موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

أبو القاسم يترجم حب الأطفال:

ها هو محمد صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأعظمهم قدرًا وإيمانًا يترجم الحب في وقائع عملية.

روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فحملها ووضعهما بين يديه ثم قال: 'إنما أموالكم وأولادكم فتنة' نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران, فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.

فيالرحمة سيد الخلق التي ذكرها الله في كتابه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:159]. ويالقساوة قلوب هؤلاء الجهلة الذين يطردون الأطفال من المساجد ويعاملونهم بقسوة فينفرونهم من بيوت الله.

وروى النسائي والحاكم 'بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد, فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر, فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال: إن ابني قد ارتحلني أي جعلني كالراحلة فركب على ظهري فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.

ـ وجاء في الإصابة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يداعب الحسن والحسين رضي الله عنهما فيمشي على يديه وركبتيه ويتعقلان به من الجانبين، فيمشي بهما ويقول: 'نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما'.

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع  بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي [أي أختصر] مما أعلم من وجد أمه من بكائه'.

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام مر على صبيان فسلم عليهم.

وروى مسلم أن الناس إذا رأوا أول التمر جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا أخذه قال: 'اللهم بارك لنا في تمرنا، وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا. ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك التمر'.

انظر إلى الهدي النبوي الشريف في حب الأطفال والرحمة بهم، أفعال قليلة وصغيرة ولكن لها أكبر قدر وأثر في نفس الطفل، عندما يشعر أنه محبوب ومرغوب من الآخرين.

لا تدمر معنى الحب: كثير من الآباء يظنون أن الطفل كائن هلامي لا يشعر ولا يحس. ولكن على العكس، فالطفل شديد الحساسية يتأثر أكثر من غيره بأسلوب المعاملة التي يتلقاها، يخطئ من يعتقد أن الطفل قليل الإحساس والتأثر ... والحقيقة أن الطفل أكثر إحساسًا من غيره, ومشكلته الوحيدة هي أنه لا يحسن التعبير عن هذه الحساسية، أو بعبارة أدق وأكثر موضوعية هو أن الكبار ليسوا في مستوى فك الرموز والرسائل غير الشفوية التي يبعث بها الطفل مستنكرًا طرق التعامل معه أو محتجًا أو معارضًا، فلا تدمر الحب إذن بأن تسخر من الطفل ... كأن تسخر من عيوبه وإخفاقاته الطبيعية فكما قلنا لكل جواد كبوة.

إياك أن تستهزئ به: كأن تصفه بأوصاف الحيوانات أو بإطلاق الألقاب السيئة عليه.

تجنب الاتهام المتكرر: كاتهامه بالفشل دائمًا أو المس بأمانته وقدراته.

واحذر الخطاب المهين: من خلال ألفاظ وجمل معينة مثل: أنت غبي، لا تفهم كالحمار، أخجل لكونك ابني، لن تنجح أبدًا، تأكل كالحيوان، يا ليتك مثل أخيك.

كل هذا يهزم الطفل داخليًا ويضعف ثقته بنفسه ويجعله متجنبًا للجميع ويترك صداقة أمه وأبيه.

من لا يرحم لا يُرحم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: 'قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بن علي وعنده الأقرع بن حابس  التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدًا قط فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: 'من لا يرحم لا يُرحم', وفي رواية: 'وأملك أن قد نزع الله من قلبك الرحمة' [رواه البخاري].

فلا تظن أن هذه القبلة تمر على الطفل هكذا دون أن يشعر بها .. لا .. إن لها دورًا فعالاً في حياة الطفل وفي تحريك مشاعر الطفل وعاطفته وهي دليل رحمة القلب للطفل، ثم هي أولاً وأخيرًا سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

كم دعونا الله أن يرزقنا إياهم وقلنا وعهدنا أننا سنحافظ عليهم.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف:189].

ولكننا للأسف عندما رزقنا الله الذرية أهملناها، وكأنها لم تكن أولادنا، ونسينا أو تناسينا الرحمة أو المحبة لهم .. وهم أحوج ما يكونون إليها في هذه السن. ولا يحتج أحد بأن يقول: إننا إن فعلنا ذلك سنفرط في تدليلهم, فهؤلاء حجتهم داحضة وقولهم مرفوض، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يدلل أبناءه ليكونوا قادة تفتح على أيديهم الفتوح وتمصر على أيديهم الأمصار .... والله أعلم

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 785 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2007 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,404