فالمهندس أو الطبيب أو الطيار أو السائق كلهم لا بد وأن يتلقوا دراسات في تخصصاﺗﻬم المهنية المختلفة على أيد
متخصصي المهنة الأم في المدرسة بمراحلها المختلفة أو في الجامعة بشتى كلياﺗﻬا وتخصصاﺗﻬا .

وفي تاريخ العالم القديم والحديث نرى أن عظماء الساسة وكبار العلماء والمخترعين عاشوا خبرات تربوية وفرها لهم معلمون أكفاء ساعدت في بناء شخصياته مما مكنهم من التميز والبروز والاضطلاع بمهمة الصدارة والقيادة بين الأمم الأخرى.

وليس أشهر من مدرسة النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام التي خرجت المعلمين العظماء الذين كانوا قدوة في الخلق والعلم والعمل لأبناء المسلمين الذين برزوا في شتى اﻟﻤﺠالات فكان فيهم القادة والمفكرون والعلماء المبدعون .


واجبات المعلم:

في ضوء الدور المهم والكبير للمعلم يمكننا القول أن واجبات المعلم كثيرة ومتنوعة وتشمل مهاما تعليمية وتربوية عديدة ويمكن أن نلخصها فيما يلي :

١- تخطيط المواقف التدريسية وتنفيذها بإعطاء الطلاب المعلومات وتعليمهم المهارات وتقويم تعلمهم وتعزيزه ومتابعة تحصيلهم العلمي .

٢- إدارة الصف وضبط النظام داخله وتعويد الطلاب على التعلم والعمل كمجموعة .

٣- نقل القيم والمثل وغرس العادات الحسنة في نفوس الطلاب والحرص على أن يكون قدوة حسنة ومثلا يحتذون به .

٤- إدارة النشاطات الاجتماعية غير الصفية بالتخطيط لها وتنفيذها بمشاركة الطلاب وغرس حب الجماعة في نفوسهم .

٥- التعاون مع الإدارة والزملاء في المهام الإدارية والتعليمية .

٦- التعاون مع المترل في تحقيق نمو الطلاب التربوي والتعليمي ،

٧- إرشاد الطلاب وتوجيههم في المسار التعليمي والمساهمة في حل المشكلات التربوية للطلاب.

٨- الدراسة والبحث والحرص على النمو المعرفي والاهتمام بتطوير العملية التعليمية .


من هذا العرض السريع يتضح لنا مدى أهمية الدور الكبير الذي يضطلع به المعلم وعلاقته بأفراد اﻟﻤﺠتمع من طلاب وزملاء ومسئولين وإدار يين وأولياء أمور.


وفيما يلي نعرض بعضًا من العوامل التي تؤثر سلبًا وإيجابًا على ذلك الدور الذي يقوم به المعلم وعلى دافعيته تجاه عمله .

 

الدوافع:


من المتفق عليه أن التعلم الهادف يعني الوصول إلى تغير في الأداء أو إلى تغير في البناء المعرفي للإنسان ، ولا يمكن أن يتم إلا إذا كان لدى الفرد دوافع قوية لذلك كما لا يمكن أن يتم إلا إذا تحققت له الشروط الملائمة لهذا النوع من التعلم.


تعريف الدافعية :

قبل الخوض في مفهوم الدافع الذي يعرف على أنه حالة داخلية تثير السلوك وتبقى ناشطة حتى بلوغ الهدف .

وقبل تعريف الدافعية لا بد من الإشارة إلى التمييز الذي أبداه كانط بين الدافع والباعث لأن العامة من الناس تخلط في استعمالاﺗﻬا اليومية بين هاتين الكلمتين :

- فالدافع هو المحرك للفعل وهو ذو طابع عاطفي (قوة داخلية، رغبات، مشاعر، أهواء ) ويتشكل باللاوعي .. .

- أما الباعث فهو ذو طابع عقلاني، يشكل قوة خارجية تتعلق السلوك المفكر فيه والمقيم موضوعيا وهو يرتبط بدقة بمفهوم الإرادة إذن يتشكل بقوة واعية .


وتوضيح هذا التمييز نتبينه من خلال التمييز بين:


عامل الجوع وعامل الطعام ، فالجوع بمثابة الدافع (محرك داخلي ، ذاتي ، لا إرا دي) الذي ينشط الإنسان باتجاه المطبخ لإنجاز عملية الأكل،

ورائحة الطعام (محرك خارجي ، موضوعي ، إرادي) هو بمثابة الباعث
الذي ينشط الإنسان باتجاه المطبخ لإنجاز عملية الأكل .


وبما أن الدافع والباعث يوصلان إلى نفس النتيجة، حصول عملية الأكل مثلا فإن التمييز يكون اصطناعيا وغير واقعي مما دفع علماء النفس إلى استعمال كلمة الدافعية التي تشمل الأسباب والقوى المحددة للسلوك .


فالدافعية هي القوة التي ﺗﻬيئ السلوك إلى الحركة وتعضده وتنشطه وتبعث الطاقة اللازمة فيه ، والدوافع يمكن الاستدلال عليها من السلوك ذاته ، فالدافع يستثير النشاط ويحركه ، ويحدد الوجهة التي يأخذها النشاط في سبيل الوصول إلى الهدف الحقيقي " .


الدافعية هي إذن : مجموعة العوامل المحركة التي تحدد سلوك الفرد وتدفعه إلى عملية التفاعل في اﻟﻤﺠتمع وهي ليست سلوكا قابلا للملا حظة بطريقة مباشرة إنما يستدل عليها من سلوك الأفراد في المواقف المختلفة لأن الأفراد لا يستجيبون للمواقف المختلفة بنفس الطريقة وحتى أمام الموقف الواحد فإن استجابات الفرد تكون متباينة من وقت لأخر.

مثلا استجابة كل من الصياد، والهارب من العدالة، والر سام عند دخولهم الغابة.

أو مثلا استجابة الفرد نفسه عند دخوله نفس الغابة صباحًا ومساء .

فهي إذن: مفهوم افتراضي لا نلاحظها بل نستنتجها في الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها، فإن كان السلوك متجها نحو الطعام استنتجنا دافع الجوع وإن كان متجها نحو الاجتماع بالناس استنتجنا الدافع الاجتماعي .


يوجد دوافع تحفز الإنسان وتشجعه على التعلم وعلى العمل حيث قد تكون دوافع لصيقة بموضوع التعلم أو دوافع ذاتية كرغبة الفرد في تعلم القراءة لأن القراءة تشوقه ، فالتعلم هنا يكون كاللعب وكالفن يزيد الاهتمام به لذاته على الاهتمام به من أجل غاية خارجية .

أو قد يكون التعلم كرغبة في إرضاء الله سبحانه وتعالى وطاعة له سبحانه لكي يقيم حياته ويعبد الله في أحسن الصور، أو قد تكون دوافع لفائدة المجتمع حوله واستنتاج علاقات جديدة ووسائل لحل المشكلات مفيدة لمن حوله.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن وظيفة الدافعية ذات ثلاثة أبعاد إزاء أي موقف تعليمي.

- في البعد الأول تنشط الدافعية سلوك الكائن الحي وتحرر السلو ك من عقاله وتنقل الكائن الحي من حالة السكون إلى حالة الحركة بمعنى حدوث حالة عدم اتزان بين الفرد والبيئة فيسعى الفرد لتحقيق اتزانه فيبذل نشاطا معينا .

- في البعد الثاني تعتبر الدافعية عاملا توجيهيا أي توجه السلوك ، سلوك الكائن الحي وجهة معينة نحو غرض معين يؤمّن الإشباع لهذا الدافع .

- أما البعد الثالث لوظيفة الدافعية فهو الدور التعزيزي فإن كانت نتيجة السلوك رضا وإشباع الدافع ، يتعزز السلوك ويقوى الدافع وينشط ، أما إذا كانت النتيجة مشاكل وتوتر فإن قوة الدافع تفتر وتتلاشى ووفق ذلك يمكن توضيح وظيفة الدافعية وربطها بنتيجة السلوك .

وهي في مصطلح المسلم أقرب في المعنى إلى نية العمل، غير أن النية لها مفهوم أعمق وأرقى لأنها تربط أعماق الإنسان وحركته بأفعاله ومدى مراقبته لله تعالى. كما أنها ترتبط بجزاء العمل، فيكون العمل متكامل إذا ارتبط بطريق الله تعالى من بدايته، ما يؤثر على مضاعفة الناتج وبركته وتوجهه إلى منافع قد لم يكن الفرد ذاته ليحسبها.

  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 826 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2008 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

256,101