كتب احدهم وهو ذي صلة بالعمل الإنساني في محاولة منه لتشخيص الوضع في الصومال، أن ما يمر به البلد ليس ازمة غذاء كما يصفها البعض بـ "المجاعة" غير أنها أزمة غياب الأمن، وهذا الأخير وما نجم عنه سيطرة المتمردين على منافذ المؤن الموجهة للشعب الصومالي كان سببا في هذه "الكارثة" الإنسانية بكل أبعادها. تطالعنا مختلف القنوات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي على صور اقل ما يقال عنها أنها لمستحاثات قضى اجلها منذ قرون فاستحالت إلى لون بني لا يمت بصلة للونت الشبر العاديين من شدة الجوع وافتقار الشرايين إلى قطرة ماء أو نسغ يعيد لتلك الأسمال نضارة بشرة بني جلدتها، هذه الصورة التي أظهرها المصور المشهور قبل اليوم بسنوات وهو يتعقب صورة فتاة تموت جوعا في إحدى غابات الصومال ومن ورائها نسر ينتظر اللحظة التي ستلفظ أنفاسها حتى ينقض عليها. صور تحبس الأنفاس من دون شك وتذرف لها الدموع، ونتساءل بحرقة عن مصير هؤلاء الصغار وعن السبيل لإنقاذهم، تظل هكذا استفهامات مشرعة بعقولنا دون أن تصادف إجابات على ارض الواقع، وما يثير الاستغراب هو عدم تحرك الدول بشكل جدي لحد الساعة لإنقاذ أطفال الصومال من الموت المحتوم الذي يتربص بهم، حقيقة توجد مبادرات ولكنها ليست بوزن يمكنه أن يحل المشكلة بشكل جذري، لان الناس يموتون ليس بشكل فردي ولكنه كغثاء السيل، وهذا ما سيفتح الحيز الجغرافي على احتمالات حدوث أوبئة ستضاعف من دون شك خطورة الوضع الصحي على الأهالي. ثمة مقترح دار بخلدي وأنا اخط هذه الأسطر قلت أن اليابان وهو بلد متقدم، وخوفا من عدم قدرته على ضمان الأمن الغذائي لشعبه، عمد إلى خطوة غاية في الأهمية وكانت لها نتائجها على أرض الواقع، وهي تشجيع العائلات الصغيرة وتحفيز الأزواج على عدم الإنجاب أو على الأقل أن يكون صغير واحد في اشد الظروف.  ولكن ما نلحظه بالصومال على النقيض من ذلك تماما سياسة تحديد النسل لم تطرق بال الأزواج و لم تنتهجها الدولة مطلقا، بدليل أن الأم الواحدة يتحلق حولها عدد كبير من الصغار وحتى الرضع رغم تقدمها في السن ورغم الظروف القاهرة التي يمر بها البلد، فتسائلت لما لم تبادر السلطات إلى اتخاذ إجراءات للحد من اتساع رقعة البشر والذين سيتحولون بعد اشهر إلى جيفة تنهشها النسور والصقور، على الأقل يعتمد هكذا إجراء إلى حين مرور الزوبعة، أم أن الوقت لا يسمح للحكومة للنظر في شؤون الشعب. ما أردت أن الفت إليه أن الوضع في الصومال والذي ذكته عدة ظروف وأطراف ، قد يتكرر- لا قدر الله- في أي بلد معرض لهاجس الحرب، وينتظر لأجل ذلك مبادرات أخرى أكثر تكاثفا وأكثر فعالية من المجتمع العربي أولا ثم الدولي.
بقلم مكى أم السعد عبد الرحمن
المصدر: بقلم : مكى أم السعد عبد الرحمن - محررة إلكترونية
caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 191 مشاهدة
نشرت فى 23 أغسطس 2011 بواسطة caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

174,811