المعلّم والأزمة التّعليمية بالمدارس الإسلاميّة في غرب أفريقيا

إنّ المعلّم من المدخلات المهمّة في إحداث التّغيير المنشود في بيئة التّعلم والتّعليم، وله مكانته في إدارة الفصل، فهو ميسر للتّعلم، وهو كذلك قائد تحويلي للعملية التّعليمية، وموجه للأنشطة التّربوية التّي يشرف عليها، وكذلك ضابط اتصال لعناصر البيئة المدرسية المختلفة.

وهذا يتطلب أن ينظر إلى عملية إعداد المعلّم على أنّها عملية مستمرة؛ ممّا يعني أنّ النّمو المهنيّ أو التّدريب المستمر أمرٌ لازم لتجديد خبراته وزيادة فاعليته؛ لأنّ العملية التّعليمية متطورة ومتجددة، ولذلك يلزم لها معلّم متطور ومتجدد.

وعلى الرّغم من أهمية الدّور الفعّال الذي يؤديه المعلّمون في المؤسسات التّعليمية، إلاّ أنّ أغلب المؤسسات لا تزال تعاني من أزمة التّعليم، لافتقاد عنصرٍ مهمٍ وأساسيٍّ ( إعداد المعلّم )، والتّركيز عليه كماً وكيفاً، إضافة إلى غياب الاستراتيجية التّعليمية، والعبث بالمناهج الدّراسية دون تغييرها ومراجعتها في كل خمس سنوات أو أقل، حسب أمزجة القائمين على إعدادها، واحتياجات المجتمع، والرّؤية المستقبلية، فكانت النّتيجة الإخفاق في الوصول والإدراج إلى الفئات المهمشة، ونشوء أزمة التّعلم، وضعف مخرجاته، فضلا عن اعتراف معظم شهاداتها لدى الجهات المعنية، وساعدت هذه العزلة واللامبالاة الطّويلة التي عاشتها معظم هذه المؤسسات في كنفها غير الرّحيم على تلك الحالة بعيدة عن الإصلاحات التّربوية التي تسعى إليها الدّول المتقدمة.

ومن تكرار القول والإشارة في البحوث العلمية والنّدوات: أنّ نظام التّعليم العربيّ في غرب أفريقيا عاني ولادة متعثرة أو متعسرة في فترة الاستعمار، وكانت معاناته في تلك الدّول أكثر تعسراً وتعثراً في وقتنا الحاضر، بسبب نقص الاهتمام بنوعية نظامها التّعليميّ، وستبقى هذه المشكلة ( الأزمة التّعليمية ) قائمة ما لم تتسارع المؤسسات التّعليمية في دول غرب أفريقيا إلى المحاولات الجادة المتواصلة والمتساوية من خلال إعداد المعلّم، وتركيز عليه كماً وكيفاً، وتنميته تنمية مستدامة، حيث تشير بعض الدّراسات والبحوث إلى أنّ معظم المدارس العربية في غرب أفريقيا تعاني من قلة المدرسين الأكفاء المؤهلين تربوياً وعلمياً، مع وجود ثلاثة أرباع من ذوي المستويات الدّنيا في التّأهيل التّربوي من المعلّمين في تلك المدارس؛ ممّا يعني حاجتهم إلى مزيد من التّأهيل، بالإضافة إلى جانب أنّ أغلب المعلّمين لم يتلقوا تدريباً في مجال التّربية، ويعتمدون على أسلوب التّلقين في التّدريس، ومعظم المعلّمين بالمدارس الإسلامية العربية نادراً ما تتاح لهم فرص التّدريب أثناء الخدمة، وإن أتيحت، فغالباً ما يغلب عليها الطّابع الإلقائي التّقليدي، ولا تراعي فيها الاتجاهات الحديثة، أو تطوير الأداء الفعليّ للمعلّم.

كما أنّ رابطة العالم الإسلاميّ - في البيان الختاميّ الصّادر عن ندوة " التّعليم وتطوره في غرب إفريقيا " التّي عقدتها في نيامي، في الفترة 27ـ 28/4/2009هـ - دعت إلى أهمية إعداد المعلّمين وتأهيلهم، ونموهم مهنياً في دول غرب أفريقيا.

يتضح ممّا سبق ذكره جذور الأزمة في التّعليم بمستوياته، كما تؤكد أنّ رحلة التّعليم العربي في بلادنا منذ تطويره من الحلقات القرآنية إلى المدارس النّظامية أخذت مساراً معكوساً، فبدلاً من أن تأخذ طريق الارتفاع والجودة، أخذت طريق الانخفاض، ممّا أدى إلى ظهور أزمة التّعليم، بسبب ضعف مستوى إعداد المعلّمين وتأهيله.

ولحل هذه الأزمة يجب أن توجه السّياسات التّعليمية نحو سد هذه الثّغرات الهائلة لتوظيف المعلّمين الأكفاء ومراعاة ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، حيث تشير بعض الدّراسات أنّ تعيين المعلّمين غير المؤهلين ومنخفضي المهارات تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

 

 

 

المصدر: سيسي أحاندو
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2015 بواسطة cisseahanadou

عدد زيارات الموقع

865