مرّ الشعراء بحالة من الركود في العصر الإسلامي، ولما قامت الدولة الأموية انطلق الشعر مزدهرًا مرة أخرى في كل المجالات كما كان في العصر الجاهلي بسبب تعدد الأحزاب السياسية وكثرة المفاخرة بين الشعراء ، بالإضافة إلى فساد الحكم وإطلاق حرية التعبير فازدهر شعر الغزل بنوعيه: العفيف والصريح، وظهر شعر النقائض على ألسنة الشعراء
تقدم النثر في العصر الإسلامي على الشعر لنزول القرآن نثراً وكذلك الحديث الشريف وقد استمر ازدهار النثر في العصر الأموي، وتعددت فنونه نظرًا لتعدد الأحزاب السياسية في هذا العصر وشدة الصراع بينها، وحاجة كل حزب إلى متحدثين بارعين في فن القول يؤيدون مبادئه ويهدمون مبادئ غيره
الخصائص الفنية للشعر في العصر الأموي
ظل الشعر الأموي في خصائصه الفنية كأنه امتداد للشعر الجاهلي في لفظه ومعناه وسير القصيدة ولكن أمرا واحدا طرأ على الشعر العربي منذ ظهور الإسلام وظل حتى يومنا هذا وبدا واضحا في الشعر الأموي وهو تأثر الشعراء بألفاظ القران الكريم والمعاني الإسلامية
وهناك خاصية أخرى لألفاظ الشعر الجديد وهي ميله للسهولة والرقة عموما اللم إلا في شعر الرجز الذي يمتز بالخشونة وغريب الألفاظ
وفيما عدا هاتين الخاصيتين فقد بقي الشعر في خصائصه كالشعر الجاهلي من حيث جزالة اللفظ وقوة التراكيب ونظام القصيدة وتفكك الروابط المعنوية .
أغراضه واتجاهاته :
لقد كان من أثر الحياة العامة إن اتجه الشعر في اتجاهات ثلاثة:
1/ الشعر السياسي : وهو لون يختلط فيه المدح والفخر والهجاء والإقناع , وكان رجاله يدعون إلى مذاهبهم السياسية وأحزابهم , فالأخطل مثلا يدعو لبني أمية والكميت بن زيد يدعو لبني هاشم وعبد الله بن قيس الرقبات يدعو إلى الزبيريين وقطري بن الفجاءة يدعو إلى الخوارج ..
2/ شعر الهجاء وأقطابه جرير والفرزدق والأخطل وهؤلاء الشعراء الثلاثة هم أهم شعراء هذا العصر (هم المعروفون بشعراء النقائض) والنقائض معناها إن ينظم الشاعر قصيدة في الفخر أو الهجاء على وزن وقافية فيرد عليه شاعر آخر بقصيدة أخرى ينقض بها فخره أو هجاءه بنفس الوزن والقافية.
كلمة موجزة عن نشأة النقائض:
حدث أول اشتباك في النقائض بين جرير وشاعر يقال له غسان ألسليطي .فلما انتصر عليه جرير انبرى له شاعر من قوم الفرزدق يقال له البعيث فانتصر لغسان وهجا جريرا
فصب عليه جرير صاعقة من الهجاء وتعرض في شعره لقبيلة الفرزدق ونساء مجاشع فذهبت النساء للفرزدق وستغثنه, فهب يناقض جريرا ويهجوه وظل الهجاء مستعيرا بينهما فانظم الأخطل ألتغلبي إلى الفرزدق وفضله على جرير فما كان من جرير إلى إن ينقض عليه أيضا وهجاه وأكثر من تعييره بالكفر واكل لحم الخنزير لان الأخطل كان نصرانيا.
وقد أوقع سوء الحظ شاعرا يقال له الراعي النميري في عداء جرير لأنه فضل الفرزدق على جرير فهجاه جرير بقصيدة هدم فيها قبيلته مع انه من بيت عز وشرف ومنها قوله:
إذا غضبت عليك بنو تميــم == حسبت الناس كلهم غاضبا
فغض الطـــرف انك من نمير == فلا كـــعبا بلغت ولا كــــلب
3/ الاتجاه الثالث : شعر الغزل وشاع في الحجاز بسبب اللهو والترف
وتفرع الغزل إلى قسمين:
1/ الغزل العذري وهو غزل عفيف طاهر لا يهتم بجما المرأة بقدر ما يهتم بشفافية روحها وعفافها ومن رواده ( جميل بثينة , قيس بن الملوح , كثير عزة )
2/ الغزل الماجن ( الصريح) زعيم هذا النوع من الشعر هو عمر بن أبي ربيعة وهناك الأحوص ولعرجي وغيرهم .
رأي / لكل عصر مميزاته ولكل عصر أعلامه و المهم أن الميراث الثقافي لازال باقيا ومفخرة لكل العرب .
بقلم
غدير الشوق