موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

الإسلام دين شامل ومنهج حياة، وهو عقيدة وشريعة، عبادات ومعاملات، يوازن بين متطلبات الروح من العبادات ومتطلبات الجسد من الماديات يربط الحياة الدنيا بالآخرة؛ فقد تضمنت شريعته المبادئ والأحكام التي تنظم حياة المسلم جميعها، سواء أكان منتجا أم مستهلكا، أو عاملا أو صاحب عمل،يقول تعالى "ما فرطنا في الكتاب من شيء". و الإيمان بأن الله تعالى هو الذي خلق الكون بما فيه من كائنات، هذا الخلق البديع و قدره ذرة ذرة، و أنه هو وحده الذي يدبر أمره و يصرف شئونه و لا يخرج شيء عن إرادته و تقديره، يغير نظرة الإنسان إلى الفهم السليم إلى كونه يمارس التصرف في كائنات الله تعالى، غدوا و رواحا، استثمارا و كسبا، و قد استخلفه الله تعالى على ذلك ليتصرف فيه تصرف المستخلف. و قد أودع الله تعالى في هذه الكائنات قوى و طاقات، سخرها للإنسان، و دعاه إلى البحث فيها و الاستفادة منها، و استثمارها و تنميتها، و أباح له الاستمتاع بما فيها من طيبات، و الاستعانة بها في عمارة الأرض. إن العمل في الإسلام هو من قبيل العبادة ويكفي ما ورد في سورة الجمعة {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} فالله سبحانه وتعالى قرن الانتشار في الأرض بالصلاة وهذا يعني رفع قيمة العمل، والعمل في الإسلام هو عماد الحياة الاقتصادية وله أهمية كبيرة من منظور عقدي. فالتجارة في الإسلام تشجع عدالة التبادل و تهيئ للتاجر كسب ما يكفيه للإبقاء على بيته، كذلك فإن التاجر يسعى إلى جلب النفع لبلده. لكن العمل في الفكر المعاصر يعني الجهد الإرادي الواعي للإنسان لإشباع نفسه من السلع والخدمات ولا يدخل تحت هذا عمل الإنسان لغير هذا الهدف. لقد أقام هذا الدين حضارة عظيمة، من دعائمها نظام اقتصادي متميز يعتمد على السوق الحرة النظيفة الخالية من المحرمات والخبائث، ويحمي المستهلك، ويحقق التنمية الشاملة للإنسان ليعمر الأرض ويعبد الله على بصيرة. كما أن الإسلام حينما انتشر في كثير من دول شرق آسيا وأفريقيا انتشر بقواعد ومبادئ ومعاملات التجارة، عندما وجد المنتجون والمستهلكون من التاجر المسلم كريم الخلق مثل الأمانة والصدق والقناعة وحسن الأداء ويسر المعاملة دخلوا الإسلام أفواجا. لابدّ لأي مجتمع من تطوير حضارة أعمال خاصة به تكون مستمدة من تركيبته العامة وخصائصه الرئيسية. فحضارة الأعمال لأي شعب هي جزء لا يتجزأ من مجمل الحضارة القائمة لذلك الشعب. ومفهوم «حضارة الأعمال» يعد نسيجاً ملموساً من المفاهيم والعلاقات الشخصية والممارسات التطبيقية التي قد تنص عليها القوانين والأنظمة والقرارات المكتوبة أو لا تنص. و الحضارة الخاصة لأية منشأة أعمال لابد أن تنبع من المجتمع الذي تتواجد فيه والبيئة المحيطة بها، ذلك أن المنشأة تتأثر بقوة بالمجتمع الأوسع، مثلما هي تؤثر في هذا المجتمع إلى حد معين. وبشكل عام، فإن الحضارة الخاصة لأية منشأة تتراكم على مر السنين من جراء تبلور مفاهيم أساسية، وأساليب للعمل ولاتخاذ القرارات، مثلما تتأثر هذه الحضارة بالصعوبات التي جابهت المنشأة عبر مراحل تطورها، ودور وكفاءات الأشخاص المشتغلين فيها والتفاعل المتواصل فيما بينهم. تكتسب منشأة الأعمال أهميتها المعاصرة من كونها الخلية الرئيسية لتكوين الثروة في المجتمع ولتحقيق النمو الاقتصادي الذي تنشده المجتمعات كافة. فمنشأة الأعمال هي نواة الحركة الاقتصادية داخل أية بيئة

 

 

000التحويلية أو الزراعة أو الاستخراج أو النقل أو الاتصالات أو التجارة أو غير ذلك. إن جوهر حضارة الأعمال الإسلامية هو أن جميع عناصرها لا تتضارب مع الشريعة السمحاء، بل تتناغم مع هذه المبادئ وتراعيها إلى أبعد الدرجات المستطاعة. فهذا واضح تمام الوضوح في ضرورة تجنب المحرمات كالقمار أو المسكرات أو الكذب والتحايل في المعاملات التجارية. و يمتد كذلك إلى تبني الأمور المستحبة وتحاشي المكروهات قدر المستطاع، و يتفق ذلك الجانب جزئيا مع مبادئ الإدارة الحديثة لكن يظل الأساس مختلف. إن التطبيق العقلاني للمبادئ الإسلامية على صعيد منشآت الأعمال هو لخير هذه المنشآت ويدعم ازدهارها وثباتها وتحقيق المزيد من الأرباح لصالحها. وفي الوقت نفسه، هناك منافع مهمة للمشتغلين عن طريق تهيئة الرفاهة والاستقرار لهم، مثلما يساهم ذلك في رقي المجتمع بأسره، فضلاً عن المثوبات في الحياة الآخرة. إن حضارة الأعمال الإسلامية يجب أن تنعكس على صعيد المنشأة الواحدة من خلال تعيين أهدافها العليا والفرعية ورسم استراتيجياتها العامة والتخصصية، و تعمد إلى تعيين أهداف ورسم استراتيجيات من منطلقات إسلامية.. فالأهداف العليا غالباً ما تتناول مسألة الأرباح المراد تحقيقها على مديات مختلفة، مثلما قد تتطرق إلى المبيعات أو النمو أو الحصص السوقية. أما الاستراتيجيات فتوضع لبيان الأطر أو المساك العامة لبلوغ الأهداف، أي أن الاستراتيجيات توضح الأساليب المراد اعتمادها لتحقيق الأهداف و على الأصعدة المتخصصة كالتسويق والتمويل والإنتاج والعلاقات العامة داخل المنشأة الواحدة. تبرز المعاملات المتشربة بروح الإسلام بطرق عديدة، منها التشاور الحقيقي بين الأفراد والدقة في إنجاز الأعمال والحرص على عدم إضاعة الوقت والسعي الدءوب لضبط التلف ومنع التبذير وتحديد الأجور والمرتبات على نحو عادل. وعلى الصعيد الخارجي، فإن المنشأة الإسلامية بمعناها العميق تأخذ جميع معاملاتها وعلاقاتها بجد، وتنظر إلى المستقبل البعيد، وتحرص تماماً على بناء علاقات تتسم بالثقة العالية وتحقق مصالحاً متبادلة للجانبين. من هنا يتضح أن صلة المسلم بالقرآن تقوم على محورين: الأول، الوعي والفهم والإدراك لحقائق هذا الكتاب الذي أنزله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبناء خير حضارة لخير أمة أخرجت للناس. الثاني، بعد الوعي والفهم تأتى أهمية الاستجابة للآيات كي يتحول الوعي والفهم إلى واقع في السلوك والعمل.

  • Currently 99/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
33 تصويتات / 855 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2007 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

256,109