جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
منحت دموعك السخية للأوتار نغمة سجية
صرت عصفورا حاملا على صدره وتحت ريشه حرارة العشية
سرت في شوارع المدينة العتيقة كالغريب يجوب في حكايات بلا نهاية
تجول وحدك يسري ظلك فيلتوي على الجدران ينطوي حول المنازل
أنت القمر .. كان لك صاحب مات قبل أن يموت
ولم يعد لروحك الخفيفة غير جسمك العتيق وفتوتك العنيفة
التي ورتثها حملتها وسرت واضعا يديك على صدرك
أيها القمر على النوافذ المفتوحة وعلى الساحل الذي عمره العابرون
وعلى ناطحات السحاب وفوف الأسواق حيث يستريح التجار
أيها القمر كن لي فلم يعد لدي غير جسمك الصامد
لأسترد هذا الضريح وأسترد هذه الشوارع التي خسرتها في السلم مرتين
تسير وحدك بين ما تدلى من الأماني والصراخ والدماء فوق رأسك
تسير وحدك حرا قابضا على أسرار لوعتي كأنك طائر يحلق
على الأزقة الضيقة وعنائها ، تدير وجهك نحو مسكن مغلق
والخوف يحجب الفضول في عينيك ، ثم تنحني لكي تراقب الآتي والنائي
وارتقيت ورقة بيضاء شالتها الريح فوق فضاء حزين
كل شيء يحوم حولك ويختفي وكان في طريقك ثلة من الحراس
خلفهم يسير حارس المنطقة يكاد يمحي آثارها
جاورت النهر والجبل حيث كنت كاسيا ثم عاريا
تشف مثل نسر الجو من دؤابة السماء
كيف قيدوك بالموت وهي سرك الجميل ؟
كيف أسدلوا يديك يا وحشة الغريب ؟
الرجل المسن لم يزل واقفا يمد كفه إلى الذي يمر قربه مواريا
ربما واصلت الحديث مع نفسك عن المسارح الفارغة
ومعارض الأسواق بعد أن تقاسموها بالتساوي
ولم يكن يصر حارس المنطقة فوق خشبة المسرح القشيب
يرفع صورة كبيرة لسيد مسرح المدينة
عيناه تلمعان نعمة وطربا وفوق خده اللحية قد تراكمت
وفي فن الكسب الخسارة حين تختفي العبارة
لم تكن مهرجا أوممثلا راقصا على الحبال ، تحوم من يمين الأرض إلى الشمال
سرت خائفا كأنك مطارد وليس لك سوى الوحدة من ملاذ
والبشر حولك تجمعوا ، من قال أنك رغبت أن تحيا وحيدا وتموت فريدا ؟
أنت الذي لم تنم عينك وليست هذه رغبتك ، من جاء بك ذرة في بيت الجنون ؟
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
بقلم الشاعر المغربي
عبدالحق الشرعي
من ديوان : " السهم والعنكبوت
ساحة النقاش