بقلم:محمد الننقة
الاسبوع الماضي فجع الوسط الفني برحيل الشاعر والفكاهي ابراهيم الزومة بعد مسيرة عامرة بزرع البسمة في شفاه الكثيرين، فقد كان الفقيد متخصص في فر الشفاه وظهور علامات الفرح والبشر على كل من يقابله وعندما تأتي سيرته في المجالس وذلك لخفة دمه وظرافته المعهودة.
العم ابراهيم الزومة له اسهامات كثيرة في الشعر العاطفي ابدع فيها وأمتع فظلت راسخة في عقول متذوقي الشعر وفي هذا المجال نجد قصيدة اسيا بابورك في الاراك شامخة في عالم الشعر السوداني تلك القصيدة التي حوت عديد عبارات قوية قلما تجدها في غيرها مثل (وفي الفريق إن دارت تحوم .. أول حاجة تقيف السموم) و (أنا لو ماكت من الله بخاف الحساب .. وأخشى أنتو تقولو كضاب .. أنا كنت بحلف فوق الكتاب اسيا من نور ماك من تراب) وتبلغ القصيدة ذروتها في قوله (لزيارة كسلا راحن .. الحزائن اتفتحن .. التكاسي اتبرعن .. والضرايح ذاته رجن .. وكان دار يقوم لها سيدي الحسن)، ونجد أيضاً قصيدته في هبة المهندس (صلاة النبي فوق هبة) والتي نسجها الشاعر عندما كانت المذيعة هبة المهندس في قمة مجدها بتلفزيون السودان لا يمكن نسيانها عندما يتعلق الأمر بشعر الغزل أما الشعر الفكاهي ففي هذا المجال حدث ولا حرج، أما في مجال التشبيه فهو يتسيد الموقف السوداني وحسب ما ذكر والعهدة على الراوي (أنه أصبح يعتبر نفسه كا أبو هريرة في رواية الحديث أي أن أي شخص يقرن التشبيه بود الزومة حتى إن لم يقله).
إبراهيم الزومة كان اوسطى لا يشق له غبار وماهر في فنون البناء وهناك تحضرني طرفة تربطه بوالدي رحمه الله حيث أنه كان يقوم ببناء صالون ضيافة بمنزلنا في الثمانينيات وكان أبي ملتحي وأحيانا يذهب لإعطاء بعض الملاحظات لود الزومة فما كان من ود الزومة مرة إلا أن اجابه بأنه سيقوم بعمل كل ما يريد وأردف معها (عامل دقنك زي القدوم المشرم كدي)، وأيضاً تقول طرفة أخرى انه كان يذهب لعمل بمقاشي وكان هناك صاحب متجر يقع في الطريق الذي يمر به ود الزومة وكان صاحب المتجر يخشى ان يسحره، فلكما لمحه من بعيد يتظاهر بالنوم بعد ان يستقبل الجدار، وظل على هذه الحال عدد من الأيام، ففي مرة من المرات نبه ود الزومة شخص مار بجانب هذا التاجر (اقلب الراجل ده لا يسوس)، فإبراهيم الزومة تتعدد طرفه ونكاته وتشبيهاته التي ستمشي بين الناس ردحاً من الزمن تخليداً لذكرى هذا الرجل الذي عاش سفيراً للفرح فهو حقاً ملك البسمة.
ود الزومة وهب حياته للاخرين فعاش لهم ومات لهم، عاش ضاحكاً ومات ضاحكاً، حتى أنه لم يمتلك من حطام الدنيا إلا القليل الذي كفل له العيش الكريم، فمثله لا يلتفت لحطام الدنيا ولا تكون هي همه، فمثله رسالة يؤديها ويصب عليها كل تركيزه، إلا رحم الله الشارع ابراهيم الزومة واسكنه فسيح جناته.