موقع داليا السيد

قرآننا .. إسلامنا - علمنا.. عملنا

لم يترك الله تعالى أرضا بدون كلأ

 

تعتبر المنطقة العربية من أغنى مناطق العالم من حيث الثروة الطبيعية و البشرية و المناخ المعتدل

الذي لا يتوافر لكثير من سكان الأرض، فقد حباها الله تعالى بما يجعلها خير الأماكن لخير الأمم.

و جميع الأرض هي من نعم الله على الإنسان و كل منطقة

جغرافية تتمايز عن الأخرى بحيث تكامل بعضها البعض و تنوعها هو مكمن ثراؤها.

مثلا الفرد الذي يعيش في البيئة الباردة الحرارة من الطبيعي أن يبحث عما يعوضه عن هذه البرودة،

و لم يترك الله تعالى بيئته فقيرة بدون لا شيء يعتمد عليه

بل هيأ له ما هو مناسب مع ظروف معيشته لكي يتغلب على الظروف الطبيعية

في محيطه و لكي يبحث عن طريق معاشه فيها و مدى  إعماره في مكانه، و أيضا لكي يبحث عن

تكامل معاشه و أمنه في مهبط الديانات لما فيه من ربط أطراف الأرض

ببعضها فالجميع يحتاج بعضه بعضا لكي ينشأ التعاون المنظم دون طغيان

لأحد الجوانب على الآخر.  و تتمثل النعم التي لن نحصيها أبدا لهذه البيئة في مأكل و ملبس

و مسكن و هذا نجده في: نباتات مناسبة تنمو في الجو البارد

و في نفس الوقت لها من السعرات الحرارية ما يكفي الفرد للتدفئة في طعامه – حيوانات

تعيش نفس الظروف الحرارية أو المناخية و في نفس الوقت

يستفاد من لحومها كغذاء و من أصوافها كمصدر للتدفئة

– غابات و أشجار لبناء المساكن من أخشابها

– و لا توجد مساحة على الكرة الإرضية بدون

مصدر للمياه فهي إما يجري فيها نهر ماء عذب أو تطل على محيط

شاسع يمكن بالعمل الجاد تحلية مياهه لتكون مناسبة للشرب،

ففيها معاش الإنسان لأن فيها طريق عمله و اجتهاده.

و كذلك بيئتنا المتوسطة كبيئة معتدلة الحرارة، فإن الإنسان إذا بحث عن محصول

تدفئته في الشتاء سوف يجد الكثير و إذا طلب المعتدل لطعامه أو المرطب البارد

لكي يتغلب على الحرارة سوف يجده و هو ما يميز هذه البيئة الغنية فهي أقرب

ما تكون إلى الإكتفاء الطبيعي إلا أننا لا نجددها و من الطبيعي أن تنفذ من الإستهلاك.

إن شرط دوام النعمة رؤية هذه النعمة و الحفاظ عليها و تجديدها و شكرها،

فكان العمل هو الحل و لكي يكون هناك عمل يجب أن تهيأ البيئة النفسية لأن البيئة

الطبيعية المادية موجودة بكلا النوعين من النباتات و الثروة الحيوانية. إلا أن الثروات

الطبيعية نكاد أن نقضي عليها بسوء الاستخدام و التشتت اللاواعي في

التوجيه على الرغم أن الأرض موجودة للرعي و الماء متوافر

مصادره للارتواء، إلا أننا نتوجه في اتجاه الانغماس في المشكلة و البحث خارجنا

عن الحل و ليس في طريق حلها الفعلي بإيجاد الوسيلة الأكثر صحية

و يسر للحفاظ على المورد سواء كان مائي أو نباتي أو حيواني.

و يلزم لذلك التجديد على أساس العمل الجاد و المنظم

و بناء أفراد مؤمنة بقيمة العمل لديها روح مثابرة و صبر و إصرار.

إن العمل لا يمكن أن يكون موجها توجيها سليما إلا إذا وضع له هدف يسعى إليه العاملون

مدركون جيدا طريقهم و النقطة التي يسيرون إليها. هذا الهدف له متطلبات لا يمكن تحقيقها

سوى من خلال خطة مدروسة تضع كل فرد في مكانه المناسب و توظف الإمكانيات الهائلة لدى الأفراد.

إذا نظرنا إلى البيئة الباردة و طبيعة الموارد التي فيها و إلى طريقة إستخدام سكانها لهذه الموارد نجد شيئين هامين:

الأول أن سكان هذه البيئة قاموا باستغلال جميع الوسائل الممكنة لتوظيف مواردهم و لمكانيات بيئتهم بل و استوردوا

من المحاصيل و المواد الخام و المواد العلمية القديمة ما يهيأ لهم أفضل انتفاع و أجود تحسين، و ذلك بغض النظر عن

الطرق المستخدمة في هذا التوظيف فمنها الإيجابي و منها السلبي.

الثاني أن سكان هذه البيئة في حالة عدم أمان مستمر نظرا للشعور المستمر بافتقار بيئتهم

و نفاذ مواردهم بالنسبة لزيادة أعدادهم البشرية .

في المقابل نجد البيئة الغنية المعتدلة تطلب من أصحابها النظر بعين خبيرة على أساس من التنظيم و التخطيط

في كل من العمل و الانتاج لتحقيق أغراض:

1- الحفاظ

2- التجديد و التنمية

3- اكتشاف الجديد

4- الربط بين الصالح و الطالح فيها

و ذلك في كل أنواع الموارد التي و هبنا الله تعالى إياها و هي نفسها حكمة الخالق في الحث على العمل

و الإجتهاد في مثلث الموارد فوضع المورد ثم مستهلك المورد ثم طرق الحفاظ عليه.

لذلك عندما نخطط من أجل تنمية مواردنا لا يغفلنا أربعة أشياء:

أولها طبيعة الموارد الطبيعية من حيث أنواعها و مكوناتها

ثانيها طبيعة الإنسان و تركيبه من حيث الأصلح لمنهاج حياته و وظائفه الحيوية و دوره المكلف به

ثالثها العلاقة بين هذه الموارد و بين الإنسان الذي يستخدمها، فكل مورد يحتاجه الإنسان في فترة ما في حياته

سواء بشكل يومي أو في فترات مرضه و رخائه.

كذلك من هذه الموارد ما له علاقة مفيدة مباشرة بالإنسان و منها ما يخدم بيئة هذا الإنسان بشكل غير مباشر

سواء في الحفظ الطبيعي أو المقاومة الطبيعية.

و على هذا الأساس يمكن بناء هذه العلاقة بين الإنسان و بالتالي التخطيط لها من

خلال فهم أوضاعها الطبيعية التي خلقت بها من الأصل.

رابعها ما الذي نحتاجه بالضبط من المادة الخام لكي تؤدي الدور المكلف لها؟

هل المادة بأكملها أم أجزاء منها؟ و بأي صورة يمكن أن يكون أفضل؟ و هل تحتاج

إلى مدخلات أخرى لتأدية وظيفتها على أحسن وجه؟ و ما هي العوامل البيئية و البشرية التي يمكن

أن تؤثر على الإستخدام؟ و هذه النقطة تمثل رد فعل الإرتباط بين المورد  و الإنسان.

و من كل هذه النقاط ينفتح علم جديد و وظيفة جديدة تحتاج إلى من يشغلها، لأنه من الهراء أن نتصور أن

فرد أو عدة أفراد قليلة يمكنها القيام بكل هذه الإعمال. هنا نرى أن الجميع يصبح

مكلف بأمر من الله تعالى لعبادته من خلال البحث في أسرار كونه في اتجه إعمار أرضه،

و كل على حسب وظيفته و كل في مكانه دون

تفريط في حق و بأداء جميع الواجبات التي يمكن القيام بها. يقول الله سبحانه و تعالى في سورة الليل

"إن سعيكم لشتى. فأما من أعطى و اتقى. و صدق بالحسنى.

فسنيسره لليسرى. و أما من بخل و استغنى. و كذب بالحسنى.

فسنيسره للعسرى. و ما يغني عنه ماله إذا تردى."،

فهي السياسة أو المعادلة التي يسير عليه الخلق كلهم رضوا أم

لم يرضوا و لن يشفع لأحد مال أو مركز اجتماعي جاء من مصدر غير تقوى الله تعالى.         

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 940 مشاهدة
نشرت فى 20 مارس 2007 بواسطة daliaelsayed

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

253,529