صاح ..
هذي قبورنا تملأ البر ..
و في ظلمات البحر ..
لآل الشام زرعنا قبورا ..
و هذا ظلي أنا ..
و أنا أنا .. و ما كنت يوما منكم ..
و كان أبي ..
يركب رياح المجهول معي ..
و أمي في المعتقل .. سبقتنا بليلة ..
لتكتب قصيدة المصير على الطحين ..
فعشقه الأزلي ضاع ..
في سكون الزنازين .. و في أزقة المخيمات ..
لكن حلمه الصغير لازال صامدا ..
داخلي ..
يغني للعروبة موشحات الزوال ..
المنتظر ..
و الشفق البحري المترامي على ضفاف ..
المنفى ..
يلاحق خطاه الرمادية ..
حين يتذكر الرغيف ، أو الوطن ..
ليس هو الوطن ..
و لم يك المنفى ..
غريب الديار .. بلا هوية ..
يتربصون به ريب المنون ..
و الريح يترنح تحت قدميه ..
فينزلق كعبرات الانجيل ..
و لا يستسلم للرغبات ..
تَمَزقَ بين يديه العنان ..
ساقته العيون ..
فلماذا هناك شمس و هنا ظلام ..؟
قمر منشطر من ضحكته و دم ..؟
لمَ ضوءه يسوقنا الى أبواب السهر ..
و يهجرنا ..؟
و لمن هذه الأصوات التي تدبدب ..
أحلامنا السرابية .. ؟
كل الهمسات .. تدغدغ فراشات جرحه ..
و جرحي رضيع ..
و لا ترحل .. كابتسامة الصبى ..
يا صاح ..
قلبي مفعم بالأحزان ..
بلادنا قسمتها الأعراق و الألوان ..
فكانت رغباتي تطارد أنوار المكان ..
على حافة شرخ التاريخ ..
بعدما تاهت في ظل خيمة عربية ..
لا تستر عورة الليل عن بصري ..
المحتشم من الحرية ..
و أبي يحتضر .. و كل الرجال ..
فاختلطت في شهادة ميلادي الأسماء ..
اللغات و الأجيال ..
نسيني المؤرخ في دروب الموت ..
لأدون يوميات الشهيد ..
على صفحات الجليد ..
فتذوب كجمرة القضية ..
الفلسطينية ..
فيا أيها الطائر الأحمر من دمي ..
ما سجدت لربك يوما ..
قد ولدنا معا في اناء الحصار ..
و افترقنا ..
فتناسينا المصير العربي ..
لنلتقي في صرخة الشام ..
نهدي للطوفان و لليل كل الخريطة ..
فهل أدركت الآن الحقيقة ؟..
أم لم تدركها يا ابن أمي ..
باعك الناسك للزاهد في السلام ..
و في ذاك المحراب الحرام ..
كان المزاد ..
فسارع سارع .. الى الحرية ..
صاعر خدك للحجاز ..
و قاوم ..
ها نحن هنا صامدون ..
في أرض الميعاد ..
صامدون ..
للعروبة منتظرون ..
سأستعجل المهدي بالدعاء ..
لنصلي في الأقصى ..
صلاة الوداع ..
--------------
كمال مسرت
ساحة النقاش