بلغ تأثير الملوك والأعيان في حياة الكتّاب والشعراء، حد التدخل المباشر في نتاجهم الأدبي، من نظم، وجمع أشعار ودواوين، واقتراح الفنون الشعرية وأوزانها وقوافيها، أو تأليف وتصنيف، أو حتى "تأمير" كما حصل لابن نباتة في البلاط المؤيدي

 وتلك مأثرة أخرى من مآثر هذا العصر وسلاطينه، لا يسع الدارس نكرانها أو تجاهلها.

فأخبار ابن نباتة في البلاط الأيوبي الحموي، بادية لكل ذي اهتمام بشعره وعصره، فقد جمع وألف وصنّف معظم نتاجه، بطلب من الملك المؤيد، مباشرة أو عن طريق كتّابه وأولياء دولته، أورد بعضها على سبيل المثال:

"منتخب الهدية في المدائح المؤيدية" وهي قصائد المدح المسطرة في الملك المؤيد، أمره بجمعها أحد أولياء الدولة المؤيدية لتقديمها هدية إلى الملك المؤيد.

"سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون" وهو عمل نقدي، طلبه منه المؤيد شخصياً وألح عليه بقبول هذه المهمة، بعد أن اعتذر ابن نباتة، في بادئ الأمر.

"الفاضل من إنشاء الفاضل" وهو مختارات من نثر القاضي الفاضل الأدبي، الذي سمع المؤيد مقتطفات منه، فأمر الشاعر أن يجمع ذلك في كتاب خاص.

ويرى الدكتور عمر موسى باشا أن أشهر آثاره النثرية –بالإضافة إلى آثاره الشعرية- قد وُضعت للملك المؤيد أبي الفداء، وبتشجيع منه" استناداً إلى ما يقوله ابن نباتة نفسه في فاتحة خطبة كل كتاب.

أما صفي الدين الحلي، فقد تأثر بدوره بذوق الملك المؤيد الأدبي، كان من حصيلة ذلك أن نظم الصفي بعض القصائد، منها ما هو من اقتراح المؤيد في الوزن والقافية، ومنها ما كان رغبة في إرضاء ذوقه الشعري.. وقد أملى عليه المؤيد، وزناً من الموشحات وطلب منه توشيحه بلزوم ما لا يلزم".

ومن القصائد التي اقترحها عليه المؤيد، بحراً وقافية: "الملك الجامع الفضائل" أما الموشح المقترح في (لزوم ما لا يلزم) فهو بعنوان: "في حمى الملك".

ولا ننسى المناسبة التي دفعت صفي الدين إلى جمع أشعاره كلها في ديوان واحد، وكان ذلك بطلب من كاتب السر ورئيس كتاب الإنشاء في بلاط الملك الناصر محمد بن قلاوون، وبإشارة من هذا الأخير، في الموضوعات، والتبويب، والترتيب، ليكون –كما يقول الصفي في مقدمة ديوانه- "ديواناً للمحاضرة، ومجموعاً للمذاكرة، فأجبت بالسمع والطاعة".

ثانياً: الشعر والسلطة:

إذا كانت السلطة قد مدت الشعراء بالألقاب والأرزاق والوظائف والمراتب العالية، بما لا يعوزهم التزلف والتبذل والتملق، في حياتهم وعلاقاتهم، لدى الغالبية منهم، فإن هؤلاء أيضاً، قد وفوا بالمعطيات الممنوحة الموفورة لأقلامهم، وأسهموا في حركة العمران القادر، المتمكن من أعدائه، ففاضت عواطفهم تسطر قصائد الثناء والتقدير، وترفع من مستوى النصر، أو الإنجاز الحضاري العمراني، محققين بذلك معادلة لابد منها:              

العطاء بالعطاء، والتضحية والصمود، بالإشادة      والتقدير.     

 

 

رأي /  طبيعة هذا العصر، أن حركة الشعر فيه، لم تدخل في صراعات حزبية أو حتى شعوبية، كما كانت الحال في العصرين السابقين: العباسي والأموي

بقلم

غدير الشوق

المصدر: بقلم : غدير الشوق - محررة إلكترونية
caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 245 مشاهدة
نشرت فى 16 أغسطس 2011 بواسطة caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

167,378