علماء يحاولون تخليق "حياة " جديدة
بكتريا تحمل اقل عدد من الجينات يزمع عدد من العلماء في الولايات المتحدة على المضي قدما في تجارب علمية ترمي إلى تخليق شكل جديد من أشكال الحياة الصناعية في المختبر.
ويعكف العالم جريج فنتر، الذي ساعد من قبل في كشف أسرار الخريطة الوراثية البشرية المعروفة باسم الجينوم، حاليا على تخليق شكل من أشكال الحياة الصناعية.
وقال العالم الأمريكي فينتر إنه يعمل مع زميله هاميلتون سميث الحائز على جائزة نوبل للعلوم في مشروع تموله الحكومة الأمريكية يهدف إلى صنع ميكروب بأقل عدد ممكن من الجينات الضرورية لديمومته.
وقد تسلم المشروع ثلاثة ملايين دولار من قسم العلوم في وزارة الطاقة الأمريكية وبدأت مراحله الأولية.
ويقول العلماء إنه في حالة نجاح التجربة ستكون بذلك أول خطوة في طريق توفير مصادر طاقة بديلة بتكاليف قليلة. وقد يعني ذلك ابتكار حشرات صناعية تطلق كميات كبيرة من الهيدروجين لتشغيل السيارات بطاقة نظيفة.
قضايا الأخلاق
وقد تمكن العلماء في الأعوام الأخيرة من تحسين قدراتهم على صنع سلاسل طويلة من الحامض النووي الي يعرف اختصارا ، دي أن أيه، وهي المادة التي تتكون منها كروموسوماتنا والتي يطلق عليها اسم "رموز الحياة".
وقد ساعدت هذه القدرات العلمية والمهارات العلماء على تطوير المادة الجينية الضرورية لعمل وإدامة كائنات حية بسيطة للغاية - أي بكتريا صغيرة.
وكان فينتر قد اقترح فكرة تطوير حشرة صناعية في المختبر عام 1999. وأثارت الفكرة عدة قضايا تتعلق بالأخلاق والصحة والسلامة، وأوقف العمل في جميع المحاولات الرامية إلى تطوير شكل من أشكال الحياة حالما يتم مناقشة هذه القضايا.
واعترف العالمان الأمريكيان بوجود قلق في أوساط الرأي العام العالمي من مفهوم الحياة الصناعية، وأقرا بأن تقنياتهم يمكن أن تُستخدم في تطوير أسلحة جرثومية.
ومن أهم الأمور التي تثير القلق هو احتمال استخدام التكنولوجيا المستخدمة في هذه التجارب لتطوير أسلحة بيولوجية. وقد يساعد على حل هذه المشكلة نشر اقل ما يمكن من المعلومات بخصوص التكنولوجيا المستخدمة في هذه التجارب.
والقلق الأخر يتعلق بالخطر الذي يتهدد صحة البشر من كائنات حية صناعية تنطلق في البيئية حولنا.
لكن العلماء يقولون إنهم سيعزلون عددا من الجينات لجعل الميكروب الجديد آمنا. وستصنع هذه الكائنات بطريقة تجعلها غير قادرة على إصابة البشر وتفنى حالما تغادر صحن المختبر.
جريج فتنر يريد أن يعرف المزيد عن طبيعة عمل الخلايا وبعد نقاش واسع خلصت اللجنة، التي تضم أخصائيين بعلم الأخلاق وزعماء دينيين - بناء على طلب الدكتور فينتر - إلى نتيجة مفادها أنه إذا كان الهدف النهائي هو خدمة البشرية، وأذا تمت مراعاة كافة قواعد السلامة، فأنه يمكن اعتبار المشروع أخلاقيا.
وسيستخدم البحث كائنات حية ذات خلية واحدة تدعى "ميكوبلازما جنيتاليوم" كنموذج للشكل الحياة الجديد.
وتحتوي هذه البكتريا، الموجودة عادة في المجاري البولية عند الإنسان، على اصغر شكل من أشكال الخريطة الوراثية البشرية المعروفة باسم الجينوم.
وقد أظهرت تجارب أخرى أجريت على بكتريا "ميكوبلازما جنيتاليوم" بأن 300 إلى 400 من جيناتها فقط مهمة من أجل أن تستمر في الحياة.
مصدر طاقة
وقد بدأت التجارب في "معهد الطاقات البيولوجية البديلة". ويقول الدكتور فينتر " إنه مع زيادة استهلاك الوقود الأحفوري وتأثيره المضر على البيئة، فمن الضروري استكشاف أفكار بديلة للتخفيف من آثار الوضع الراهن."
وتركز عدة تجارب تجري حاليا في العالم على هذا الموضوع. وعلى سبيل المثال يحاول عدد من الباحثين العثور على ميكروبات في البيئة تفرز كميات كبيرة من غاز الهيدروجين كحصيلة ثانوية لعملية البيولوجية الطبيعية التي تمر بها هذه الميكروبات.
ويشارك الدكتور فينتر في هذه المحاولات، لكنه تقدم خطوة في أبحاثه الأخيرة في محاولته صنع ميكروب خاص مصمم لهذا الغرض.
ويهدف هذا المشروع إلى تخليق كائن وحيد الخلية، أملا في استحداث شكل من أشكال الحياة يمكن أن يواجه ظاهرة الاحتباس الحراري، بأن يعمل مثلا على خفض انبعاث الغازات لهذه الظاهرة.
يذكر أن معظم العلماء لا يعتبرون الفيروسات كائنات "حية" لأنها من أجل أن تدوم تحتاج إلى خلايا معينة.
وقد خصص للمشروع مبالغ تكفيه ليستمر ثلاثة أعوام، لكن تطوير البكتريا الجديدة قد يستغرق فترة أطول من ذلك.
|
ساحة النقاش